كارثة.. ومصيبة.. تلك التي تطالعنا بها الصحف ووسائل الإعلام بين حين وآخر.. كارثة ان يفجر لنا دكتور متخصص مفاجأة من العيار الثقيل مؤكدا ان مياه مصر فقيرة من الأسماك.. لأسباب الدولة وحدها هي المسئولة عنها.. ومصيبة تلك الأخبار التي تطالعنا بالقبض علي الصيادين المصريين الذين يهربون من مياهنا الإقليمية في رحلة البحث عن لقمة العيش الحلال.. واصطياد الاسماك من خارج حدودنا.. نعم. نعترف وبكل صراحة ان الصيادين المصريين يخطئون بتعديهم الحدود المصرية.. لكن لابد ايضا ان نعترف ان الحكومة لم تضع حلا لهؤلاء «الغلابه» الذين يغامرون بأرواحهم من أجل لقمة العيش الحلال فهم في النهاية ليسوا تجار سلاح او مخدرات.. أخبار الحوادث تفجر هذه الكارثة بعد ان تعدت كل الخطوط الحمراء.. بعدما زادت حوادث اختطاف مراكب الصيد المصرية بما عليها في الحدود الدولية.. أو بعد إلقاء القبض علي عدد كبير من الصيادين المصريين أثناء رحلات صيدهم من قبل دول أخري.. والتي كان آخرها القبض علي عدد من المصريين من قبل سفينة ليبية.. تحمل أشخاصا مدججين بالسلاح.. وخطفهم الي مصراتة ولولا العناية الإلهية.. وتدخل بعض المسئولين الشرفاء.. لما تم إعادتهم مرة اخري الي بلادهم.. أو أصبحوا في تعداد المفقودين أو القتلي.. أخبار الحوادث من خلال هذا التحقيق تكشف الأسباب الحقيقية لهروب الصيادين او القبض عليهم او اسرهم من خلال المتخصصين.. ومن خلال ايضا محاولة اهالي بلدة برج مغيزل الشهيرة بمراكب الصيد التي تسافر من اجل البحث عن لقمة العيش.. انطلقنا في البداية لمعرفة السبب وراء سر هروب الصيادين المصريين من مياهنا الإقليمية الي الحدود الدولية لاصطياد الاسماك.. وكما أشار لنا الدكتور «علاء الحويط» أستاذ تنظيم المصايد بالمعهد القومي وعلوم البحار والأكاديمية العربية للعلوم والنقل البحري والتكنولوجيا: بأن تلك المشكلة أصبحت بمثابة أزمة يعاني منها معظم صيادين مصر.. وانه سبب كل الكوارث التي تكشفها التحقيقات ووسائل الاعلام بأخبار القبض علي الصيادين المصريين من قبل الدول الجوار او حتي الدول البعيدة عنا.. مشيرا ان المشكلة تنحصر في سبيين فقط.. ضعف وفقر! وأضاف الدكتور علاء الحويط قائلا: ان مياهنا الإقليمية تعاني من ضعف درجة خصوبة المياه 00 أي قلة المواد اللازمة لتغذية الأسماك مثل «البلانكتون « ( وهي أنواع من الأحياء المائية النباتية أو الحيوانية الدقيقة الهائمة) وتتأثر درجة الخصوبة بالعوامل البيئية مثل التلوث ، والفيزيائية مثل التيارات البحرية ، والجيولوجية مثل التكوين القاعي والجغرافي للبحر.. كما أن الصيد الجائر والناتج عن استخدام شباك صيد ذات فتحات ضيقة.. فيتم صيد الأسماك صغيرة الحجم قبل أن تنضج أو تنمو و يزداد وزنها.. وهو ما يعد إهدارا للثروة السمكية 00 مما أدي إلي استنزاف المخزون السمكي في البحرْين 00 خاصة في ظل وجود حضارات عريقة تجيد حرفة الصيد وتعتمد علي الأسماك كغذاء أساسي.. عاشت علي هذه السواحل آلاف السنين مما أثر سلبا علي كميات المصايد بالبحر.. واستطرد قائلا: أن مصر من ضمن دول حوض البحر الأبيض المتوسط ، ومن ضمن دول البحر الأحمر00 ولكن هناك دول تعد أفضل حالا من مصر 00 وذلك لتأثرها بتيارات بحرية ساحلية00 تجلب إلي مياها الأسماك ، والمواد العضوية والهائمات النباتية والحيوانية الدقيقة المغذية للأسماك ، من سواحل المحيطات الغنية بتجمعات الأسماك0 وهو ما يدفع بالصيادين إلي المجازفة والمخاطرة بالصيد بعيدا 00 فيتجهون صوب بعض الدول الأجنبية أو العربية ليصطادوا في مياهها الإقليمية ( ومساحتها 12 ميلا 00 ولا يسمح بالدخول فيها إلا بإذن ) أو في المنطقة التي تليها وهي المنطقة الاقتصادية الخالصة ( وهي منتصف المسافة بين هذه الدول وبين دول الجوار