جهود جادة.. تبذلها الدولة المصرية بمؤسساتها المختلفة في معركتها المستمرة ضد قوي الشر والفتنة التي كرست كل طاقاتها وإمكانياتها لاستهداف دعائم الدولة الوطنية المصرية. والنيل من قيم المجتمع وثوابته. وتتفنن عبر وسائل شتي في نشر الأكاذيب والشائعات والمفاهيم المغلوطة. ومنها العلاقة بين الدين والدولة. وتنشر مع سبق الإصرار والترصد فتاوي ضالة ومضللة لإيقاع شباب الأمة في هاوية الإرهاب والضياع. .. وكان مؤتمر وزارة الأوقاف حول بناء الشخصية الوطنية وأثره في تقدم الدول وهويتها. واحداً من الجهود التي تستحق أن نتوقف أمامها.. فإن وفوداً رفيعة المستوي من 44 دولة قدمت بحوثاً وشاركت في مناقشات جادة.. كشفت عوار الكثير مما زعمه المتطرفون. وأن العلاقة بين الدين والدولة. ليست كما روج لها أهل الشر والفتنة. بأنها "علاقة تضاد وعداء". وإنما هي في حقيقتها علاقة تكاملية.. فإن الدين يحتاج إلي وطن قوي يحميه.. كما أن الدولة تحتاج إلي الدين سياجاً قوياً. .. وأكدوا أن حفظ الأوطان واحداً من المقاصد الكلية الضرورية. فالدين أولها.. يليه الوطن. ثم النفس. والعقل. والمال. والعرض.. فإن الإنسان الحُر كما قال د.محمد مختار جمعة يفتدي وطنه بنفسه وماله. فإذا ضاع الوطن. ضاعت بضياعه كل المقاصد الأخري. .. وتتجلي الحقائق .. يؤكد العلماء أن الوطنية الحقيقية ليست مجرد شعارات. وإنما إيمان وسلوك. وعطاء وإحساس بالوطن وتحدياته. .. إن بعضاً من وسائل الإعلام استخدمها الخصوم سلاحاً لتمزيق المجتمعات في الدولة الوطنية.. بما يوجب توعية النشء والشباب وتحصينهم.. وأن نغرس في وجدانهم الإيمان الراسخ بالشخصية الوطنية. والعمل بجد ومثابرة للارتقاء بالأوطان. فإن حب الأوطان فطرة في الإنسان.. وكان الرسول "صلي اللَّه عليه وسلم" أول من انتمي إلي وطنه. حينما خرج من مكةالمكرمة مهاجراً إلي المدينةالمنورة. فكان يتمني العودة إلي مكة مرة أخري. .. إن الدعوة التي أطلقها الرئيس عبدالفتاح السيسي لإعادة بناء الإنسان.. إنما تستهدف في حقيقتها الارتقاء بالإنسان. دينه. وقيمه. وسلوكه.. حياته ورخاءه.. تعليمه وصحته.. بما يوجب تكاتف كل الجهود لهذا الهدف. .. إن العولمة تمثل في جانب منها تحدياً للشخصية الوطنية. بما يفرض تكاتفاً مجتمعياً للحفاظ علي الهوية الوطنية وتعزيز قيم الولاء والانتماء لدي المواطنين. وثقتهم في وطنهم وقياداتهم. حماية للدولة من التأثير الطاغي والمدمر. لإعلام خارجي مدمر لا يرحم. وعولمة متوحشة تتجاوز كل الحدود. فلا سبيل لمواجهتها إلا بالبُنيان المرصوص من كل مؤسسات المجتمع وقطاعاته. .. إن علي وسائل الإعلام أن تنهض بواجبها الحتمي ومسئوليتها الوطنية في نشر الوعي بين أبناء الوطن بالتحديات التي تواجه مسيرته وغرس قيم الانتماء باعتبار ذلك إحدي أهم وظائف الإعلام. .. إن من حق كل مكونات المجتمع. حق التعبير. والحرية في ممارسة معتقداتهم الدينية. وفق ما رسخ في ضمائرهم من أفكار وقناعات. بما يحقق تفاهماً إيجابياً للعقائد والأفكار. ويفضي إلي وطن قوي يستند علي أسس متينة للتعايش المشترك. والقبول بالآخر لمصلحة الطرفين. .. إن واجباً مهماً علي مؤسسات المجتمع.. كل مؤسسات المجتمع نحو رفض مشاهر الكراهية والبغضاء.. وتعميق روح الإيثار. ولم الشمل والوحدة. وزيادة الوعي بالابتعاد عن القضايا الخلافية. حتي يجني