وزير الطيران: مصر نجحت في إدارة أزمة إغلاق المجالات الجوية المجاورة    اتفاقية تعاون لتأهيل شباب شمال سيناء في مجال الاتصالات    ولي العهد السعودي يجدد للرئيس الإيراني إدانة بلاده للاعتداءات الإسرائيلية    عمرو أديب عن سخرية الإخوان من الهجمات الإيرانية على إسرائيل: كلاب لندن متوزع عليهم نفس الكلام    "لا أنتظر قرار الإدارة بشأن مستقبلي".. أيمن الرمادي يُعلن الرحيل عن تدريب الزمالك    الإسكندرية تستعد لاستضافة البطولة الدولية للبادل بمشاركة 125 فريقا    بعد 22 يومًا.. العثور على جثة شاب غرق خلال الاستحمام بنهر النيل في قنا    لطيفة التونسية تفجع بوفاة شقيقها وتنعاه بكلمات مؤثرة    رومانو يكشف النادي الذي يرغب جيوكيريس للانتقال له    وسائل إعلام إيرانية: الضربة الجديدة على إسرائيل تمت ب100 صاروخ    الرقابة النووية: مصرآمنة    "التعليم" تكشف تفاصيل الاستعدادات ل امتحانات الثانوية العامة غدًا    رئيس بعثة الحج السياحي المصرية: موسم الحج هذا العام من أنجح المواسم على الإطلاق    النيابة الإدارية تؤكد استمرار جهودها لمكافحة ختان الإناث ومحاسبة مرتكبيه    "الأوقاف": بدء إجراءات التعاقد مع مستوفي شروط مسابقتي 2023 للأئمة وللعمال    منتخب كرة اليد الشاطئية يحرز برونزية الجولة العالمية بالفوز على تونس    فات الميعاد الحلقة الحلقة 2.. أسماء أبو اليزيد تخبر زوجها بأنها حامل    نارين بيوتي تخطف الأنظار رفقة زوجها في حفل زفاف شقيقتها    أدعية مستجابة في شهر ذي الحجة    الهلال الأحمر المصرى: تنظيم حملات توعوية لحث المواطنين على التبرع بالدم    على البحر.. ميرنا نور الدين تخطف الأنظار بأحدث إطلالاتها    رئيس مجلس الشيوخ: الشباب المصري العمود الفقري للدولة الحديثة ووعيهم السلاح الأقوى لمواجهة التحديات    خبير: إسرائيل تحاول استفزاز حزب الله لجره لساحة الحرب    قائد بوتافوجو: مستعدون لمواجهة أتليتكو مدريد وسان جيرمان.. ونسعى لتحقيق اللقب    محافظ المنيا يُسلم 328 عقد تقنين لأراضي أملاك الدولة    روبرت باتيلو: إسرائيل تستخدم الاتفاقات التجارية لحشد الدعم الدولى    نور الشربيني من الإسكندرية تؤازر الأهلي في كأس العالم للأندية    مصدر ليلا كورة: الزمالك يرحب بعودة طارق حامد.. واللاعب ينتظر عرضًا رسميًا    "الإصلاح المؤسسي وتحسين كفاءة الخدمات الحكومية".. جلسة تثقيفية بجامعة أسيوط    تعليمات لرؤساء لجان امتحانات الثانوية العامة بالفيوم    بأغاني رومانسية واستعراضات مبهرة.. حمادة هلال يشعل أجواء الصيف في حفل «بتروسبورت»    شركة سكاى أبو ظبي تسدد 10 ملايين دولار دفعة مقدمة لتطوير 430 فدانا فى الساحل الشمالي    ديمبيلي يكشف عن الهدف الأهم فى مسيرته    والدة طفلة البحيرة بعد قرار رئيس الوزراء علاجها من العمي: «نفسي بسمة ترجع تشوف»    امتحانات الثانوية العامة.. الصحة تعتمد خطة تأمين أكثر من 800 ألف طالب    رئيس الوزراء يتفقد مركز تنمية الأسرة والطفل بزاوية صقر    تعاون بين «إيتيدا» وجامعة العريش لبناء القدرات الرقمية لأبناء شمال سيناء    