بعد فشل غلق الملاهى الليلية بشارع الهرم والتى سعى إليها بعض التيارات الإسلامية للتخلص من مهنة الرقص الشرقى يقود القائمون على مهنة الرقص حرب استنزاف أخيرة للإبقاء عليها، المفاجأة أن حرب البقاء أسفرت عن انطلاق 10 قنوات متخصصة فى الرقص على «النايل سات» هى «التت»، «شرقيات»، «شعبيات»، «دربكة»، «الفرح»، «دوم تك»، «دلع»، «غنوة» والبقية تأتي. قناة «التت» التى تعرضت مؤخراً لوقف البث بحكم قضائى هى أولى القنوات التى نالت جذب اهتمام الجمهور، لأنها متخصصة فى تقديم الرقص الشعبى فقط. «بليغ حمدي» مالك القناة يدافع عن منتجاته الاستعراضية لنا بقوله إنه إبداع فنى لايمكن العبث به أو الحديث عنه من منطلق الحلال والحرام الذى تفشى فى مصر عقب صعود التيارات الإسلامية وإحكام جماعة الإخوان قبضتها على مفاصل الدولة وإعلان المنتمين لها بمحاربة الإبداع بكل أنواعه وكان للرقص عموما النصيب الأكبر من هذا الصراع فبعد غلق معظم الملاهى الليلية وغلق الفنادق التى بها صالات للرقص حتى وصل حال الفرق الموسيقية والراقصات لوضع سيئ للغاية ومن هناك جاءت الفكرة فى إنشاء قناة متخصصة فى الرقص الشرقي.
أضاف «بليغ حمدي» إن انطلاق القناة لم يكن من الأبواب الخلفية كما يردد البعض بل العكس فهناك مستندات من وزارة الاستثمار والاتصالات وتصاريح رقابية تثبت أن بث القناة بث قانونى لا يشوبه أى تلاعب وقال إن جماعة الإخوان المسلمين ووزير الإعلام المصرى د. «صلاح عبدالمقصود» وقفوا بالمرصاد فى بداية الأمر ضد قنوات «دريم» لوقف بثها وبعد هذه الضربة واصل مخططه لإيقاف نشاط محطات أخرى وضمنها أكبر قناة شعبية نالت أعجاب الجمهور ووصلت نسبة مشاهدتها على موقع «التت يوتيوب» إلى 39 مليونا و856 ألفاً و689 لتكون أول قناة تحصل على هذا الرقم القياسى فى وقت قصير رغم انطلاقها فى مايو 2011 . أما راقصة «التت» الشهيرة «صوفيا» فبينما نسألها عن تعليقها على الحصار المفروض على القناة تفجر مفاجأة من العيار الثقيل حيث قالت ل«روزاليوسف» إن قيادة اقتصادية بارزة من جماعة الإخوان المسلمين قام مدير أعماله بالاتصال بها طلباً منها المشاركة فى إحياء حفل خاص لوفد قطرى بأحد الفنادق ولكنها رفضت - على حد قولها - لأسباب عديدة منها الاختلاف على الأجر. وأضافت: مدير مكتب رجل الأعمال كان.. سيجبرنى على التوقيع على وصل أمانة بقيمة 5 ملايين إذا قمت بكشف هذا الأمر.
«صوفيا» الحاصلة على تصريح من الرقابة لممارسة المهنة ويحق لها العمل فى أى مكان على حد قولها قالت: على المتضرر من القناة عدم مشاهدتها فنحن لا نجبر أحدا لافتة أن «التت» أراها المنقذ للحفاظ على المهنة من الانقراض.
قناة «دلع» تحتل المرتبة الثانية على موقع «اليوتيوب» بنسبة مشاهدة وصلت إلى 35 مليونا و984 ألفاً و112 والتى أثارت جدلا كبيراً فإن أغلب الراقصات فيها يحملن الجنسية اللبنانية وتوافق عليهن إدارة القناة باعتبارهن أكثر إثارة.. من أبرز الراقصات اللبنانيات فيها «غزل» وتعمل فى القناة منذ فترة قالت إنها حاصلة على ليسانس آداب قسم إنجليزى وتنحدر من عائلة ثرية جداً ولكنها عاشقة للرقص بكل أنواعه والرقص الشرقى بصفة خاصة وهذا ما جعلها تدخل مسابقة القناة التى أعلنت عنها من حوالى 7 شهور لتنضم إلى القناة وتقول إن الراقصة الناجحة هى خلاصة 3 قدرات هي: دقة السمع والحفاظ على ليونة الجسد راق له أصولة وعراقته. أما «جوليا» وهى الراقصة الأشهر فى قناة «دلع» فتعلق من جانبها: هناك هجمة شرسة على الرقص الشرقى مؤكدة أنها على الرغم من أنها قضت نصف عمرها فى لبنان مع والدتها إلا أنها أتت مصر لتتعلم أصول الرقص الشرقى والتحقت بالقناة بعد أن اجتازت اختبارات عديدة وأن قناة «دلع» تفرض شروطا عديدة على الراقصات المتواجدات فى القناة من بينها عدم قبول حفلات خاصة أو أن تكون الراقصة حاصلة على مؤهل عال وعلى شهادة خاصة معتمدة وبدرجة لاتقل عن جيد فى الرقص الشرقي. قنوات «دربكة»، «فرح»، «شرقيات» تحتل المرتبة الثالثة من حيث المشاهدة ب 30 مليونا و636 ألفاً و301 وانطلقت فيما بين شهرى مارس وأبريل 2012 ويأتى ظهور تلك القنوات بعد النجاح الذى حققته قناة «التت» رغم العديد من الانتقادات التى تنهال على هذه القنوات تحت دعوى أنها لا تمت للرقص الشرقى بصلة بالمقارنة بما قدمته راقصات الزمن الجميل «سامية جمال» و«تحية كاريوكا» و«زينات علوي» و«زيزى مصطفي» و«سهير زكي» وغيرهن من العمالقة ومن الواضح أن راقصات هذه القنوات حسب تقدير المشاهدين لا يتمتعن بالرشاقة الواجب توافرها فى الراقصة الاستعراضية لأن أغلبهن حسب نفس التقديرات يعانين من السمنة والبعض الآخر يعتمد على الإثارة إلى حد الابتذال.