الجميع حصاد عرقهم وثمرة نجاحهم.. إن تعدد الأديان مشيئة إلهية.. "ولَوْ شَاءَ رَبُّكَ لآمَنَ مَنْ فِي الأرْضِ كلهم جَمِيعًا. أفَأنْتَ تُكْرِهُ النَّاسِ حَتَّي يَكُونُُوُا مُؤْمِنِينَ" صدق اللَّه العظيم "يونس:99". .. إن النسيج المجتمعي في الدولة الوطنية يمثل واحداً من ضحايا العولمة.. وأصبح ضرورياً أن تتكاتف كل مؤسسات المجتمع وقواه. لبناء منظومة قوية للهوية الوطنية. أساسها الاعتدال بين سائر أفراد المجتمع. وعلي صعيد الأسرة والمؤسسات. أساسها إصغاء البعض للبعض. والتضامن وإقرار حقيقة التعايش السلمي بين سائر أبناء ومكونات وطوائف الوطن الواحد.. فلا تفرقة بينهم في الحقوق والواجبات. علي أساس اللون أو العرق أو الجنس أو العقيدة. أو الدين.. وهنا.. دور مهم للغاية لمؤسسات التنشئة الاجتماعية والمؤسسات التعليمية في المدارس والجامعات. وفي المنزل ووسائل الإعلام. لتعميق قيم المساواة والاعتدال. ومزايا السلم الأهلي. وإبراز مخاطر اللامبالاة تجاه الأيديولوجيات المتطرفة. فإن أحداً لن ينجو من شرورها. .. إن الشريعة الإسلامية أكدت علي بناء الأسرة القوية. فإنها لبنة طيبة في مجتمع وطني. يفهم معني الوطن. ويحافظ عليه لتعمير الأرض. وبناء الدول وتقدمها.. وأوجبت الشريعة الإسلامية علي الأسرة حُسْن رعاية الأولاد. وحذرت من إهمالهم. والتهاون في تربيتهم.. فعلي قدر قوة الأسرة وتعزيز الانتماء للوطن في قلوب الأبناء. يكون تقدم الوطن ورخاؤه. .. إن مصالح الأوطان جزء لا يتجزأ من مقاصد الأديان. وإن البر بالأوطان يقتضي تكثيف كل جهود مؤسسات الدولة. ومفكريها. والمثقفين. والعلماء.. بما يفيد ويُدْحِض أباطيل وأكاذيب وضلالات المتطرفين. وأهل الشر والفتنة في سائر المجالات. وفي كل ما يتعلق بالوطن. حفاظاً علي استقراره ومستقبله ورخائه. وبناء الشخصية الإيجابية. .. إن تبيان حقيقة الوسطية الإسلامية ضرورة للأجيال الناشئة تحصيناً وحماية لها.. يقابلها ضرورة أن يكون الواعظ أو الداعية ملماً بما تتميز به هذه الوسطية. وما تتحلي به الشريعة الإسلامية. والحضارة الإسلامية. من قيم إثراء للخطاب الديني. وكسراً لجموده. .. إن حُسن انتماء المواطن للدين والوطن. يفيض علي نفسه السكينة والاستقرار. بما يؤثر إيجاباً علي عطائه وثقته في واقعه السياسي. والاجتماعي. والثقافي. وقدرته علي النهوض بوطنه. والعبور به إلي بر الأمان والمستقبل المنشود. .. إن خطاباً ثقافياً جديداً مواكباً للخطاب الديني. لابد أن يُعمِّق قيم المشاركة والبناء والتعمير للوطن الذي نريده. .. صار لازماً بناء خطاب ديني مستنير يراعي فقه الواقع. ويستهدف بناء الوعي الوطني علي أسس أخلاقية وعلمية رفيعة. .. صار لازماً أن تنهض أكاديمية الأزهر. وأكاديمية الأوقاف بواجبهما نحو تجديد الخطاب الديني في اتجاه واحد. ونشر الوسطية والتسامح والتعايش. والارتقاء بتدريب الُوعَّاظ والأئمة. وإعداد رجال قادرين علي حمل الأمانة. ومتميزين في أدائها. .. صار لازماً أن تنهض كل مؤسسات الدولة المصرية نحو بناء الأسرة المصرية. وتنقيتها مما لحق ببعضها من تفكك وارتفاع في نسب الطلاق. فإنه يضر باستقرار المجتمع. ولابد أن نساعد الأسرة علي النهوض برسالتها السامية لتعزيز الانتماء للوطن وغرس محبته في قلوب الأبناء. ونفوسهم ليتقاسم الجميع ثمار الوطن. وفوائد قوتهم وعرقهم.