كأس العالم للأندية.. باريس الباحث عن موسم استثنائي يتحدى طموحات أتلتيكو    الأكاديمية العسكرية تحتفل بتخرج الدورة التدريبية الرابعة لأعضاء هيئة الرقابة الإدارية    محافظ كفر الشيخ يُدشن حملة «من بدري أمان» للكشف المبكر عن الأورام    لطلاب الثانوية العامة.. نصائح لتعزيز القدرة على المذاكرة دون إرهاق    خبير اقتصادي: الدولة المصرية تتعامل بمرونة واستباقية مع أي تطورات جيوسياسية    وزير الخارجية البريطاني يعرب عن قلقه إزاء التصعيد الإسرائيلي الإيراني وندعو إلى التهدئة    السجن المؤبد ل5 متهمين بقضية داعش سوهاج وإدراجهم بقوائم الإرهاب    تخفيف عقوبة السجن المشدد ل متهم بالشروع في القتل ب المنيا    أهم أخبار الكويت اليوم السبت 14 يونيو 2025    غدا.. بدء التقديم "لمسابقة الأزهر للسنة النبوية"    "القومي للأشخاص ذوي الإعاقة" ومؤسسة "شجرة التوت" يطلقان فعاليات منصة "القدرة على الفن - Artability HUB"    غدا .. انطلاق فعاليات مؤتمر التمويل التنموي لتمكين القطاع الخاص    مصرع شاب سقط من الطابق الرابع بكرداسة    طلب إحاطة يحذر من غش مواد البناء: تهديد لحياة المواطنين والمنشآت    إيران تؤكد وقوع أضرار في موقع فوردو النووي    مراسلة «القاهرة الإخبارية»: مستشفيات تل أبيب استقبلت عشرات المصابين    مدبولي: الحكومة تبذل قصارى جهدها لتحقيق نقلة نوعية في حياة المواطنين    الصحة: قافلة متخصصة في جراحات الجهاز الهضمي للأطفال ب«طنطا العام» بمشاركة الخبير العالمي الدكتور كريم أبوالمجد    حجاج مصر يودّعون النبي بقلوب عامرة بالدعاء.. سلامات على الحبيب ودموع أمام الروضة.. نهاية رحلة روحانية في المدينة المنورة يوثقوها بالصور.. سيلفي القبة الخضراء وساحات الحرم وحمام الحمى    «الإفتاء» توضح كيفية الطهارة عند وقوع نجاسة ولم يُعرَف موضعها؟    ما حكم أداء النافلة بين الصلاتين عند جمع التقديم؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من ينقذ العراق من ويلات التقسيم
نشر في الأسبوع أونلاين يوم 25 - 09 - 2017

بعد المخطط الشيطاني الذي أعدته أمريكا وحلفائها لغزو العراق عام 2003 وبعد أكذوبة الأسلحة النووية التي جعلوا منها ذريعة للنيل من العراق ، بل وبعد إعدام ورحيل الرئيس صدام حسين الذي مات مدافعا عن وحدة وسلامة أرضه والوقوف ضد المؤامرات التي كانت تحاك ضده ها هو العراق الذي كان قويا وأبيا بشعبه وجيشه ورئيسه وأمته العربية يعاني من نار الخراب والدمار والتنظيمات الإرهابية والاقتتال الطائفي والعرقي وصولا إلى الهدف المنشود الذي سعت له أمريكا بمساعدة غربية وصهيونية وهو تقسيم العراق وعزله عن أمته من خلال زرع دولة كردية في إقليم كردستان على غرار زرعها لإسرائيل في جسد الأمة العربية وجسد أرض فلسطين من قبل وعلى غرار فصل جنوب السودان عن شماله والعمل على مواصلة فكرة التقسيم في باقي الدول العربية ومنها ما تخطط له أمريكا الآن في سوريا وسعيها لإقامة دولة كردية بشمالها عن طريق قوات وحدة الشعوب الديمقراطية كما حدث ويحدث الآن في إقليم كردستان العراق .
