بعد مجهود شاق وعمل متميز احيط بدرجة كبيرة من السرية وضع فريق من الباحثين مصر بين الدول التي تملك تكنولوجيا الطاقة الحيوية.. تمكن فريق من المعهد القومي للبحوث بقيادة الدكتور فاروق كامل الباز من استخلاص وقود السولار من الطحالب البحرية وهي تكنولوجيا يعلق عليها الكثيرون آمالا كبيرة في حل مشكلة الطاقة في المستقبل.. وفي مزرعة علي مساحة حوالي 700 متر مربع بدأ الفريق ابحاثهم مستعينين في بداية الامر بتكنولوجيا مصدرها المانيا التي ابدت حينئذ اهتماما بالأمر.. وبمرور الوقت طور الفريق ادواتهم معتمدين علي افكارهم وامكانياتهم الذاتية ونجحوا بالفعل في الوصول الي الهدف المنشود وهو تحويل زيت الطحالب الي سولار حيوي يصلح للاستخدام كوقود للسيارات والطائرات وحتي للدبابات. ويقول الدكتور فاروق كامل الباز قائد فريق البحث ان السولار الحيوي سينافس البترول كمصدر للطاقة في خلال ما بين اربع وخمس سنوات فقط.. واضاف انه ستكون هناك خلال هذه الفترة القصيرة محطات خاصة للبنزين الحيوي او علي الاقل اماكن خاصة داخل محطات الوقود. ويوضح الدكتور ان العالم كله يتجه الآن الي البحث عن مصادر بديلة للوقود غير البترول وان مصر يجب ان تجد دائما لنفسها مكانا في المقدمة. ونظرا لمخاطر انبعاثات ثاني اكسيد الكربون اصدر الاتحاد الدولي للطيران تعليمات لجميع شركات الطيران بان يحتوي وقود الطائرات علي 20 في المئة علي الاقل من الوقود الحيوي اعتبارا من عام 2020 وستضطر كل شركة طيران لدفع غرامة قدرها 7 يوروهات عن كل كيلو ثاني اكسيد كربون اضافي. وفي البرازيل تنتشر زراعات قصب السكر علي مساحات كبيرة حيث يقومون بتربية سلالات بكتيرية علي "قشر القصب" تقوم بتحويل الالياف الي ايثانول حيوي يستخدم كوقود. وتبلغ نسبة الوقود الحيوي 20 في المئة من الوقود في كل المحطات في البرازيل. واكبر دولة منتجة للوقود الحيوي في العالم هي ماليزيا من زيت النخيل والخروع. مصر الاولي ويقول الدكتور الباز إنه من خلال تفاعل صغير يمكن تحويل زيت النخيل او زيت الطحالب علي سبيل المثال الي ديزل حيوي مشيرا الي ان امريكا تستخدم زيت الذرة في صنع هذا الوقود. ويضيف ان مصر تستورد الزيوت والسولار عندنا ليس اهم من الطعام. لكنه يضيف ان مصر في المقابل وهبها الخالق ميزة غير موجودة في اي مكان في العالم لانها افضل مكان علي سطح كوكب الارض يصلح لاقامة مزارع الطحالب. فالظروف الجوية في مصر تصلح لزراعة انواع من الطحالب في الصيف وانواع اخري في الشتاء. كما ان الانتاجية عالية جدا بما يعني انخفاض تكاليف الانتاج. ويوضح ان هذه الطحالب تنمو عندنا في اي مكان وتحت اي ظروف لكنها في دول اخري تزرع في الصوب بما يعني زيادة تكاليف الانتاج. وترغب دول اوروبا في عمل شبكة للطاقة بين شمال افريقيا واروبا لاستغلال الامكانات الموجودة في هذه الدول لتدفئة اوروبا علي مدار السنة. ويوضح الدكتور الباز ان مصر ايضا لديها مميزات اخري كبيرة مثل وجود مياه البحر التي تصلح لانواع من الطحالب ومياه النيل التي تصلح لانواع اخري. ويضيف ان افضل مياه لزراعة الطحالب هي مياه الصرف الصحي المعالج لانها تحتوي علي مركبات عضوية. وهنا تظهر فائدة مزدوجة للطحالب حيث تتغذي علي هذه المركبات وتحول المياه الي مياه اكثر نظافة يمكن استغلالها مرة اخري في الزراعة دون اي مخاوف من التلوث. تكنولوجيا حديثة وتتكاثر الطحالب خلال ساعات حيث ان الخلية الواحدة تتكاثر الي اثنتين والمليون وحدة تصبح مليونين خلال ثلاث ساعات فقط. ويقول الدكتور الباز إن مصر اصبحت تمتلك تكنولوجيا حديثة تستطيع من خلالها التحكم في مسار التفاعلات داخل الخلية بحيث تكون كميات كبيرة من الزيت حيث يمثل الزيت احيانا ما يصل الي 60 في المئة من وزن الطحالب المزروعة. وهذا الزيت عندما يتم تحويله الي ديزل حيوي يكون مطابقا تماما لمواصفات السولار البترولي. ويتميز السولار الحيوي بان انبعاثاته لا تلوث البيئة لانه لا يحتوي علي الكبريت وبالتالي لا ينتج عن تفاعله اي اكاسيد كبريتية. وحتي بعد استخلاص الزيت فان الاجزاء المتبقية في الخلية يمكن استخدامها كمركبات دوائية او صبغات للاطعمة بلا اي اضرار علي الانسان حيث انها تحتوي علي مركبات مضادة للأكسدة تحمي من السرطان وتقاوم الفيروسات. وتنتج اوروبا حاليا 61 في المئة من الانتاج العالمي للسولار الحيوي متفوقة علي أمريكا وهو وضع لا يرضي الامريكيين ويسعون الي تغييره. وفي الشرق الاوسط تعمل اسرائيل علي تطوير مزارع للطحالب في ايلات بسبب ملاءمة المناخ لزراعتها. وتتصدر ماليزيا قائمة الدول من حيث حجم الانتاج كما تسعي الصين بقوة لتطوير هذه التكنولوجيا لديها. ويضيف الدكتور الباز ان فريقه نجح في صنع النموذج الاولي في انتظار بدء الانتاج علي المستوي الصناعي الذي سيأخذ المبادرة فيه رجال الاعمال او المستثمرون الاجانب وهو ما يستبعده في الوقت الحالي بسبب الاضطرابات السياسية في البلاد. ويوضح ان رجال الاعمال يجب ان يأخذوا زمام المبادرة.