أوجاع تتكرر سنوياً مع امتحانات الثانوية العامة. وأخبار مفرحة عن تطوير المناهج وأسلوب الامتحانات ولكن سارع الوزير بتكذيبها منعاً للبلبلة وإشاعة الخوف في صدور الأبناء وأولياء الأمور. معرفش ليه بالذات مع اقتراب الامتحانات كل عام تصدر أخبار عن تعديلات جوهرية وضرورية في نظام الدراسة مما يؤدي لإرتباك وخوف وهلع للطلبة مما ستسفر عنه هذه التعديلات.. هو مزاج عند الوزارة العكننة علي ما يقارب من نصف مليون طالب وطالبة وبالتالي نصف مليون أسرة تقريباً تتلمس أي أخبار عن الدراسة والامتحانات؟؟ نعود للثانوية العامة.. نظام دراسي اعتقد تنفرد به أغلب الدول العربية.. مناهج يحفظها الطالب ويلقي بها في ورقة الاجابة وينساها علي باب اللجنة وهو خارج والنتائج للحق مبهرة جداً.. بعض من الطلبة يتجاوز الحد الأقصي للمجموع النهائي 100% والأغلبية يتجاوز مجموعها 90% والكل لا يعرف يكتب جملة أسمية أو فعلية سليمة.. خلل رهيب بين واقع المجاميع وبين الحقيقة.. يتجه أغلب الطلبة المتفوقين لكليات القمة.. طب وهندسة وإعلام وسياسة واقتصاد والباقي تكتظ بهم مدرجات كليات التجارة والحقوق والآداب في مزاد سنوي للمجاميع حتي وصل مجموع القبول في كلية التجارة مثلاً إلي ما يقارب من 90% ليتخرج آلاف الطلبة من هذه الكليات يبحثون عن فرصة عمل في سوق لا يستوعب هذا الكم الهائل من الخريجين حاملي شهادات التخرج والجهل معاً للأسف.. حسنا تفعل وزارة التعليم عندما تبحث عن تطوير هذا النظام ولكن ينبغي التروي هذه المرة وطرح الأفكار الرئيسية للنقاش لكل المعنيين بالأمر من طلبة وأولياء أمور وأرباب العمل في السوق لتصحيح هذا الوضع المسبب في أغلبه لمشكلة البطالة التي نعاني منها حيث يزيد عدد الخريجين علي طاقة العمل كماً وكيفاً. التعليم كالماء والهواء مقولة الراحل طه حسين منذ زمن بعيد تغيرت معها الظروف وأصبح التعليم المجاني مجرد اسم بدون فعل بعدما التهمت الدروس الخصوصية دخول أولياء الأمور فيتكلف الطالب الواحد علي مدار سنتين مبالغ طائلة لينتهي به الحال في الغالب إلي كلية لا يرغب في الدراسة بها لأنها لا تتوافق مع ميوله لابد من إيجاد حل سريع لتصحيح هذه المنظومة العبثية. لدينا تعليم فني.. صناعي وتجاري وزراعي.. لابد من تطوير مناهجه ليتماشي مع أحدث النظم التعليمية العالمية ويجوز إضافة أقسام جديدة له ويكون خياراً أساسياً في التعليم وليس هامشياً مرتبطاً فقط بالمجموع في المرحلة الإعدادية ولابد من تغيير مسمي الشهادة التي يحصل عليها الطالب بدلاً من كلمة دبلوم التي تثير الحساسية لدي الأغلبية لارتباطها في أذهانهم بالدونية في التحصيل العلمي ولنطلق عليها مثلاً شهادة الثانوية الفنية التخصصية حيث يتخصص الطالب في أحد الفروع التي يتطلبها سوق العمل ويجوز التحاقه فور تخرجه بشركات كبري وبنوك ومؤسسات وخلافه. أما الجامعات فيستكمل بها من يريد من الطلبة مزيداً من الدراسة في فرع معين من فروع العلوم المتخصصة المتاحة ويكون تعليماً أكاديمياً مدرباً علي أعلي مستوي عملياً وليس نظرياً أو التوجه إلي أحد الجامعات الخاصة والتي هي الآن قاصرة علي ذوي الدخول العالية الذين في طاقاتهم دفع مصاريفها الباهظة. مع أن الحل موجود ومضمون للتوسع في قبول مزيد من الطلبة بهذه الجامعات وليس شريحة فقط من الأثرياء وهنا نناشد البنوك العاملة في مصر التكرم بمنح قروض للطلبة الذين يفضلون دراسة نوع معين من التخصصات ويعوقهم مستواهم المادي من التقدم لهذه الجامعات.. ليكن قرضاً سنوياً يساوي قيمة مصاريف السنة الدراسية والكتب اللازمة يسلم رأساً من البنك للكلية التي يريد الطالب الالتحاق بها ويجدد سنوياً كلما ارتقي الطالب للعام التالي ويراعي أن تكون فوائده عند أقل نسبة ممكنة ويتعهد الطالب بسداده فور تخرجه والتحاقه بالعمل علي أقساط شهرية تخصم من المنبع.. يعني عملية الدفع والسداد لا يتدخل فيها الطالب من الأساس. الفوائد هنا عديدة لهذا النظام.. تعويد الطالب اعتماده علي نفسه وتحمل مسئولية تعليمه والتفكير الجاد في نوعية الدراسة التي يتمني فعلاً الالتحاق بها وتناسب ميوله.. يكون دور أولياء الأمور هنا مجرد ضامنين لجدية سداد الأبناء لمصاريفهم الجامعية فور تخرجهم والتحاقهم بعمل يناسب مؤهلهم وبهذا نرحم أولياء الأمور من التفكير المضني في تدبير الأموال اللازمة لتعليم أبنائهم. هذه بعض من أفكار كثيرة يمكن بلورتها بطريقة عملية تساعد في الارتقاء بالمنظومة التعليمية ككل لفائدة المجتمع المصري.