إن تصميم أكراد العراق على إجراء الاستفتاء اليوم من أجل الانفصال عن الحكومة المركزية في بغداد لإقامة دولة كردية سيجعل العراق العربي الذي كان موحدا عراقا في مهب الريح ، فماذا يمكن أن يبقى للعراق إذا ما سمح باقتطاع جزء من جنوبه الغالي المليء بإرثه الحضاري والمليء بالثروات والمقدرات والذي ظل عبر تاريخه في تجانس مع أعراقه ومكوناته لكي يتحول في يوم وليلة تحت اسم دولة أخرى وكيان أخر مختلف عن البلدان العربية ، فبعد أن نجحت القوى الاستعمارية الغاشمة في زرع إسرائيل في قلب الأمة العربية ها هي تسعى الآن لإتمام صفقتها التي ظلت لقرون تخطط لها وهي إقامة كيان كردي تسعى من خلاله لتقسيم العراق بعد أن غزت أرضه وشنقت رئيسه وفككت أوصال جيشه ومؤسساته تمهيدا إلى إقامة كيان كردي في إقليم كردستان ، فهل يسمح أحرار العراق بتقسيم بلدهم ؟ هل يقدرون مع أشقائهم العرب خطورة تلك المؤامرة ؟ هل هم واعون بفداحة وآثار هذا المخطط الذي أعده سلفا أعداء العراق وفى مقدمتهم إسرائيل ؟ هل تغض الجامعة العربية والقادة العرب وشرفاء العراق الطرف عن هذا المخطط والوقوف عند حد الشجب والاستنكار ، وإذا كانوا على قدر المسئولية فلماذا لا يقفون وقفة رجل واحد في وجه القوى الاستعمارية ووجه الأكراد الساعون للتقسيم ,والوقوف في وجه كل الدعوات الداعية لتأجيج العرقية والمذهبية والتقسيم للحفاظ على العراق موحدا ، أم أنهم سيتوقفون عند حد الاستنكار والشجن ويمكنوا المخطط الأمريكي الصهيوني من التحقيق بتنفيذ المشروع الكردي الانفصالي الذي يسعى بتوسيع طموحاته وعدم رضاه بالفيدرالية والحكم الذاتي وعدم رضاه بالأرض التي اكتسبها بل بإقامة الدولة الكردية وضم أراضي أخرى إلى المحافظات الكردية الثلاث على حساب العراق وعلى حساب دفعه إلى الخراب والاقتتال ومزيد من التقسيم من خلال المشروع الكردي البرزاني العبسي الذي سوف يدفع بالعراق وشعبه الحر إن عاجلا أم آجلا إلى نشوب حرب مدمرة وطويلة الأمد أشبه ما تكون إلى الحرب العراقية الإيرانية التي حملوا نتائجها وآثارها على الرئيس الراحل صدام ، فالكارثة والطامة الكبرى هي أن يتم هذا الاستفتاء ليمكن برزاني وحكومته من النفاذ إلى إقامة دولة كردية وعندها ستكون بمثابة نكبة فلسطين الثانية عندما تقسم العراق وتترك باقي أراضيه بلا موارد طبيعية وبلا ثروات ليعيش شعبه في الفقر والخراب والفوضى والاقتتال .
نبذة تاريخية عن إقليم كردستان العراق
يقع إقليم كردستان العراق في شمال البلاد يحده من جهة الشرق إيران ويحده تركيا من جهة الشمال ، وسوريا غربا وبقية مناطق العراق جنوبا ، وهو إقليم يتمتع بحكم ذاتي وعاصمته محافظة أربيل التي تخضع لحكومة الإقليم وتخضع وفق الدستور العراقي الجديد إلى الحكومة المركزية في بغداد وتخضع له محافظات ثلاث هي دهوك وأربيل والسلمانية ويقطن في تلك المحافظات العرب والتركمان والسريان والكلدان والآشوريين إضافة إلى جنسيات تركية وإيرانية وأسيوية مختلفة ومعظم سكانه من المسلمين مع وجود أقليات دينية أخرى كالمسيحيين والأزيديين والشبك والكاكائيين والغجر وغيرهم ، وتعتبر اللغة الرسمية هي الكردية والعربية ، كما أن العملة الرسمية بالإقليم هي الدينار العراقي ويبلغ عدد سكانه ما يقارب 6 مليون نسمة تقريبا ، وبرغم أن هذا الإقليم قد نجا من حالة الفوضى التي عصفت بالعراق بعد سقوط الرئيس الراحل صدام حسين عام 2003 إلا أن الإقليم ما يزال بمثابة منطقة مغلقة بسبب ما يحيط به من دول غير متعاطفة وغير راضية عن إقامة الدولة الكردية ومنها تركيا وإيران وسوريا ثم الدول العربية إضافة إلى وجود مناطق حول الإقليم مازال متنازع عليها بين حكومة الإقليم وحكومة العراق المركزية ومنها كركوك الغنية بالنفط .
