دموع ودماء.. هكذا تحول حفل عرس كنيسة العذراء مريم بالوراق الي مأتم واصبحت لغة البكاء هي القاسم المشترك الذي سيطر علي كل من كان متواجدا بالمكان.. وبدلا من أن يزف المدعوون العروسين إلي عش الزوجية تم نقلهم هم أنفسهم علي "نقالات" وقد غطت الدماء ملابسهم بعد أن سقط منهم 4 قتلي و71 مصابا بعد ساعات من الحادث ساد الهدوء الحذر محيط كنيسة الوراق حيث كثفت قوات الامن بمديرية امن الجيزة بالاشتراك مع قوات الامن المركزي والامن الوطني بالجيزة من تواجدها وتم فرض كردون امني وانتشرت سيارات الامن المركزي ووضعت القوات الحواجز الحديدية وتم منع دخول اي شخص الا بعد الاطلاع علي بطاقة تحقيق الشخصية وفرضت قوات الامن طوقا امنيا بجميع انحاء محافظة الجيزة وأغلقت جميع مخارجها في اطار تعليمات اللواء كمال الدالي مساعد الوزير لامن الجيزة بسرعة ضبط الجناة وتقديمهم الي محاكمة عاجلة والقصاص منهم.. وقد ألقت أجهزة الأمن بالجيزة القبض علي 6متهمين يشتبه في تورطهم في الأحداث انطبقت عليهم أقوال الشهود الذين أجمعوا أنهم في العقد الثالث من العمر ..وكانت الأجهزة الأمنية قد وضعت عدة أكمنة علي مداخل مدينة الوراق والطرق المؤدية للقليوبية ونجحت في ضبط المشتبه فيهم حيث يخضعون لتحقيقات موسعة من قبل أجهزة الأمن.. وكشف مصدر امني بمديرية امن الجيزة ان القوات تمكنت من تحديد نوع الدراجة البخارية التي استخدمها الجناة وهي سوداء اللون ولاتزال اجهزة الامن بإشراف اللواء محمد الشرقاوي مدير الادارة العامة لمباحث الجيزة تستمع إلي اقوال المصابين وشهود العيان الذين شاهدوا الواقعة لسرعة التوصل الي المتهمين كما قامت قوات الامن بتمشيط جميع المناطق المحيطة بالكنيسة ورفعت حالة الاستنفار القصوي بجميع ارجاء المديرية واقسام الشرطة لسرعة ضبط المتهمين. وأكد مصدر أمني بمديرية أمن الجيزة بأن أجهزة الأمن تستمع لأقوال أسر المجني عليهم وصاحب حفل الزفاف حول الحادث وتقوم بفحص علاقاتهم من آخرين للتأكد من كون الحادث جنائيا أو سياسيا. وأضاف المصدر أن فريق المباحث الذي يشرف عليه اللواء محمود فاروق نائب مدير الادارة العامة لمباحث الجيزة واللواء مجدي عبد العال مدير المباحث الجنائية والعميد مصطفي عصام رئيس مجموعة الأمن العام بالجيزة والمقدم علاء بشير رئيس مباحث قسم امبابة يقومون بفحص المشتبه فيهم وأنهم استعانوا برسام جنائي لتحديد ملامح المتهمين وذلك من خلال أقوال المصابين وشهود العيان وأشار إلي أن مرتكبي الحادث شابان في العقدين الثاني والثالث من العمر وأنهما نحيفا الجسد وتواصل الشرطة البحث عن أي مقاطع فيديو تم تسجيلها أثناء ارتكاب الحادث لضمها إلي التحقيقات للتوصل لهوية المتهمين. معاينة النيابة كشفت معاينة ياسر عبد اللطيف رئيس نيابة الوراق للمنطقة عن قيام مجهولين بإطلاق الأعيرة النارية علي الكنيسة والعثور علي 19 فارغا لطلقات آلية في الساحة أمام الكنيسة. كما تبين عدم وجود آثارللطلقات في حوائطها ورجحت التحريات المبدئية أن المتواجدين بالكنيسة هم المقصودون وليس مبني الكنيسة..