ولأن اللص أصبح يمارس طقوس الشرف والنزاهة وأصبح القاتل يمثل دور الضحية فقد اجتمعت مؤخراً رموز الاستعمار القديم بقيادة بريطانيا لتعود مجدداً إلي المشهد في فاصل تمثيلي هزلي بعد أن اجتمع سفراء المملكة المتحدة وألمانيا وهولندا وإيطاليا وكندا ليعلنوا احتجاجهم علي احتجاز المحامي إبراهيم متولي بما يتعارض مع حقوق الإنسان.. وهو ما دعا الخارجية المصرية لاتخاذ إجراء حاسم باستدعاء سفراء الدول الخمسة وتسليمهم احتجاجاً رسمياً شديد اللهجة رداً علي البيان الصادر عن الدول الخمس في هذا الشأن حول ظروف وملابسات احتجاز متولي.. ولإبلاغهم باستياء مصر الشديد لما ينطوي عليه البيان من تدخل سافر وغير مقبول في الشأن الداخلي وفي أعمال السلطة القضائية. وأكدت الخارجية في ردها أن المذكور ليس معتقلاً بل محتجز علي ذمة قضايا تقوم النيابة العامة بالتحقيق فيها.. وهو ما يدعو لاحترام القضاء المصري واحترام الإجراءات القضائية في مصر وعدم مصادرة حق الدولة في إنفاذ القانون. والغريب وبعيداً عن قصة احتجاز متولي فقد أشار البيان إشارة خبيثة إلي وجود حالات تعذيب في السجون المصرية.. وهو ما رفضته وزارة الخارجية بشدة لأن ذلك يعد تدخلاً في الشأن المصري داعية هذه الدول للكف عن التدخل غير المقبول في الشأن المصري. وللصدفة العجيبة يأتي بيان الدول الراعية للعنف والمؤامرات بزعامة بريطانيا مؤسسة الاحتلال في الوطن العربي متزامناً مع مئوية وعد بلفور الذي منحت به بريطانيا من لا يستحق ما لا يملك وحولت المنطقة العربية منذ صدوره إلي ساحة حرب مشتعلة في الذكري المئوية للوعد المشئوم.. بريطانيا صاحبة هذا الوعد المكذوب لصالح إسرائيل تحاول أن تعود للساحة مجدداً فتتزعم دولاً أوروبية أخري لتتدخل في الشأن المصري بغض النظر عن المتهم المذكور وموقفه في التحقيقات. الأخطر في الأمر أن يستمر التجاوز المرفوض من خماسي أوروبا بقيادة بريطانيا العظمي سابقاً والتي تحاول استعادة مجدها بالحديث عن حقوق الإنسان التي يري رئيس وزراء بريطانيا نفسه أنها لا تساوي شيئاً مقابل الأمن القومي البريطاني.. إذن من حق بريطانيا ورفاقها أن يحموا أمنهم القومي في الوقت الذي يحاصرون فيه دولاً أخري علي رأسها مصر بحديث الإفك عن حقوق الإنسان في هذه الدول التي تتعرض لأخطار أكبر بكثير مما تتعرض له بريطانيا أو أمريكا أو أي دولة أوروبية تابعة. إنهم يمارسون الفحش السياسي في أسوأ صوره.. والازدواجية المرضية التي أصبحت قرينا لكل السياسات الأمريكية والأوروبية.. فعندما يطالبنا البعض منهم باحترام حقوق الإنسان ويتهمنا بانتهاكها في الوقت الذي يرتكبون فيه جرائم تصورها العدسات لسحل مواطنين أمريكيين أو بريطانيين أو أيا كانت جنسيتهم أثناء تظاهرهم السلمي.. وعندما تجد أن من يدعون لحقوق الإنسان هم أول من ينتهكون هذه الحقوق في بلاد دمروها وخربوها وحولوا شعوبها إلي لاجئين ومشردين.. ثم يتباكون علي حقوق الإنسان أو هم في الواقع يمارسون التمثيل والدجل علي شعوب أدمنت أن تصدق هؤلاء المخادعين وتضعهم في مصاف الصفوة الأخيار.. ساعتها فقط ندرك حقيقة المأساة التي نعيشها والأكذوبة الأكبر التي أوهموا البعض أنها حقيقة مؤكدة.. أكذوبة حقوق الإنسان.. بالمناسبة هل يمكن أن نعتبر وعد بلفور البريطاني انتهاكاً لحقوق الفلسطينيين والعرب أم أن الأمر يختلف حسب قواعد اللعبة وحسب المصالح المشتركة؟!