ويعود إنشاء إقليم كردستان العراق إلى معاهدة الحكم الذاتي التي وقعت في مارس عام 1970 والتي نجمت عن اتفاق بين المعارضة الكردية والحكومة العراقية بعد سنوات من القتال الذي استمر طويلا حتى بعد انتفاضة تلك المناطق ضد الرئيس صدام حسين حتى أنشئت بالشمال منطقة حظر للطيران بعد حرب الخليج الثانية الأمر الذي جعل تلك المنطقة ملاذا أمنا لعودة اللاجئين الأكراد الذين اشتركوا فيما بعد في محاربة القوات الحكومية العراقية التي غادرت الإقليم في أكتوبر عام 1991 ، وبرغم التهدئة فقد ظل الإقليم تابعا للعراق حتى مجيء القوات الأمريكية وغزوها العراق عام 2003 وتمكنها من التخلص من الرئيس صدام حسين ليشكل الغزو الأمريكي نقطة تحول في أمور العراق والعراقيين عندما شهد تغيرات سياسية وأمنية مع انهيار الجيش العراقي وتعيين حاكم مدني له وبدء أمريكا بمساندة القوى الغربية وإسرائيل من تنفيذ مخطط التقسيم ومكافأة المعارضة العراقية ورموزها بالخارج والتي ساعدت في تسهيل غزو العراق ثم مكافأة أكراد إقليم كردستان على ما قدموه من عون لوجيستي ومعنوي واستخباراتي للقوات الأمريكية لتسهيل غزوها العراق بوعد الأكراد بمساندتهم في إقامة دولتهم والتي بدأت بتدعيم حكمها الذاتي وإقراره بالدستور العراقي الذي أقر عام 2005 بإشراف أمريكي ، وبسبب الغزو الأمريكي انهار العراق عسكريا واقتصاديا وتسبب سوء إدارته من جانب الأمريكان تدخل الإيرانيين والأتراك في شئونه الداخلية ومنها بث روح المذهبية والعرقية وسرقة مقدراته وثرواته وآثاره ، والأخطر من ذلك هو تنفيذ باقي المخطط بوصول التنظيمات الإرهابية وسيطرتها على الكثير من الأراضي العراقية كتنظيم القاعدة ثم تنظيم داعش الإرهابي الذي حول العراق إلى الدمار والخراب والفوضى طوال فترة عهد حكومة المالكي التي عينها الأمريكان ووصولا إلى حكومة حيدر العبادي التي مازالت تواجه هذا الإرث الثقيل وسعيها المتواصل إلى بناء مؤسسات الدولة العراقية وعلى رأسها المؤسسة العسكرية والأمنية وتطهير العراق من الإرهاب والفساد ومحاولة استعادة العراق معافى إلى الحاضرة الدولية .
وبالرجوع إلى العام 2005 نجد أن العراق وبعد لملمة جراحه من الغزو الأمريكي وتحرره من حاكمه الأمريكي بريمر فإنه قد شهد مع حكومة المالكي التي باركها الأمريكان ميلاد الدستور الجديد الذي حدد منطقة كردستان العراق ككيان فيدرالي تابع للعراق وليتمتع الإقليم بحكم ديمقراطي برلماني مع حكم برلماني إقليمي يتكون من 111 مقعد وليتم تعيين مسعود البرزاني رئيسا له ، وقد أصبح هذا التاريخ هاما بالنسبة لأكراد إقليم كردستان عندما جدد حلمهم الطويل منذ نهاية الحرب العالمية الأولى وهو إقامة دولتهم التي شهدت خلال المائة عام المنصرمة الكثير من الحروب والثورات ومنها ثورة برزاني 1960 : 1970 ثم الحرب الكردية العراقية الثانية ثم اتفاق 1970 الذي لم يدم طويلا ثم الحرب العراقية الإيرانية وحملة الأنفال وغيرها وصولا إلى الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 الذي كان بمثابة نقطة التحول الكبرى في حياة الأكراد وحلمهم بمساعدة الأمريكان والغرب على إقامة دولتهم ، فما هو سر تلك العلاقة بين أمريكا والأكراد .
أمريكا وعلاقتها بأكراد العراق
وترجع تلك العلاقة برغم قدمها إلى العام 1973 وفق موسوعة الويكيبديا عندما قدمت أمريكا اتفاقا سريا مع شاه إيران محمد رضا بهلوي لبدء تمويل المتمردين الأكراد سرا ضد حكومة بغداد من خلال وكالة الاستخبارات الأمريكية وبالتعاون مع الموساد الإسرائيلي لتنشط بعدها العمليات العسكرية الكردية لصالح الحركة الكردية حتى تم عقد اتفاقية عام 1975 بحضور صدام حسين نائب رئيس مجلس قيادة الثورة في حينه وبحضور شاه إيران تم خلالها تنازل العراق عن نصف شط العرب لصالح إيران مقابل طرد الأكراد وتوقف مساعدة الإيرانيين لهم مع سيطرة الحكومة العراقية على الشمال ليتجدد القتال مع الأكراد مرة أخرى عام 1977 وحتى 1979 ، وهي حروب شهدت حرق الكثير من القرى الكردية ثم اندلاع الحرب الإيرانية العراقية وخلالها شهدت المناطق الكردية هجوم كبير من القوات العراقية بعد تشكيلها ما يسمى بحملة الأنفال واتهام القوات العراقية والرئيس صدام بالإبادة الجماعية للأكراد وما أشيع عن استخدام الأسلحة الكيميائية وتوظيف الرئيس صدام مجاهدي خلق الإيرانيين لقتال الأكراد .
