تلقيت صدور قرار الرئيس عبدالفتاح السيسي بتعيين الفريق عبدالمنعم التراس رئيساً للهيئة العربية للتصنيع بسرور بالغ وأمل كبير لتطوير الصناعة الحربية المصرية. ذلك الرجل الوطني الحازم والقريب من أهله بمدينة دمنهور محافظة البحيرة. حيث تخرج سيادته في المدرسة الثانوية العسكرية بدمنهور والتحق بالكلية الحربية وتدرج في المناصب داخل القوات المسلحة حتي الوصول قائداً لقوات الدفاع الجوي وتعاملت مع سيادته عن قرب أثناء خدمتي بالقوات المسلحة وازدادت العلاقات أثناء إدارتي لمحافظة البحيرة حيث كان يحضر سيادته لتفقد أعمال الانتخابات وتأمينها خلال استفتاء الدستور وانتخابات رئاسة الجمهورية عام 2014. وبذلك القرار يكون أبناء دمنهور هم لأول مرة في التاريخ المصري المسئولين عن إدارة قطاعات التصنيع الحربي المصري نظراً لأن الوزير العصار وزير الدولة للإنتاج الحربي من أبناء دمنهور وخريج المدرسة الثانوية العسكرية بدمنهور عام 1962 وزميل دراسة للدكتور مصطفي الفقي ابن دمنهور. ولذلك أدعو لهما بالتوفيق وتطوير الصناعات الحربية واستغلال فائض الامكانيات الانتاجية لتطوير وانتاج منتجات هندسية وكيماوية والكترونية مدنية كوسيلة لتوطين التكنولوجيات المتقدمة دون التأثير علي كفاءة وجودة الانتاج الحربي. والحق يقال إن تاريخ التصنيع الحربي المصري ماهو إلا ملحمة وطنية ولم تتكرر في أي جهة أخري نظراً لاهتمام الزعيم عبدالناصر بالتصنيع الحربي المحلي كأحد أهداف ثورة 23 يوليو 1952 الرئيسية ولذلك قام بانشاء عشرات المصانع العملاقة خلال ستة أعوام تتضمن مجموعة صناعة ذخائر الأسلحة الصغيرة ومكوناتها الميكانيكية والكيمائية ومجموعة مصانع ذخائر الأسلحة المتوسطة والثقيلة ومكوناتها ومجموعة ثالثة لتصنيع الأسلحة الصغيرة والمتوسطة شاملاً البنادق والطبنجات والهاونات والرشاشات ومجموعة رابعة للصناعات الالكترونية والكهربائية وأجهزة الاتصال المتطورة والمولدات الكهربائية ومجموعة خامسة لصناعات الطائرات ومكوناتها والمحركات والهياكل بمنطقة حلوان وتم تدعيم كل هذه المصانع بخطوط انتاج متطورة من جهات أوروبية غربية وشرقية ومن أفضل الماركات ولتعميق الانتاج المحلي تم انشاء مجموعة سادسة لانتاج جميع أنواع الخامات والسبائك الحديدية وغير الحديدية والألومنيوم والنحاس والزنك وبذلك تكاملت الملحمة عام 1962 من خلال البدء في تنفيذ أكبر مشروع لتصنيع الصواريخ أرض أرض بعيدة المدي القاهر والظافر والرائد بمدي حتي 700 كم وتصنيع جميع مكوناتها محلياً اعتماداً علي الامكانيات المحلية والخبرة المحلية والأجنبية بالإضافة الي تنفيذ مشروع عملاق لانتاج أول طائرة مقاتلة مصرية هندية وتصنيع مكوناتها بالمصانع المصرية والهندية ونجاحها في الاختبارات الأولي. ولكن للأسف واجهت الصناعة الحربية المصرية معوقات وتهديدات متعددة بعد نكسة 1967 والتي كان من أهم أهداف إسرائيل من هذه الحرب هو اجهاض الصناعات الحربية المصرية التي تفوقت بشكل ملحوظ وكانت إسرائيل حتي 1967 معتمدة اعتماداً كلياً علي فرنسا كمصدر رئيسي للتسليح المتطور ولم يكن عندها صناعات حربية متطورة ولم تبدأ برنامجها المحلي للتصنيع الحربي إلا بعد حرب 1967 وايقاف ديجول برامج التوريد للصناعات