** الغوص في أعماق القصص الإنسانية وروعة البطولات والتضحيات لشهدائنا الأبرار أبطال الواجب الوطني من الجيش والشرطة الذين قدموا أرواحهم بطيب خاطر من أجل أن تظل مصر مرفوعة الرأس شامخة وقوية في مواجهة الإرهاب الأسود .. أصبح واجباً علينا نحوهم ونحو المجتمع والأجيال القادمة أكثر من أي وقت مضي لأنهم بكل فخر خير قدوة ومثل يعلمنا معني الكرامة والعزة والشموخ ليبقي وطننا حراً أبيا . وفي ظل البطولات العظيمة لأبطالنا في سيناء "الجمهورية" تتحدث اليوم عن صفحة مضيئة في تاريخ الشرف والفداء عنوانها الشهامة والرجولة والأخلاق لشهيد ضرب أروع الامثلة في الفداء والتضحية.. إنه الشهيد البطل مقدم أركان حرب مصطفي محمد نجيب الخياط بطل الصاعقة والمجموعة 777 قتال . خريج الدفعة 95 حربية. ابن محافظة الاسماعيلية الذي استشهد عن عمر ناهز ال 37 عاماً. خلال مشاركته مع زملائه الابطال في إحدي العمليات العسكرية بمنطقة الجورة بالشيخ زويد. بشمال سيناء أثناء التعامل مع بعض العناصر التكفيرية في إطار العملية الشاملة "سيناء 2018" . في البداية يقول والد الشهيد الحاج محمد الخياط بصوت يملؤه الصبر والرضا بقضاء الله: لم تعد لديّ القدرة علي الحديث عن ابني وابن مصر الغالي الشهيد البطل مصطفي الخياط . لكن ما أحب أن أذكره انني فخور به وسعيد بأنه نال الشهادة التي طالما تمناها من الله. فلديّ غيره 4 أبناء كان مصطفي رحمه الله الابن الأكبر ويليه مؤمن ثم أحمد ومعتز والأخير محمد. كلهم فداءً لمصر. ولن أبخل بهم علي وطننا الغالي. النصر .. أو الشهادة ويضيف: استودعت ابني عند الله. فطوال حياته العسكرية ترسخت بداخله عقيدة جميع أبناء القوات المسلحة "إما النصر أو الشهادة". والحمدلله "مصطفي طلبها من الله ونالها". وزف إلي الجنة في جنازة عسكرية وشعبية مهيبة شيعها الآلاف من أبناء محافظة الإسماعيلية وتقدمها عدد كبير من قيادات القوات المسلحة وقيادات الجيش الثاني الميداني. وقيادات محافظة الإسماعيلية ومديرية الأمن. داعياً الله أن نكون من الذين سيشملهم شهيدنا بشفاعته يوم القيامة. مختتماً كلامه قائلاً : ¢الحمدلله علي قضائه وربنا يصبرنا". ويستكمل مؤمن الخياط شقيق الشهيد قائلاً: ¢ولد مصطفي في 12 أكتوبر عام 1981 وكنت أقرب إنسان له. فالفرق بيننا في العمر عام ونصف وطوال هذه السنوات لم نفترق سوي لظروف عمله بالقوات المسلحة وعملي كمدرب غوص وسباحة وطوال عمرنا كنا معا في سنوات الدراسة وفي نفس المدارس إلي أن وصلنا لمرحلة الجامعة والتحق هو بالكلية الحربية. وفي هذه الأثناء كنا معاً في منتخب السباحة بالزعانف وخضنا بطولات كثيرة محلياً وعربياً. ويضيف: تربينا في أسرة بسيطة مكافحة كل هدفها في الحياة تربية أبنائها تربية صالحة قائمة علي القيم والأخلاق والتدين. فوالدنا كان يعمل بهيئة قناة السويس وظل بها علي مدار 37 عاماً ووالدتنا كانت تعمل مدرسة أزهرية ثم معيدة بأحد المعاهد وهما الآن خرجا إلي المعاش. مشيراً إلي أنه منذ الصغر ترسخت بداخلنا معني الرجولة والمسئولية والاعتماد علي النفس. فنشأ "مصطفي" ملتزماً دينيا وأخلاقياً وكان يحرص علي أن يرضي الجميع. ويذكر أن الشهيد مصطفي الخياط التحق بسلاح المشاة ثم الصاعقة ومنها حصل علي دورات أهلته للالتحاق بالوحدة 777 قتال مكافحة الارهاب الدولي وظل بها حوالي 14 سنة وتدرج بها من ضابط إلي مقدم أركان حرب وقائد ثاني عمليات الوحدة. فضلاً عن حصوله علي دورات كثيرة ما بين ضفادع بشرية ومكافحة الارهاب الدولي. وسافر