وخلال حرب الخليج الثانية لعب أكراد العراق دور هام فيها عندما انضمت الأحزاب الكردية واتحدت ضد الحكومة العراقية والجيش العراقي خلال الحرب ، وفي ربيع العام 2003 لعبت القوات العسكرية الكردية والمعروفة باسم البشمركة التي تم تدريجها على أيدي الموساد الإسرائيلي دورا رئيسا بالإطاحة بالحكومة العراقية ، وعندها قام الإعلام الأمريكي والغربي عبر الإعلان بإنشاء تعاطف دولي لقضية الأكراد أمام المجتمع الدولي ، كما أن أمريكا التي أشرفت على إخراج الدستور الجديد قامت بتعيين جلال الطلباني زعيم حزب الاتحاد الوطني الكردستاني رئيس للدولة العراقية ، وتعيين مسعود البرزاني قائد الحزب الديمقراطي الكردستاني رئيس لحكومة كردستان وهو المسئول الأول عن مؤامرة التقسيم, كما أن أمريكا كانت من أوائل الدول التي أقامت لها تمثيل دبلوماسي وإقامة جامعة أمريكية في إقليم كردستان ، ولا يخفى عن أحد بأن الأكراد بعد الغزو الأمريكي قد دعوا لإعادة الهيكلة السياسية والجغرافية لضم مزيد من الأراضي إلى المحافظات الثلاث والإدعاء بمساندة أمريكية بأنها مناطق كردية ومنها مناطق في نينوى وكركوك وديالى وهي مناطق تحتوي بجانب المحافظات الأخرى على غالبية الثروات العراقية ، ومن دلائل العلاقات الأمريكية مع كردستان هو أن إقليم كردستان لم يتعرض لأي حوادث اعتداء أو قتل لأي جندي من قوات التحالف منذ غزو العراق عام 2003 ، كما أن أمريكا لم تسمح بعد سقوط الموصل في أيدي داعش عام 2014 بدخول الإرهابيين إلى منطقة أربيل التي تعتبرها أمريكا خط أحمر لا يسمح لأحد بتجاوزه وعندها قامت أسراب من طائرات التحالف بقيادة أمريكا بضرب تنظيم داعش وبما لم تقم به الإدارة الأمريكية في باقي الأراضي العراقية ، ولا يخفى على أحد أن أمريكا بالتعاون مع إسرائيل قد قاموا بتدريب قوات البشمركة وتزويدها بكافة الأسلحة المتطورة خلال السنوات الماضية مع إنشاء قواعد أمريكية بها لإمكانية استخدامها ضد إيران في وقت ما ، وما تزال أمريكا تمد الإقليم بالأسلحة المتطورة دون الرجوع للحكومة المركزية في بغداد تسعى أمريكا إلى بناء قوات منظمة للإقليم تكون حليفة لها ويمكن تطويرها بشكل متكامل وفق مقتضيات ومتغيرات المرحلة المقبلة .
ما فعله بول بريمر بالعراق
يعد بول بريمر الذي عينه الرئيس الأسبق جورج بوش حاكما مدنيا للعراق عام 2003 أول من نفذ مخطط تغيير تضاريس العراق السياسية والعسكرية والاقتصادية والتشريعية من خلال قراراته المصيرية التي اتخذها خلال فترة حكمه للعراق والتي استمرت إلى 13 شهر تمكن خلالها من استكمال المهمة التي قام بها أكثر من 130 ألف جندي لغزو العراق ، وهي قرارات كلفت العراق الكثير من الويلات ومنها ويلات التقسيم التي نشهدها الآن ومنها ما يتعرض له الآن العراق من فوضى وتنظيمات إرهابية وخراب ودمار ومضاعفات بسبب تبعات قراراته الخطيرة التي سببت للعراق الأزمات والانهيارات ، ومنها أنه المسئول عن حل الجيش العراقي وإلغاء أجهزته الأمنية والاستخباراتية لتدمير قدرات العراق الدفاعية والأمنية كهدف استراتيجي أمريكي كان الهدف منه وما يزال حفظ أمن دولة إسرائيل وضمان تفوقها العسكري والاقتصادي على الدول العربية ، كما أنه المسئول عن حلول التنظيمات الإرهابية التي تم التخطيط والسماح بانتشارها ووفودها إلى العراق وسوريا ودول المنطقة لتنفيذ مخطط التقسيم تحت مفهوم الشرق الأوسط الجديد الأمر الذي أدى إلى سقوط الموصل والكثير من الأراضي العراقية في أيدي داعش الإرهابي ، كما أنه هو المسئول بقراراته إلى العمل على ضرب اقتصاد العراق وضرب الصناعة الوطنية وسرقة الأموال والثروات والآثار العراقية وتهريبها مع العملة الصعبة والمقدرات العراقية إلى الخارج ، كما انه أول من دبر لنشر الطائفية وتأجيج نار الفتنة والانقسام عند الأكراد و تأليه الشيعة والسنة وضرب وتعقب البعثيين وسجن وتعذيب الأبرياء بالسجون والعمل على تقسيم الشعب العراقي إلى طوائف وقوميات متناحرة بما لم يشهده العراقيون من قبل , وبكلمة وداع فياضة اختتم هذا الأمريكي الصهيوني في مذكراته مهمته التي وصف فيها العراق بعد كل ما فعله بها وبشعبها بأنها قطعة من قلبه ستظل باقية في أراضيها الممتدة بين النهرين وبين جبالها المهيبة وشعبها الرائع وغيرها من الأسباب والعلاقات التاريخية التي تدل على تلك العلاقة التاريخية التي حان قطافها عبر الخيانة الآن بسعي أكراد العراق لإقامة دولتهم وتقسيم العراق بمساعدة المتآمرين ومنهم بعد أمريكا كانت إسرائيل فما هي تلك العلاقة .
