يستطيع الجمهور المصري مشاهدة فيلم "يوم الدين" في دور العرض حاليا وهو الفيلم الروائي الأول للمخرج أبوبكر شوقي والذي اختير للمشاركة في المسابقة الرسمية لمهرجان "كان" هذا العام وحصل علي جائزة فرانسوا شاليه كما اختارته لجنة نقابة السينمائيين لتمثيل مصر في مسابقة أوسكار أحسن فيلم أجنبي "غير ناطق بالانجليزية". ويبدو أن هذا الاحتفال الكبير بالفيلم رفع سقف توقعات البعض والحقيقة ان فيلم "يوم الدين" واحد من الأفلام البسيطة التي تعتمد علي قصة انسانية خالية من الغموض يستطيع المشاهد العادي متابعتها دون ملل والمخرج أبوبكر شوقي هو نفسه كاتب القصة والسيناريو وقد كان يذهب مع والده الطبيب إلي مستعمرة مرضي الجذام بالقليوبية والتي قدم عنها فيلم تخرجه في معهد السينما ثم سافر مع والدته النمساوية واستكمل دراسته في نيويورك. تدور قصة الفيلم حول تجربة واحدة في حياة "بشاي" مريض الجذام بعد أن تم شفاؤه وأصبح يعمل في التنقيب عن المتروكات الصالحة للاستخدام في مقلب القمامة وبعد أن ماتت زوجته يقرر العودة إلي قريته بقنا والبحث عن أسرته ووالده الذي تركه وهو طفل علي باب المستعمرة ووعده بأنه سيزوره ولكنه لم يعد إليه مرة أخري طوال 30 عاما.. والفيلم- باختصار- يتحدث عن رحلة بشاي مع الطفل أوباما اليتيم.. تبدأ من مستعمرة الجذام وتنتهي في قنا ونعرف من الرحلة ان يوم الدين هو يوم القيامة الذي يتساوي فيه الجميع المرضي والأصحاء. خصوصية فيلم "يوم الدين" تأتي من تفرد الشخصية الرئيسية "بشاي" فهو ليس فقط من المهمشين المنبوذين بسبب المرض ولكنه علي هامش الهامش وفي قاع القاع من المجتمع وتأتي الخصوصية أيضا من البيئة التي تدور خلالها أحداث الفيلم والرحلة العجيبة بوسائل مواصلات مختلفة تبدأ بالعربة الكارو التي يجرها الحمار "حربي" والمعدية والسيارة والقطار ويقابل "بشاي" أناسا أشرارا وأناسا طيبين ولا يفقد أمله في الحياة أبدا ولا حلمه بالعودة لأهله ويرمي كل المعوقات وعوامل الاحباط وراء ظهره من أجل الوصول إلي هدفه. يستحق فيلم "يوم الدين" الاحترام والتقدير لأنه يقدم من خلال تجربة انسانية واحدة رؤية لرحلة الانسان في حياته ويخرج من حالة فردية فريدة يكاد يكون ليس لها مثيل إلي الحالة العامة التي يجب أن يكون عليها كل انسان لأن غريزة حب البقاء هي أولي غرائز البشر ومن أجل البقاء يجب أن يقاوم الانسان كل عوامل الموت والفناء وأن يقبل الحياة كما وجدها في الواقع وليس كما يتخيلها في عقله ويتعامل مع الآخرين كما هم في الحقيقة وليس كما يتمناهم في خياله. من هذه اللحظة فقط يستطيع الانسان تحقيق أحلامه مهما كانت صعبة ومهما كانت مستحيلة وعندما يعود بشاي وأوباما إلي المستعمرة مرة أخري ستكون لهما مع الحياة حكاية جديدة.. أهم من الحكاية التي شاهدناها في "يوم الدين".