كما اكد أحد شهود العيان للنيابة أن المدعوين فوجئوا أثناء وجودهم أمام باب الكنيسة بملثمين علي دراجة بخارية أخرج قائدها فرد خرطوش وأطلق منه عدداً من الطلقات عليهم دون أن يصاب أحد منهم وعقب ذلك قام الشخص الآخر بإخراج سلاح آلي وأطلق منه دفعتين عليهم مما أدي إلي حدوث هذه المجزرة.. وقامت النيابة باستجواب 10 من المصابين الذين اكدوا انه فوجئوا بمجهولين يستقلون دراجة بخارية يهاجمون مقر الكنيسة ويطلقون الاعيرة النارية عليهم.. ولم تستطع النيابة استجواب 7 من المصابين لسوء حالتهم الصحية.. بينما أكد احد الشهود للنيابة أثناء المناقشة أنه شاهد المتهمين وأنهما كانا ملتحيين لكنهما لم يكونا ملثمين.. فأمرت النيابة الامن الوطني بإجراء تحرياته وانتداب الطب الشرعي حول الواقعة لمعرفة هوية الجناة وحصر التلفيات بالكنيسة والتصريح بالدفن ل 4 جثث. عقب ارتكاب واقعة الهجوم.. قامت الاجهزة الامنية بمديرية امن الجيزة بتكثيف التواجد الامني امام جميع الكنائس بالجيزة حيث تم وضع خدمات امنية مكثفة وحواجز حديدية ومنعت القوات وقوف اي سيارات او موتوسيكلات امام الكنائس وذلك خوفا من وقوع اي اعمال تفجيرية او اطلاق الرصاص علي الكنيسة .. وشددت القوات من تواجدها وقامت بعمل بوابات الكترونية وتفتيش جميع المترددين عليها.. كما كثفت قوات الامن من تواجدها امام قسم امبابة القريب من الكنيسة التي شهدت الواقعة كما دفعت قوات الجيش بمدرعتي تأمين وتم وضع خدمات امنية امام جميع اقسام الشرطة تحسبا الي اي اعمال عنف. دموع في الكنيسة دخل رجل طاعن في السن من الكنيسة مرتديا جلبابا وقد انهمرت الدموع من عينيه وأصبح غير قادر علي الوقوف او الحركة.. انه عم فهمي عازر عبود والد الضحية سمير وجد الطفلة مريم، لقد فقد اسرته بالكامل لذا كانت مصيبته ولوعته اكبر بكثير ويقول: كنت مع باقي اقاربي وابنائي وسط المدعوين وتوقفنا في انتظار حضور العروسين امام الكنيسة وقبل لحظات من الحادث الاليم حضر احد اقاربي يدعي معروف من حلوان فتوجهت لتحيته حيث كان متوقفا امام مقهي ملاصق للكنيسة ولم تمر لحظات قمنا خلالها بتبادل القبلات حتي انطلق وابل من الرصاص علي كل المتوقفين امام الكنيسة أسرعت لأجد كل المتواجدين وقد سقطوا علي الارض غارقين في دمائهم ومن بينهم ابني سمير ونجله رامي وغيرهما.. وعقب انتهاء عم فهمي من الحديث خارت قواه وكاد ان يسقط علي الارض لولا تدخل المتواجدين من حوله وقاموا بحمله ووضعه علي مقعد بعد ان انهمرت سيول الدموع من عينيه. اما نبيلة وجيه فهيم والشهيرة بأم رامي فهي زوجة الضحية سمير فهمي عازر أكدت أنها فقدت زوجها وخالتها كاميليا حلمي عطية وابنها رامي يصارع الموت لاصابته بطلقات نارية ومازال راقدا في المستشفي وقالت: حضرنا الي الكنيسة مستقلين اتوبيسا وجميعنا من عائلة واحدة وتوقفنا امام الباب الرئيسي منتظرين خروج حفل العرس الذي كان قد اوشك علي الانتهاء داخل الكنيسة كما كنا في انتظار العروسين اللذين كانا قادمين من الكوافير وفجأة توقفت دراجة بخارية في نهر الطريق واطلق مستقلوها عدة طلقات نارية بشكل عشوائي علي كل الواقفين واخذوا يتساقطون فوق بعضهم البعض ولم تمر ثوان حتي هرب الجناة وتوقفت لأجد خالتي وقد فارقت الحياة في ذات الوقت بعد اصابتها بطلق ناري بالرقبة اما زوجي سمير فأصيب بأربع رصاصات بالصدر والقدمين وتم نقله الي مستشفي