استطاع مجلس النواب برئاسة أستاذ القانون الدستوري الدكتور علي عبد العال أن يفرض كلمته علي الحكومة في مشروع موازنة 2018/ 2019 ورفع بند الأجور إلي 270 مليار جنيه بعد أن أصر النواب علي اضافة 40 جنيها للعلاوة الاستثنائية التي تقدمت بها الحكومة للبرلمان بتكلفة وصلت إلي 4 مليارات جنيه كما تمسك البرلمان أثناء مناقشة واقرار زيادة المعاشات برفع الحد الأدني للمعاشات لتصبح 150 جنيها بدلا من 125 جنيها التي تقدمت بها الحكومة بتكلفة 600 مليون ولم يكن أمام وزير المالية الا الاستجابة إلي طلبات النواب معتبرا اياها أوامر واجبة النفاذ.. هذه الخطوة البرلمانية في الانحياز إلي الطبقات محدودة الدخل تأتي في مواجهة ظروف اقتصادية ستصبح أكثر وطأة خلال الفترة القادمة خاصة علي الفقراء ومحدودي الدخل. الضغط البرلماني علي الحكومة لصالح الموظفين وأصحاب المعاشات لم يكن الوحيد أثناء مناقشة واقرار الموازنة حيث تمكن البرلمان من اضافة 3 مليارات و 150 مليوناً للموازنة في قطاع التعليم والتعليم العالي والصحة وهيئة الاستعلامات التي حظيت بثقة البرلمان بعد أدائها المتميز بقيادة الكاتب الصحفي الدكتور ضياء رشوان ما مكنها من زيادة موازنتها بمقدار 150 مليون جنيه. الأرقام التي حوتها الموازنة الجديدة كثيرة جدا ومتشعبة غير أن الرقم الذي يستحق التوقف أمامه في البداية هو اجمالي الموازنة نفسها والذي وصل إلي تريليون و 490 ملياراً بزيادة 300 مليار عن العام الماضي ما يجعلها أضخم موازنة في تاريخ مصر علي الاطلاق لعل أبرز رقمين يشغلان بال البسطاء هما الأجور وتعويضات العاملين التي تمكن البرلمان من توصيلها إلي 270 ملياراً والدعم الذي لم ينخفض عن الرقم 332 مليار جنيه وأكد رئيس خطة البرلمان في تصريحاته للجمهورية أن الحفاظ علي رقم 332 ملياراً للدعم دون انخفاض يعد انجازا وأن هذا الملف سيشهد طفرة كبيرة في الأداء بعد أن تم اعادة توزيع الأرقام والتركيز علي زيادتها في السلع التموينية ومعاشات التضامن الاجتماعي وتكافل وكرامة. الموازنة التريليوينة وفي تصريحات خاصة للجمهورية قال الدكتور حسين عيسي رئيس لجنة الخطة والموازنة بالبرلمان إن الموازنة العامة للدولة بها العديد من النقاط المضيئة التي تبعث علي الأمل لعل أبرزها وأهمها انخفاض نسبة العجز إلي الناتج المحلي الاجمالي إلي 8.4% بعد ان كانت في سنوات سابقة 12 و15 % والنزول لهذا الرقم في الموازنة مؤشر جيد جدا لا شك يعطي دفعة قوية للاقتصاد القومي. كما أشار عيسي إلي أن نسبة الدين المحلي والأجنبي انخفض بشكل ملحوظ حيث وصل بالموازنة الجديدة إلي 90% بعد أن كان في أوقات قريبة 110% من الناتج المحلي الاجمالي وهو معدل بالغ الخطورة. ومن بين النقاط المضيئة بالموازنة الجديدة أنها تستهدف خفض معدل البطالة من 15 أو 20% إلي 10.6% في الموازنة الجديدة كما تستهدف الموازنة خفض معدلات التضخم التي وصلت إلي أكثر من 35% لتصل إلي 13% فقط في العام المالي الجديد كما أنه من بين الأرقام المبشرة ارتفاع نسبة النمو لتصل إلي 5.8% بعد أن كانت لا تتجاوز ال 3% في السنوات السابقة. وقال عيسي إن الاحتياطي الدولاري آخذ في الزيادة وهو مؤشر ايجابي في الموازنة الجديدة التي أقرها البرلمان حيث وصل إلي 45 مليار دولار حاليا ومن المرجح زيادته عن هذا الرقم في السنة المالية الجديدة ولأول مرة تحقق الموازنة فائضاً أولياً وهذا من الأمور نادرة الحدوث والفائض الأولي بمعني الايرادات مقابل المصروفات بدون الفوائد ووصل هذا الفائض الأولي لأول