علاقة إسرائيل بحكومة كردستان
برغم سرية العلاقة بين هذين الكيانين فإنها وبما لا يخفى على أحد كانت علاقة تآمر على العراق وعلى سوريا وعلى كافة الدول العربية من خلال العلاقات التجارية والعسكرية والاستخباراتية وإقامة سفارة إسرائيلية في إقليم كردستان بما يدل على قدم العلاقة وقدم التآمر التي تمكن الأمريكان من تطويرها وتطويعها لصالح إسرائيل بعد الغزو الأمريكي للعراق بجعل الكثير من تلك العلاقات علنيا ومنها العلاقات العسكرية والتدريبات التي قامت بها إسرائيل لإنشاء قواعد متطورة يمكن النفاذ منها لضرب القواعد النووية الإيرانية ومساندة التمرد الكردي ضد العراق في ستينات وسبعينات القرن الماضي وحتى الآن ، وتورط أكراد كردستان العراق في العملية الجوية الإسرائيلية التي قامت في بداية ثمانينيات القرن الماضي لضرب المفاعلات النووية العراقية ، كما أن هزيمة الجيش العراقي وتفكيكه يعتبر بمثابة الهدية الأمريكية الكبرى لإسرائيل وضمان تفوقها العسكري الأبدي على العرب لتقوية المركز الاستراتيجي لإسرائيل ، فلا النفط ولا الديمقراطية ولا حقوق الأقليات التي تتشدق بها أمريكا ولا ديكتاتورية صدام وغيرها من الأكاذيب كانت السبب الرئيس في غزو أمريكا للعراق بل كان الهدف الأساسي من ورائها هو توسيع مجال التفوق الإسرائيلي لمئات السنين المقبلة وهو المخطط الذي تحيكه أمريكا الآن في العراق وسوريا الآن بعدان نجحوا بمساعدة الموساد الإسرائيلي في خلق تحالفات مع الأكراد ودعمهم في مراحل معينة وعلى غرار ما يحدث الآن مع قوات الشعوب الديمقراطية في سوريا ,ومن دلائل ذلك أيضا انه في الوقت الذي يرفض فيه برلمان وحكومة العراق والدول الإقليمية والدولية فكرة الاستفتاء والتقسيم الذي تصمم عليه حكومة إقليم كردستان فان إسرائيل وحدها تؤيد تلك الخطوة وإعلان نيتنياهو تأييده لمساعي الأكراد نحو إقامة دولتهم وبما يعبر عن عمق العلاقات القوبة والمصالح القذرة القائمة بين الطرفين وبما يضر بمصالح الأمة العربية ، وإذا كانت هذه المواقف لبعض القوى الدولية غير معلن تجاه نوايا الأكراد في إجراء الاستفتاء والتقسيم فما هي المواقف المعلنة من جانب الدول الإقليمية والدولية بخصوص إقبال الأكراد على تحدي الدول وإجراء الاستفتاء .
