هناك مقولة شهيرة جدا تنص علي» إذا زاد الشيء عن حده.. انقلب الي ضده» وهذا ما أدركه الإنجليز مؤخرا فيما يتعلق بمستقبل الدوري الإنجليزي لكرة القدم الطاغية للأجانب علي قوائم الأندية في السنوات السابقة، وبالذات اللاعبين القادمين من خارج القارة الأوروبية، ورغم أن قوة المسابقة وشهرتها العالمية ينبع في المقام الأول من كثر النجوم وتعدد الجنسيات لكن الأمر بالنسبة لأصحاب البلد تخطي حدود المقبول، فالمواهب الشابة الإنجليزية لاتجد فرصتها للعب في الفرق الكبيرة التي تنافس علي الألقاب وتشارك في البطولات الأوروبية وهذا يضرب بقوة المنتخب الذي يعاني من غياب البطولات وتحقيق الإنجازات علي الصعيدين الأوروبي والعالمي. هذه الأزمة بالنسبة للكرة الإنجليزية ليست وليدة المواسم القليلة الماضية، لكن تراكم أخطاء علي مدار السنوات العشرين السابقة خاصة بعدما ارتفع عدد اللاعبين الأفارقة واللاتينيين والآسيويين في صفوف الأندية الإنجليزية، لكن رئيس الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم، غريد دايك، كسر حاجز الصمت، وقال بكل شجاعة دون الخوف من اتهامه بأي عنصرية »نحن نملك بطولة لا تمت بصلة للكرة الانجليزية». وأضاف: «أنظروا إلي عدد اللاعبين الإنجليز في دوري أبطال أوروبا مقارنة مع الألمان والأسبان والبرازيليين، الأمر مثير للشفقة، عاما بعد عام عدد اللاعبين المحليين في الأندية الكبري يتجه الي الأسفل، وهو مستمر في الانخفاض يجب علينا أن نفعل شيئا» ولم يكتف بمجرد كلام إنشائي بل تقدم بمشروع جديد لتحديد عدد اللاعبين الأجانب، وخاصة من الدول التي لا تنتمي للاتحاد الأوربي. وكشف دايك أن الاتحاد يريد زيادة عدد الأندية في الدوري الممتاز، وأيضا عدد اللاعبين الإنجليز في الفريق الأول لكل الأندية، بما يقارب من 8الي 12لاعبا وحتي الي 25 لاعبا في عام 2016.واقترح الرئيس تشكيل لجنة من عشرة أشخاص بما في ذلك المدرب روي هودجسون، ومدافع مانشستر يونايتد السابق ريو فرديناند، لمناقشة تراجع نتائج المنتخب وتناقص عدد اللاعبين الإنجليز في الدوري الممتاز. لماذا الآن؟ بعد الخروج من الدور الأول لإنجلترا في كأس العالم "البرازيل2014" وفشل أي نادي إنجليزي في الوصول لدور ال28 في أبطال أوروبا لهذا الموسم، تحدثت صحيفة "إندبندت" الإنجليزية بشكل مفصل عن الأزمة، وكتبت عنوانها :"ما هو التأثير الذي سيحدث مع تطبيق القواعد الجديدة لتصريح العمل للأجانب في الدوري الإنجليزي؟وكانت اللجنة التنفيذية للاتحاد قد وضعت قواعد اكثر صرامة علي تصاريح العمل لاستقدام المحترفين، والتي توافق عليها وزارة الداخلية وتدخل اللوائح الجديدة حيز التنفيذ في الأول من مايو 2015. ..وأضافت أن أول الحلول الذي تم تنفيذها العام الماضي بتشكيل فرق رديف لأندية الدوري الإنجليزي لتتنافس، وتكون فرصة للمواهب الإنجليزية للبقاء في أنديتها، لكن النتائج غير مرضية، لذا كان يجب عن حلول اخري. لذا كان لابد من إجراء تعديلات علي لوائح تصريح العمل للمحترفين وهذا بإجماع اطراف لعبة كرة القدم من مسئولي الدوري الممتاز والدرجة الأولي واتحاد الكرة بعد مباحثات مدتها 6أشهر، وسيتم تطبيقها علي الصفقات التي تتم في الانتقالات الصيفية لموسم (2016/2015) وهذه الإجراءات الجديدة ستجعل من الصعب التعاقد مع لاعب غير أوروبي ضعيف المستوي، بمعني أن الباب لن يكون مفتوحا أمام اي لاعب من خارج أوروبا، لكن لن يتم تطبيقها بأثر رجعي، وعلي سبيل المثال لاعب ستوك سيتي، السنغالي بيرام ديوف، لم تتوافر عليه الشروط الجيدة لكنه لن يفقد عقده مع ناديه. اللوائح الجديدة من أبرز التعديلات في لوائح منح تصريح العمل للمحترفين غير الأوروبيين في الدوري الإنجليزي، أن أي لاعب سيتم تقييمه بالنقاط بناء علي راتبه الشهري والمباريات الدولية التي شارك فيها، ومستوي الدوري والنادي الذي يلعب فيه قبل الانضمام للنادي الإنجليزي.