في مهام عسكرية في عدد من الدول العربية والعالمية ومنها الاردن والنرويج وامريكا. وأضيف إلي رتبته "أركان حرب" ومن ثم عمل في الاسكندرية ثم انشاص ومنها إلي سيناء كقائد ثان للكتيبة 103 صاعقة في الشيخ زويد وظل بها من يناير الماضي وحتي استشهاده في أبريل الجاري. عاشق سيناء ويؤكد أن البطل مصطفي الخياط كان عاشقا لسيناء ولها في نفسه مكانة خاصة حيث عمل بها بعد تخرجه في الكلية الحربية ما يقرب من 6 سنوات في منطقة "الحسنة" ومع أي إجازة له كان يفضل قضاءها في سيناء إلي أن تم نقله للعمل بالشيخ زويد. وكان دائماً لديه قناعة وتفاؤل بالنصر علي الارهاب الاسود في سيناء وإن شاء الله سيواصل زملاؤه حتي تحقيق هذا الحلم الغالي علينا جميعاً كمصريين . وعن أسرته وأولاده يشير شقيقه إلي أن الشهيد رحمه الله تزوج من ابنة خالته الدكتورة "رضوي" أنجبت له ولدين "مؤمن" عمره الآن 9 سنوات . و"مالك¢ 6 سنوات الأول أسماه "مؤمن" علي أسمي لأننا اتفقنا منذ الصغر أنه يسمي علي اسمي وأنا اسمي علي اسمه. لافتاً إلي أن شقيقه رسخ داخل ابنائه منذ صغرهم التمسك بالدين وحفظ القرآن والميل للرياضة. ورباهم علي تحمل المسئولية والالتزام في كل شئ. تكريم رياضي وعن تفوق الشهيد رياضياً يقول مؤمن: مصطفي التحق عام 1995 بمنتخب مصر للسباحة بالزعانف وأشتركنا معاً في أربع بطولات عربية للاتحاد العربي للسباحة. واشتركنا ايضاً في بطولة العالم عام 2000 مسافات قصيرة. وكان الشهيد بطل مصر والأول عربياً في الخمسين متراً تحت الماء والمائة متر فوق الماء وظل محافظاً علي اسمه كبطل سباحة بالزعانف طوال 10 سنوات متواصلة. وقد كُرم كثيرا بسبب تفوقه الرياضي. ويروي شقيق الشهيد أن الاجازة الأخيرة قبل 18 يوماً من استشهاد "مصطفي" كان لديه ولدينا جميعاً إحساس كبير أننا اقتربنا من وداعه خاصة أن أسلوب حياته اختلف تماماً في أيامه الأخيرة أصبح أكثر زهداً في الحياة وأكثر قرباً من الله . ودائماً كان يوصينا حال استشهاده أن أولاده لا يتأثرون بأي شئ ولا يخرجون في الإعلام ويظلوا محتفظين بحياتهم الخاصة. رافضاً أي توظيف لاستشهاده وقال: "خذوا ثوابي وابعدوا أسرتي عن الأضواء" . وبعد استشهاده نال ما كان يتمني ورغم أن فراقه صعب جداً فقابلنا هذا بالصبر والايمان بقضاء الله وسعداء ببطولته وبسالته في سبيل وطننا. وبسيرته المشرفة التي ستظل صفحة مضيئة في حياتنا وحياة أسرتنا فنحن عشاق تراب مصر. وهنحميها بصدورنا ودمنا في حربها ضد الارهاب ولتطهير سيناء الحبيبة من أوكار وعصابات الإرهاب من أجل أن ننعم بالأمن والاستقرار ونثأر لشهدائنا الأبرار. زملاؤه في سيناء ويستكمل الحديث اثنان من زملاء الشهيد في سيناء يقول الأول أن الشهيد البطل مصطفي الخياط كانت صفاته صفات الرجل العسكري العاشق لبلده والمخلص لعمله. شجاعا مقداما وشهما منضبطا في كل شئ .. إنسان بكل ما تعنيه الكلمة حريص علي إقامة الصلوات في موعدها وصيام اثنين وخميس من كل أسبوع. وعلاقته بالعساكر وضباط الصف كانت علاقة أخوية وليس قائداً لمرءوسيه بل بمثابة أخ أكبر لأخواته ويروي زميله الثاني أن آخر لحظات جمعته بالشهيد البطل قبل الخروج لمداهمة في جنوب غرب الجورة قام "مصطفي" رحمة الله عليه في الصباح الباكر وفاجأنا بأنه حلق شعره وذقنه وشاربه وقال لي"إيه رأيك في النيولوك ده". فقلت له أنت هتتزوج تاني ولا إيه قالي لا هتوكل علي الله" وكأنه كان علي يقين بدنو الأجل وأنه سينال الشهادة فأحب أن يلقي الله وهو في أبهي صورة.