كان يقف اسفل منزل محبوبته بالساعات ليختلس نظرة لها .. يراقب تحركاتها .. يترصد خطواتها .. يتمني ان تتحدث معه ولو بكلمة او تشير له عن طريق الخطأ .. انه ليس مجنون ليلي ..ولكنه شاب من مدينة 15 مايو ارتدي ثوب مجنون ليلي ليصبح اسمه بين الأهالي "مجنون اسراء" وهو اسم محبوبته التي لم توافق علي الارتباط به نظرا لسمعته السيئة في منطقته بعد ان سأل والدها عنه !. لكن لو اننا رجعنا بالزمن الي الوراء وحدث لقيس ما حدث لهذا الشاب ورفضته ليلي هل كان سيحرق منزلها مثلما فعل ذلك الشاب لينتقم منها .. اعتقد ان الأجابه "لا" لأن الذي يحب لا يكره ويتمني لحبيبه السعادة في كل الأحوال ومع أي شخص .. فما الذي فعله هذا الشاب بالتفصيل هذا ما سنعرفه في السطور القادمة . كانت اسراء تسير في احد شوارع مدينة 15 مايو تشتري بعض المستلزمات والبضائع كالمعتاد كل صباح .. لم تتوقع ان هذا اليوم مختلف عن باقي الأيام التي سبقته .. كانت ترتدي عباءتها السمراء وتتنقل بين المحلات التجاريه .. لم تعلم ان هناك عيوناً تترصد خطواتها .. تتأمل في تفاصيل جسدها .. تراقب تحركاتها .. وارجل تتعقب سيرها .. وما ان بدأت تشعر بهذا الشاب الذي يسير خلفها خطوة خطوة حتي اخذت تتعجل الخطي وتشعر بالأرتجال والقلق !.. انهت رحلتها التجارية ومهمتها اليوميه في الشراء وعادت مسرعة الي منزل والدها بالمجاورة 11 في العماره رقم 5 .. لكن هذا الشخص لايفارقها ولم يشأ ان يتركها لحالها !.. فما ان دلفت الي العمارة التي تسكن بها دخل وراءها !.. نظرت الفتاه بطرف عينيها الي الوراء فلمحته فأسرعت وهرعت الي شقتها تحسبا ان يكون هذا الرجل مجرما او لصا .. انتهي الموقف بسلام ولم تبلغ اسراء احدا بما حدث لها هذه المرة ربما يكون معجب مثل آخرين ومجرد موقف وذهب الي حاله . ونسيت الفتاة ما حدث لها .. وجاء اليوم التالي لتري هذا الشاب واقفا امامها وبنظرة اعجاب تفحص ملامحها ونظر اليها متأملا اياها .. وابتسم في وجهها وطلب منها ان يتعرف عليها الا ان اسراء رفضت وتركته ذاهبة !.. لم يرحل عنها هذا المعجب الولهان ويتركها الي حالها مثلما يفعل باقي الشباب لكنه ظل يراقبها حتي شعرت الفتاه بالخوف منه حيث ان هذه الأفعال والتصرفات ليست لشاب عاقل ومتزن !.. عادت الي منزلها لكن هذه المرة قالت لشقيقها الذي توعد بالأنتقام وضربه وقرر ان يذهب خلفها المرة القادمة لرؤية هذا الشاب عن بعد ثم ضربه .. لكن فوجئ شقيقها عامر بجرس الباب يرن .. فإذا بها تري الشاب ومعه شخص لا تعرفه يطلب مقابلة والدها .. عادت الفتاة واخبرت والدها وشقيقها وبالفعل دخل الشاب وزميله وبأبتسامه عريضة مليئة بالثقة والأمل طلب هذا الشاب خطبة الفتاة .. ومثل أي أب طلب من العريس المتقدم ان يمهله فرصة ووقت مناسب للرد عليه بعد السؤال عنه واسرته بعد ان اخذ عنوانه وبياناته كاملة . خلال تلك الفترة التي طلبها والد الفتاه للسؤال عنه لم يترك الشاب ويدعي سليم 25 عاما الفتاة في حالها لكنه كان دائم الأتصال بها ومغازلتها ويلقي علي مسامعها بعض كلمات الحب والغزل للتعبير عن مشاعره تجاهها لكنها لم تستجب لهذه التصرفات التي تعتبر غريبة عليها لأنها نشأت في اسرة محافظة ذات اصول ريفية من احدي قري الدقهلية .. بالأضافة الي ان هناك مشاعر بالخوف والقلق من هذا الشاب قبل ان يسأل والدها عنه .. ولا تشعر بالطمأنينة اليه لكن علي العكس كان القلق والخوف والكراهية جميعها مشاعر كانت تراودها عندما تراه .. ورغم ذلك كانت تكذب جميع هذه المشاعر وتريد انتظار سؤال والدها ربما يأتي علي العكس !.. لكن كما توقعت الفتاه فظنها في محله حيث اكد بعض اهالي منطقتة انه لا يصلح لأبنته كزوج وجاء السؤال عنه مخيبا للأمال .. عاد الأب الي ابنته وابلغها بالحقيقة .. كما اتصل