مرة إلي 102 مليار جنيه هذا الفائض وجوده وزيادته في الفترة القادمة يقلل من لجوء مصر إلي أذون الخزانة والقروض وبالتالي انخفاض عبء الفوائد وهذا الانجاز الكبير الذي تمثل في زيادة الايرادات عن المصروفات أمر بالغ الأهمية وجيد جدا وقال عيسي إن الاستثمارت الممولة من الخزانة العامة للدولة هذا خلاف استثمارات الشركات القابضة والقطاع الخاص زادت في الموازنة الجديدة لتصبح 100 مليار جنيه بدلا من 70 ملياراً السنة الماضية وهي نسبة كبيرة غير مسبوقة. وأكد عيسي أن بند الأجور في الموازنة زاد بمعدل 20% عن موازنة العام الماضي والدعم رغم الظروف الاقتصادية الصعبة التي نمر بها لم ينخفض وظل كما هو 332 ملياراً ولكن من داخل هذا الرقم تم اعادة توزيعه من خلال زيادة المخصص لبرنامج تكافل وكرامة ومعاش التضامن الاجتماعي وزيادة المخصص للسلع التموينية والسلع الغذائية. وقال عيسي إن اجمالي الموازنة العامة للدولة المصرية للعام المالي 2018/2019 يصل إلي تريليون و 490 مليار جنيه بزيادة 300 مليار عن العام المالي 2017/2018 وهذه الموازنة تعد الأضخم في تاريخ مصر علي الاطلاق. وقال عيسي إن خطة الدولة الاقتصادية والاجتماعية للعام المالي الجديد تهدف إلي تعزيز تنافسية الاقتصاد المصري وتسريع انتقاله إلي الاقتصاد المعرفي لترتقي مصر بحلول عام 2030 إلي مصاف الدول الخمس الرائدة في مجموعة الدول الناشئة وقائمة الثلاثين دولة وفق مؤشر التنافسية الدولية وكذا قائمة الخمسين دولة علي مستوي العالم بحسب دليل ممارسة الأعمال ودليل الاقتصاد المعرفي. وأكد عيسي أن موازنة العام المالي 2018/2019 التزمت بجميع الاستحقاقات الدستورية الخاصة بقطاعات الصحة والتعليم قبل الجامعي والتعليم الجامعي والبحث العلمي. وقال "عيسي" إن الأجور زادت في من خلال قانونين تم اقرارهما في مجلس النواب الأول متعلق بزيادة المعاشات والآخر مرتبط بزيادة الأجور وقرر البرلمان زيادة المعاشات والأجور بنسب تزيد عن التي قدمتها الحكومة في مشروع القانونين وصلت تكلفتها إلي 4 مليارات جنيه نقلا من الباب الرابع الخاص بالمنح وبرامج المساعدات الاجتماعية إلي الباب الأول الخاص بالأجور مؤكدا أن برامج الحماية الاجتماعية تقترب من 60 مليار جنيه تكلفة المعاشات منها 25 ملياراً و32 ملياراً تكلفة الأجور ورفع حد الاعفاء الضريبي والخصم الضريبي حوالي مليارين ونصف المليار جنيه. انتصار البرلمان وقال "عيسي": نحن في البرلمان تمكنا من تعديل الموازنة بما يعادل 7 مليارات و150 مليون جنيه زيادة عما طرحته الحكومة في مشروع الموازنة الذي تقدمت به الحكومة لمجلس النواب وهذه تعديلات اضافية طلبها البرلمان وتم اقرارها وتركزت هذه التعديلات في قطاع التعليم العالي حيث تم زيادة الميزانية 500 مليون زيادة بدل الجودة لأعضاء هيئة التدريس بالجامعات المصرية ومليار جنيه دعما للمستشفيات الجامعية و50 مليون جنيه دعما لمكتبة الاسكندرية. كما تم زيادة موازنة التربية والتعليم بمعدل 3 مليارات جنيه موزعة كالآتي: مليارا جنيه لاعداد المدارس تكنولوجيا وشراء أجهزة التابلت و 500 مليون جنيه لهيئة الأبنية التعليمية لبناء المزيد من الفصول لتقليل الكثافات بالمدارس و 500 مليون جنيه حوافز لمدرسي مرحلة رياض الأطفال علي اعتبار أنهم سيساهمون مساهمة كبيرة في تطبيق منظومة تطوير التعليم الجديدة. وقال عيسي: ان قطاع الصحة استطاع البرلمان زيادة موازنته إلي مليار و 500 مليون جنيه منها 500 مليون جنيه للعلاج علي نفقة الدولة علي أن تخصص لدعم بند