كثيرا ما يلح علي ذهني هذا السؤال: هل نتعامل - نحن العرب - بطريقة صحيحة مع الدول الثلاث الأكثر تأثيرا في منطقة الشرق الأوسط وهي أمريكا وبريطانيا وإسرائيل؟ بمعني آخر هل نمتلك استراتيجية بعيدة المدي تنتهي بنا إلي التعامل بنوع من الندية مع هذه الدول؟ أصبح هذا السؤال أكثر الحاحا بعد رفض القيادة الفلسطينية في رام الله والقيادات الدينية في مصر استقبال نائب الرئيس الأمريكي مايك بنس خلال زيارته الأخيرة للمنطقة احتجاجا علي قرار ادارة الرئيس دونالد ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لاسرائيل.. ألم يكن من الأجدي ان نأتي بخبير في قضية القدس وتاريخها ليوضح لنائب الرئيس الأمريكي الحق العربي والفلسطيني في هذه المدينة المقدسة رمز السلام أو التي من المفروض ان تكون رمزا للسلام. ان العرب لا يمتلكون استراتيجية أو رؤية للتعامل مع اعدائهم أو منافسيهم فبعض العرب يسير في ركب أمريكا ويقول لها أمين في كل ما تفعل وبعضهم الآخر عادي أمريكا مثل صدام حسين والقذافي وبشار ورأينا كيف انتهي مصير هؤلاء القادة ودولهم في تقديري يري ان الانبطاح لأمريكا خطر ومعاداتها اكثر خطورة وثمة مقولة تنسب لوزير الخارجية الأمريكي الاسبق هنري كيسنجر "من الخطر" ان تصادق أمريكا والأخطر ان تعاديها وهذا صحيح فأمريكا دولة تجمعت وتبلورت فيها عبقرية العمل والانتاج والقوة وقد بلغت في هذا الحقل ما لم تبلغه أمة من الأمم.. فأمريكا تنتج أكثر من خمس انتاج العالم. وتنتشر قواعدها في كل ارجاء الأرض حتي انها تمتلك 95 في المائة من القواعد الأجنبية.. دولة بهذه المواصفات من الغباء ان تعاديها ومع ذلك من الخطأ ان تتحالف معها وتذوب فيها.. لماذا؟ لأن أمريكا تنتهج سياسة براجماتية تخلو من القيم الإنسانية ومن العدل وأمريكا بالتعبير المصري العامي "قليلة أصل" انظر ماذا تفعل بحلفائها في العالم العربي وانظر ماذا تريد لتركيا حليفتها وربيبتها في حلف الناتو.. ان الوجود العسكري الأمريكي في سوريا لا يهدف إلي تقسيم سوريا وحسب انما يستهدف تقسيم تركيا ارضاءً لإسرائيل وتحقيقا لنبوءة في الكتاب المقدس. لقد نجحت أمريكا في الشرق الأوسط نجاحا باهرا فهي التي اطاحت بصدام حسين وتحاول الآن الاطاحة ببشار ونجحت من قبل ازاحة مصدق في ايران والاطاحة بعبدالكريم قاسم ونجحت في تقسيم السودان وانشأت داعش وتعمل الآن لتفكيك سوريا والعراق وحتي تركيا.. وكل ذلك من اجل ارضاء الصهيونية وتحقيق حلم إسرائيل الكبري في المنطقة وتفكيك العالم الاسلامي.