في نوفمبر من العام الماضي تخطي عدد السكان في مصر حاجز ال 92 مليون نسمة بحسب تقديرات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء.. وتشير التوقعات إلي ان عدد السكان سيصل إلي 100 مليون نسمة بحلول عام 2020 ونحو 122 مليون نسمة في عام 2030 في حال ثبوت معدل الانجاب الكلي الحالي.. وقد يرتفع إلي 131 مليون عام 2030 مما يمثل تحدياً كبيرا للبرنامج القومي لتنظيم الأسرة ويشكل ضغطا هائلا علي موارد الدولة لأن هذه الزيادة الضخمة تلتهم "ثمار التنمية". "الجمهورية" التقت د.سعاد عبدالمجيد رئيس قطاع السكان بوزارة الصحة وناقشت معها الجهود المبذولة لمواجهة الانفجار السكاني.. وكان هذا الحوار. * في البداية سألناها: ما هي أسباب زيادة النسل؟ ** قالت: أعداد المواليد الكبيرة هي نتاج لما يسمي "قوة الدفع الذاتي" لأن السيدات المتزوجات في سن الانجاب اعدادهن كبيرة نسبياً ويقدر عددهم بأكثر من 15 مليون سيدة. مما يستدعي ضرورة فهم طبيعة هذا التحدي من جانب المجتمع بكل اطيافه حتي يتسني وضع الحلول والمبادرات ومساعدة الجهات المعنية في تنفيذ الحلول المناسبة ومن الجدير بالذكر ايضا ان من ضمن التحديات التي تواجهنا هو تدني الخصائص السكانية مثل المستوي التعليمي والثقافي ومشاركة المرأة في النشاط الاجتماعي والوعي بالقضايا المجتمعية وهو ما يؤثر بلا شك في درجة الوعي بين المواطنين بأهمية وخطورة المشكلة السكانية داخل المجتمع المصري وبالاخص في المحافظات التي توجد بها مؤشرات ومعدلات سكانية عالية. * ما هي المحافظات الأكثر زيادة في معدل المواليد؟ ** محافظات الوجه القبلي والتي تمثل حوالي 25% من اجمالي السكان في مصر مسئولة عن حوالي نسبة 40% من المواليد ومن الجدير بالذكر ايضا ان معدلات استخدام وسائل تنظيم الأسرة بلغت علي المستوي القومي حوالي 59% وتزداد هذه النسبة في محافظات الوجه البحري لتتخطي أكثر من 63% في حين تقل معدلات استخدام وسائل تنظيم الأسرة في محافظات الصعيد حيث بلغت في بعض هذه المحافظات 31% و38% وبالتالي زيادة معدلات المواليد بمحافظات الوجه القبلي عنها عن باقي الجمهورية بشكل ملحوظ مما يستدعي التركيز علي مفاهيم المشكلة السكانية وتنظيم الأسرة المجتمع في هذا المحافظات. * هل تغطي عيادات تنظيم الأسرة كل أنحاء الجمهورية؟ وماذا تقدم من خدمات؟ ** تنتشر عيادات تنظيم الأسرة في جميع انحاء الجمهورية حيث توجد عيادات تنظيم الأسرة بجميع وحدات الرعاية الصحية الأساسية في كل قرية تقريبا وايضا بالمستشفيات المركزية والعامة وبعض المستشفيات المتخصصة ويبلغ عدد هذه العيادات أكثر من خمسة آلاف عيادة تنظيم أسرة ثاتبة كما يمتلك القطاع 525 عيادة متنقلة تقوم بتقديم خدمات تنظيم الأسرة بالمجان في المناطق العشوائية والمناطق المحرومة بكافة ارجاء الجمهورية ويشرف علي تقديم الخدمة فريق من الكوادر المدربة من المشرفين علي مستوي المحافظات والمراكز الادارية لمتابعة التزام مقدمي