المواقف الرسمية المعلنة للدول الإقليمية والدولية ورؤيتها تجاه الاستفتاء
أولا الموقف العراقي الرسمي من الاستفتاء :
في الوقت الذي يصر فيه إقليم كردستان بقيادة البرزاني على إجراء الاستفتاء في هذه المرحلة الصعبة التي يمر بها العراق وما يشهده من اضطرابات أمنية وعرقية وطائفية وسياسية وما يشهده العراق من ضعف وتمزق وتشرذم وانشغاله بتطهير المناطق العراقية من تنظيم داعش الإرهابي ترى الحكومة المركزية في بغداد في هذا الأمر خرقا واضحا للدستور العراقي الذي أقر من قبل بالحكم الذاتي للإقليم المرتبط بالحكومة الاتحادية العراقية الأمر الذي قابله البرلمان العراقي الذي اجتمع الأسبوع معلنا رفضه التام لإجراء الاستفتاء وتفويض حيدر العبادي باتخاذ كافة التدابير اللازمة للحفاظ على وحدة البلاد وفقا للدستور ، كما استخدم البرلمان ضغوطه على الأكراد وأعلن بأغلبية ساحقة إقالة محافظ كركوك نجم الدين كريم من منصبه لدعوته المشاركة في الاستفتاء مما يمكن أن يؤجج الحروب والصراعات بالمنطقة التي يمكن أن يخسر من خلالها الإقليم مكتسباته التي حصل عليها مقابل دفعه الثمن غاليا .
ثانيا موقف أمريكا والغرب المعلن من الاستفتاء :
أقر البيت الأبيض رسميا من خلال بيانه الصادر مؤخرا برفضه إجراء الاستفتاء ورأى فيه خطر كبير يمكن أن يقوض الجهود المحلية والدولية تجاه محاربة تنظيم داعش وتطهير كافة الأراضي العراقية وتحقيق الأمن والاستقرار في المناطق المحررة ، كما رأت الإدارة الأمريكية في نية حكومة كردستان إجراء الاستفتاء في بعض المناطق المتنازع عليها بمثابة العمل الاستفزازي الذي يمكن أن يؤدي لزعزعة الاستقرار في المنطقة ، وأعلنت الإدارة الأمريكية في الوقت نفسه وفي حالة عدم إجراء الإقليم للاستفتاء يوم 25 من سبتمبر الجاري قيامها بالجهد المطلوب والوساطة في الحوار لتقريب وجهات النظر بين أربيل وبغداد وتحقيق مكتسبات جديدة للإقليم كما سبق وأن قدمت أمريكا بمساعدة انجلترا وفرنسا وألمانيا مقترحات هامة وبديلة للاستفتاء إلى حكومة إقليم كردستان دون أن تحصل من الإقليم على الرد على تلك المقترحات ، وفي الوقت الذي كانت تنتظر فيه أمريكا الرد من مسعود البرزاني أعلن الإقليم من خلال اجتماع برلمانه الذي انعقد مؤخرا وأقر بإجراء الاستفتاء في موعده وبحضور 68 من أعضائه البالغ عددهم 111 عضو ليقوض البرلمان جهود المجتمع الدولي ويعارض الحكومة المركزية في بغداد ويصر على إجراء الاستفتاء داخل الإقليم وخارجه .
إن أمريكا تسعى من خلال تدخلها في عملية الاستفتاء إلى الحفاظ على حلفائها الإقليميين ومنها علاقتها بتركيا والبلدان العربية الرافضة للتقسيم ولهذا فإن أمريكا تأخذ في عي الاعتبار مصالح الجانب التركي الرافض لإقامة دولة كردية وبما يهدد الأمن القومي التركي وإمكانية قيام الأكراد الآخرين ومنهم أكراد تركيا للمطالبة بإقامة دولة وكيان كردي أخر يمكن أن يطوق تركيا ، ولهذا فإن أمريكا وعبر موقفها المعلن قدمت الكثير من المقترحات والمساعدات لثني إقليم كردستان عن إجراء الاستفتاء ، كما أن المجتمع الدولي ممثلا في الأمم المتحدة ومجلس الأمن قد أقر عبر قياداته مؤخرا بعدم دستورية وإجراء الاستفتاء وتفضيل الحوار لحل الأمور العالقة بين الإقليم وبين الحكومة المركزية في بغداد من أجل التوصل إلى حل سلمي بين الطرفين ، وبرغم المناشدة الدولية بإلغاء الاستفتاء فإن البرزاني ووفق ما خطط له يصر على إجراء الاستفتاء في موعده ويقيم الاحتفالات والمهرجانات بعد تكليفه المفوضية العليا للانتخابات إجراء الاستفتاء داخل وخارج الإقليم وبرغم ما أعلن الخارجية الأمريكية بعدم تأييد الاستفتاء فإن ذلك لا ينجي أمريكا من تورطها في هذا المخطط الرامي إلى تقسيم العراق ، وإلا فمن أين يأتي البرزاني بتلك القوة التي يعتمد عليها لإجراء الانفصال وبخاصة أمام الرفض التركي والإيراني والسوري ورفض البلدان العربية بل ورفض الحكومة المركزية في بغداد ليصبح إصرار أكراد كردستان بالانفصال ليس له سبب قوي واحد غير الاعتماد على الفيتو الأمريكي المؤيد والمخطط من قبل لفكرة التقسيم ، وإذا كان الموقف الأمريكي يسعى لترضية حلفائه في تلك الأزمة فإنه يسعى أيضا لترضية حكومة كردستان ومكافأتها على ما قدمته لأمريكا وحلفائها طوال السنوات الماضية فإن الموقف الغربي المتجسد في مواقف فرنسا وانجلترا وألمانيا لا يختلف كثير عن الاتجاهات والنوايا الأمريكية عندما جاءت مواقفهم تجاه الاستفتاء مترددة وسلبية ولا يمكن أن يبني عليها العراقيين والعرب الآمال لتجنب وضمان عدم وقوع المحظور .
