¼ دعوني أفكر بصوت عال. فالعُرس الانتخابي الذي شهدته نقابة الصحفيين الجمعة الفائتة يبعث علي التفاؤل بمستقبل هذه المهنة الجليلة. فالصحافة من الأعمدة الرئيسية التي تقوم عليها الدولة المصرية. باعتبارها ضمير هذه الأمة العريقة. وأحد أبرز روافد الأمل في حياة المصريين. دعك من القيود التي تكبلها في فترات استثنائية. لكنها دائماً وأبداً شاهد أمين في مرآة التاريخ. ربما تتجنب الصدام مع الحكومة في بعض الأحيان. لكنها سرعان ما تنتفض في مواجهة الأخطار المحدقة بالوطن. وأزعم أني أحد قُدَامي الصحفيين الذين ينتظرون العُرس الصحفي بشغف شديد علي مدار عامين. وكم أسعدني اللقاء بوجوه نقابية عريقة ومضيئة. أسهمت في بناء قلعة الحريات في شارع عبدالخالق ثروت بوسط القاهرة. وفي مقدمة أولئك الكبار نقيب النقباء الغائب الحاضر الأستاذ إبراهيم نافع. الذي طالعتنا صورته علي الشاشة الكبيرة ومقدمة السرادق الانتخابي. وإن كان الراحل العظيم قد غاب بجسده. إلا أن روحه النقابية الوثابة كانت تحوم في الأجواء لتذكرنا بوحدة النقابة. فقد أسهم نافع بفعالية في الحفاظ علي نقابة الصحفيين في مواجهة القانون 93 عام 1995. خاصة في ذلك اليوم المشهود الذي هرع فيه الصحفيون إلي مبني النقابة من كل حدب وصوب. وإذا بهتاف نافع يزلزل خصوم الصحافة. ويجبر الحكومة علي احترام إرادة الصحفيين.. رحمك اللَّه يا إبراهيم نافع. ¼ وأما لماذا التفاؤل. فقد شعرت لأول مرة منذ مشاركتي في العمل النقابي بحقبة الثمانينيات أن الدولة حريصة علي النهوض بالصحافة بقدر حرصها علي كرامة الصحفيين. هكذا كان مضمون الرسالة التي حملها النقيب ضياء رشوان. فقد كانت برامج المرشحين لمنصب النقيب تقتصر أو تكاد علي زيادة البدل الصحفي أو "بدل التكنولوجيا". هكذا أسماه إبراهيم نافع عندما اقترحه ونفذه. باعتباره الخيار المتاح لمساعدة الصحفيين علي مواجهة أعباء الحياة بعد أن تراجعت دخولهم بشكل غير مسبوق. لكن المرشح الأبرز لمنصب النقيب تجاوز ذلك الحق المشروع الذي أقره القانون إلي ما هو أهم. وشرع في التفاوض مع الحكومة علي ضرورة توفير السبل لإنقاذ المؤسسات الصحفية عموماً. والقومية علي وجه الخصوص من عثراتها المالية بفعل الديون المتراكمة. وفوائدها حتي يمكن ترميم أحد أهم أعمدة الدولة قبل انهياره. وبالفعل استطاع المفاوض الصحفي البارع الدكتور ضياء رشوان أن يقنع الحكومة بالمطالب العادلة للمؤسسات الصحفية. وإذا به يهتم بالبشر قبل الحجر. ويبعث برسالة طمأنينة وأمان للأسرة الصحفية علي اختلاف انتماءاتها. وعلي رأسها شيوخ المهنة. يتبني فيها مشروع قانون لضم بدل التكنولوجيا إلي معاش الصحفيين. وأظنه وهو الباحث الأكاديمي النابه. يمتلك أدواته ويعرف كيف يُفعِّلها؟!! ** آخر الكلام: ولأن مشوار الألف ميل يبدأ بخطوة. فإن دار التحرير مهيأة برجالها للمنافسة مجدداً علي الصدارة. وكم أسعدني المشهد الحضاري لقافلة "الجمهورية" بشبابها وشيوخها يوم العُرس الانتخابي في طريقها إلي مبني النقابة للتأكيد علي وحدة الصحفيين والتذرع بالأمل في مستقبل مشرق.