حالة ضبابية كبيرة تشوب الوضع السياسي في فنزويلا, مابين الاختيار بين الرئيس الحالي نيكولاس مادورو وزعيم البرلمان والمعارضة خوان جوايدو- الذي اعلن نفسه رئيسا مؤقتا للبلاد- يقف الشعب الفنزويلي حائرا ومتأزما ومنقسما ايضا في وضع زاد من سوءه تدخل الدول الأجنبية والمجاورة في الأزمة بحكم المصالح. يبدو أن مادورو لا ينوي التخلي عن منصبه أوالانصياع لرغبة المعارضة, حيث انه أعلن رفضه لإجراء انتخابات رئاسية وهو ما كان يعد طوق النجاة الوحيد من وجهة نظر الدول الاوروبية التي ايدت جوايدو للخروج من الأزمة. قالپمادورو في تصريح تليفزيوني امس الأول إنه لن يرضخ في مواجهة ضغوط من يطالبون برحيله ويؤيدون رئيس البرلمان والمعارضة, معلنا انه لا يحق للدول الاخري ان تطلب اعادة انتخابات في بلد اجري فيها انتخابات رئاسية بالفعل لمجرد ان حلفاءها لم يفوزوا. كما ان الدعم الروسي الذي يحظي به مادورو عزز من وضعه, وزاد من رغبته في التمسك بالحكم, خاصة بعد طلب روسيا من الدول الأخري عدم التدخل في الشئون الداخلية لفنزويلا في اشارة الي عدم رغبتها في اجراء انتخابات رئاسية جديدة ذلك بالإضافة الي تمسك المكسيك وكوبا وتركيا وبوليفيا وايران والصين بمادورو رئيسا شرعيا للبلاد. أما عن الجيش الفنزويلي فقد أعلن من اللحظة الأولي ولاءه لمادورو والتزامه بالعقيدة العسكرية للجيش الفنزويلي التي تستند إلي السياسة التي وضعها الرئيس الراحل هوجو شافيز وتقول "إن واجب الجيش الوطني أن يكون وطنيا. وشعبيا. ومعاديا للإمبريالية" لا زال الجيش الفنزويلي ملتزما بالدفاع عن مادورو كرئيس شرعي, الا بعض الانشقاقات لعسكريين استطاع جوايدو اقناعها بالخروج عن موقف الجيش والانضمام لصفوف المعارضة. في المقابل يقف جوايدو بصلابة في الصراع مع خصيمه مادورو محتميا بالشعب الذي يخرج تقريبا بشكل يومي استجابة لدعوات جوايدو للتظاهر ضد مادورو والمطالبة بتخليه عن الحكم. الشعب الذي عاني لسنوات طويلة من ظروف معيشية صعبة واحوال اقتصادية سيئة للغاية ويأمل في ان يكون جوايدو بادرة أمل لفترة جديدة افضل من فترة حكم مادورو الا انه لا يوجد ضامن لهذا الأمل بعد اختفاء مادورو من الساحة السياسية. كما يحظي جوايدو بدعم دولي كبير جدا يزداد يوما بعد يوم, فقد اعلنت مؤخرا كل من فرنسا وبريطانيا والنمسا واسبانيا دعمهم بجانب العديد من الدول الأوروبية اعترافهم بجوايدو كرئيسا مؤقتا لفنزويلا, خاصة بعد رفض مادورو للمهلة الاوروبية التي كانت مدتها 8 ايام لاجراء انتخابات رئاسية جديدة. اما عن الولاياتالمتحدةالأمريكية فقد أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب دعمه لجوايدو فور اعلانه رئيسا للبلاد, وتعددت اوجه الدعم الامريكي لجوايدو حتي وصلت الي التهديد بالتدخل العسكري في فنزويلا ما قد يؤدي الي حرب عالمية داخلها. هذا الخيار بالطبع سيكون كارثيا لا سيما ان رد الدول الداعمة لمادورو خاصة روسيا حال التدخل العسكري الامريكي غير مضمون فتتحول الأزمة من أزمة سياسية في دولة واحدة الي حرب عالمية مؤكدة. رأي بعض الخبراء والمحللين السياسين أنه لا سبيل لحل الأزمة سوي الحوار والتفاوض, الا ان مادورو وجوايدو مصران علي وضع العراقيل امام هذا الحل فقد شرط جوايدو تخلي مادورو عن الحكم قبل الجلوس الي طاولة التشاور متعهدا بالعفو وضامنا للخروج الآمن لمادورو.. في المقابل رفض مادورو شرط المعارضة واعلن استعداده للتفاوض لكن دون وضع شروط مسبقة . كما لجأ مادورو الي الموافقة علي اجراء انتخابات برلمانية مبكرة للخروج من الأزمة الحل الذي لم يلاق ترحبيا من الجهة المعارضة أو الدول الداعمة لها.