الله يرحم أيام زمان.. حين كان في حياتنا قاموس اسمه العيب.. وحين كانت الأخلاق هي الحصن المنيع في وجه الانحلال.. وحين كان الطلاق كارثة أسرية.. وحين كانت أسرار البيوت من المحرمات.. وحين كانت القيم الإيجابية هي القاعدة, والسلبية هي الاستثناء.. الآن.. وبأمر فضائي.. صار كل شيء مستباحا وصار ملايين المشاهدين يتلقون دورسا مجانية في الخيانة الزوجية, والانحراف الأخلاقي, والسلوكي, وفي ارتكاب الجرائم, وفي الغوغائية, وفي ديكتاتورية الحوار, وصارت الفضائيات مسرحا للترويج لأفكار وقيم سلبية عديدة, فعلي الشاشات تتم استضافة بعض المطلقات للدفاع عن فكرة الطلاق وهي أبغض الحلال عند الله من باب( درء الشماتة), بزعم أن الحياة جميلة بدون رجل, مما يشجع علي الانفصال, ناهيك عن أسرار البيوت التي تذيعها مجموعات من الزوجات خلعن برقع الحياء علي الهواء مباشرة, ويتحدثن باستفاضة عن العلاقات الحميمة التي كان مكانها الطبيعي غرف النوم, وعيادات الأطباء, فضلا عن سيل من البرامج والأعمال الدرامية, والأفلام غير الهادفة اللهم إلا للربح فقط والتي تثير الفتن, وتشيع روح التعصب, وتغذي عقول الشباب بالانحراف والعنف إلي حد ارتكاب الجرائم! باختصار.. فقدت بعض الفضائيات مضمونها, وهويتها, ورسالتها! لنبدأ الحكاية من البداية, فاعتبارا من 12 ديسمبر من عام 1990, انطلقت القناة الفضائية المصرية كأول قناة فضائية عربية, وتوالت بعدها الفضائيات, حتي أننا نستقبل في مصر والعالم العربي ما يقرب من2886 قناة مجانية, فضلا عن548 قناة ناطقة باللغة العربية. والوضع الاتصالي الحالي وفقا للدكتور عاطف العبد وكيل كلية الإعلام للدراسات العليا والبحوث يشير إلي عدة ظواهر منها تكاثر القنوات الفضائية, بحيث لا يكاد يمر يوم واحد حتي تظهر قناة وتختفي أخري, كما أن معظم القنوات الفضائية الخاصة هي امتداد للفكر الاستثماري الأمريكي الذي ينظر إلي القنوات علي أنها مشروع تجاري يهدف إلي الربح, بغض النظر عن تأثيراتها السلبية علي المجتمع, كالإثارة, والمبالغة, ونقل الشائعات, واختلاقها, والبحث عن مواد مثيرة, وجدلية, وتعمل علي تغييب العقل, والمنطق, والتركيز علي الاختلاف أكثر من الاتفاق, ونشر الخرافات والدجل والشعوذة, بأساليب عفا عليها الزمن, مع أننا نعيش عصر العلم والتكنولوجيات المتقدمة. وفي اعتقادي, أن أكثر الظواهر بروزا هو التأثير علي العلاقات الأسرية, فقبل12 ديسمبر1990 وقت انطلاق القناة الفضائية المصرية كنا نستورد ما نبثه علي الشاشات, بعد إخضاعه لعمليات فلترة أو ننتج المواد المراد بثها, بما يتفق مع قيمنا, وعاداتنا, وتقاليدنا.. وبشكل عام, لم يكن هناك توسع في الانتاج. الصورة الآن, تغيرت كثيرا, فهناك ساعات إرسال يجب ملؤها بكثير من المواد, التي تخلو من المضمون في معظم الأحيان, ولذلك تلجأ نسبة كبيرة من البرامج إلي الثرثرة, والحشو, وهي برامج لا تتكلف كثيرا. والواقع الحالي يشير إلي أن معظم القنوات تعيش علي ما تنشره الصحف الخاصة والمستقلة, وما تطرحه هذه الصحف من قضايا تسهم في نشر الفتن, وتزكيتها, لاسيما أن الأمر لا يتطلب أكثر من مذيع وميكروفون, وتزايد الأمر إلي درجة أننا صرنا نري برامج لما كان مطروحا من قبل في مواثيق الشرف الإعلامية. من هذا المنطلق, يجب