بالشاب وقال له ان الزواج قسمة ونصيب ولايوجد نصيب بيننا ! لم يترك الشاب الأب الذي تجاوز العقد السابع من عمره لحاله لكنه حاول ان يقنعه انه العريس المناسب لابنته .. وسوف يجعلها اميرة في قصر الزوجيه .. ويعبر عن مشاعر الحب التي يكنها لابنته لكن الأب رفض . لم ييأس الشاب من جميع المحاولات بل اخذ احد الأشخاص المعروف عنهم الأدب والأخلاق الحميدة في المنطقة ويعرفه والد العروس جيدا .. وبالفعل طلب ابنته للزواج مرة اخري لكن الرد هذه المرة جاء بسرعة من شقيق الفتاه واكد له ان أخته لا تفكر في الزواج في الوقت الحالي .. لكن الشاب وصل الي مرحلة من فقدان الوعي وعدم الأحساس .. واخذ يسلك طريقا آخر وهو التهديد والوعيد لأسرتها وتهديدها بالضرب وسبها بالفاظ بذيئة اذا لم توافق علي الزواج منه . لم يعتقد الأب ان يصل به الحال لدرجة انه يهددها بالضرب والتعرض لمن يحاول الزواج منها وحرقها او حرق شقتها .. وظل الوضع علي ماهو عليه وظل الشاب يهدد ويتوعد الي ان ارتبطت الفتاه بشخص اخر غيره هنا غلي الدم في عروقه .. لم يتخيل ان فتاة احلامه الذي يرسم في مخيلته ان يقضي معها اجمل ايام العمر سوف تذهب لشخص آخر غيره .. تخيلها بالفعل في الكوشة مع اخر غيره .. جن جنونه .. اتصل بها وهددها هذه المرة وشتمها بالفاظ بذيئة وكانت في كل مرة تغلق السماعة في وجهه . علي الجانب الأخر لم ير سليم هذه الفتاه بجوار احد غيره .. فلا يزال يظن انها له .. حيث كان دائما يقول لأهل منطقتة سليم لأسراء واسراء لسليم نحن كيان واحد وروح واحده .. اوهام صنعها الشاب لنفسه كانت تدور في مخيلته ولازالت تعيش ايضا داخله .. لدرجة انه اعتقد انه ارتبط بها وخطبها بعض الوقت ولكن لخلافات حدثت بينهما انفصلا ونشأ خلاف بسبب بعض الأمور المادية .. اوهام ليس لها علاقة بأرض الواقع سيطرت علي عقله وجعلته يفكر في الأنتقام . واخيرا قرر الشاب الولهان الأنتقام من حبيبته ووالدها وشقيقها اللذان كانا السبب في الأبتعاد عنها وعدم زواجها .. اشتري بنزيناً .. استيقظ مبكرا في احد الأيام .. واتجه الي شقة محبوبته وافرغ جركن البنزين علي باب الشقة وكانت الساعة تقترب من السادسة صباحا حيث كان الجميع غارقا في نوم عميق ..ثم اشعل في الباب النيران التي امسكت فيه وهنا هرع العشيق الولهان " مجنون اسراء " الي الخارج قبل ان يراه احد واستقل سيارة هاربا . يوم مرعب ! اشتم سكان العماره رقم 5 بالمجاوره 11 رائحة الدخان تصعد من الدور الأسفل .. هرع الجميع الي الخارج لمعرفة مصدر رائحة الدخان .. وهنا فوجئ الجميع بالنيران اضرمت في باب الجيران بالدور الثالث وتنهش فيه .. الخوف والرعب ملأ قلوب الجميع معتقدين ان صاحب الشقة واسرته بالداخل وفقدوا الوعي او غارقين في النوم .. فقاموا باطفاء النيران بعد ان اكلت الباب .. ودخل احد الجيران الي داخل الشقة لكنه لم يعثر علي احد فعلم انهم لايزالون في قريتهم يقضون اجازة عيد الفطر المبارك .. ذهب الجار الي قسم 15 مايو وحرر محضرا بالواقعة وقام المقدم ايهاب سعيد رئيس مباحث قسم شرطة 15 مايو بالذهاب معه لمعاينة الواقعة وفي النهاية طلب من الجار ان يبلغ صاحب الشقة بالحريق والذهاب لأستكمال التحقيق في القسم وبالفعل حضر عامرشقيق الفتاه وذهب الي قسم الشرطة واتهم احد الأشخاص لذين كانوا يهددون اخته في التليفون بالضرب والحرق اذا لم توافق عليه بعد ان رفضه والده نظرا لما عرفه عنه من اهل منطقته .. وتم تشكيل فريق بحث للقبض علي المتهم اشرف عليه اللواء اسامه الصغير مدير ادارة البحث الجنائي بالقاهرة و اللواء حسن السوهاجي نائب المدير وبتكثيف التحريات واعداد الأكمنه تم القاء القبض علي المتهم واحالتة الي النيابة التي باشرت التحقيق وامرت بحبسه 15 يوما علي ذمة التحقيقات .