الحق.. الجمال.. الخير.. أياً من هذه الكلمات مازلنا نتمسك بها.. كلمات صادقة قادرة على تقويم المجتمع وتهذيبه ،وتلاشيها يدل على عشوائية الفكر وبالفعل أصبحنا نعيش على ذكريات الفن الجميل أحد هذه الفنون المعمار الاسلامى الذى أصبح تراث لم ينل القدر الكافى أو أننا نفتقر إلى الابداع . وكأن الفنون والعلوم تزدهر فى مصر مع كل غزو يحل بها أبتدأً من الدولة الفاطمية حيث أنشأ جوهر الصقلى مدينة القاهرة وجامع الأزهر ومرور بالدولة العثمانية وبناء القلعة ومسجد محمد على ،ويوجد فى أحد الأحياء الشعبية مسجد "الرحمة" تحفة معمارية فى زمان ضل طريقه للفن الراقى وحل بدلاً منها التكنولوجيا والتقنية.. فهو نسخة من مسجد محمد الفاتح باسطنبول الذى اختاره الغرب عام 2005 ضمن عجائب الدنيا السبع الجديدة أحياناً تبدو الأشياء متحدثة عن نفسها.. اثناء جولة فى الشوارع الشعبية فى مصر المحروسة.. استلفت انتباهى هذا البناء الضخم وعندما اقتربت منه اتضحت معالمه.. فهو أشبه بمسجد محمد على.. إلا أنه محاط بالصقالات والطوب وأدوات البناء.. يبدو أنه مسجد تحت الانشاء رغم مظهره العتيق أما المصلين اعتادوا على الصلاة فى زاوية فى ركن مؤقتا..ً لحين استكمال البناء أنه مسجد الرحمة تحت الانشاء منذ 35 عاماً . حاولت بالبحث لمعرفة مساحته التى تبدو كبيرة جداً فوجدت تباين فى تقدير المساحة ما بين 3500 متى و4000 متر. شاخ قبل ان يولد! ومسجد الرحمة ملك الشيخ حافظ سلامة مؤسس جمعية الهدايا الخيرية زعيم المقاومة الشعبية ورمزاً من رموز الجهاد وأيضاً له باع فى العمل الخيرى سواء داخل مصر أو خارجها ، وتوجهنا للشيخ حافظ سلامة بسؤاله عن مساحة المسجد فكان رده " يعتبر مسجد الرحمة المسجد الوحيد فى العالم العربى بهذا الحجم فمساحته 7000 متر به أربع مآذن كل مأذنة 127 متر قبته 165 متر إلا أنه لم يكتمل البناء بعد لقلة التبرعات وجارى العمل به ببطء يكاد يقترب إلى عدم الانجاز ، تاريخ هذا المسجد يرجع إلى 35 عاماً ليست بقليلة تبدلت الأحوال أجيال شابة هرمت وأطفال أصبحوا فى طور الشباب أما المسجد رغم شموخه بدت عليه علامات الشيب قبل أن يولد. والتبرعات لن تنقذ هذا المسجد فالقيمة الحالية للجنيه اختلفت والأسعار فى الزيادة ولابد من مساهمات سواء من الدولة أو رجال الأعمال أو الجماعات الاسلامية اخوان وسلفيين باعتبارهم جماعات دعوية ودورها أقرب للعمل الخيرى وأولى بهم دعم هذا العمل العظيم. شروط الانضمام! أما عن دور الدولة يقول فضيلة الدكتور سلامة عبد الحق مستشار وزير الأوقاف والمتحدث الرسمى باسم الوزارة أن مساجد الجمعيات الخيرية أو الأهلية غير تابعة للوزارة وتظل تابعة للجمعية فهى القائمة على انشاءه وادارته ولا تضم إلا بناء على طلب الجمعية أو صاحبه بضم المسجد لوزارة الأوقاف ، كما أن وزارة الأوقاف ليست حريصة على ضم المساجد ، أما فى حالة رغبة البعض فى التبرع بمسجد لوزارة الأوقاف ترسل الوزارة لجنة تعاين المسجد لتقرر ضمه من عدمه طبقاً للشروط المعمول بها وهى ألا تقل المساحة عن 150 متراً وأن يكون كامل التشطيب بما فيه عداد المياه والكهباء وبعمالة . وقد أدخلت شروط جديدة تتمثل فى ضم المسجد بدون عمال على ان يترك للوزارة تعيين العمالة وسيبدأ بضم المساجد الكبرى 500 متر فأكثر ثم 400 متر فأكثر حتى تصل إلى 150 متر وهذا يعنى أن أقل مساحة 150 متراً . وهناك من يتقدم بطلب لوزارة الأوقاف لتحديد مكان المسجد بمعرفة الوزارة التى تحدد مكان المسجد فى المنظقة محل سكن صاحب الطلب وفى حالة عدم توافر أرض للأوقاف فى هذه المنطقة تخاطب وزارة الأوقاف الحى لتحديد الأماكن المتاحة لبناء المسجد ثم يقوم بالبناء . وأشار الدكتور. سلامة عبدالحق أن الدولة ليس لديها أى اعتراض على بناء المساجد والكنائس الذى أصبح متاحاً دون أى شروط على عكس ما كان يحدث فى النظام السابق حيث كان أمن الدولة يضع يده بالاكراه على المساجد . كما أن قانون دور العبادة لم يقر حتى الآن إلا أنه جاهز وسبق عرضه على مجلس الشعب الأخير ولكن لم يبت فيه وفى انتظار المجلس الجديد لاقراره. تحفة اسطنبول! مسجد الرحمة تحفة معمارية فى زمن ندر فيه الفن المعمارى فعلى الرغم من عدم اكتماله إلا أن تصميمه يرجع لعصور قديمة فهو نسخة من مسجد محمد الفاتح فى اسطنبول بنى بين عامى 1463 و1470 وله أيضاً ملحقات خدمية والذى أعيد بناءه من جديد لتعرضه للزلزال مسجد الرحمة إذا تأملته تجد تشابه بينه وبين القلعة مما دفعنى بالبحث فوجدت أن مسجد محمد على أيضا بنى على نفس طراز مسجد أيا صوفيا وهذا يعنى أننا أمام مسجد بنفس تصميم مسجد القلعة والاختلاف أن مسجد الرحمة أضخم فى المساحة بالاضافة إلى الملحقات الخيرية ألا يستحق منا التكاتف جميعاً لبناء صرح معمارى بهذا الحجم والقيمة . فعل الخير لا يحتاج لقانون يلزمنا به والفنون لا يحميها القانون بما يكفى فمازال محلك سر سيف مسلط على الفن المعمارى لا ادرى هل لآننا فقدنا المبدعين فى هذا المجال بجدارة كما هو الحال فى مجالات أخرى أم لأنه فن عز وجوده فى زمننا هذا وما ذنب الفنون القديمة المهملة . هذا المسجد يحتاج لحشد العديد من الجهات تطوعاً فقط وليس الاستحواذ على المسجد ففى الوقت الذى نستجدى فيه القادريين على استكمال بناء بمسجد بهذا الحجم وفى بلد تشدق أبنائها بأنهم أصحاب سبعة آلاف سنة حضارة نجد الغرب اتخذوا مسجد محمد الفاتنح الذى يعتبر نسخة من مسجد الرحمة واجهة لأعمالهم واختياره من عجائب الدنيا السبع الجديدة . مسجد الرحمة ينتظر الرحمة فهل من مجيب؟!