هي تقدم فقرة اقتصادية في اطار اخباري ومع ذلك يستعرض المخرج طولها وعرضها وهي ترتدي فستانها الابيض والأسود كأنها "طائر البطريق" وفي النشرة نفسها تري غندورة مشغولة برموشها التي اشتبكت مع خصلات شعرها التي تركتها علي طبيعتها كأنها جالسة علي شاطيء النيل في قعدة روقان وتنظر إلي قارئة أخري للأخبار وهي مكشوفة الذراعين بشكل لافت وتكاد تشك أنك تشاهد برنامجا للمنوعات. واسألك ألم يلفت نظرك هذا الأسلوب السخيف في "البرومو" أو الاعلان عن البرامج التي لا يفرقون فيها بين مقدمة برنامج خفيف أو شيخ يظل واقفا في "تناحة" ناظرا إلي الكاميرا قبل أن يعقد ذراعيه أمامهم في منتهي الأدب. الخط الفاصل * فإذا اتجهت إلي الناحية الأخري من المشهد الاعلامي "الملخبط" سنجد ان بعض الفنانات تجاوزت كل حدود الظرف والهزار المقبول إلي كلام فاحش وحركات لا يمكن ان تراها الا في حمام التلات بتاع زمان الخاص بالنساء.. فهل سقط الخط الفاصل بين الإعلامي بثقافته وقيمته وبين الفنان بقدراته علي التلون والتقمص؟! أصل الحكاية * كان المتعارف عليه مع اطلاق التليفزيون عام 1960 ان الاعلامي له صورة ينبغي الا يتجاوز اطارها ومنها إذا استضاف والده وهو شخصية عامة يجب ان يناديه بحضرتك ويتعامل معه معاملة الغريب وان يحترم ضيفه.. فلا يتجاوز معه حتي لو تحاور مع متهم ضليع في الإجرام ومحكوم عليه بالاعدام وكان كبار الصحفيين يقومون بكتابة النصوص والاسئلة فيما يسمي الاعداد قبل ان يتحول المعد إلي عامل سنترال عليه الاتصال بالضيوف فإذا ما سلم الرأس إلي الاستديو انتهي دوره بعد كتابة كلمتين غالبا لا ينظر إليهم مقدم البرنامج لأن مجريات الحوار تفرض نفسها. وكانت أسماء مثل أنيس منصور ومفيد فوزي من أشهر معدي البرامج ووقتها ظهر كبار نجوم الفن والادب في حلقات نادرة ولما تحول العم مفيد إلي محاور ظل محافظا علي وقار الاعلامي الذي يعرف حدوده متي يتكلم؟ ومتي يسكت وينصت؟ وقبل أن يداهمنا طوفان "التوك توك شوز" الذي يستلمنا فيه حضرة المقدم ويتحول إلي "خوجة" ونحن أمامه مجرد تلامذة يلعب في دماغنا بثقافته الضحلة ويعيد علينا ما جري خلال اليوم من احداث. ورغم هجمة الصحفيين علي الشاشة الصغيرة.. وانزعاج الإعلاميين منها لكنها لم تأخذ بيد الشاشة إلي أعلي.. لكن زادتها جرأة حتي لو افتعلتها في جرائم وحوادث ترفع الضغط والسكر.. وتصور الوطن علي انه "صفحة حوادث" وعندما دخل الفنان علي الخط انفلت الاعلام وتدهور مستواه أكثر وأكثر.. لأن الممثل أو الممثلة يعتمد علي تواصله السابق مع الجمهور ويأخذ راحته في برامج اتسمت أغلبها "بالعبط" والاستظراف والاستفزاز.. وأصبحت هذه البرامج سبوبة.. لفنانين يحصلون من خلالها علي أجور عالية بدون مجهود.. حتي لو جري هذا في شكل برامج مقالب يعرفون مقدما ما فيها.. أو ألعاب وأكل وشرب وفسح بطريقة تصور الفنان علي انه نوعية مختلفة من البشر.. ولا مانع ان يتاجر بأدق خصوصياته حتي لو بلغ من العمر أرذله وكله بحسابه.. ونري ابن السبعين يتحدث عن علاقاته النسائية التي هي بعدد شعر صدره أو النجمة التي دخلت علي الثمانين وأول بوسة تحت بير السلم في حياتها من ابن الجيران. صورة مهزوزة وتشعر بحالة هلع.. بين عدد كبير من أهل الفن.. مع انهم يكسبون أكثر من غيرهم.. حتي اهتزت صورة النجم وأهانها بوجوده في البرامج والاعلان والفيلم والمسلسل وكأنه محطة تحصيل الرسوم في الطرق الجديدة مما افقدهم المصداقية وكانت أم كلثوم تقول: يجب أن أكون غالية وعزيزة علي جمهوري حتي يتلقاني بشوق ولهفة. واستمرار عادل إمام علي القمة دون غيره سببه الظهور العزيز في أعماله الفنية وبرامج تكاد تعد علي أصابع اليد عبر رحلته الممتدة. لذلك انصرف الجمهور عن السينما وغاب النجم الذي ينزل له المتفرج بشكل خاص.. عبدالحليم حافظ في فيلمه أبي فوق الشجرة استمر لمدة سنة في دور السينما وحدث هذا مع نبيلة عبيد ونادية الجندي وأحمد زكي ونور الشريف ومحمود عبدالعزيز وعلي ذكر نور عندما طلبوا منه برنامجا اختار أن يتكلم في السينما وخباياها ومع ذلك لم يكرر التجربة وأخبرني انها ليست لعبته لأن غيره يستطيع أن يفعلها لكن في التمثيل من الصعب تقليده والناس تذكر الفنان بأعماله الدرامية وليس بمكسبه ولا برامجه.. وترفع شأن الإعلامي إذا احترم عقل المتفرج ومن ابرز هذه النماذج عماد الدين أديب ومن أنجح الممثلات في البرامج رجاء الجداوي وحسين فهمي وهي حالات خاصة وسط قعدة رجالة أو قعدة نسوان منفسنة أو اشرب حلبة حصا أو عيش الليلة.. أو ست الهانم.. مدام الووووه التي جاءت مع موجة تطوير ماسبيرو الكبري وفيها عمر الشيف الرجل الخارق الذي يفكرك كأنه بائع سريح اما ان تشتري منه أو ينط في كرشك بسيفه البتار ورايته باعتباره "فاتح عكا" أو "قاهر البدنجان". إيه الأخبار يا هيئة وسؤالنا إلي الهيئة الوطنية للإعلام إلي متي نعاني هذه الفوضي بين اعلامي يمثل علينا.. وممثل يتبرمج في مشاهد فاشلة وهل يمكن لشاشة من هذا النوع.. قارئة الأخبار فيها بالسواريه.. يمكن أن تنمي الوعي وتصالح المواطن علي وطنه.. وهل يمكن لفاقد الشيء أن يعطيه!!