ويجب أن يكون منتخب بلاده مصنفا في ترتيب الاتحاد الدولي لكرة القدم "الفيفا" بحد أدني ال 50عالما، بعدها كان سابقا مسموحا للترتيب ال70وسيتم تحديد النسبة المطلوبة للمشاركة الدولية لكل لاعب بناء علي ترتيب دولته في الفيفا. بالنسبة للاعبين القادمين من منتخبات تتواجد في قائمة أقوي 10 في تصنيف الفيفا، سيكون عليهم الحصول علي نسبة مشاركة دولية علي نقل عن 30٪ خلال آخر عامين، وترتفع النسبة المطلوبة وصولا 75٪ للمنتخبات ما بين 31 إلي 50 في تصنيف الفيفا.. سيكون هناك بعض الاستثناء للاعبين الاقل من 20عاماً فيما يتعلق بالمشاركات الدولية، لكن يشترط أن يكون مشاركا في جميع المباريات الدولية لمنتخب بلاده خلال ال12شهراً قبل الانضمام للنادي الإنجليزي .. وبناءً علي الأرقام الاخيرة، فإن اللاعبين الإنجليز يشكلون 33٪ من نسبة المواهب في الدوري الإنجليزي، وهذا رقم ضعيف جدا بالنسبة لمستوي الكرة هناك،كما أن تألق النجم الشاب هاري كين مع فريقه توتنهام ومشاركته لأول مرة من منتخب إنجلترا، دفع الكثير للتساؤل عن كم الاسماء الموهوبة الإنجليزية، التي لم تجد حظها للوصول الي الاضواء مثلما فعل كين في الموسم الحالي،كما هناك اجتماعات مكثفة لتحديد معايير مناسبة لاعتبار هذا اللاعب انجليزيا، خاصة أن عدد المهاجرين في انجلترا ضخم، وخلال السنوات الاخيرة ظهر اكثر من اسم غير إنجليزي المولد لكنه يملك الجنسية بعد تجنيسه مع عائلته، والاقتراح الأبرز أن يكون لاعبا في إنجلترا لفترة طويلة وتحديداً بداية من فريق تحت 16 عاماً. أرقام واحصائيات نشرت صحيفة "تيليجراف" رسما بيانيا يوضح عدد اللاعبين الاجانب مقابل الإنجليز داخل صفوف كل نادي يشارك في الدوري الإنجليزي الموسم (20142015) حيث يملك كل نادي 25 مقعداً يمكن أن يسجل فيه اللاعبون ممن يبلغون فوق ال21عاما. أتضح أن نادي تشيلسي يملك فقط 3 لاعبين مولودين في إنجلترا، مقابل 15لاعبا أجنبيا، وهناك 7مقاعد لم يسجل فيها أي لاعب، مما يعني أن الفريق الذي يدربه البرتغالي جوزيه مورينيو الأقل اعتماداً علي الإنجليز.والبنسبة لأكثر الأندية اعتماداِ علي اللاعبين الانجليز، فهي ليستر سيتي وكوينيز بارك رينجرز وبيرنلي برصيد 18لاعبا في كل فريق. فقط 22٪من نجوم الأندية الأربعة الأولي في جدول ترتيب الدوري الإنجليزي لعبوا للمنتخب الإنجليزي هذا الموسم مقابل 28٪ خلال الموسم الماضي .. في عام 23،2014 لاعبا انجليزيا فقط شاركوا في مباريات دور المجموعات لدوري ابطال أوروبا، مقابل 78 لاعبا اسبانيا، و55ألمانيا، و51لاعبا برازيليا. في عام 2010 فاز منتخب انجلترا تحت 17 عاما بالبطولة الأوروبية بعد الفوز علي إسبانيا بنتيجة (12) وكانت تشكيلة الفريق الإنجليزي تضم فقط 4لاعبين شاركوا في اكثر من 20 مباراة بالدوري الممتاز، مقابل 8لاعبين إسبان شاركوا في "الليجا" في أكثر من 20مباراة. قال دايك رئيس الاتحاد الانجليزي، إن تطبيق اللوائح الجديدة الخاصة بتصريح العمل للاعبين غير الأوروبيين إذا كان تم تطبيقه قبل 5سنوات، كان يعني أن 33٪ من اللاعبين الحاليين في الدوري الانجليزي لن يحصلوا علي "فيزا" العمل في إنجلترا كللاعب محترف. ترحيب بلاتيني رحب الفرنسي ميشال بلاتيني رئيس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم بالاقتراح الانجليزي لإجراء تغييرات علي لوائح المواهب الصاعدة محليا، وأكد أن هذه المشكلة كان يجب تناولها في جميع أرجاء القارة. وقال بلاتيني، هذه ليست مشكلة خاصة بإنجلترا فقط، بل هي مشكلة للكثير من الدول وأنا اتفق معه، لا أعلم إذا كان فشل إنجلترا في دوري الأبطال والدوري الأوروبي هذ الموسم له أي علاقة بالأمر، من الصعب تحليل سبب خسارة الفرق وربما هذ مجرد أمر دوري هذا الموسم، لكن هذه مشكلة تعانيها بعض البلاد"..وتابع "أعي أن كل لاعب يرغب في المشاركة في نهائي دوري الأبطال، إذا كنت مكانهم ومنعوني من خوض تلك المباراة لقمت بتغيير جنسيتي أو لقتلتهم".