علي الفضائيات مثلا عدم تحفيز المجتمع علي الطلاق كحل للمشكلات الأسرية, لكننا نجد بعض البرامج تستضيف المطلقات ليحكين تجاربهن الناجحة بعد الانفصال عن الزوج, وأن حياتهن الجديدة بعد الطلاق أجمل بكثير, فيدفعن النساء إلي الطلاق من أول جولة في الخلافات الأسرية. والشاهد كما يقول الدكتور عاطف العبد أن معظم الفضائيات تتناول القضايا الخاصة وتجعلها عامة, وتشغل الرأي العام بها, وتسهم في صياغة وترتيب أولوياته. والمؤسف أيضا, أننا صرنا نجد برامج تدعي أنها نفسية وطبية, تدخل في صميم العلاقات الحميمة بين الزوج وزوجته, وعلي الشاشات يجري تداول مسميات, وألفاظ وعبارات خادشة للحياء, وتنطبق علي مضامينها عبارة للكبار فقط!!ننا أمام ظاهرة خطيرة, فتلك القنوات تسعي في الغالب إلي الفوز بنسب مشاهدة مرتفعة, وبنصيب من كعكة الإعلانات, وبقدر من الاتصالات, والمكالمات التليفونية التي تدر عائدا ماليا كبيرا علي القنوات لارتفاع أسعارها, وهذا ما نشاهده حاليا من مسابقات غير هادفة دفعت الناس إلي سباق محموم للفوز بالجائزة! القدرة علي الدجل! ويكفي في كثير من القنوات, أن تتم الاستعانة بشخص لديه قدرة علي الدجل, والنقاش المنمق, ويطرح موضوعات هلامية, أو عاطفية, أو جنسية, أو يفتي فيما ليس له به علم, الملء أوقات فراغ المشاهدين بمواد إعلامية فارغة من المضمون الهادف, كما ظهرت مجموعة من القنوات تنشر الفتن بين مذاهب الدين الواحد, ومذاهب الأديان المختلفة, مع أن كل الأديان السماوية تتفق علي قيم الخير, والحق, والمساواة, والعدل, وتدعو إليها. ومن عجب, أن تعمل بعض الفضائيات علي نقل برامج ال توك شو الأمريكية, وتتحمل عبء ترجمتها, مثل برنامج أوبرا وينفري, أو د.فيل, وغيرهما من البرامج ذات التقديم المحكم, والإخراج المتطور, والتي تنقل سلوكيات المجتمع الأمريكي, فتقدمها علي أنها نماذج يحتذي بها, مع أنها تخالف تقاليدنا وعاداتنا, وتعاليم ديننا, فهي تكرس فكرة الأسرة المعيشية بدلا من الأسرة الزواجية, فضلا عن كثير من المضامين التي تؤثر اجتماعيا وثقافيا علي المشاهدين.. والنتيجة النهائية لمثل هذه البرامج هي تغييب الرأي العام, وإبعاده عن قضاياه, وهمومه الأساسية, بأمور تهدم, ولا تبني, وتخصم من رصيده الثقافي, والحضاري, والأخلاقي, والمعرفي, ولا تضيف إليه, ومن جانب آخر تنشر الرذيلة, وتدعم الانحلال وتؤيده, وتدعو إليه. لقد كنا ومازلنا والكلام مازال للدكتور عاطف العبد نحذر من عرض مسلسلات أجنبية تم إنتاجها في ثقافات مغايرة, مثل مسلسل السلاحف الذي أذيع علي مدي30 حلقة, وتبين بعد تحليل مضمونه أنه ينطوي علي605 مشاهد مكررة للعنف اللفظي والبدني, في رسوم متحركة موجهة للأطفال وهم كقطعة الإسفنج يمتصون ما يعرض لهم من مشاهد, ومازالت الفضائيات العربية تعرض المسلسلات والأفلام الأجنبية التي تكرس العنف, وتدعو إلي الكراهية. الحل كما يراه د.عاطف العبد يكمن في ضرورة دمج بعض القنوات الفضائية المتشابهة, وتقوية المضمون الذي يقدم عبر شاشاتها, وإجراء بحوث بصفة دورية علي المشاهدين للتعرف علي عادات وأنماط, ومجالات التأثير, لاسيما أنه من المفترض أن الإعلام يؤدي5 أدوار هي: الإمداد بالمعلومات, وإيجاد الآراء عن الموضوعات الجديدة, وتدعيم الاتجاهات الإيجابية, وتغيير الاتجاهات السلبية, وتكوين الصور الذهنية, والتوسع في الانتاج العربي المشترك خاصة للأطفال. ** قلت: ألا تري أن تطبيق وثيقة البث الفضائي العربي يمكن أن يكون حلا للمشكلة؟ * يجيب: الوثيقة جيدة, لكن من ينفذها؟ خاصة في ظل عدم وجود آليات للتنفيذ والمتابعة, لكن يجب أن تقوم وزارة التربية والتعليم بدور في هذا المجال, بضم مادة التربية الإعلامية إلي مناهجها, لكي يتكون لدي النشء حس نقدي فيحصل علي المفيد من المواد والبرامج, ويترك الضار منها. الحرية غير المسئولية تتفق معه الدكتورة عزة كريم أستاذ علم الاجتماع بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية والتي تشير إلي أن الفضائيات وراء كثير من الانحرافات الأخلاقية, والعنف, والمشاكل الاجتماعية, من خلال ماتعرضه من أفلام, ومسلسلات, وبرامج أصبحت موجهة لخدمة قضايا معينة.. فالإفراط والمبالغة في الحديث عن تحفيز الزوجة ضد الزوج, وعن صراع الرجل والمرأة وأن علاقتهما ليست تكاملية, ومطالبتها المستمرة بعدم التنازل, والإصرار علي إقناعها بأن لكل منهما قراره المستقل داخل الأسرة, مما ساهم في تنمية سلوكيات عدوانية عند المرأة, تجعلها تعتقد أن العنف هو السبيل الوحيد لانتزاع حقوقها من الزوج, كما أن كثيرا من البرامج تتحدث عن الحرية المطلقة التي يجب أن يتمتع بها الأبناء, مما زرع في عقولهم ونفوسهم فكرة التمرد علي الأب, فينشأون علي عدم الطاعة, وتلك هي الحرية المفسدة للأبناء. والنتيجة الحتمية لما يتعرض له المشاهدون من أفكار سلبية عبر الدراما والأفلام, والبرامج, التي تبثها الفضائيات يوميا, هي ارتفاع نسبة فساد الأبناء, وارتفعت معدلات الطلاق, والعنف, والجريمة, والاغتصاب, كما زاد الزواج العرفي, وانتشرت العلاقات المحرمة, واحتدم الصراع بين الآباء والأبناء, وزادت الانحرافات الأخلاقية, ودأبت الفضائيات علي إشاعة الانحراف, وتقديمه علي أنه أمر عادي وطبيعي, وأنه من الواقع. قضايا شائكة والغريب أيضا, أننا نجد إصرارا علي إبراز القيم السلبية, والترويج لفكرة الزواج العرفي, وإمكانية تحويله في مرحلة ما وحينما تسمح الظروف إلي شرعي, ورسمي, كما أن المشاكل المرتبطة بالعلاقات الزوجية, والتي كان مكانها العيادات صارت مستباحة عبر الشاشات, فيطلع عليها ملايين المشاهدين من مختلف أنحاء العالم.. بينما ينبري البعض للدفاع عن الكثير من الأعمال الدرامية والأفلام التي تتحدث عن قضايا شائكة وحساسة بزعم أنها تعكس الواقع, وهو قول مردود عليه, بأننا يجب ألا نبالغ في عرض الواقع السيئ, ونترك السلوكيات الحميدة, والأخلاقيات السائدة, ونجتهد في إبراز المجتمع علي أنه مجموعة من المشاكل والفساد والسلوكيات المنحرفة.. هذه ليست مهمة الدراما ولا الأفلام ولا البرامج, لأننا بهذه الأعمال نفتح المجال للانحراف, ولإشاعة القيم السلبية والهدامة, وزيادة التفكك الأسري, والانهيار الأخلاقي.. والمؤسف أيضا أن كثيرا من البرامج الاجتماعية صارت تروج لأفكار تشيع فكرة الطلاق والزواج الثاني دون ضوابط أو شروط, وتقديم نصائح ضارة بالأسرة والمجتمع, فضلا عن بعض البرامج الدينية التي تفتح باب الفتوي لكل من هب ودب!!