اتفق المراقبون المتابعون لملف سد النهضة. ومياه النيل علي خطة للتحرك علي المستوي المحلي والاقليمي والدولي لمواجهة التعنت الاثيوبي وكشفه أمام الرأي العام العالمي. بما يتيح لمصر اتخاذ كافة الخيارات المناسبة للحفاظ علي أمنها المائي باعتبار ان مياه النيل حياة أو موت وهو ما أكده الرئيس عبدالفتاح السيسي أكثر من مرة وذلك من خلال عدة محاور. "المحور الأول" وهو التحرك علي المستوي الافريقي لتوضيح الموقف المصري وأحقيته الانسانية والتاريخية في مياه النيل ومدي رفض حكومة أديس أبابا لكافة المقترحات والحلول العملية والواقعية لضمان أمن مصر المائي وفي نفس الوقت ضمان التنمية للدولة الاثيوبية بشرح وجهة النظر بالمستندات والوثائق ومدي تطابقها مع القوانين والأعراف الدولية المنظمة للانهار العابرة للحدود وهو ما يساعد علي خلق رأي عام افريقي موحد تجاه الأزمة وذلك في حالة اللجوء إلي عقد جلسة طارئة للدول الأعضاء في الاتحاد الافريقي. كما يتيح لمصر التقدم بشكوي للجنة الأمن والسلم الافريقي باتخاذ قرار يضمن الأمن المائي المصري. وتتضمن خطة التحرك تنفيذ استراتيجية لتعميق التعاون الاقتصادي والتجاري والزراعية بين مصر والدول الافريقية بصفة عامة وحوض النيل بصفة خاصة. بشراكة ايجابية بين القطاعين العام والخاص بتلك الدول وبدعم من الدولة المصرية وتشجيع القطاع الخاص المصري للتوسع في كافة المشروعات التنموية التي تحتاجها دول حوض النيل في ظل حوافز الاستثمار التي تقدمها هذه الدول للاستثمار الأجنبي مثل المنظمات الاقليمية الاقتصادية مثل "الكوميسا والساداك" بما يسهم في خلق علاقات اقتصادية استراتيجية لتحقيق الأمن الغذائي لشعوب دول حوض النيل. "التحرك الدبلوماسي" نحو هيئات التمويل الدولية. والمانحين الذين يتعاملون مع الدول الافريقية خاصة حوض النيل لتوضيح الموقف المصري وحجم الأزمة التي سوف تنتج في ظل التعنت الاثيوبي وتأثير ذلك علي زيادة معدلات الهجرة غير الشرعية إلي الدول الأوروبية التي مازالت تعاني من تزايد معدلات هذه النوعية من الهجرة. خاصة وان كافة الدراسات الأولية التي تمت حول تداعيات عدم الاتفاق أكدت زيادة معدلات النزوح إلي دول الاتحاد الأوروبي. مما سيؤدي إلي تناقص معدلات النمو الاقتصادي بهذه الدول علاوة علي زيادة معدلات البطالة بها. بالاضافة إلي انتشار الإرهاب نتيجة هذه البطالة. ويري المراقبون ضرورة التواصل مع الدول الكبري التي تربطها مصالح استراتيجية مع الدولة المصرية وفي نفس الوقت لديها استثمارات بهذه الدول لبحث مجالات التعاون المشتركة التي تسهم في تراجع الموقف الاثيوبي والحد من تعنته. ولفت المراقبون إلي أهمية تنظيم حملة إعلامية دولية وتحرك دبلوماسي لكشف عدم التزام حكومة أديس أبابا بالاتفاقيات والمواثيق الدولية المنظمة لعلاقات الدول في اشارة إلي اتفاق 1903 الموقع بين بريطانيا وايطاليا باعتبارهما كان يحتلان "مصر واثيوبيا" واتفاق 1929 الموقع مع دول المنابع. مع تقديم المستندات الدالة علي التعنت الاثيوبي أمام مؤسسات ومنظمات التمويل الدولية ومدي اساءتها في استخدام المنح في غير المخصص لها. ويري المتابعون لملف المفاوضات ان السودان تعاملت مع أزمة سد النهضة من منطلق المستفيد علي جميع المستويات. حيث السد يحقق مزايا عديدة لها. ولا يؤثر عليها في شيء مهما كانت أبعاده من حيث الحجم وسعة التخزين. ومن ثم فالخرطوم دائماً تؤكد تقبلها لأي توافق بين مصر واثيوبيا. وكشف تقرير لوزارة الري عن تراجع نصيب الفرد من المياه إلي أقل مستوياته حيث بلغ 550 متراً مكعباً في العام وذلك