ثالثا الموقف التركي من التقسيم :
كانت العلاقة بين تركيا وإقليم كردستان مبنية على المصالح المتبادلة بين الطرفين ولكنها في مجملها كانت علاقات متغيرة وتميزت بالتوتر بسبب محاربة تركيا لأسباب سياسية وقومية حزب العمال الكردستاني التركي الساعي إلى إقامة دولة كردية تهدد الكيان التركي ، كما ترى تركيا خطورة كبيرة من جراء وإمكانية انفصال كردستان عن العراق وتكوين دولة كردية يمكن أن تدفع أكراد المنطقة الآخرين في تركيا وسوريا وإيران الأمر الذي يهدد تركيا ، ولهذا فقد أعلن الرئيس أردوغان مؤخرا وعبر الإعلام إمكانية اتخاذ تركيا موقف متشدد من إقليم كردستان وقد بدا ذلك مليا من خلال الاجتماع الذي عقده مجلس الأمن القومي التركي مؤخرا وأصدر بالإجماع قرارات صارمة تحذر من إجراء الاستفتاء ومن مغبة عواقبه ، وسيرى البرزاني بوضوح قرار تركيا القوي تجاه إقبال الإقليم على الانفصال وهو موقف متشدد من جانب تركيا ويأتي متشابه مع الموقف الإيراني الرافض الاستفتاء لأن التعامل الإقليمي مع الأكراد قبل الاستفتاء لن يكون هو نفس التعامل بعد إجراء الاستفتاء حيث يتوقع محاصرة الدول الإقليمية ودول الجوار لإقليم كردستان وعزله عن محيطه الخارجي مما ينذر بوقوع حرب جديدة ضد هذا الإقليم .
رابعا الموقف العربي من الاستفتاء :
جاءت المواقف العربية كلها رافضة لهذا الاستفتاء ومساندة في الوقت ذاته للحكومة العراقية للحفاظ على وحدة الأراضي العراقية وضمان سلامتها واستقرارها ، وقد رفضت الجامعة العربية الاستفتاء وشددت على بقاء العراق موحدة وفيدراليا متعدد المكونات والأعراق ورأت أنه الأجدى للعراق والأكراد والأمة العربية ، وقد دعا الأمين العام بالجامعة العربية أحمد أبو الغيط الثلاثاء الماضي إلى تذكية الحوار بين الفصائل الكردية والحكومة العراقية حفاظا على مكتسبات الدستور الذي شارك الجميع في صياغته بالحفاظ على وحدة العراق وتماسكه واستقراره وإعطاء المرحلة الحالية التكاتف من أجل محاربة الإرهاب والعمل من جانب الأكراد على تطهير الأراضي العراقية وضمها للعراق الموحد وليس بالعمل على ضمها إلى أراضي الإقليم والحفاظ على مكتسبات الفيدرالية ، في الوقت الذي رفض فيه أيضا المجلس الوزاري للجامعة العربية رفضه لفكرة الاستفتاء المزمع إجرائه اليوم الموافق 25 من سبتمبر من الجاري .
فهل ستنجح الضغوط الإقليمية والدولية والعراقية لوقف نوايا حكومة كردستان من الإقدام على إجراء الاستفتاء والسعي نحو الانفصال وتهديد وحدة العراق ؟ أم أن البرزاني وحكومته مصرون على نوايا إقامة الدولة الكردية في قلب الكيان العربي وعندها فلا عزاء للشعب العراقي ولا عزاء للأمة العربية إذا ما تمكن هذا الكيان من إقامة دولته المزعومة على غرار دولة إسرائيل التي تم زراعتها من قبل في جسد الأمة العربية وقلب فلسطين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.