الخدمة بتطبيق معايير الجودة والوزارة تبذل جهوداً مضنية ومستمرة لتوفير خدمات تنظيم الأسرة لجميع السكان لمن يطلبها من خلال نظام موحد يضمن الجودة والمساواة لكل المواطنين. كما أن الوزارة توفر عدداً من وسائل منح الحمل في مختلف عيادات تنظيم الأسرة بالمنشآت الصحية في المحافظات مثل اللولب النحاس وأقراص منح الحمل وحقن منع الحمل أحادية الهرمون التي تحصل عليها السيدات كل 3 أشهر وكبسولة تحت الجلد بأسعار رمزية حيث تدفع المنتفعة ثمن الوسيلة فقط في عيادات تنظيم الأسرة بالمنشأت الصحية الثابتة.. كما أن أسعار الوسائل في عيادت تنظيم الأسرة بوحدات الرعاية الأساسية والمستشفيات العامة والمركزية "اللولب" 2 جنيه. "الحقن 3 شهور" 1 جنيه والواقي الذكري القطعة بعشرة قروش. كبسولات تحت الجلد 5 جنيهات للكبسولة الاقراص الاحادية 1 جنيه للشريط. الميكروسبت 65 قرشاً للشريط في حين تحصل عليها مجاناً من العيادات المتنقلة وتصرف مجاناً في القري الأكثر فقراً طبقا لتصنيف تقرير التنمية البشرية. تضيف: نتائج المسح السكاني الصحي 2014 أظهرت ان 57% من مستخدمات الوسائل يحصلن عليها من القطاع الحكومي كما أظهرت احصائيات خدمات وسائل تنظيم الأسرة من خلال مركز معلومات قطاع السكان وتنظيم الأسرة ان اجمالي زيارات المنتفعات المترددات علي عيادات تنظيم الأسرة بالقطاع الحكومي في 2016 حوالي 14 مليون زيارة لعيادات تنظيم الأسرة للحصول علي وسائل تنظيم الأسرة تم خلالها صرف أكثر من 9 ملايين شريط أقراص منع الحمل وأكثر من 7 ملايين حقنة وأكثر من 975 ألف لولب وحوالي 75 ألف كبسولة تحت الجلد. * ما هي أشهر وسائل تنظيم الأسرة؟ ** هناك بعض الوسائل مثل الاقراص الهرمونية هي انتاج محلي وهناك باقي الوسائل يتم استيرادها من الخارج مثل اللولب والكبسولات تحت الجلد وحقن تنظيم الأسرة كما تم افتتاح أول مصنع في مصر لتصنيع وسائل تنظيم الأسرة الهرمونية محليا ليخدم مصر والوطن العربي وأفريقيا ومن واقع نتائج المسح السكاني الصحي مصر 2014 تبين ان حوالي 30% من السيدات المتزوجات في سن الانجاب يستخدمن اللولب النحاسي وهو من الوسائل الجيدة ذات الفعالية العالية والتي تناسب معظم السيدات وتبين ايضا ان حوالي نسبة 16% من السيدات يستخدمن اقراص منع الحمل وحوالي 9% يستخدمن حقن منع الحمل. * ما هي استراتيجية العمل لمواجهة الزيادة السكانية؟ ** تقول د.سعاد: قطاع السكان وتنظيم الأسرة ممثل عن وزارة الصحة والسكان يقوم بدور اساسي في تقديم خدمات تنظيم الأسرة علي المستوي القومي من خلال اتاحة خدمات تنظيم الأسرة بجميع المناطق الجغرافية وتحسين جودة تقديم خدمات تنظيم الأسرة وتأمين توافر وسائل الأسرة والتسويق الاجتماعي لخدمات تنظيم الأسرة والشراكة مع الجهات التي تعمل في مجال السكان لتعظيم الجهود الرامية إلي خفض النمو السكاني حيث يمتلك قطاع السكان وتنظيم الأسرة أكثر من خمسة آلاف عيادة لتنظيم الأسرة بوحدات الرعاية الصحية الأساسية