أحياناً يسأل الانسان نفسه: لماذا يقبل الناس علي مشاهدة المسلسلات؟.. ما الذي يجذبهم إلي الرغبة في مشاهدة الحياة الواقعية التي يعيشونها مرة أخري علي الشاشة؟ .. يتعامل بعض الناس مع المسلسل مثلما تتعامل المرأة مع المرايا. فهي تكون حريصة جداً علي الصورة التي تظهر بها أمام الناس. لأنها هي الوسيلة التي تقدم نفسها إلي الآخرين.. كذلك المسلسل هو صورة من الواقع الذي نحن عليه. وهذه الصورة قد تكون أحياناً أفضل من الحقيقة وتكون في أحيان أخري أسوأ من الواقع وفي الحالتين نحن في حاجة لمواجهة أنفسنا. والحقيقة ان هذه اللعبة التي يلعبها الجمهور مع الفنانين هي "اتفاق غير مكتوب" بين الجمهور والقائمين علي العمل الفني. قدموا رؤيتكم للحياة وأنا أشاهدها وأحكم عليها. فإذا صادفت هوي في نفسي سأعتبركم مبدعين قادرين علي تمثيل الحياة علي الشاشة. وإذا لم تعجبني سأعتبركم فشلتم في إسعادي بإعادة مشاهدة حياتي مرة أخري علي الشاشة. معني ذلك ان الفن يقدم قدراً من المتعة للمشاهد سواء بالكوميديا التي تسخر من حياته أو بالتعبير العاطفي عن مشاعر الحب بين الرجل والمرأة أو بجذب المشاهد بالحركة والعنف وهو أسلوب معروف يسعد الذين يعيشون حياة مملة رتيبة ويكون من الممتع مشاهدة قصة مثيرة مليئة بالحركة والمطاردات عكس حياتهم الحقيقية الفارغة من الإثارة. وهذا ما يبرر أهمية شخصية رجل البوليس في الدراما لأن عمله يرتبط بالجريمة والمجرمين في حين أن حياة ملايين المشاهدين تخلو من الجرائم والمجرمين ومن النادر أن يشاهد أحد مطاردة بين الشرطة واللصوص وتجار المخدرات. بينما في المسلسل قد يحدث في كل حلقة مطاردة أو مغامرة ما بين رجال البوليس والخارجين علي القانون. لذلك أصبحت الدراما مهمة جداً للانسان المعاصر في المجتمعات الحديثة. نجد الجمهور يذهب إلي دورالسينما طوال العام. والبعض يجلس أمام المسلسلات التي تصل أحيانا إلي مئات الحلقات دون ملل أو كلل. ولكن للأسف البعض يتهم الجمهور بالتفاهة والسطحية والحقيقة أنه يسد احتياجاً حقيقياً للتواصل مع الآخر والحديث عن الحياة بوصفها تجربة مثيرة جاذبة للانتباه ومحققة للفائدة والمتعة وعلي الفاشلين في تحقيق ذلك الابتعاد عن الفن والجمهور لأنهم عاجزون عن تلبية حاجة الناس إلي مشاهدة أنفسهم علي الشاشة.