الغسيل الكلوي و500 مليون جنيه لدعم بند الأدوية وألبان الأطفال و 500 مليون جنيه لدعم شراء السلع وخدمات الصيانة لمديريات الصحة بالمحافظات. كما قام البرلمان بزيادة موازنة وزارة النقل بمقدار مليار جنيه يتم توجيهها إلي شراء قطع الغيار لهيئة سكك حديد مصر حيث يعاني هذا المرفق من عجز شديد في قطع الغيار وحتي لا يتوقف هذا المرفق القومي الحيوي. كما تم زيادة موازنة قطاع الثقافة والاعلام بمقدار 150 مليون جنيه يتم توجيهها إلي الهيئة العامة للاستعلامات حيث تلعب هذه الهيئة دورا بالغ الأهمية في الفترة الماضية وشهد أداؤها الفترة الماضية طفرة كبيرة. وهذه الزيادات التي أقرها البرلمان اشترطنا علي الحكومة ان تكون من مصادر تمويل حقيقية وليس علي حساب زيادة عجز الموازنة لأن الدستور يشترط ذلك عند زيادة الاستخدامات ومصروفات الموازنة يجب توفير مصادر تمويل حقيقية لذلك عند اقرار هذه الزيادة وضعنا 3 مصادر تمويل الأول من خلال التعاون بين وزارة المالية والتخطيط لاعادة توزيع الأولويات وتقديم مشروعات وتأجيل أخري والمصدر الثاني من خلال تعديل بعض التشريعات عن طريق مجلس النواب لتوفير موارد اضافية للدولة والمصدر الثالث تفعيل تحصيل المتأخرات الضريبية ووزارة المالية طرحت نظاماً جديداً لتحصيل هذه المتأخرات ونأمل في تطبيقه وتوفير موارد اضافية من هذا البند لتدبير جزء من السبعة مليارات التي أقرها البرلمان بالزيادة علي الموازنة. أشار حسين عيسي إلي أن موافقة البرلمان علي مشروع القانون المقدم من الحكومة بتعديل بعض أحكام القانون رقم 147 لسنة 1984 بفرض رسم تنمية الموارد المالية للدولة جاء لسد جزء من عجز الموازنة وتوفير موارد اضافية للموازنة وتنفيذ طلبات البرلمان بزيادة الموازنة في قطاعات التعليم والصحة والنقل بمعدل سبعة مليارات و150 مليون جنيه. وقال عيسي إن هذا القانون تم فيه مراعاة محدودي الدخل حيث تم رفع عدد من الخدمات التي لا تمس محدودي الدخل وكانت الحكومة قد طلبت في مشروع القانون رفع رسوم استخراج اذن العمل من 40 جنيها إلي 200 جنيه الا ان البرلمان رفض هذه الزيادة وأبقي علي رسم استخراج اذن العمل كما هو لأن هذه الخدمة ترتبط بفئة العمال ومحدودي الدخل وكل الخدمات التي تمس المواطن البسيط تركناها كما هي دون زيادة. وقال رئيس لجنة الخطة والموازنة: إن فلسفة مشروع القانون تقوم علي أنه في ضوء حرص الحكومة علي القيام بواجباتها تجاه المواطنين لتوفير حياة كريمة لهم ونظرا لقلة الموارد المتاحة للدولة جاء المشروع بزيادة الرسوم علي بعض الخدمات التي تؤديها أجهزة الدولة وهي: المرور. وترخيص السلاح. وإقامة الأجانب وما يتعلق بها. والحصول علي الجنسية. والجوازات. وإذن العمل. ورخص استغلال المتاجر. وأضاف عيسي أن مشروع القانون حرص علي تأمين التعويضات التي تصرف لشهداء الوطن وتوفير المخصصات المالية اللازمة لذلك بالنص علي تخصيص نسبة 5% من إيرادات رسم تنمية الموارد المالية لهذا الغرض وتوقع الدكتور حسين عيسي أن يوفر هذا التعديل التشريعي موارد تتراوح من 8 إلي 10 مليارات جنيه. وقال الدكتور حسين عيسي ان لجنة الخطة والموازنة تثمن اتجاه الحكومة لاعتماد موازنات البرامج الأداء وأنها طلبت الحكومة بالتوسع في هذا الاتجاه وإعداد موازنات الهيئات الاقتصادية وفقا لأسلوب موازنة البرامج والأداء بحيث يمكن ربط الإيرادات والمصروفات بمشروعات وبرامج وأنشطة محددة ويتم إعداد مؤشرات ومقاييس لتقييم الأداء "مالية وغير مالية" وذلك بشكل ربع سنوي ما يساعد علي أداء