* المؤتمر الوطني السادس للشباب الذي احتضنته جامعة القاهرة مطلع هذا الأسبوع لم يكن نافذة حوار أو ملتقي أفكار جمع الرئيس بالشباب فحسب وإنما كان فرصة للمصارحة والمكاشفة وتوجيه رسائل عديدة ليس لشباب مصر وحدهم وهم قوتها الحيوية بل لكل من يعنيه الأمر في الداخل والخارج..فقد ناقش المؤتمر محاور وقضايا مهمة علي رأسها التعليم والصحة والبنية المعلوماتية. وهي الملفات التي تأخر علاجها كثيراً حتي تحولت من حقوق أساسية لا غني عنها لكل مواطن إلي تحديات ومطالب تبلغ حد الأماني وتستعصي علي الإصلاح بالطرق التقليدية وتحتاج إلي حلول من خارج الصندوق ومخصصات تفوق المتاح إن أردنا اللحاق بالعصر ومواكبة مستجداته واحتياجات السكان الذين تزداد معدلات نموهم بوتيرة تفوق موارد الدولة التقليدية وما تحققه علي صعيد التنمية والنمو الاقتصادي وتوفير فرص العمل والتعليم والعلاج. * المؤتمر كان خطوة مهمة لتسليط ضوء كثيف علي ما كنا فيه وما تركته الأنظمة السابقة من تراكمات واختلالات ومشكلات تأجل حلها وجري ترحيلها حتي آلت إلي ما نحن فيه من أوضاع صعبة وهو ما أفاض في شرحه الرئيس السيسي حتي نكون علي بينة مما نحن فيه وما نحتاج إليه وما نحن إليه سائرون. * ولعل ملاحظتي الأولي علي مجمل لقاءات الرئيس السيسي ومؤتمراته مع شباب مصر أنه أكثر رؤساء مصر اهتماماً واتصالاً بهم » ذلك أن مؤتمر جامعة القاهرة هو المؤتمر الشبابي السادس الذي يحضر الرئيس السيسي جلساته ويدير من خلاله حواراً فعالاً وشاملاً يتناول شتي القضايا ويخص شواغل الشباب وأسئلتهم وهمومهم وآمالهم بالجانب الأكبر من الاهتمام ولم يكن الحضور قصراً علي الشباب وحدهم بل شاركت الحكومة وعدد من الشخصيات العامة.. ثالثاً وهذا هو الأهم أن إجابة الرئيس عن تساؤلات الشباب وطرح رؤيته جاء بلغة سهلة يفهمها بسطاء الناس الذين هم الشغل الشاغل للرئيس وأولي أولوياته. سأل الشباب الرئيس بكل صراحة وشجاعة أسئلة ما تعودوا عليها مع رؤساء سابقين وربما لو سئلت وقتها لقوبلت بعاصفة ضيق وغضب لكن السيسي - كعادته- وتلك شهادة حق منذ تولي الحكم يصارح الشعب بالحقائق والصعوبات وطبيعة المشكلات والتحديات التي كثيرا ما غيَّبتها أنظمة سابقة وتعاملت معها باعتبارها شأناً رئاسياً لا يحق للعامة الاطلاع عليه والمشاركة فيه ربما خوفاً من ردود أفعالهم أو تحاشياً لإثارة المتاعب ورغبة في البقاء في مقاعد السلطة دون منغصات الأمر الذي قد يفسر لنا لماذا جري التعامل مع مشكلات مصر بمنطق التسويف والترحيل وليس بروح المصارحة والحسم واقتحام المشكلات التي آثر السيسي اللجوء إليها» رغم ما قد يجلبه ذلك من متاعب ويخصم من رصيد شعبيته وهو ما حدث بالفعل جراء القرارات الاقتصادية الإصلاحية بدءاً من تعويم الجنيه وتحريك أسعار المحروقات وغيرهما لكن الرئيس لم يعبأ بخسارته السياسية مادامت مصلحة مصر متحققة في تلك القرارات وهي بالقطع مقدمة علي ما سواها. وإذا عدنا إلي كلمات الرئيس وتصريحاته لأدركنا كم كانت الشفافية والمصارحة ومصلحة البلاد والعباد حاضرة دائماً في عقله وأولوياته ..