تحية الي روح الرئيس الشهيد محمد أنور السادات قائد مصر في نصر أكتوبر.. شخصية عبقرية حولت الهزيمة المنكرة في يونيو 67 واحتلال أراضينا في سيناء الي انتصار عظيم استرددنا به أرضنا وكرامة الأمة العربية كلها. ورغم رحيل الرئيس السادات بايدي غادرة متأمرة وخائنة في يوم احتفال الانتصار يوم 6 اكتوبر 1981 الا ان المحللين لايزالوا يحللون تلك الشخصية التاريخية الثرية التي صنعت أكبر انتصار عسكري للأمة العربية في العصر الحديث وقلبت موازين القوي في المنطقة. وفي هذا العدد نتلمس جوانب من شخصية السادات الرياضية.. بقلم شخص ارتبط به بعلاقة قوية يحكي مواقف لايعلمها الكثيرون عن بطل الحرب والسلام مع الرياضة والرياضيين. السباحة إلي ملعب الجمباز لتأدية بعض تدريبات القوة علي العقلة والمتوازيين.. وكان دائما يفتخر بالقوة والتحمل. من التنس الي السباحة . فعندما ينتهي أنور السادات من التنس.. يسلط أمين شعير علي إغاظة محمود فهمي وإثبات أنهما أقوي منه.. فعندما يقتربا من ملعب الجمباز يقول أمين شعير بصوت مرتفع الساعة ونصف اللي احنا لاعبناهم كانوا جامدين قوي.. ومحمود فهمي علي العقلة يلعب شدة فيكمل العد بصوت مرتفع 150 و 160 مع أن الذي يستطيع أن يشد العقلة 3 مرات يكون قد أثبت قوته.. وهنا يضج الجميع بالضحك.. علي هذا الكذب الأبيض.. وبعدها يصعد الجميع إلي حمام السباحة وكان أنور السادات يسبح ولكنني ومدربي عبدالباقي حسنين كان يستخدمني نموذجا له.. لأعلمه سباحة الصدر، ورأسي أعلي الماء بدون أخذ تنفس.. وهذه طريقة سهلة لغير أبطال السباحة للسباحة مدة أطول.. وكان يسبح 500 متر يوميا بهذه الطريقة.. فإذا غاب عبدالباقي أو والدي لأي سبب أنزل لأسبح بدلا من أحدهما.. وكنت اسمعه وهو يسبح بحمد الله طوال الخمسين مترا أو يتلو أسماء الله الحسني.. وبعد أن ينتهي من السباحة تكون حلت ساعة الغروب.. وهو موعد الاسترخاء في الشمس.. وكنا مجموعة من السباحين نعتبره قدوة، وكنا نريد أن نقلده حتي في ملابسه.. فكان يأتي للنادي بالملابس الصيفية في غاية الشياكة والأحزمة الموضة، فكنت استغل ساعة استرخائه في الشمس، وأذهب لأجلس في المكان المخصص للفريق بجوار حلبة الرقص بالحمام.. وكان الأهلي متعودا كل يوم خميس علي حفل راقص.. وهذا المكان هو المكان المفضل لفريق الشمس.. وفجأة وجدت الدكتور محمد عبدالقادر يقول له.. الولد الخلبوص ده بيقلد الرئيس محمد نجيب ويقلدك في إلقاء بيان الثورة بالإذاعة.. وفوجئت بالبكباشي أنور السادات يقول لي: يله وريني.. فخجلت وقلت عيب يا ريس.. وكنا نقول له ياريس لأنه كان رئيسا للمؤتمر الإسلامي.. فقال: قلد يا ولد وخليك رجل.. فلما قمت بالتقليد ضحك ضحكته المميزة.. وكادت تحدث كارثة فأخي الصغير وعمره 5 سنوات وهو الأستاذ بالأكاديمية العسكرية في كاليفورنيا.. الآن الدكتور محسن فهمي وكان لاعب منتخب مصر بعد ذلك في كرة الماء ثم كرة اليد.. فإذا بشخص يناوله حديد الدمبلز في يديه الاثنين، ويقول له عارف الرجل المسترخي في الشمس ألقي بهذه الحديدة علي رأسه.. وفي أثناء تحرك الطفل ناحية أنور السادات كان عمي فوزي عبدالحافظ قد التقط الدمبلز من يد محسن.. وجري ليمسك بهذا الرجل الذي قفز من سور الحمام وفص ملح وذاب.. وهذا من فضل الله وستره.. وكنت عندما أجلس مع الرئيس وكنت صبيا في السادسة عشر أو السابعة عشر من عمري معجبا به لأنه في نظري السياسي منذ نعومة أظافره وكاد يفصل من القوات المسلحة، ويعتقل.. وزادت شهرته عندما أتهم في قضية مقتل أمين عثمان وبرأته المحكمة.. وطالعتنا الصحف بصورة في المحكمة مع باقي المتهمين وعلي رأسهم حسين توفيق وكان هذا الذي يجذبني إليه. عبد الناصر شمس الساعة 12 . ومرة قال لي أن عبدالناصر كشمس الساعة 12 العمودية والذي يتعرض لها في عز الصيف ممكن يصاب بضربة شمس.. ونحن يا بني بنجلس دائما بعد السباحة في شمس الغروب ذات الأشعة البنفسجية.. وعرفت أنه يقصد أن عبدالناصر حامي وزعيم قوي في قوة هذه الشمس.. فلا يستطيع أي عدو أو متآمر من الاقتراب..