هما محاسبان تخرجا حديثا، كل في جامعته، ومن أول يوم عمل أصبحا أصدقاء وشاءت الأقدار أن يعملا فى مجالين مختلفين بالشركة ولكنهما فى حجرة واحدة، مضت الأيام وكل منهما تزوج وأصبح له أسرة لكنهما تعاملا كشقيقين فالزيارات لاتنتهى وبالمصادفة تقاربت زوجتاهما، وأصبح الجميع أكثر من الأخوة وكأن الأقدار أرادت هذا التقارب البين وأنجب كل منهما، وتقدما فى عملهما وادخرا من راتبيهما حتى استطاعا تكوين مشروع صغير ومع العمل المتواصل والإخلاص بلا حدود بدأ المشروع ينمو شيئا فشيئا حتى أصبح شركة متوسطة ولكنها مع الأيام توسعت بعد تفرغهما لها تماما وصار أولادهما أصدقاء فى المدرسة وفى النادى كأنهم أشقاء ومضت الأيام والسنون واقترب الاثنان من نهاية العمر وكان حلمهما أن يتوج نجاحهما التجارى خاصة أن الشركة أصبح لها اسم فى السوق المصرى بل وبعض الأسواق العربية، خاصة ان ابنة أحدهما الكبرى ذكية وماهرة فى الادراة وابن الآخر يتمتع بخفة دم أولاد البلد وشاطر مثل والده فى الاستثمار ولكن الرياح أتت بما لاتشتهى رغبة الوالدين، فقد تمكن الكبر بكل منهما وصارا لا يستطيعان متابعة الشركة وزحفت أمراض الشيخوخة وعرفا طريقهما الى عيادات الأطباء ومستشفيات الخمس نجوم، وكان لا بد أن يتواصل نجاح الشركة مما استلزم الفتاة الذكية والابن الماهر، ان يستكملا قصة نجاح والديهما للنهوض بالشركة وذات يوم والصديقان يتحدثان مع بعضهما فى غرفة مغلقة قال أحدهما للآخر يا صديقى نحن نودع الدنيا وأرغب أن أزوج ابنتى لابنك خاصة وهما المسئولان عن الشركة الآن فطأطأ الآخر رأسه وهو يتمنى ذلك فى قرارة نفسه قائلا هذه، أمنيتى وقد لمحت لابنى بذلك وأحسست منه بعدم القبول وبعد محاولة الضغط عليه قال لى بصراحة أنا اعتبرها أختى ولم تفلح محاولات الصديقين فى التوفيق بينهما وذهب كل منهما فى طريقه فقد تزوج المحاسب من إحدى قريباته التى كان أخواتها يصفونها بالغبية لضيق أفقها وسوء فهمها للحياة، وفى نفس الوقت تزوجت المحاسبة من زميل لها بالدراسة كان مشهورا بالغيرة والشك بين زملائه ومضت الأيام بحلوها ومرها والعمل يزداد بالشركة وذات يوم، جمع صاحبا الشركة كلا من ابنته وابنه وقالا لهما هذه الشركة أمانة فى أعناقكما وأنتما شقيقين لافرق بينكما ونحن على أبواب الآخرة وهذه وصيتنا لكما، وفعلا كان الاثنان يسافران لعقد صفقات بالخارج كأنهما شقيقان حسب الوصية. ولكن الشيطان وسوس لزوجة المحاسب، حينما رن جرس التليفون فى وقت متأخر ليلا أكثر من مرة، وانتفض لزوج مسرعا نحو التليفون وكانت المتحدثة ابنة صاحب الشركة هيام لتخبر احمد شريكهما بشئ هام فى العمل لأنها أصيبت بوعكة صحية تستلزم أن تتغيب عن العمل فترة، لحظتها احتل الشك عقل زوج هيام الشكاك بطبعه الذى تضايق من علاقة زوجته باحمد وذات ليلة، حدثها قائلا يا زوجتى العزيزة عندى سؤال؛ منذ تزوجتك ولا اجد.. فبهتت الزوجة من حديث زوجها وقالت له ما السؤال تردد لدقائق كأنه يتهرب، وحاول المراوغة خاصة أنه ضعيف الشخصية أمام زوجته بجانب الشك القاتل ولكن الزوجة بذكائها احست ان هناك شيئا يخبئه الزوج فى نفسه ولا يبوح به وضغطت عليه لكن يقول لها السؤال المحير ولكنه ابتسم مداعبا زوجته بكلام معسول يذيب لصخر ويجعل الانثى تنتفض لهفا لزوجها ولكن الزوجة كانت كلوح الثلج وكشرت عن انيابها كالاسد الجريح وقالت لزوجها بلغة آمرة قل ما بى نفسك وبمنتهى الصراحة ولم يجد الزوج مفرا من الهروب سوى ان يسأل زوجته وهو يبعد عنها بخطوات لماذا لم تتزوجى من احمد وانتما لاتقترقان بالشركة وانتما المسئولان عن ادارتها؟!