فقد قال لم أخف عنكم شيئاً ..فما قلته في فبراير 2011 بعد أحداث يناير أن الواقع مؤلم والمشكلات صعبة والتحديات كبيرة هو ما أقوله الآن ..فالروشتة واحدة. وتوصيف ما نعاني منه لم يتغير ..لم أقل إني سأضاعف المرتبات بل قلت إن المصاعب كبيرة لا أقدر وحدي علي حلها ولكن سوف نحلها معا وكان ردكم: نحن معك" ..إذن لم أخدع أحداً ..كنا نتكلم بشفافية وأنتم من طلبتم مني الشفافية وأنتم من طلبتم مني الترشح ..كما طلبتم من الجيش حماية الشعب من الإخوان وهنا أسأل -والكلام للرئيس- هل نحن في مسار تصاعدي في تطور الدولة المصرية أم العكس ولا تظلموا تجربة الإصلاح الاقتصادي التي لولاها ما كان هناك إصلاح للتعليم أو الصحة أو بناء الإنسان أو ما نقوم به من إجراءات لانطلاق مصر نحو الأفضل فلولا الاستقرار والأمن الذي تحقق بدماء الشهداء من المصريين ما كنا في هذا الوضع. ولا استطعنا القيام بأي إصلاحات.. فلا تظلموا التجربة بمؤشرات ارتفاع الأسعار فهناك مشروعات كبري تغطي كل المجالات وفي الوقت نفسه تتم محاربة الإرهاب بلا هوادة ونحن لا نجري اتصالات ولا نعمل مصالحات واللي هيعمل مصالحة أنتم. أضاف الرئيس إن القوات المسلحة المصرية لم تتآمر علي نظام الرئيس المعزول محمد مرسي بل علي العكس فالجيش هو من تقدم للقوي السياسية بمبادرة لإحداث توافق بينها وبين الرئيس السابق وأقسم أنه لم يكن هناك أي شكل من أشكال التآمر لإسقاط الدولة في ذلك الوقت. أما عن صفقة القرن فقد كشف الرئيس السيسي أنها تعبير إعلامي وليس سياسيا وأن مصر مع قيام دولة فلسطينية علي حدود 67. وعاصمتها القدسالشرقية فهذه ثوابت لا تتغير. وأعاد الرئيس التذكير بالأوضاع الاقتصادية الصعبة قبيل البدء في إجراءات الإصلاح الاقتصادي..وكيف كان الدولار سلعة يتم تداولها في السوق السوداء ..مؤكداً أنه في يونيو 2020 سيكون لمصر موقع ومكانة جديدة فور الانتهاء من تنفيذ المشروعات الكبري وتحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز ثم تصديره وأنه أعطي تعليمات واضحة لوزير النقل بعدم زيادة تعريفة القطارات إلا بعد تحسين الخدمة وتطوير هذا المرفق واعداً بأن تكون السكة الحديد "حاجة تانية" في غضون هذا التاريخ. إذن نحن كما قال الرئيس في مسار تصاعدي للأفضل وأي إصلاحات تتطلب وقتاً لكن لابد في النهاية من جني ثمارها..كما أن أي تأخير في تنفيذ برنامج الإصلاح معناه ببساطة أن تفلس مصر. وتزداد معاناة شعبها خصوصاً الأجيال القادمة» لكن المؤكد أن الآثار والأعباء المترتبة علي تلك القرارات والتي نعاني منها جميعاً الآن هي أخف وطأة وقسوة مما لو تأجلت كثيراً أو قليلاً» وهو ما تحرك علي ضوئه الرئيس السيسي الذي قال بوضوح" أعلم تماماً مدي تحملكم وصبركم وما سوف تتحملونه أيضاً .." وتلك كلمات دالة علي إحساس الرئيس بمعاناة الشعب جراء الإصلاحات الاقتصادية وتلك هي صراحة الرئيس التي نلمسها ليس في مؤتمرات الشباب فحسب بل في جميع تصريحاته وكلماته. E: [email protected]