أكد سامح شكري وزير الخارجية أن البحر الأحمر بموقعه المتميز يمثل نقطة التماس بين الجوار العربي والأفريقي ونقطة التقاء قارات العالم القديم إذ شهد البحر الأحمر موجات الهجرات الأولي فيما بينها وكذا بواكير حركة التجارة بين أرجاء العالم منذ العصور القديمة جاء ذلك في الكلمة التي وجهها وزير الخارجية أمس في افتتاح مؤتمر الدول العربية والأفريقية المشاطئة للبحر الأحمر الذي انطلقت أعماله بالقاهرة وألقاها السفير حمدي لوزا نائب وزير الخارجية للشئون الأفريقية وقال شكري إن البحر الأحمر يعد اليوم أحد أهم طرق الملاحة الدولية التي تنقل حوالي 15% من التجارة العالمية كما يعيش في دوله أكثر من 200 مليون نسمة يطمحون إلي تحقيق السلم والاستقرار والنمو ورحب الوزير بالمشاركين في مؤتمر الدول العربية والأفريقية المشاطئة للبحر الأحمر ذلك الشريان المائي المهم الذي كان ومازال جسراً للتواصل بين الحضارات العريقة التي عاشت علي شواطئه منذ فجر التاريخ واضاف ان التاريخ الحديث شهد مساعي عدة سواء فردية أو جماعية قامت بها دولنا لتنظيم شئون البحر الأحمر ومجابهة تحدياته إلا أن هذه المساعي رغم جديتها لم ترق بعد إلي مستوي التنسيق الذي نأمله.. فلا نزال في حاجة إلي إطار مناسب يرسي قواعد تعاون اقتصادي اقليمي متناغم يحقق المنفعة المشتركة ويؤدي إلي إجراء حوار كاشف حيال الأوضاع السياسية في اقليم البحر الأحمر ومحيطه ويوفر في الوقت ذاته صيغة للتنسيق المشترك الفاعل لمجابهة التحديات الامنية في المنطقة واوضح شكري أنه ومع ذلك إلا أن الفرصة لا تزال سانحة اليوم لتدارك ما مضي ويتسق ذلك مع ما دعت إليه القمم العربية الافريقية الماضية لاسيما القمة العربية الافريقية الاخيرة في مالابو عام 2016 من أهمية تعزيز الحوار السياسي لتنسيق المواقف من القضايا الاقليمية وتشجيع الاستثمار وتعزيز التجارة الاقليمية بين الدول العربية والافريقية وتدعونا طموحات تعزيز التعاون المشترك وما يحمله ذلك من فرص فضلاً عن التحديات الراهنة التي تواجهها المنطقة إلي البدء دون ابطاء في جهود تحقيق التنسيق والتكامل اللازمين بين الدول العربية والافريقية المشاطئة للبحر الاحمر. أشار إلي أن الفترة الماضية شهدت تركيزاً من مختلف الاطراف علي جهود مكافحة القرصنة في منطقة القرن الأفريقي سعياً لتقويض هذه الظاهرة السلبية ولضمان عدم امتدادها إلي البحر الأحمر غير أنه مع الانحسار النسبي لحدة تهديدات القرصنة فإن تحديات جديدة تبرز اليوم وتستوجب إيلاءها اهتمامنا وتكاتفنا. منطقة مضطربة قال شكري إن الأوضاع السياسية في منطقة البحر الأحمر لم تكن أكثر اضطراباً في يوم من الايام عما هي عليه الآن آخذاً في الاعتبار الأطماع الخارجية التي تحيق بالإقليم وما تشهده بعض الدول المحيطة من اضطرابات سياسية وامنية وفي هذا الاطار تثير تطورات الأوضاع في اليمن مخاوف عدة إذ تشكل تهديداً للسلم والاستقرار ليس في الداخل اليمني فقط وانما في الاقليم ككل. اكد شكري علي موقفنا الثابت والداعم لوحدة واستقرار وسلامة اليمن وللرئيس هادي وحكومته الشرعية وضرورة الالتزام بالحل السياسي علي اساس المرجعيات المتعارف عليها خاصة قرار مجلس الأمن رقم 2216. اوضح ان شواطئ البحر الأحمر تشهد ايضاً تزايداً في موجات الهجرة غير الشرعية والاتجار في البشر كما تظل اخطار الإرهاب ماثلة في المنطقة مع إصرار الدول الداعمة له علي نشر بذور الفتنة وعرقلة جهود التنمية من اجل مصالحها الخاصة وأشار إلي أن مصر حرصت علي ان تكون في مقدمة الدول المتصدية للإرهاب في المنطقة في إطار مشاركتها في التحالف العربي وفي هذا السياق تشارك القوات البحرية المصرية في تأمين الملاحة في مضيق باب المندب والبحر الأحمر ومنع تهريب السلاح بما يتماشي مع القرارات الدولية ذات الصلة وأضاف أنه ما من شك في ان الاوضاع الاقتصادية لدول البحر الأحمر تتأثر سلباً بمثل هذه التحديات السياسية والأمنية وعلي الرغم من ان