قناة «دوم تك» وهى السادسة فى الباقة الاستعراضية وتزامن انطلاقها مع وقف بث قناة «التت» التى كان قرار وقفها ضربة قاضية لمالكها (بليغ حمدي) من بعض التيارات الإسلامية. قناة «دوم تك» كما كشفنا فى تحقيق سابق تعتمد على التمويه والإسقاط حيث تدخل الراقصة وهى مرتدية غطاء رأس يبدو وكأنه حجاب وسرعان ما تخلعه وتلقيه أرضاً الأمر الذى أثار البعض وأن هذا التقليد يسيء إلى الحجاب الذى لا تفرضه التيارات الإسلامية وتحاول ترسيخه. «عبدالستار فتحي» مدير الرقابة على المصنفات الفنية من جانبه نفى وجود سلطة رقابية لفرض السيطرة على القنوات الفضائية وقال: إن هذا الأمر يتحكم فيه 3 جهات هى هيئة الاستثمار والإعلام والاتصالات، أما مهمة الرقابة تنحصر فى منح التصاريح للراقصات فقط. ويفجر مدير الرقابة مفاجأة بقوله إن أغلب الراقصات اللاتى يعملن بالملاهى الليلية والقنوات الفضائية المتخصصة فى الرقص الشرقى لا يحملن تصاريح بممارسة المهنة وأن أغلبهن من راقصات الدرجة الثالثة «من تحت السلم» - على حد تعبيره. وأضاف: القوائم المعلنة بالرقابة الرسمية تقول إن هناك مابين 600 إلى 1000 راقصة فقط يحملن تصاريح لمزاولة المهنة بينما هناك ملايين يعملون بطرق غير مشروعة.
«روزاليوسف» توجهت إلى نقابة المهن التمثيلية وهناك أكد لنا مصدر رفض ذكر اسمه المهنة «لمت» وأصبحت كل من ترى نفسها تعرف ترقص تسرع على أى صاحب قناة وتتعاقد معه من أجل إنتاج كليب أو أكثر دون معايير أو ضوابط متفق عليها وفى نهاية الأمر، فإن الضحية هو المشاهد. وأضاف إن الجهات الرقابية سواء الرقابة على المصنفات الفنية التى من شأنها منح التراخيص أو ال 3 جهات المعنية بالأمر وزارة الإعلام والاتصالات والاستثمار كل منهما يلقى تهمة الإهمال على الآخر وهنا يتصارع رجال الأعمال على إنتاج هذه القنوات لتحقيق ربح مضمون على حساب فن الاستعراض ذى الأصول الراقية العريقة. ويفسر الطب النفسى ظاهرة تزايد القنوات الاستعراضية بأنه تفريغ للكبت والقمع الذى يعانى منه المجتمع وتكشف أكثر د.«سلوى عبدالباقي» أستاذ علم النفس بجامعة حلوان وتقول إن انتشار القنوات الخاصة بالرقص الشرقى ظهرت بصورة كبيرة فى ظل حالة الارتباك التى تعانى الحكومة منها وتركيزها بشكل كبير على المشكلات الاقتصادية التى تعانى منها البلاد. وفى نفس السياق قالت د.«سلوي» إن اهتمام بعض المواطنين بمتابعة مثل هذه القنوات يرجع إلى حالة الملل التى يشعر بها هؤلاء بالإضافة إلى حالة الاستياء والرفض التى يعانون منها بسبب الأحداث المؤسفة التى تعرضها القنوات الفضائية بشكل يومى فى الشارع المصرى فهناك مواطنون بالفعل قرروا عدم متابعة التليفزيون حتى لا يشاهدوا هذا «النكد» اليومى فيه بينما لجأ آخرون لمتابعة قنوات الرقص والغناء الشعبى هروباً من حالة الملل والإحباط التى يعيشونها خاصة أن هذه القنوات تجارية وهدفها هو الربح فى المقام الأول ومن حق الناس مشاهدتها. وأخيراً تحذر د. سلوى من أن محاولات الضغط على المواطن ستأتى بنتيجة عكسية وتجعله يخرج عن صوابه. وأضافت: إن قنوات الرقص موجودة فى كل المجتمعات ولابد أن يكون كل شيء مباحا أمام الجمهور حتى يكون للناس قدرة على الاختيار وفى المقابل يكون للنخبة والمثقفين دور فى توعية وتنوير الناس وتوجيههم للاستثمار الأمثل للوقتوأن مثل هذه القنوات ستظل موجودة ولن تستطيع الحكومة أو رجال الدين منعها عاجلاً أم أجلاً.