في زيارة لوزير الصحة لمستشفي القرنة المركزي، وجه سؤالا لوكيلة الوزارة بمدينة الأقصر، والتابع لها المستشفي قائلا: »إديتك 3 مليون جنيه في شهر رمضان، منهم 2 مليون للتعاقد مع أطباء لسد العجز، ومليون جنيه للصيانة، ومبدأتيش تصرفي الفلوس غير لما عرفتي إني جاي، وديتيهم فين يا ناهد؟»، كما أبدي الوزير استياءه من سوء الأوضاع بالمستشفي، وقصور الفريق الطبي، وتوعد الوزير وكيلة الوزارة قائلاً: »هنتقابل يا ناهد»، الوزير غضب لأن المستشفي الذي زاره، يقع في مسقط رأس شيخ الأزهر، الذي طالب الوزير بضرورة الاهتمام بالمنظومة الصحية في مسقط رأسه، والتعهد بإنهاء جميع مشكلات مستشفي القرنة خلال أسبوع، وقال للوزير: »هتسيبلنا مستشفي القرنة زي ما هي كده؟»، فرد عليه الوزير: »خلاص كل حاجة هتتظبط، ولو متحلتش هذه المشكلات خلال أسبوع خاصمني يا فضيلة الإمام»، ما لا يعرفه الوزير أن هذا هو واقع أغلب المستشفيات الحكومية، التي لا تقع في مسقط رأس أحد من الأكابر، واقع المستشفيات في مصر لا يسر، والكل يعرف ذلك، وهذا الوضع ليس مسئولية الحكومة الحالية، فالحمل ثقيل، وهو بالقطع موروث سنوات سابقة، ويحتاج إلي برامج وحلول عملية، زيادة نسبة المستشفيات الخاصة بنسبة كبيرة، مع عدم وجود ضوابط ومعايير في تقديم الخدمة، يؤثر بالسلب علي المستشفيات الحكومية، فكل من يعمل بالمستشفيات الخاصة يعملون بالأساس في المستشفيات الحكومية، بحثا عن موارد تساعدهم علي مواجهة أعباء المعيشة، كأطباء لهم وضعهم في المجتمع، وهو السبب الرئيس في تدني الخدمة الصحية في المستشفيات الحكومية، وهذه إشكالية لا بد من علاجها، ففي الدول المتقدمة من يعمل في المستشفيات الحكومية، ليس من حقه أن يفتتح عيادة خاصة، أو أن يعمل في مستشفي خاص، كثير من المستشفيات تخصص لها ميزانية للإصلاح أو الترميم أو لشراء أجهزة، ولكن لغياب الرقابة تهدر الميزانية في انتظار ميزانية العام الذي يليه، إدارات الطب العلاجي في مديريات الصحة، تجوب المستشفيات بالتفتيش الدوري، وتكتب تقاريرها عما تجده من إيجابيات وسلبيات، ولو أراد المسئولون الإصلاح لتم تفعيل هذه التقارير، إصلاح المنظومة الطبية يحتاج إلي الإعلان عن خطط لتطبيق المعايير التي تكفل حق المريض في تلقي العلاج الملائم وحماية كرامته وخصوصيته طوال فترة تلقي العلاج، أما الإعلان المستمر عن أوجه القصور، فيعمل علي زيادة الأمر سوءا، ولا يحل المشكلة، لتبقي المستشفيات جدرانا، داخلها مفقود والخارج منها مولود.