"خليكي دايماً رافعة راسك ومحدش يقدر يكسرك.. خللي عندك ثقة في نفسك انك تقدري تغيري وصدقيني حتقدري.. خليكي اد الايام سند لبيتك وأولادك واهلك وبلدك.. خليكي الست اللي ب 100 راجل".. انها تلك المبادرة الرائعة التي تقدمها سيدة راقية من نبت الارض الطيبة لعظيمات مصر تحت اسم "يوم 10 صنع في مصر". من جديد أغوص في جنبات المجتمع المصري بحثاً عن الأمل الذي يستحقه هذا الشعب العظيم حين يبدع بعض ابناء الوطن ويقدمون لنا افكاراً خارج الصندوق كفيلة بأن تجعل الحياة علي هذه الارض الطيبة اكثر روعة ولنظل نردد دائماً رغم كل المحن والصعوبات "فيها حاجة حلوة". نقطة النور هذه المرة هي مبادرة شديدة الواقعية والذكاء تقدمها لنا سيدة راقية من بنات مصر المخلصات اخذت علي عاتقها منذ سنوات مهمة تنفيذ فكرتها التي آمنت بها ووهبت حياتها بالكامل لتحقيقها من اجل وطن متكافل منتج لا يحمل ابناؤه البسطاء هما للحياة.. انها مبادرة تدريب مصر وشعارها المميز "يوم 10 صنع في مصر" التي تبنتها السيدة داليا حسني لتدريب سيدات مصر المعيلات في مدن وقري الوطن وتحويلهن إلي نقاط مضيئة لانتاج السلع والمشغولات اليدوية والمنسوجات وتسويق تلك المنتجات في معرض شهري كبير يقام يوم 10 من كل شهر ليعود بالفائدة والربح علي هؤلاء المتدربات وليمنحهن أملاً متجدداً في الحياة. ذكرتني تلك الفكرة الراقية بتجربة دولة بنجلاديش التي كانت من افقر الدول في العالم منذ عقود بسيطة لتتحول اليوم إلي ثاني اكبر مصدر عالمي للملابس الجاهزة بعد الصين بفضل هذه الإرادة التي توافرت لدي سيدات تلك الدولة فتعلمن سريعاً وحولن بيوتهن إلي مراكز انتاجية عن طريق قروض بسيطة اخذنها من بنك الفقراء الذي انشأه لهم احد العباقرة في بلادهم بفكرة مماثلة لتتحول تلك الدولة الفقيرة إلي دولة قاربت علي الاكتفاء الذاتي وانهت حالة الفقر التي كانت تعيش تحت جميع خطوطها منذ اقل من 20 عاماً. نحن ايضا نستطيع ان نهزم الفقر والعوز بمثل هذه المبادرات الواعية التي تجوب مصر لتدرب المرأة اينما وجدت وتحولها من مواطن مستهلك بائس إلي مواطن منتج لديه امل في الحياة ودون ارهاق لميزانية الدولة في ظروف اقتصادية نعلمها جميعاً ولكنها الارادة والاخلاص حين يتوافرا لدي ابناء المجتمع المدني فيقدمون افكاراً نبيلة ويسعون إلي تنفيذها بعيداً عن الاضواء وحب الظهور. ابهرني اصرار تلك السيدة الشابة ودفعني إلي أن أكتب عن فكرتها ومبادرتها بكل حماس خاصة حين شاهدت معها شبابا مصريا رائعاً يعاونها في مهمتها وحين اري ثبات عزمها علي ان تستمر تلك المبادرة مهما تكبدت في سبيل تنفيذها من مشاق.. انها تتجول في محافظات مصر بفرق التدريب المؤهلة وببعض الادوات والمواد الخام لتثبت أن الناس في مصر ليسوا كسالي أو عازفين عن العمل مثلما يشيع البعض ولكنهم في حاجة إلي من يدربهم ويأخذ بيدهم بأفكار خارج الاطار التقليدي وأن يحل لهم أهم مشكلات الانتاج المنزلي التي يعاني منها الكثيرون وهي التسويق فهي تقدم لهم الحل المثالي في اطار المبادرة بإقامة معرضها الشهري لبيع تلك المنتجات لصالح من انتجهوها. تحية إجلال وتقدير لتلك السيدة المصرية الصادقة مع النفس والتي تقدم كثيراً من العطاء والخير في ربوع مصر دون ان تسعي خلف شهرة زائفة أو أضواء كاذبة. شكرا بنت مصر ولتظلي دائما ضد الكسر واليأس والإحباط ونتمني ان تدعم فكرتك كل اجهزة الدولة وتتحدث عنها منصات الإعلام ووسائل التواصل كثيراً لتصبح مبادرة قومية لعموم الوطن ولنتذكر يوما قريباً اننا لسنا اقل ابداً من بنجلاديش أو غيرها ممن سبقونا كثيراً بقليل من الجهد والصبر والعطاء.. حفظ الله مصر وادام علينا تلك الافكار النبيلة التي تستطيع ان تغير وجه الحياة علي هذه الارض الطاهرة إلي الافضل.. فيها حاجة حلوة رغم انف من يزرعون في ارضنا وصدورنا يأساً واحباطاً كل صباح.. حفظ الله الوطن.