هذا الفيلم شاهدته عشرات المرات فلماذا تراه بنفس الحماس واللهفة؟.. وكانت اجابته: لا أعرف.. لكني أحبه وأشعر بالحنين إلي اسماعيل ياسين وزمنه؟ وفيه سر غامض لا أعرفه!! هذا هو رأي المتفرج الذي يكاد يحفظ أفلام "سمعة" عن ظهر قلب ولا يمكن أن يغير المحطة.. بحثا عن فيلم جديد؟ النقاد تحدثوا عن أفلام فنان الشعب العصامي الذي عاني الأمرين.. حتي أصبح علامة يكتبون الأفلام باسمه.. في الجيش في الطيران في حديقة الحيوان في البوليس الحربي في دمشق.. في كل حتة ينسبون إلي اسماعيل ياسين.. فما هي شفرة النجاح التي جعلت من هذا الفنان حيا بأفلامه رغم وفاته "24 مايو 1974" وغيره ممن يمارسون الفعل الفني في عداد الأموات وهم علي قيد الحياة. وعندما يقال ان "سمعة" كان معه من يفكر له ويكتب له ويخرج له.. يصبح هذا الكلام صحيحا إلي حد كبير لكن لماذا لم يلمع غيره وهو لا يتحرك إلا في إطار "شلة" يفرضها علي الناس في كل عمل..؟! وإذا ربط البعض بين زمن "سمعة" وظروف الحياة التي كانت أسهل.. فيكون الجواب.. لكن الامكانيات كانت أقل مما هو موجود حاليا.. لا من حيث تكنولوجيا صنعة السينما ولا دور العرض ولا القنوات الفضائية ولا الإعلام الذي يستطيع بين عشية وضحاها أن يحول "الكتكوت" إلي "ديناصور".. ويجعل من "الفأر".. "أسد الغابة".. سر .. إسماعيل في أفلام إسماعيل ياسين شفرة انسانية سحرية.. الضحك فيها هو "وش القفص" أو البضاعة المعروضة في الفترينة.. لكن داخل المحل.. مستجدات السر كله.. في البراءة التي يمثلها "سمعة" وينظر إليها البعض إلي أنها "العبط والسذاجة".. هذه البراءة في كل مرة تواجه الشر.. وقد يكسرها مرة.. لكنها في نهاية المطاف تكسب وهو ما يرضي الجزء الطيب داخل كل متفرج. "سمعة" الذي يفتقد قوة العضلات والعزوة والنفوذ ومهارات اللف والدوران واللوع.. يكسب بالنوايا الطيبة.. فهل تربط ذلك بدعوة أمك أو جدتك وهي تبارك وأنت خارج إلي مصالحك. - روح يا ابني إلهي يوقف لك أولاد الحلال! هي دي.. يا معلم.. أولاد الحلال في مواجهة أولاد الحرام ومن كان الله ناصره ومعفيه ومسنده.. فمن يهزمه؟! كلمة السر الثانية ان سمعة في أفلامه كلها يمثل الفقير الغلبان حتي عندما لعب دور المليونير كان هو أيضا في نفس الفيلم الفقير. القصص في الأفلام بسيطة.. لكن فيها الكثير.. وبعد ثورة 23 يوليو.. وفي سلسلة أفلامه عن أسلحة الجيش والشرطة المختلفة.. استعرض أحد أهداف الثورة الستة.. وقال ما قد اكتشفناه بعد سنوات مع شلة العملاء والسماسرة وعيال 6 ابليس وعصابات الإخوان.. جيشكم كرامتكم وشرطتكم عيونكم فهل من الثورية ان تولي وجهك القبيح يا خائن منك له إلي وزارة الدفاع تريد أن تهجم عليها.. وإلي وزارة الداخلية عند محمد محمود لكي تحرقها.. يحرق قلبك منك له.. كانوا يفعلونها وهم يعرفون جيداً ان هدم الدولة يبدأ من الجيش والشرطة.. وشتان بين تغيير نظام.. وهدم البلد كله.. لصالح مخطط التقسيم والانفلات باسم الفوضي الخلاقة. السويس اسماعيل ياسين المولود في 15 سبتمبر بمحافظة السويس لأب ميسور الحال لكنه هجر الحياة العائلية وجاء يتشرد في القاهرة لكي ينافس عبدالوهاب في الغناء.. لكن الجمهور أجبره علي التحول إلي الكوميديا وان يصبح المنولوجست بدلا من المغني.. وهو فيما قدمه.. من منولوجات انتقد وخاض في قضايا ومشاكل المجتمع.. بل دخل في أمور من فلسفة الحياة: فيه ناس بتكسب ولا تتعبش وناس بتتعب ولا تكسبشي.. وكان رفيق رحلته ومشواره المؤلف والشاعر الغنائي العبقري أبوالسعود الابياري.. كاتب أغلب منولوجاته ومنها: ارتحت يا باشا- صاحب السعادة- الدنيا تياترو- أصلي مؤدب- ميمي وفيفي- ابليس ايه ذنبه وأغلب المنولوجات عاشت لأنها جاءت في إطار درامي داخل قصص الأفلام.. فأصبحت مرتبطة بأحداث وتصرفات وشخصيات.. والمنولوج كان دائما وأبداً يجمع بين خفة الظل والهدف الاجتماعي والانساني وهي مسألة لا يقدر عليها إلا هذا الفنان الذي قدم لخشبة المسرح 60 عملا.. أنفق عليها معظم ما اكتسبه من أفلامه.. حتي انه توفي مديونا.. فقد كان يسدد مرتبات أعضاء فرقته المسرحية وهي لا تعمل لأسباب عديدة وظروف خارجة عن إرادته.. وللأسف لم يسجل التليفزيون إلا 3 فصول من مسرحيتين وقيل في ذلك ان أحد الموظفين في ماسبيرو مسحها بطريق الخطأ وهو ما لم يقتنع به اسماعيل ياسين ولا نحن أيضا وأغلب الظن انها تمت بفعل فاعل.. فيها الاستهتار والاهمال أكثر مما فيها من تعمد. فشل أبوضحكة والعمل الدرامي الذي قدمه أشرف عبدالباقي عن قصة حياة اسماعيل ياسين.. فشل ولم يحقق النجاح المنتظر لأن الناس ارتبطت بأعماله أكثر من ارتباطها بحياته.. الخاصة.. كما ان عبدالباقي قدم الشخصية من الخارج أي اعتمد علي التقليد الكاريكاتيري.. وكأن "سمعة" يعيش في بيته ومع أصحابه.. مثلما نراه في أفلامه ومسرحياته.. وعندما هاجم محمد رمضان شخصية اسماعيل في أفلامه التي دارت داخل معسكرات الجيش ووحدات الشرطة.. سرعان ما جاء الرد بمستند يؤكد ان سمعة الذي استعرض أسلحة الجيش المصري بعد الثورة تبرع مع زميله أبوالسعود الابياري بمبلغ ألفي جنيه للمساهمة في المجهود الحربي أثناء حرب 1956.. ثم انه كان يدخل مستهترا إلي الجيش فيخرج رجلا وقد تغير وانضبط.. في مصنع الرجال.. وكان الأولي برمضان أن يعتذر عن الاساءة إلي الشرطة ورجالها بما قدمه في بعض مشاهد "نسر الصعيد" فهل يعقل ان تري ضابط الشرطة يتورط في انقاذ شقيق خطيبته من عركة داخل كباريه.. يتحول فيها الضابط إلي منافس للبلطجية بدون أدني اعتبار لقيمة المؤسسة التي ينتمي إليها الضابط. فهل نبالغ بعد كل هذا إذا قلنا ان إسماعيل ياسين ما يزال يعيش بيننا بأعماله بينما بعض الأحياء موتي للأسف الشديد!