الوظيفة الرقابية لمجلس النواب سعيا لرفع معدلات الكفاءة والفاعلية لأداء هذه الهيئات. كما طالبت اللجنة بضرورة تحقيق الربط والتكامل بين الهيئات الاقتصادية والمشروعات القومية الجديدة التي يجري تنفيذها حاليا بحيث يمكن الاستفادة بطاقات وإمكانيات تلك الهيئات في إنجاز بعض الأهداف والأعمال الخاصة بهذه المشروعات ما يساعد علي خفض وقت التنفيذ والاستفادة بطاقات وإمكانيات وقدرات تلك الهيئات مع ضرورة إنشاء لجان متخصصة لدراسة إمكانية تحويل عدد من الهيئات الاقتصادية إلي شركات قابضة ما يؤدي إلي رفع مستويات الأداء بهذه الهيئات وزيادة درجات الشفافية والحوكمة. معركة زيادة المعاشات وكان الدكتور علي عبد العال رئيس مجلس النواب قد وجه الحكومة ممثلة في عمرو الجارحي وزير المالية والدكتورة غادة والي وزيرة التضامن الاجتماعي بزيادة المرتبات والمعاشات بالموازنة العامة للدولة عما هو مطروح بمشروع الموازنة المقدم من الحكومة ووافقت الحكومة علي طلب رئيس البرلمان بتخصيص مبلغ 4 مليارات جنيه إضافية لصالح زيادة مرتبات العاملين بالدولة لإضافتها علي العلاوة الاستثنائية التي سيتم منحها للموظفين للعام المالي 2018/2019 اعتبارا من أول يوليو سنة 2018 بفئات مالية مقطوعة لتصبح بعد طلب البرلمان زيادتها كالآتي: 200 جنيه شهريا للدرجات المالية الرابعة فما دونها. و190 جنيها شهريا للدرجات المالية الأولي والثانية والثالثة. و180جنيها للدرجات المالية مدير عام فما فوقها أو ما يعادل كل منها وفي تاريخ التعيين بالنسبة لمن يعين بعد هذا التاريخ وتعد هذه العلاوة جزءا لا يتجزأ من الأجر الوظيفي أو الأساسي لكل منهم وتضم إليه اعتبارا من أول يوليو 2018. وكان الدكتور علي عبد العال في كلمته بالجلسة العامة أثناء مناقشة تقرير الموازنة العامة الجديدة قد أكد تمسك البرلمان برفع نسبة الزيادات التي وضعتها الحكومة للمرتبات والمعاشات بمعدل 40 جنيها للفئات المختلفة للمرتبات قائلا "المجلس يجب أن يقف بجوار المواطن قدر الامكان لذا اطالب بزيادة المرتبات والمعاشات واقترح أن تكون 40 جنيها لكل فئة من الفئات". وفي السياق ذاته أعلنت وزيرة التضامن الاجتماعي عن موافقة الحكومة علي طلب البرلمان برفع الحد الأدني للزيادة السنوية للمعاشات التي ستطبق في أول يوليو 2018 إلي 150 بدلا من 125 جنيها لتصبح التكلفة الإجمالية لزيادة المعاشات 24 ملياراً و209 ملايين جنيه بفارق 600 مليون جنيه زيادة عن التكلفة الأولية وأكدت أن الحكومة رفعت الحد الأدني للمعاش من 500 جنيه إلي 700 جنيه لتحسين أوضاع أصحاب المعاشات. وبعد أن هاجمت عدد من وسائل الاعلام البرلمان بسبب زيادة موازنة المجلس 300 مليون جنيه للعام المالي 2018/ 2019 مقارنة بموازنة العام الماضي وأن جزءاً من هذه الزيادة سيوجه إلي زيادة مكافأة أعضاء مجلس النواب أكد الدكتور علي عبد العال أنه لا توجد أي زيادة في مكافآت أعضاء مجلس النواب المقررة وفقا للدستور والقانون وأن هذه المكافآت ثابتة في القانون ولا يجوز إقرار أي زيادة عليها لافتا إلي أن الزيادة موجهة لأجور موظفي المجلس قائلا أن هؤلاء العاملين من حقهم الترقية مثل العاملين الآخرين في الدولة وأن يحصلوا علي العلاوات المقررة في القوانين. وقال رئيس البرلمان: "أناشد ضمائر الإعلاميين الشرفاء وهم كثر أن يتحروا دقة النشر لا نطلب أكثر من ذلك مع التسليم بحريتهم الإعلامية والصحفية وإذا كان حق الصحفي أن يتمتع بحريته الصحفية فحق القاريء أن يتلقي معلومات دقيقة وصحيحة وغير مشوهة".