بالمستشفيات العامة والمركزية ويمثل القطاع الحكومي كمصدر للحصول علي الوسائل نسبة تصل إلي 57% من اجمالي المصادر من واقع بيانات المسح السكاني الصحي 2014 كما تشير احصائيات الخدمة من خلال مركز معلومات القطاع إلي انه يتم تنفيذ أكثر من 14 مليون زيارة تردد لمنتفعات تنظيم الأسرة للحصول علي الوسائل من خلال عيادات تنظيم الأسرة بالقطاع الحكومي المنتشرة في جميع أنحاء الجمهورية. تضيف: نقوم ايضا بنشر خدمات تنظيم الأسرة بالوحدات الثابتة بالمناطق العشوائية والمحرومة من خلال العيادات المتنقلة التي تعمل بنظام القوافل الطبية والحملات القومية وتدريب مقدمي الخدمة من الأطباء والممرضات علي المعايير القياسية وتطبيق برنامج قومي لتحسين جودة الخدمات وبرنامج لخدمات تنظيم الأسرة بعد الولادة بالمستشفيات بكافة أنواعها والتوسع في تقديم وسائل تنظيم الأسرة طويلة المدي والأكثر فاعلية "اللولب والكبسولات تحت الجلد" وخاصة في مناطق الوجه القبلي. كما يقوم قطاع السكان بدور أساسي في توفير أرصدة كافية من مختلف أنواع الوسائل بالأسعار المدعومة من الدولة لتلبية احتياجات عيادات تنظيم الأسرة بالقطاع الحكومي والأهلي والصيدليات الخاصة والادارات وعقد ندوات التوعية واستهداف شرائح المجتمع المختلفة بالرسائل الاعلامية والصحية كما يستهدف قطاع السكان وتنظيم الأسرة دعم دور القطاع الاهلي في تقديم خدمات تنظيم الأسرة وامداده بوسائل تنظيم الأسرة ومقدمي الخدمة المدربين. ويقوم القطاع ايضا بالتنسيق مع الجهات المانحة لدعم البرنامج القومي لتنظيم الأسرة وتنفيذ العديد من التدخلات في مجال تقديم الخدمة ومنع العنف ضد المرأة وتمكين المرأة للقيام بدور إيجابي في المحافظة علي نتائج التنمية والمشاركة فيها. * "تجربة الرائدات الريفيات".. هل حققت النجاح المطلوب منها؟ ** بالتأكيد انها تجربة ناجحة جداً حيث ان الرائدة الريفية هي الجندي المجهول في المنظومة الصحية وتمتلك وزارة الصحة والسكان 14 ألف و189 رائدة وكل رائدة مسئولة عن مربع سكني يتكون من 500 أسرة وتقوم بتوصيل الرسائل الصحية لجميع السيدات عن طريق الزيارات المنزلية للسيدات. كما ان الرائدة تعمل ايضا من خلال نوادي المرأة وتعقد ندوات صحية للسيدات المترددات علي الوحدات الصحية بغرض زيارات متابعة الحمل أو التطعيم الأطفال وقامت الرائدات بتنفيذ 1.5 مليون زيارة منزلية شهرياً بجانب 40 ألف ندوة للتوعية كل شهر. استطردت: تم اختيار مصر كأفضل دولة في تطبيق برامج الرائدات الريفيات في مجلس وزراء الصحة العرب المنعقد في مارس الماضي.. ويتم مواجهة المفاهيم التي تتعلق بالعادات والتقاليد من خلال الندوات التثقيفية التي تعقد في نوادي المرأة في الوحدات الصحية حيث ان وزارة الصحة والسكان تمتلك 2456 نادياً للمرأة بوحدات الرعاية الأساسية تستهدف تحسين الخصائص السكانية وتنشيط برامج تنظيم الأسرة وقد تم تنفيذ ما يقرب من 58 ألف ندوة توعوية وتحويل 165 ألف سيدة لعيادات تنظيم الأسرة. * كيف يطور القطاع من آلياته لمواجهة هذه المشكلة؟ ** هناك العديد من الأفكار والبرامج التي سيتم التركيز علي دراستها في الفترة القادمة خاصة بعد تبني القيادة السياسية لمشكلة الزيادة السكانية مثل تفعيل خدمات وسائل تنظيم الأسرة بعد الولادة مباشرة في المستشفيات متابعة المنقطعات عن استخدام الوسائل اطلاق حملة اعلامية موسعة لرفع الوعي بخدمات تنظيم الأسرة المقدمة في عيادات تنظيم الأسرة في جميع وحدات الرعاية الأساسية والمستشفيات مع وجود استراتيجية قومية للسكان تسمي بالاستراتيجية السكانية المنضبطة التي تم اطلاقها بمؤتمر الشباب بالإسكندرية والذي عقد خلال تحت رعاية وبحضور الرئيس السيسي خلال الفترة من 24 25 يوليو 2017 تشمل محاور وخطة عمل تشترك فيها معظم أجهزة وهيئات الدولة بجانب وزارة الصحة والسكان والمجلس القومي للسكان مثل وزارات التربية والتعليم والتعليم العالي والشباب والرياضة والاوقاف والتضامن الاجتماعي والتنمية المحلية والقوي العاملة اضافة للأزهر الشريف والكنيسة المصرية وكذا يوجد دور هام للهيئات الاعلامية في المشاركة في تلك الاستراتيجية وتقديم الدعم الاعلامي لها اضافة إلي الدور الايجابي والهام للسادة المحافظين في القضية السكانية من خلال دعم المنظومة الصحية وكذا التعليمية وتفيعل برامج تمكين المرأة ومتابعة تنفيذ الخطط السكانية بالمحافظات. * في رأيك.. هل حققتم إنجازات في مجال خفض أعداد المواليد؟ ** هناك استجابة بالتأكيد ويتضح من معدلات الانجاب الكلي عدد الأطفال الذين تنجبهم السيدة بنهاية حياتها الانجابية إذا استمرت في الانجاب وفقاً لمعدلات الانجاب في فترة المسح.انخفض من 5.3 طفل لكل سيدة إلي 3 أطفال لكل سيدة في الفترة من 1980 إلي 2008 ولكن زاد هذا المعدل في فترة السنوات الست بعد مسح 2008 ليرتفع من 3 مواليد لكل سيدة إلي 3.5 مولود لكل سيدة نظراً للظروف التي مرت بها البلاد في هذه الفترة وبسبب الثقافة الخاطئة التي حاول الإخوان والسلفيون نشرها في المجتمع بعد ثورة يناير 2011 وسيطرة "الجماعة" علي مفاصل الدولة. * كيف يمكن تشجيع المجتمع علي مواجهة مشكلة الزيادة السكانية؟ ** الدول الأخري وضعت حوافز ايجابية للأسرة التي تتبني الطفل الواحد والأسرة الصغيرة وربطتها بمفهوم الحماية الاجتماعية وهذا ما تقوم به بمصر من خلال برنامج تكافل وكرامة وفي الفترة القادمة سوف يتم تقديم الدعم بالحفاظ علي عدد طفلين لكل أسرة وعندما يثار الحديث عن الزيادة السكانية وخطورتها تكون هناك اقتراحات وأساليب مختلفة لتقديم الحوافز للأسر التي تلتزم بهذا ولابد من استخدام الحوافز المادية مثل اعفاء الأسرة محدودة الدخل من أنواع معينة من الرسوم والضرائب أو تقديم العلاج أو خدمات التعليم لها مجاناً أو الحصول علي دعم غذائي مجاني. أو منح الأم التي تبلغ الخامسة والاربعين مكافأة مالية إذا التزمت بطفلين وترفع عنها هذه المميزات إذا تجاوزت هذا العدد.
