في حادث أعتقد الأول من نوعه يذاع علي الهواء في احد برامج التوك شو الشهيرة طالعتنا المذيعة المجتهدة صاحبة الوجه الصبوح بجريمة أخلاقية مكتملة الأركان يشيب لها الولدان طفل لا يتعدي الثانية عشرة من عمره يتعرض للاغتصاب علي يد ثلاثة زملاء له في أحد الأماكن المهجورة داخل المدرسة الحكومية الملتحقين بها في أحد أرقي مناطق القاهرة.. ياللهول. وكان السيناريو المخطط له أن يقوم أحدهم باستدراجه إلي المكان المنتظر فيه الطفلان الصغيران الآخران ليتمموا جريمتهم.. ونزل معه الصبي بحسن نية ليفاجأ بزميه عرايا في انتظار هتك عرضه واغتصابه.. وبما أن المكان بدروم مهجور في أسفل بناء المدرسة فنتوقع أن أحداً لم يسمع صراخ الضحية ولم يلتفت أصلاً لوجود صبية داخل هذا المكان من أين استقي هؤلاء الصبية تلك الثقافة المنحلة ومن أين ثارت داخلهم هذه الشهوة الرديئة لفعل الرذيلة وهم مازالوا علي أعتاب الشباب؟؟ هل المنزل مسئول؟ هل هناك مواد إعلامية تثير شهوة هؤلاء الأطفال؟ هل المناهج الدراسية كافية لمناقشة هذه الطفرات المشينة في سلوك بعض الصبية.. وتوعيتهم؟ إذن ما الغلط وما الجديد في زماننا الرديء هذا؟؟ للإجابة علي هذه التساؤلات نبدأ من المنزل.. انهيار الرقابة علي الأبناء لإنشغال الأبوين وراء لقمة العيش وتوفيرها بصعوبة والنتيجة ترك الأبناء بمفردهم لوقت طويل وما يدري الآباء ما يحدث في هذه الأوقات بين الأبناء وبعضهم أو بين أصدقائهم أو في برامج الشات علي الكمبيوتر أو المواقع الإباحية المتوفرة أمامهم بلمسة زر. ومن هذا الواقع المؤلم أطالب الشركات المتخصصة في خدمة الإنترنت إيجاد حل معين قد يتمثل في برامج مضافة ولو بسعر رمزي بخلاف الاشتراك الشهري للخدمة تعطي الفرصة للآباء بالتحكم في نوعية المواقع التي يسهل دخولها وتحتوي مادة إباحية وذلك بمنع بثها علي الإنترنت تماماً وحجب عنوان تعريفها. ولو كان هذا الحل صعباً أو مكلفاً فيظل دور الآباء رئيسي في التحدث مع أولادهم بصراحة ووضوح في بعض النقاط التي يخجل معظم الآباء من التطرق لها والخاصة بالأمور الجنسية التي يتطلع لها الصبية الصغار بشغف ويبحثوا عما غمض عليهم في هذا الخصوص بين زملائهم ويزداد اللغو والهراء بينهم فيما يتناقلون من معلومات مغلوطة وخاطئة بينهم الشيء الأكثر أهمية من وجهة نظري هذا الشر المختبيء في قنوات المفترض فيها نشر الأدب والأخلاق والسمو الروحي بين أفراد المجتمع ولكن العكس هو الصحيح.. تنفرد بعض هذه القنوات ببرامج أقل ما يقال عنها إنها الإباحية بعينها تحت مقولة لا حياء في الدين و"هاتك يا رغي".. عن طرق إشباع الزوج لزوجته وأفضل الأوضاع المناسبة للممارسة وكيفية تجمل الزوجة وهل الممارسة بالفم حرام أم حلال وأسئلة علي هذه الشاكلة تثير الرغبات المكبوتة في بعض أفراد مجتمعنا الذي يزداد انغلاقاً في المظهر واستباحة في الجوهر.. تمر هذه القنوات أو البرامج من خلال مسمي أنها دينية بين أفراد الأسرة علي الرحب والسعة ووسط مباركة الأسرة وفرحتها بتمسك أولادها بمشاهدة هذه البرامج ليتفقهوا في الدين ويتمسكوا به لكن من خلال هذا يبث السم داخل العسل فيتسمم ذهن الطفل بكلام يثير داخله الشهوة فيذهب ليبحث عن مخرج لها وقد يكون المخرج يا للكارثة من داخل البيت نفسه. فنسمع الآن عن زنا المحارم ونري بأم أعيننا التحرش تحت تهديد السلاح في الشارع علنا برغم ازدياد التحشم بين الفتيات من حجاب وملابس طويلة. اصحوا يا سادة وانتبهوا لهذا الأمر الجلل.. هذه القنوات والبرامج تعلم تماماً أن مادتها الإعلامية مرغوبة ومغلفة بستار الدين وفي زحام الحكاوي والكلام تبث أيضا إعلانات الوهم المتمثل في العسل الذي يعالج أمراض السكر ويشفي الفشل الكلوي والسرطان وغيره من أدوية ومستحضرات لرفع الكفاءة الجنسية للطرفين أو العلاج بالرقية والحجامة وغيره من مسميات جاءت إلينا عبر الجهلاء وحملة مؤهلات الجهل لينتشر المرض أكثر والانحلال أكثر والجهل أكثر إلي أن وصلنا لنقطة حرجة جداً لا ينفع معها السكوت علي الاطلاق.. وحسنا فعل المسئولون بحجب ومنع هذه القنوات المسببة للفتنة والناشرة للفاحشة وسط مجتمع يستقي أغلب أفراده معارفهم من الشاشة الصغيرة. وتتبقي مناشدة أخيرة للسيد وزير التعليم بالسماح لبعض المتخصصين في وضع مناهج تشرح الثقافة الجنسية في هذه المرحلة العمرية المبكرة بطريقة صحيحة علمية بين الطلبة وتوفير مدرسين متخصصين ليشرحوا هذه المناهج بطريقة ميسرة وسهلة. إن كان الطالب في المرحلة الإعدادية يبدأ في دراسة الأجهزة التناسلية للرجل والمرأة في مادة العلوم ويمتحن فيها.. فلا أقل من أن يفهم أيضا الأساليب العلمية السليمة للتعامل مع هذه الأمور والمستجدات التي تطرأ عليه نتيجة لنضجه الجسدي والعقلي وانتقاله إلي مرحلة الشباب والرجولة فهل نحن فاعلون؟؟ [email protected]