الحربية المتطورة لإسرائيل. وكانت من أهم تطويرات برامج الصناعة الحربية المصرية دور المهندس السيد يونس منذ عام 1953 واقتحامه لصحراء أبو زعبل وتحويلها لواحة جديدة زراعياً وصناعياً وعمرانياً حيث كان في ذلك الوقت آخر حدود القاهرة هي منطقة الهايكستب ونجح هذا المهندس في توطين تكنولوجيات جميع أنواع المواد القاذفة للذخائر والصواريخ المتطورة وتأمين مطالب الانتاج المحلي المصري. وبعد حرب 1973 ونجاح القوات المسلحة المصرية في ازالة سلبيات نكسة 1967 واعادة العزة والكرامة للشعب المصري والعربي نجح الزعيم السادات في اقناع بعض الدول الخليجية السعودية والإمارات وقطر لانشاء الهيئة العربية للتصنيع كمؤسسة صناعية بحثية تدريبية تضم أربع دول عربية وتحقيق التكامل العربي واشتركت مصر بأربعة مصانع من الانتاج الحربي وهي مصانع الطائرات والمحركات وصقر وقادر كحصة مالية للدولة المصرية ونجحت الهيئة منذ انشائها عام 1975 في انشاء خمسة مصانع جديدة تعمل في مجال المقذوفات المضادة للدبابات والالكترونيات والمركبات والطائرات الهليكوبتر ومكوناتها ولكن للأسف انسحبت الدول العربية من الهيئة العربية للتصنيع طبقاً لقرارات مؤتمر بغداد لمقاطعة مصر بعد اتفاقية كامب ديفيد عام 1979 وأؤكد هنا بأن من أهم النقاط الايجابية لموافقة إسرائيل علي الاتفاقية هو القضاء علي الهيئة العربية للتصنيع وايقاف التطوير الذي كانت تسير فيه بخطي سريعة. ولكن باصرار المصريين تم استكمال عمل الهيئة العربية للتصنيع باسمها ولكن كمؤسسة مصرية تابعة لرئاسة الجمهورية. وتواصلت الملحمة المصرية الوطنية خلال تولي المشير أبو غزالة ابن قرية زهور الأمراء محافظة البحيرة مقاليد وزارة الدفاع والانتاج الحربي ونجاحه في انشاء مصانع متطورة لانتاج الدبابة M1A1 الأمريكية والمدافع والهاوتزرات ومواسير الدبابات وذخائرها. وازدهرت الصناعة الحربية خلال عدة المشير حسين طنطاوي في عهده اتجاهات ومجالات عالية التكنولوجيا في مجال الطائرات وصواريخ المدفعية قصيرة المدي. ولا ننسي دور الفريق مجدي حتاتة في تطوير الهيئة العربية للتصنيع وشراء شركة سيماف بدلا ًمن خصخصتها واشتراكها بقوة في تلبية مطالب هيئة السكك الحديدية من المركبات المتطورة. واستمرت ملحمة التصنيع الحربي من خلال انشاء مراكز بحثية ومعاهد فنية لتخريج شباب قادر علي العمل في مجالات التصنيع الحربي وانشاء أكاديمية هندسية لتعليم الطلبة علوم وتكنولوجيات التصنيع الحربي ومكوناته ومازالت الملحمة مستمرة وخاصة من خلال اعتماد السيد الرئيس عبدالفتاح السيسي علي مصانع الهيئة العربية للتصنيع والانتاج الحربي لتوطين وتطوير التكنولوجيات الحديثة علي التوازي مع التكنولوجيات الحربية والتركيز علي تكنولوجيات الفضاء والأقمار الصناعية والاتصالات المتطورة ومساعدة المجتمع المدني في تطوير صناعات معدات السكك الحديدية مقطورات ومركبات وأنظمة تحكم ومحطات تحلية المياه والصرف الصحي ومنظومات الري الحديث والطاقة الشمسية ومكوناتها. والحق يقال إننا يجب علينا كمواطنين أن نكون فخورين بصناعتنا المحلية المتطورة وخاصة ما يتم حالياً داخل المصانع الحربية تحت قيادة ابنين من أبناء محافظة البحيرة لأول مرة في تاريخ مصر.