كثرت في الآونة الأخيرة الإعلانات التي تقوم بالترويج والدعاية لسلوكيات خاطئة تهدد الصحة العامة من خلال ما تبثه من أدوية ومقويات جنسية وسلع استفزازية لا تخضع لأي رقابة سواء من الأجهزة المختصة كوزارة الصحة أو الجهات التي تتولي البث عبر الفضائيات المختلفة.. وأصبح السؤال الذي يطرح نفسه.. من يحمي المشاهدين من هذا الخطر؟! عبدالستار فتحي رئيس الرقابة علي المصنفات الفنية يؤكد أن الأزمة تكمن في تشتيت عمل الرقابة فنحن لدينا إدارة خاصة بالإعلانات التجارية، أما الإعلانات الأخري فلا تمر علينا، وأنا شخصياً قمت بتقديم ثلاث مذكرات منذ أن توليت مهمة الرقابة للجهات المعنية، طلبت فيها أن تتبع القنوات الفضائية الرقابة علي المصنفات ولكنها باءت بالفشل، علي اعتبار أن الرقابة تابعة لوزارة الثقافة ومنوطة فقط بالقنوات الأرضية التابعة للتليفزيون المصري.. أما الفضائيات فليست لنا سيطرة عليها ولكنها تتبع ثلاث جهات هي »الاستثمار والإعلام والاتصالات». ويضيف أننا أمام مشكلتين «إنتاج وبث» فمن ينتج لا يهمه سوي التجارة ومن يقوم بالبث ليس عنده ضمير، وبالتالي يجب توحيد المصدر والجهة المسئولة عن الرقابة عموماً في كيان واحد. الخطر مزدوج وتري د. نجوي كامل أستاذ الإعلام أن الرقابة علي الإعلانات مطلب خيالي وأن الحل الوحيد هو مراقبة الأسرة خاصة أن الظاهرة ذات خطر مزدوج. وتضيف أن معظم هذه الإعلانات تعلن عن سلع «معولمة» غالباً ما تكون لشركات متعددة الجنسيات وتعرض علي قنوات مختلفة بلهجات متعددة وبالتالي فهي «تأتي جاهزة» وصعب التحكم في مضمونها. وتؤكد أن مسألة الرقابة علي الإعلانات مستحيلة بل إنه مطلب خيالي لن يحدث خاصة أن الاعتبارات الاقتصادية أقوي، فهل يمكن أن تمتنع قناة عن عرض سلعة مثلاً من أجل المحافظة علي الأطفال؟ بالطبع لا. الرقابة والديمقراطية د. عزة كريم أستاذ الاجتماع تري أن الإعلانات عموماً أصبحت تمثل خطورة شديدة جداً، خاصة مع وجود نسبة كبيرة من الأمية وانعدام الثقافة وتقول: للأسف التليفزيون أصبح أداة موثوقا فيها وفي كل ما يعرض عليه من معلومات ثقافية، طبية، سياسية وغيرها، ومن هذا المنطلق فقد أصبحت الإعلانات أكثر خطورة لأنها دخلت في أدق احتياجات الإنسان اليومية. وتختتم: للأسف تم ربط الرقابة بعدم الديمقراطية وحرية الرأي والرأي الآخر وهو ما يدفع ثمنه مشاهدو هذه الإعلانات. أزمة أخلاق وعلي جانب آخر تؤكد الإعلامية سهير الأتربي أن الأمور كلها اختلفت ولم يعد التليفزيون معلماً ومهذباً كما كان في الماضي وتقول: بالنسبة للتليفزيون المصري مفترض أن هناك لجنة تابعة للقطاع الاقتصادي تشاهد الإعلانات قبل عرضها وأنا شخصياً كثيراً ما رفضت إعلانات وقت أن كنت رئيساً للتليفزيون، فالمعلن لا يهمه شيء فالمسئولية تقع أولاً وأخيراً علي التليفزيون أو صاحب الشاشة بشكل عام، والخطأ أن يعتقد المعلن أنه يمتلك الشاشة. وتواصل: لابد أن تشارك الرقابة علي المصنفات في المسئولية، خاصة أن الفضائيات أكثر عدداً ومشاهدة، وأن يكون هناك من يراجعها لتقديم شاشة محترمة. العشوائية السائدة د. يسري عبدالمحسن أستاذ علم النفس يؤكد ضرورة دراسة إعلانات الأطفال تحديداً، لأن الطفل يتقمص شخصية أي شيء أمامه في السلوك والتصرفات، كما أنه يحاكيه ويكرر كلماته، فيمكن أن يسيء الطفل فهم مضمون الإعلان وما وراءه، كما أن الإعلان له دور تربوي ليس بالضرورة أن يكون عن سلعة، إنما بغرض تهذيب سلوك أو تعلم تصرفات وآداب وأخلاقيات فالدراسة السيكولوجية للإعلان والمتخصصون لابد أن يضعوا هذا في اعتبارهم، إذ يجب ألا تترك هذه الأمور عشوائية لمن يروجون لبضاعة أو سلعة.