بفعل الزيادة السكانية مقابل 1000 متر متوسط عالمي في الوقت الذي يصل فيه نصيب الفرد في الولاياتالمتحدةالأمريكية إلي 17 ألف متر مكعب. موضحاً انه بحلول عام 2050 سوف يصل عدد سكان مصر إلي 160 مليون نسمة. وهو ما يقلص نصيب الفرد من المياه ليصبح 330 متراً مكعباً فقط. أوضح التقرير ان حصة مصر المائية من مياه النيل تبلغ 55.5 مليار متر مكعب في حين تبلغ الاحتياجات الفعلية 114 مليار متر مكعب. يتم تعويضها عن طريق إعادة استخدام مياه الصرف الزراعي من خلال 16 محطة خلط بالصرف. واستيراد 10 ملايين طن مواد غذائية تحتاج إلي 34 مليار متر مكعب من المياه الافتراضية في الوقت الذي تعتمد فيه مصر بنسبة 97% من مواردها المائية علي نهر النيل. أشار التقرير إلي ان اجمالي الموارد المائية غير التقليدية المتاحة بلغت 18.4 مليار متر مكعب منها 7.5 مليار متر مكعب تمثل الصرف الزراعي و4.2 مليار متر مكعب من المياه من الصرف الصناعي و6.5 مليار متر مكعب من مياه الصرف الصحي و200 مليون متر مكعب من تحلية المياه المالحة. أكد التقرير ان مصر تستنزف مواردها المائية بنسبة تصل إلي 120% لتلبية احتياجاتها المائية لأغراض مياه الشرب والزراعة والصناعة مما يزيد من التحديات التي تواجهها الدولة لمواجهة زيادة الطلب علي المياه ودخولها مرحلة الفقر المائي. حيث ان كميات المياه التي تصل إلي الصرف الصحي تصل إلي 7.5 مليار متر مكعب. كشف التقرير عن خطة تقوم بها الوزارة بإعادة النظر في كود استخدام الصرف المعالج في الري حسب درجة المعالجة ليشمل زراعة المحاصيل والأشجار التي تساهم في تحقيق الأمن الغذائي بدلاً من خلق استهلاك مائي جديد غير مدرج في الاستراتيجية الزراعية والمائية. وذلك من خلال لجنة مشتركة تضم الوزارات المعنية لتوجيه الصرف الصحي للزراعة بمشاركة القطاع الخاص في التمويل والمعالجة. كما وضعت وزارة الري خطة للتكيف مع العجز المائي الناتج عن الزيادة السكانية من خلال 4 محاور. الأولي منها "الترشيد" بتقليل الفواقد واستخدام المحاصيل للمياه. واستنباط محاصيل أقل استهلاكاً للمياه وتحسين الري في الاراضي القديمة بتحويله لري حديث. بالاضافة لوضع عدادات لكل مستفيد لتحديد مقنناته من المياه دون تحديد أو تركها بطريقة عشوائية. واستخدام التكنولوجيا الحديثة. وأيضاً ترشيد استخدام مياه الشرب البالغة 11 مليار متر مكعب لتوفير مليار متر مكعب في العام من خلال التوعية ومتابعة صنابير المياه وعدم الإسراف. أما المحور الثاني فيتمثل في "التنقية" وذلك باعتبار ان أي نقطة مياه علي أرض مصر "مورد" يجب العمل عليها وتحسين نوعيتها. لذلك نعمل علي معالجة مياه الصرف الزراعي والصرف الصحي معالجة متقدمة لتوفير تلك المياه. أما "المحور الثالث" فيتمثل في "التنمية" للموارد المائية للسيول التي نستغلها بشحن الخزان الجوفي لتصبح المياه حلاً بدلاً من ان تصبح كارثة. وهو أمر يمكن استغلاله شمال سيناء والبحر الأحمر. مشيراً إلي ان من ضمن أعمال التنمية ما يتم في الساحل الشمالي الغربي ليعتمد في المقام الأول علي تحلية مياه البحر. ويتمثل "المحور الرابع" في التهيئة ويتعمد علي تهيئة المناخ المناسب بالتوعية من خلال خطة قومية تم إعدادها مع 9 وزارات بالاضافة إلي وضع التشريعات الملائمة لمواجهة التحديات والسيطرة علي كل نقطة مياه التي تساعد في تهيئة البيئة المناسبة لتنفيذ الخطة. وعلي رأسها مشاركة مستخدمي المياه في ادارة شبكات الري وزراعة المحاصيل غير الشرهة للمياه ذات العائد الاقتصادي المرتفع ووضع عدادات علي الآبار للمتابعة وتحديد المنصرف منها.