بدا الكاتب الكبير كأنه مغرم صبابه يواصل مواله علي الربابة وهو يقدم كتابه الجديد: "صحفيون غلابة". كتبه بإخلاص وحب بقلمه الرشيق العذب يقول كل شيء بلباقة وخفة ظل وأدب. كانت الصحافة ولا تزال مبلغ همه واهتمامه وميدان آماله وأحلامه ومصدر سعادته وآلامه كتب فيها وعنها ولها وعليها وتمني أن تكون في أحسن أحوالها. عاش محمد العزبي في مرصده يتابع الأخبار ويبحث عن الأسرار ويجمع الحكايات والنوادر وينقب عن كل جديد ومفيد في حله وترحاله وجميع أحواله قبل أن يصبه في قالب جميل الشكل عميق المعني ينتقل بمهارة وموهبة من المقدمات إلي النتائج ولا ننسي العام الجديد "2018" الذي يوافق مرور 190 عاما علي صدور أول صحيفة مصرية ومرور 220 عاما علي ظهور الصحافة في مصر إبان الحملة الفرنسية. يبدو ان عنوان الكتاب جاء من مجمل ما كتبه عن الصحافة والصحفيين وربما في وصف الرئيس الراحل أنور السادات بأنهم "أغلب من الغلب" في حديثه مع رئيس هيئة الاستعلامات يتضمن 144 فقرة أولها الكتابة بقلم 6/60 وآخرها صحافة بكثرة وبينهما: مطلوب رئيس تحرير ومعاناة الصحافة وضرب القباقيب واختفاء غامض لصحفي مصري وفريد شوقي يحرر طابا وصناع البهجة والكتابة بحب وخريف العمر يا ولدي وغزل البنات وموضوعات أخري. يقول العزبي: تقدم العمر وضعف البصر ويقول القارئ: وتبقي البصيرة "عيون القلب" مشرقة متألقة تضيء طريق الحقيقة والصواب. روي قصة الشيخ حسني "محمود عبدالعزيز" في فيلم "الكيت كات" عن رواية ابراهيم أصلان مالك الحزين وسيناريو وإخراج داود عبدالسيد. رجل كفيف يقود الدراجة النارية ويضيف إليها نماذج من الشخصيات التي نجحت رغم ضعف البصر أو غيابه. وبالمناسبة كان شيخ الملحنين سيد مكاوي في طفولته يقود الدراجة وأمامه طفل آخر يدله علي الطريق والطفل الكفيف يصيح: "وسع يا جدع". تتحدث فقرة "ياما زقزق القمري" عن ذكريات اعتقاله مع عدد من شباب الأدب والصحافة في الستينيات بسجن مزرعة طرة ومنهم الشاعر سيد حجاب وهو صديقه وبلدياته من مواليد المطرية دقهلية في رحاب بحيرة المنزلة. كانت إذاعة السجن تذيع أغنية "ياما زقزق القمري علي ورق الليمون" ويصيح الشاعر في حزن وفرح: "كلماتي بس القمري بيزقزق وصاحبه ايديه في الحديد" وهي أغنية وطنية تنادي بالعمل من أجل الوطن: "ما تقولش أنا م المنزلة ولا سنديون ولا م الباجور ولا من تلا". والقمري من أنواع الحمام يجمع بين جمال الشكل والصوت وتتناغم علي ريشه الألوان: البني والرمادي والأبيض والأسود اسمه بالانجليزية حمامة السلحفاة "Turtle Dave" تنطق بضم الكاف وسكون الميم. وطنه أوروبا ووسط آسيا. يهاجر في الخريف والشتاء إلي المناطق الدافئة ومنها سواحل مصر. تضع أنثاه بيضتين وتخرج الأفراخ بعد 14 يوماً. محمد العزبي من مواليد العزيزة المنزلة .1931 التحق بكلية الطب وتركها إلي الآداب حباً في الصحافة . عمل في "آخر ساعة" 1951 ومجلة "التحرير" و"الجمهورية". ورئيس تحرير "الإجبشيان جازيت" 89-1991 وحصل علي جائزة علي ومصطفي أمين عن تطورها. كتب المقالات واليوميات في "الجمهورية" سياسة عالمية. 3 كلمات ومقالات يومية بدون عنوان ثابت ومن غير ليه وفي العدد الأسبوعي عيون وعيون مصرية. أعلن اعتزاله الكتابة في مقالة 16/2/2017 بعنوان "هل يدخل الصحفيون الجنة؟" من كتبه مسافر علي كف عفريت. الصحافة والحكم. كناسة الصحف. تمني أن يكتب كتابا يستكمل فيه قصة الصحافة والصحفيين ويبدو ان كتاب صحفيون غلابة "156 صفحة عن دار دلتا للنشر والتوزيع". وكلمة غلابة "للجمع" وغلبان "للمفرد" من الكلمات الشائعة في العامية المصرية وأيضاً في وسائل الإعلام المختلفة تدل علي محدود الدخل أو قليل الحيلة أو الضعيف ونحو ذلك. وعلي العكس جاءت معاني الغلبة من القوة. غلب الشاب منافسة: انتصر عليه ومغلوب علي أمره: لا يملك إرادته. وفي الذكر الحكيم "وحدائق غلبا" "عبس 30" أي بساتين كثيفة الأشجار والأغلب من أسماء الأسد وأيضاً صاحب الرقبة الغليظة. يقول أمير الشعراء في قصيدة سلوا قلبي وما نيل المطالب بالتمني ولكن تؤخذ الدنيا غلابا أي بالقوة والإرادة وفي المعني الشائع تقول أغنية صباح وهي من تأليف محمد حمزة وتلحين بليغ حمدي عاشقة وغلبانة والنبي ويقول محمد رشدي لنفس المؤلف والملحن شغلونا يا ابا مغرم صبابة والحب قادر واحنا غلابة والصبابة: لوعة الشوق يروي محمد العزبي في كتابه عشرات القصص عن مئات الشخصيات وفيضان من النوادر التي تصف أحوال الصحافة والصحفيين ويتمني أن تخرج الصحافة الورقية من عثرتها. صدر العدد الأول من الوقائع المصرية 3 ديسمبر 1828 في عهد محمد علي باشا 1805 - .1848 ومن رؤساء تحريرها عميد المترجمين رفاعة الطهطاوي ومفتي مصر الأستاذ الإمام محمد عبده. كما أصدرت الحملة الفرنسية 1798 - 1801 لوكور بيردي ليجبت "البريد المصري" أغسطس 1798 عام لجميع أفراد الحملة. لاديكاو اجبسيان "العشرية المصرية. أكتوبر 1798" تنشر أبحاث المجمع العلمي التي صدرت بعد ذلك في كتاب "وصف مصر". جريدة "التنبيه" باللغة العربية لم تصدر أعد لها مينو القائد الثالث للحملة "بعد نابليون وكليبر" اختار الشيخ الخشاب "من علماء الأزهر" رئيساً لتحريرها. علينا أن نستعد من الآن لعام الصحافة المصرية 2018 نسعي خلاله لدراسة أحوالها والنهوض بها من عثرتها بما يتلائم مع تاريخها العريق نبدأ بقراءة ما كتب عنها من د. ابراهيم عبده: تاريخ الوقائع المصرية د. أحمد حسين الصاوي فجر الصحافة المصرية إلي محمد العزبي صحفيون غلابة.