وسألته في يوم عن حكاية الضباط الأحرار.. فقال كان صاحب الفكرة في الأصل الفريق عزيز المصري وكنت أنا ساعده الأيمن.. وقمت بتجنيد بعض الخلايا من الضباط.. ولكني اعتقلت.. وبدأت الفكرة تدخل عالم النسيان.. حتي ظهر عبدالناصر وأعاد تكوينها.. وانضممت أنا إليها.. وكنت قد عدت إلي الجيش، وعملت في سلاح الإشارة.. وعملت في الحرس الحديدي بمعرفة عبدالناصر والضباط الأحرار لأكون عينا علي السراي، ولأبلغ زملائي بكل ما يحدث في القصر.. ولتأمين حركة الضباط الأحرار.. وبعد قيام الثورة استغل بعض ضباط مجلس الثورة هذا، وحاولوا محاكمتي.. عبد الناصر يري السادات خلطة مصرية والمعروف أن السادات وعبداللطيف بغدادي وجمال سالم هم الذين كانوا في نفس رتبة جمال عبدالناصر.. وعبدالناصر كان يري في السادات خلطة مصرية أصيلة، وهو الذي حماه من مكيدة التحقيق المزعوم.. ولأنني صبي وفي هذه السن يكون حب الاستطلاع قويا فقلت له ياريس كما كنا نناديه وقبل أن أكمل سؤالي.. فقال يا بني التاريخ يحكي كيف أكلت الثورات بعضها.. أنت أخذت في المدرسة الثورة الفرنسية.. فقال: شوف يا بني الثورة الفرنسية ذهبت بقادتها إلي المقصلة.. وذهبت بروبسيير زعيم الثورة إلي المقصلة.. فقلت: ماذا تقصد من هذا ياريس.. قال: الثورات تفشل لو دخلت في صراعات علي الزعامة وعبدالناصر نجح في حماية وتحجيم أي صراع داخل مجلس الثورة.. وهذا كان سبب استمرار النجاح.. فقد أخمد حركة سلاح الفرسان في مهدها.. وقال يابني أسئلتك أكبر من عمرك.. وأنت شاب ممتاز.. وكنت أتركه لأذهب للتدريب المسائي.. وكنا قبل الذهاب للتدريب المسائي ننزل إلي غرفة الملابس لأداء صلاة المغرب.. وكان السادات ضمن المصلين.. ويرفض الإمامة وينادي علي عم حراني الأكبر سنا ورئيس عمال غرفة الملابس.. ويقول له بكل احترام لسن الرجل أمنا في الصلاة يا عم حراني.. مع أن الرئيس كان يبدل ملابسه في غرفة رئيس العمال فيها عم علي بلال.. والغرفتان مفتوحتان علي بعضهما.. ولكنه كان يختار عم حراني لأنه الأكبر سنا.. ويمتاز الرئيس السادات بالحياء والأدب الجم.. فلا ينادي علي أي عامل في النادي إلا بعم فلان مهما كانت سنه.. ومرة اشتكي فريد شوقي وكان عضوا في فريق الشمس للكرة برئاسة المحامي الكبير أنيس عطية.. وأخذ يشكو للسادات من معاملة الضرائب ويحكي عن مصاريف النجوم.. وكانت بلغة هذه الأيام كبيرة جدا.. فجأة قال السادات يا فريد أنت بتتكلم في 500 جنيه مصاريف لبس لزوم النجومية.. وفيه ناس هنا مرتباتهم 12 جنيها ويقصد عمال غرف الملابس.. وواجب أن نراعي شعورهم.. أكتب شكواك واقترحاتك وأنا أرسلها للمختصين.. وبعد الصلاة وأخذ الحمام يسترخي السادات ويسبح بحمد الله، ويقرأ في صوت خفيض بعض الآيات ثم يلبس ملابسه كبندول الساعة في الموعد المعتاد كل يوم ويغادر.. وكان والدي يعمل معه مديرا لمكتبه في المؤتمر الإسلامي ثم مديرا عاما للمعونة الفنيةالدولية بنفس المؤتمر..ثم نقله معه إلي مجلس الأمة.. وعندما كان مديرا عاما لجريدة الجمهورية كان يصاحبه أيضا. السيدة جيهان أهلوية جداً ولم تكن السيدة جيهان السادات مواظبة علي الحضور معه.. ولكنها عندما كانت تأتي تجلس في حمام السباحة.. سيدة جميلة أنيقة محتشمة تجلس بمفردها أو مع أمي أو حرم مصطفي عفيفي المحاسب علي ترابيزة.. وتغادر مع السادات بعد أن يؤدي طقوسه الرياضية.. وحتي اليوم ترسل أكبر سلة ورد أحمر تصل النادي وتوضع في مدخل المبني الاجتماعي مع كل بطولة يحرزها الأهلي.. فهي أهلوية خالصة مخلصة.. ولهذا من شابه أباه وأمه فما ظلم المهندس جمال السادات.. وكان السادات يدعو مجلس ادارة الأهلي إلي بيت الجيزة بعد الفوز بالبطولات ويجلس معهم مرحبا.. وكان دائما يذهب علي رأس المدعوين كمال حافظ وكيل النادي في حالة غياب المرتجي أو صالح سليم لظروف خارجة عن ارادتهما.. لأن صالح كان كثير السفر إلي انجلترا.. وعائلة السادات كلها أهلوية.. حتي المهندس سيد مرعي رئيس مجلس الشعب وحمو ابنته أيضا أهلاوي.. وذهبنا إليه مجموعة من أعضاء النادي نعرض عليه رئاسة النادي.. ولكنه رفض لصداقته للفريق أول عبدالمحسن مرتجي ولمنصبه كرئيس لمجلس الأمة.