الموظفين بإمبابة وفارق الحياة بعدها بساعات. اما هاني جورج (عامل انتاج من المناشي بإمبابة) فهو ابن الضحية كاميليا حلمي عطية قال إنه حضر ومعه والده العجوز والذي لم يتمكن من الحديث وقال هاني ان كل الضحايا من عائلة واحدة فوالدتي كاميليا خالة الضحية سمير فهمي وهو جد الطفلة مريم اشرف وعم الطفلة الضحية مريم نبيل هذا فضلا عن المصابين ويضيف انه لم يكن موجودا بالكنيسة مع والدته لحضور الاكليل وانما تلقي الخبر المؤلم تلفونيا وأخبره اقاربه ان والدته توفيت مع باقي الاقارب ويشير الي انه رغم ان العروسين من حلوان والكوم الاحمر الا انهما اقاما حفل العرس في الوراق حيث يقطن معظم اقاربهم. واضافت ليلي عزيز زوجة شقيق اختها الذي راح ضحية الارهاب الغادر: فوجئت بابني يدخل علي المنزل وهو في حالة سيئة قائلا: "زوج عمتي مات يا ماما" وفجأة اسودت الدنيا امامي وأسرعت الي الكنيسة فوجدت الجميع يبكي حزنا علي الضحايا. يروي القس داود إبراهيم راعي الكنيسة ما حدث قائلا: فوجئت بصوت أعيرة نارية كثيف فأسرعت إلي خارج الكنيسة لأجد بحورا من الدماء وعشرات الضحايا من الأبرياء. ويضيف: شعرت بأسي وحزن شديد بعد أن تحول الفرح إلي »مأتم». وأشار إلي أن ما حدث أمام الكنيسة هو حادث فردي وفوضي عامة تخللت كل شوارع مصر نتيجة الإرهاب. وأكد القس داود ان المسلمين أبرياء من هذا الفعل لأن الإرهاب لا دين له. واستطرد قائلا: المسلمون هم من حموا الكنائس خلال ثورتي 52 يناير و03 يونيو، وعندما كانت أي مسيرة تمر بجوار الكنيسة كان عدد من الشباب المشاركين بها يقومون بإقامة حائط بشري حولها حتي تمر المسيرة بسلام. وطالب داود بوضع جديد للإجراءات الأمنية حتي يعود الاستقرار إلي البلاد. وحمل راعي الكنيسة المسئولية كاملة لقوات الأمن وطالبهم بضرورة الكشف عمن قاموا بهذا العمل الإرهابي والقصاص لأرواح الأبرياء وضرورة مراعاة المصابين. ومن جانبه نفي عياد خلة مسيحة المسئول الإداري بالكنيسة وجود أي خصومة بين أهالي العروسين أو أحد من المدعوين مع أي شخص. وأكد انه أسرع إلي الخارج بعد سماع طلقات الرصاص فوجد الدماء تملأ الساحة الداخلية للكنيسة، وفوجئ بأن هناك شائعات تتردد بعد ذلك عن وجود ثأر بين أهالي العروس وعائلة أخري من أهالي أوسيم، فسأل كل المدعوين وأهالي العروسين لكنهم نفوا ذلك. وأدان مسئول الكنيسة عدم وجود أي من أفراد الشرطة كحراسة علي الكنيسة في ظل هذه الظروف التي تمر بها مصر خاصة بعد انتشار الإرهاب والفوضي.. وطالب بإعادة الحراسة علي الكنيسة حتي تستقر الأوضاع حتي لا يسيل المزيد من الدماء. شهود عيان التقت "الاخبار " مع ابراهيم رمزي خادم بالكنيسة وقال: في حوالي الساعة التاسعة الا ربع سمعنا صوت صراخ واطلاق رصاص امام الكنيسة فأسرعنا الي الخارج ووجدنا الضحايا ينزفون وأضاف: الطريق امام الكنيسة يكون مزدحما بالسيارات فكيف هرب الجناة؟ واشار الي انه علم ان الجناة قاموا بقطع الطريق من مسافة بعيدة عن الكنيسة بسيارة نقل حتي يتم تسهيل هروبهم.. واشار الي انه منذ حرق مبني قسم الوراق عقب فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة لم يتم تعيين اي خدمات امنية امام مبني الكنيسة او الكنائس الاخري بالمنطقة .