الأول أو لا شيء.. لماذا؟. لأنك لست أقل من فلان. أو لأن الناس ستأكل وجهنا إن لم تكن كذلك. أو لأن هذا هو المركز الوحيد الذي يضمن لك اقصر طريق الي واحدة من كليات القمة.. فالكليات قمة وقاع.. ومن يسقط في القاع لا مستقبل له. إما إن تكون طبيبا أو مهندسا او بيطريا.. إما ان تدرس في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية او الاعلام.. أو لا تكون شيئا يذكر بمقاييس الوجاهة الاجتماعية والسيارة والفيللا المزودة بحمام سباحة في زمن القحط المائي.. هذا هو الحوار المتكرر والمقرر في كل بيت يوجد به طالب قاده حظه العاثر الي الوصول الي محطة امتحانات الثانوية العامة.. هذه الشهادة التي حولت ولا تزال حياة مئات الآلاف من الطلاب والملايين من أفراد اسرهم الي جحيم. وجعلت التعليم بالنسبة لهم إرهاباً وقهراً واذلالاً وتعذيباً. بالنسبة لمعظم أولياء الأمور. فإن التفوق ولا شيء غيره هو المطلوب من الأبناء.. رغم أن معظم عظماء العالم من زعماء وعلماء ومبدعين لم يكونوا الأوائل في مدارسهم بل إن بعضهم كان فاشلا بالمقاييس المدرسية في العلوم التي برعوا فيها وأصبحوا من روادها.. وتوماس اديسون واينشتاين خير مثال. نظامنا التعليمي هو ما جعل اولياء الامور يؤمنون بأن التفوق المطلق هو الوسيلة الوحيدة لضمان مستقبل لابنائهم.. من المهم أن يلتحق الابن بكلية الطب مثلا حتي ولو كان لا يحب هذا التخصص ويفضل عليه دراسة علوم الكمبيوتر.. لأنهم يريدون في العائلة طبيبا.. رغبة الابن لا تهم.. فهو لا يعرف ما يفيده وهم أدري بما يجعل مستقبله مشرقا. ولأولياء الامور أقول: رفقا بأبنائكم. لا تعذبوهم بالضغوط التي تصل الي حد القهر. لا تفرضوا عليهم إرادتكم.