، وهنا سقط السؤال على الزوجة كالصاعقة كماء بارد سقط على رأسها فى ليلة باردة وانفعلت فى وجه زوجها قائلة؛ احمد اخى منذ صغرنا وانت تعرف ذلك قبل زواجنا فلا تجعل الشيطان يدخل بيننا واطرد هذا الوسواس من عقلك تماما ونام كل منهما فى حجرة واستغرقت الزوجة فى نوم عميق بينما الشيطان أطار النوم من عين الزوج ومن وقتها، وتحول الزوج الوديع إلى شبه أسد متمرد وبدأت المشاجرات والمشاحنات تعرف طريقها نحو هدم عش الزوجية ولم تطق الزوجة شكوك زوجها حتى طلبت منه الطلاق وهنا استيقظ المارد الكامن بداخله وطأطأ رأسه وهو يرتكن على المنضدة وقال لزوجته أنت تريدين الطلاق بلا مقابل وردت الزوجة أى مقابل تريد ضحك لزوج بسخرية قائلا نصف الشركة وهنا انفعلت الزوجة وفقدت أعصابها وكادت أن تفتك به لولا انه هرب من الشقة مسرعا وبعد أن انتصف لليل عاد يتسرب لفراشه كاللص لخائف وداعب زوجته التى استيقظت فجأة لتجده ينقض عليها معتذرا عما بدر منه ولكنها قابلته بوجه عبوس وتركته وغطت فى نوم عميق قائلة له الحمد لله ان نواياك ظهرت وليس بيننا أطفال وفى الصباح توجهت للشركة وقابلت والدها الذي رأى علامات الغضب على وجهها وسألها ماذا بك يا ابنتى فأجابت كانت غلطة يا بابا انزعج الأب اى غلطة زواجى من زميلى وهنا تنهد الأب وقال لانبش فى الماضى أنا يا ماحذرتك منه ولكن ((الفأس وقعت فى الراس )) وكل شئ انتهى وعلى العموم كل البيوت فيها ما يكفيها حاولى أن تروضيه وسأحضر لزيارتك للإصلاح بينكما ولم تكلل مساعى الأب بالقدر لذى كان يتوقعه وفى الصباح ذهبت هيام للشركة وجدول اعمالها متخم وفى لاجتماع لاحظ عليها احمد علامات التوتر فانتحى بها جانبا وسألها ماذا بك ؟ فتنهدت قائلة مشاكل مع زوجى وقصت له ما حدث واخذته الشهامة وتوجه لشقتها مصطحبا زوجته لزيارة هيام وحاول التهدئة ولكن نار الشك ألغت عقل زوج هيام الذى تفوه بالفظ جارحة مما اضطر أحمد وزوجته للمغادرة وحينما هم احمد للفراش وجد تكشيرة من زوجته تسد عين الشمس، وقالت له: فعلا انت ما كان لك زواج منى كان لازم تتزوج هيام وهنا طار النوم من عيني احمد ونهض من فراشه معنفا زوجته بشدة وغضب على ما قالته فى حق هيام من كلام جارح وتحول البيت إلى جحيم، وبدأت زوجة احمد تكيل له الاتهامات حتى اضطر لطلاقها ولكنه أخفى هذا الخبر عن هيام حتى لا يفسد عليها حياتها واستمر العمل بينهما يمر كالمعتاد ولكن حال هيام يزداد سوءًا خاصة بعد هجرها لشقة الزوجية وفشل محاولات التوفيق مع زوجها مما اضطرها لرفع دعوى خلع أمام المستشار محمود بدوى رئيس محكمة العجوزة للأحوال الشخصية وعضوية القاضيين هشام رضوان وطه الزواوى بحضور مصطفى قاسم وكيل النيابة وأمانة سر فتحي عبد الحسيب وتداولت القضية عدة جلسات حتى حصلت هيام على الخلع وهنا زال كابوس كان يخنقها وفى الصباح خرجت من الاجتماع تغمرها السعادة والابتسامة التى غابت عن وجهها عادت تطل من جديد مما لفت انتباه احمد، فسألها عن سر سعادتها فضحكت قائلة أنا أتخلعت فصاح أحمد ضاحكا بقوة وأنا طلقت.