بحد أقصي 200 ميل 00 ويسمح فيها بالمرور فقط دون الحصول علي إذن ، ولا يسمح فيها باستغلال ثرواتها البحرية أو القاع إلا بإذن) ونظرا لكون هذه الدول خاصة الأجنبية تراقب شواطئها جيدا عبر خفر السواحل فإنهم كثيرا ما يعترضون المراكب المصرية المتجاوزة ، ويقوموا باحتجازها 0 بينما تكون مراقبتنا لشواطئنا المصرية ليست بالدرجة الكافية 00 فكثيرا ما تجيء مراكب وسفن الصيد الإيطالية بإمكانياتها الكبيرة لتصطاد علي أعماق كبيرة أنواع الأسماك المختلفة التي لم تستنزف بعد.. ولعل هذا يدفعنا إلي ضرورة اليقظة في حماية شواطئنا ، لمنع هذه السفن الأجنبية من ممارسة هذه الأعمال في مياهنا الإقليمية وفي المنطقة الاقتصادية الخالصة 00 وإلي ضرورة تطوير مراكب الصيد المصرية لتتمكن من الاصطياد علي أعماق كبيرة شأن مراكب الصيد الأجنبية 0 الحلول! وهنا يشير الدكتور علاء الحويط الي الحلول قائلا: أول تلك الحلول هي منع الصيد الجائر وتجريمه.. وعقد اتفاقيات مع الدول العربية والأجنبية00 لتنظيم عمليات صيد المراكب المصرية في مياهها00 حتي يصطاد الصيادون المصريون وهم آمنون بلا تهديد أو مشاكل تعترضهم.. وتأمين الملاحة البحرية بالتنسيق مع دول الجوار.. كما ان اليقظة في حماية شواطئنا مطلوبة.0 للحيلولة دون قيام سفن ومراكب الصيد الأجنبية ذات الإمكانيات الكبيرة من الصيد علي أعماق كبيرة ، مع ضرورة تطوير مراكب الصيد المصرية لتتمكن من الصيد علي الأعماق الكبيرة الموضحة ( كما تم توضيحه )0 كما لابد من الحد من تلوث مياه البحار00 و الذي يعد أحد أسباب ضعف درجة خصوبة المياه (كما تم توضيحه والأهالي ينصحون! وعلي جهة اخري اشار لنا بعض من ابناء برج مغيزل في هذا الصدد مؤكدين: أنه تم منع الصيد في شهري يوليو وأغسطس ( بدلا من شهري مايو ويونيو ) 0 حيث يكون موسم تكاثر الأسماك في هذين الشهرين وبذلك تتحقق الحماية للأسماك الصغيرة وتكون هناك فرصة لنموها وزيادة حجمها ووزنها.. كما لابد من تطهير بوغاز برج مغيزل 00 حتي تتمكن السفن والمراكب من الخروج والدخول عبر البوغاز دون خطورة ودون تخوف من حدوث « شحط « لها بأرضية البوغاز 00 وحتي تسمح بانسياب حركة الأسماك و الزريعه ما بين البحر وفرع النيل عبر البوغاز.. بالإضافه إلي تجريم صيد الزريعة 00 والتي تتم جهارا نهارا عند بوغاز برج مغيزل ( الذي يربط فرع رشيد للنيل بالبحر الأبيض ) 00 حيث تنشط مافيا تجارة الزريعة التي تقوم ببيع الزريعة لأصحاب المزارع السمكية 00 وفي هذا إهدار للثروة السمكية ، حيث تتحول هذه الزريعة لأسماك ( الزريعة الواحدة تتحول إلي سمكة واحدة )، حيث البيئة لا تكون مناسبة في المزارع السمكية لحدوث التكاثر 00 بينما في البوغاز تكون البيئة مناسبة لحدوث التكاثر ( وضع « بخ « الأسماك للبيض ) حيث تمر الأسماك عبر البوغاز إلي البحر لتبخ بيضها ( السمكة الواحدة تبخ ما يقرب من نصف مليون بيضة ) الذي يفقس منتجا زريعة تعود عبر البوغاز لتكبر وتنمو وتصبح أسماكا 00 وهكذا تنمو الثروة السمكية في سواحلنا.. و اتخاذ إجراءات حاسمة قبل الأقفاص السمكية التي تتواجد بكثافة في المسافة بين قناطر إدفينا وبوغاز رشيد 00 مما يعوق دون حركة المراكب 00 ومما يغري أصحاب هذه الأقفاص بصيد الزريعة وتربيتها في الأقفاص والمزارع السمكية مما يهدد الثروة السمكية بالبحر والبحيرات والنيل 00 حيث تحول هذه الأقفاص والمزارع السمكية دون إتمام عملية التكاثر ( بخ السمك للبيض كما تم توضيحه ).. واختتم الاهالي كلامهم قائلين: هذه هي مشاكل الصيادين وهذه هي الحلول التي تم استعراضها عده مرات 00 نعرضها علي حكومة الثورة 00 والمطلوب أن تضعها في حيز التنفيذ، حتي لا تتكرر حوادث احتجاز مراكب الصيد المصرية والقبض عليها في الدول العربية والأجنبية..