ظاهرة التوك شو!! أما برامج ال توك شو فهي في رأي الدكتورة عزة كريم, ظاهرة إعلامية محمودة, لأنها تسهم في توعية الناس وتساعدهم علي فهم مايحيط بهم من أحداث, لكنها نجحت في تحويل الفضفضة إلي مواقف جماعية, فعلي سبيل المثال نجحت هذه البرامج في نشر ثقافة الاعتصام وتقديمها علي أنها الوسيلة المثلي للحصول علي الحقوق, كما عمقت فكرة المطالبة الجماعية بالحقوق, وزادت من قدرة الناس علي التعبير, لكن بعضها أثر بصورة سلبية, حيث كشفت عن غياب ثقافة الحوار بين الضيوف.. لكنها في النهاية تمثل طفرة إيجابية داخل المجتمع المصري. التليفزيون والعنف! وقد كانت ظاهرة العنف داخل الأسرة المصرية عنوانا لدراسة أشرفت عليها الدكتورة فادية أبوشهبة أستاذ القانون الجنائي بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية وهنا تشير إلي أن غالبية المبحوثين الذين خضعوا للدراسة, هم مرتكبو العنف داخل أسرهم, ويمتلكون أجهزة تليفزيونية, حيث بلغت نسبتهم نحو54,1% من إجمالي120 مبحوثا, كما أقر80% منهم بأنهم تعلموا طريقة وأسلوب ارتكاب جرائمهم من مشاهدة أفلام العنف في التليفزيون والسينما, فالعنف سلوك يتعلمه الفرد إما عن طريق التقليد أو عن طريق المشاهدة, وكذلك تؤدي مشاهد العنف إلي تقوية النزعة العدوانية لدي الأطفال والمراهقين خاصة أن خيال المراهقين يكون أكثر خصوبة خاصة عندما يستقبل المادة الإعلامية علي الشاشة فتمزج الواقع بالخيال, ويتشكل سلوكه علي هذا الأساس, وكلما انخفض المستوي التعليمي للفرد ارتفعت درجة تأثره بالإعلام المرئي والمسموع! التنشئة الاجتماعية! الإعلام المرئي, والمسموع, والمقروء يعد مؤسسة من مؤسسات التنشئة الاجتماعية.. هكذا قالت الدكتورة إيمان شريف قائد استاذ علم النفس الجنائي كما أن التليفزيون وسيلة إعلامية جماهيرية تخاطب كل الفئات ويقبل عليها الجميع برغم اختلاف ثقافاتهم وبيئاتهم, وهنا يصبح تأثيره كبيرا جدا علي من يتابعونه, ويسهم في تشكيل الشخصية التي تتعرض له, كما يسهم في تشكيل السلوك الاجتماعي, والانحرافي, وإشاعة قيم وسلوكيات جيدة تنفع المجتمع. ولا شك, أن الانفتاح الفضائي, والإعلامي الذي نعيشه حاليا يؤدي إلي اختلاط المفاهيم, والقيم, والموروثات الثقافية, بقيم دخيلة علي مجتمعنا, مما يخلق حالة من الصراع حول ما هو مفيد وما هو ضار, ويتجه البعض بدون وعي لتقليد ما يجري بثه علي الشاشات, فجاءت إلينا ظواهر غريبة علي مجتمعنا مثل ظاهرة عبدة الشيطان والايمو التي اجتاحت عقول بعض الشباب في المجتمع المصري, والتي انخرطوا فيها بفعل التقليد الأعمي, ونتيجة الفراغ الثقافي, والبطالة, وانشغال الأسرة, وغياب القدوة. ويظل تأثير الفضائيات علي الأطفال والمراهقين حقيقة علمية, وأمرا واقعا لايقبل الجدل ولا النقاش, فقد تناولته دراسات علمية عديدة مصرية وعالمية, من بينها دراسة إلمانية تكشف ارتكاب جريمة القتل تأثرا بأعمال درامية, وهنا تجد الإشارة والكلام للدكتورة إيمان شريف قائد إلي دراسة علمية تم إجراؤها بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية حول الطفل المصري والقنوات الفضائية, ويجري العمل علي استخلاص نتائجها حاليا, وقد تم تطبيق الدراسة علي جميع مستويات المدارس الحكومية, والخاصة, والأجنبية, والنموذجية, وتمت الاستعانة بمجموعة من المشاهدين الذين لديهم قنوات فضائية