الاقليم يمكن ان يمثل منظومة تتكامل فيها عوامل التنمية الاقتصادية من عمالة وفيرة وخبرات عالية ومصادر استثمار وموارد وسوق واسعة إلا أنه لا تزال هناك مساحة كبيرة امام الدول العربية والافريقية المشاطئة للاستغلال الكامل لامكانات وفرص التعاون المشترك فيما بينها بما من شأنه تعظيم الفوائد الاقتصادية لهذه الدول وقد حرصت مصر علي تطوير قناة السويس والمنطقة الاقتصادية المحيطة بها بما من شأنه دعم وتعزيز فرص التكامل الاقتصادي في منطقة البحر الاحمر ولفت شكري إلي أنه مع ادراكنا لوجود قدر من الخلافات بين بعض الدول المشاطئة للبحر الأحمر إلا أننا مقتنعون أنها لا تبلغ الحد الذي يمكن أن يعيق جهودنا في تعظيم استفادتنا المشتركة من البحر الاحمر وايجاد محفل جامع لدوله العربية والافريقية يحقق منفعتها المشتركة وقال إنه وفي تقديرنا فإن إطار التعاون المأمول ينبغي ان يأخذ في الاعتبار التفاوت في مستويات النمو الاقتصادي بين دول البحر الأحمر ومن ثم تباين أهدافها وخططها التنموية الأمر الذي يعني ضرورة تنوع مجالات مشروعات وآليات التعاون والسماح كذلك بسرعات متفاوتة للتنفيذ بما يمكن كل دولة منها من اللحاق بأي مشروع اقليمي وفقاً للملاءمة الوطنية. تعاون.. رغم الخلافات أوضح شكري قائلا ولعل أطر التعاون في منطقة البحر المتوسط خير شاهد علي ان وجود اختلافات في وجهات النظر أحياناً أو قدر من التفاوت الاقتصادي بين الدول المشاطئة لا يعني بالتبعية انتفاء سبل التعاون والتنسيق لتحقيق المنفعة المشتركة وشدد علي اننا علي ثقة من قدرتنا علي التوصل إلي صيغة تفاهم تعزز من التنسيق سعياً وراء هدف واحد هو تحقيق السلام والرخاء لشعوبنا التي تستحق منا ذلك. قال إننا نطرح مبادرتنا هذه اقتناعاً من مصر بأهمية تعزيز ملكية الدول العربية والافريقية المشاطئة للبحر الأحمر لشئونه وضرورة التنسيق بينها لمجابهة تحدياته لذا نعتقد بأننا في حاجة للبناء علي مؤتمر اليوم ومتابعة وتفعيل ما سينتج عنه من توصيات من هذا المنطلق كما أن مصر مستعدة لاستضافة مؤتمر ثان للدول العربية والأفريقية المشاطئة للبحر الأحمر العام المقبل كما نرحب باستضافة أي اجتماعات قد تقترحها الدول المشاطئة سواء لمجموعات العمل المعنية بالبحر الأحمر أو للقطاع الخاص والمستثمرين. اشار في ختام كلمته إلي أننا حرصنا علي ان يتيح جدول اعمال مؤتمرنا هذه الفرصة لكافة الوفود المشاركة للتداول الكافي حول كيفية تعزيز التنسيق فيما بين دولنا في المجالات الاقتصادية والسياسية والأمنية وصولاً إلي خلاصات عن أفضل السبل لتعاوننا المشترك وأثق في أن النقاشات والمداولات البناءة التي ستشهدها جلسات المؤتمر ستتم بالعمق والموضوعية والرغبة في التقارب وتحقيق المنفعة المشتركة بين الدول العربية والأفريقية المشاطئة للبحر الأحمر كما اعرب عن الثقة في أن المؤتمر سيأتي بأفكار وأطروحات جديدة من شأنها تعزيز مصالح دولنا وترسيخ التعاون فيما بينا. يذكر أن مصر تستضيف المؤتمر رفيع المستوي حول "السلام والأمن والرخاء في منطقة البحر الاحمر: نحو إطار اقليمي عربي وأفريقي للتعاون" والذي انطلقت اعماله اليوم لمدة يومين وذلك بمشاركة كبار المسئولين بالدول العربية والافريقية المشاطئة للبحر الأحمر وهي السعودية والأردن وجيبوتي واليمن والسودان ويتناول المؤتمر سبل تعزيز التعاون بين الدول العربية والافريقية المشاطئة للبحر الأحمر من خلال 3 محاور سياسية وأمنية واقتصادية حيث يتناول الشق السياسي بحث الرؤية المشتركة إزاء تحديات الاقليم وأطر العمل العربي الأفريقي المشترك وسبل تنمية التعاون الاقليمي من خلالها وتعزيز سيادة دول البحر الأحمر علي شئونها الداخلية ومياهها الاقليمية وتنسيق المواقف المشتركة بين الدول المشاطئة في المحافل الدولية والاقليمية المختلفة والعوامل السياسية وراء انتشار ظاهرة الارهاب في منطقة البحر الاحمر فضلا عن بناء الكوادر وتبادل الخبرات في مختلف المجالات.