والذين ليست لديهم فرصة للتعرف علي النموذج الذي يمكن من خلال الفضائيات والأعمال الدرامية الاقتداء به, وبذلك نتمكن من التعرف علي ما ستكون عليه شخصية هؤلاء الأطفال في المستقبل, وأكثر البرامج قبولا لديهم, وكذلك تتضمن الدراسة مقاييس نفسية عن الشخصيات العدوانية, والتي تتسم بالتسامح, أو تلك التي تميل علي العزلة. تشويش أفكار! ومن سلبيات بعض البرامج الفضائية, أنها تستعين بغير المتخصصين وهؤلاء يساهمون بأحاديثهم في القضايا المختلفة في حدوث تشويش لدي المشاهدين, وخلل في الاتجاهات, والمفاهيم, والقيم, خاصة لأنصاف المتعلمين, والشباب, والمراهقين, والأطفال, من خلال بث معلومات خاطئة, وإذا كانت هناك ضرورة للاستعانة بهؤلاء لاعتذار المتخصصين, أو لملء الفراغ علي الشاشة فإن هؤلاء لابد أنذ يذكروا أنهم يعبرون عن وجهة نظرهم الشخصية, وليس العلمية, حتي لا يتعامل معها المتلقون علي أنها من المسلمات, أو أن وجهة نظر هؤلاء المتحدثين مبنية علي أساس علمي. الحل في رأي د.إيمان شريف قائد هو أن تقوم الأسرة بدورها في تعليم أبنائها ما هو صحيح, وما هو خاطئ حتي يستطيع الفرد انتقاد ما هو مفيد فيستفيد منه, وما هو ضار, فيبتعد عنه. محاذير البث! تحدث هذه الفوضي في ظل وثيقة مبادئ تنظيم البث والاستقبال الفضائي الإذاعي والتليفزيوني في المنطقة العربية التي اعتمدها وزراء الإعلام العرب في اجتماعهم الاستثنائي منذ شهور بمقر الجامعة العربية والتي تقضي بأن تلتزم هيئات البث, ومقدمو خدمات البث, وإعادة البث الفضائي بتطبيق المعايير والضوابط العامة في شأن كل المصنفات التي تم بثها, ومنها الالتزام باحترام حرية التعبير, واحترام حريات الآخرين وحقوقهم, والالتزام بأخلاقيات مهنة الإعلام, واحترام كرامة الإنسان, وخصوصية الأفراد, والامتناع عن التحريض علي الكراهية أو التمييز القائم علي أساس الأصل العربي أو اللون أو الجنس أو الدين, كما قضت الوثيقة بضرورة الامتناع عن بث كل شكل من أشكال التحريض علي العنف, والامتناع عن وصف الجرائم بجميع أشكالها, وصورها بطريقة تغري بارتكابها أو تنطوي علي إضفاء البطولة علي الجريمة, ومرتكبيها أو تبرير دوافعها, وضرورة مراعاة أسلوب الحوار, وآدابه, واحترام حق الآخر في الرد, وحماية الأطفال والنشء من كل ما يمكن أن يمس نموهم البدني, والذهني, والأخلاقي, أو يحرضهم علي فساد الأخلاق أو الإشارة إلي السلوكيات الخاطئة بشكل يحث علي فعلها, والالتزام بالقيم الدينية والأخلاقية للمجتمع العربي ومراعاة بنيته الأسرية وترابطه الاجتماعي, والامتناع عن دعوات النعرات الطائفية, والمذهبية, وأيضا الامتناع عن بث كل ما يسيء إلي الذات الإلهية, والأديان السماوية, والرسل, والمذاهب, والرموز الدينية الخاصة بكل فئة, والامتناع عن بث, وبرمجة المواد التي تحتوي علي مشاهد أو حوارات إباحية, أو جنسية صريحة, والامتناع عن بث المواد التي تشجع علي التدخين والمشروبات الكحولية مع إبراز خطورتها. ** انتهت بنود وثيقة مبادئ تنظيم البث, والاستقبال الفضائي, الإذاعي والتليفزيوني في المنطقة العربية.. وانفض الاجتماع الاستثنائي لوزراء الإعلام العرب, ومنذ ذلك التاريخ, تبدو الوثيقة في واد, والفضائيات في واد آخر.. ويبقي السؤال: لمصلحة من يحدث ذلك؟!.