ربما كان هذا هو حوار المفاجآت الكبري مع الخبير والمفكر الاستراتيجي الكبير اللواء محمود زاهر.. أو هو أهم انفراد صحفي فاز به الزميل الصحفي الكبير عبدالرازق توفيق رئيس تحرير الجمهورية.. والحوار مثير للغاية.. ليس فقط بما فيه من صراحة وجرأة.. ولكن أيضا بما فيه من رؤية واضحة وكاشفة.. أو هو قراءة جديدة تماما.. لتاريخ الماضي والحاضر وحتي تاريخ المستقبل قبل أن يأتي. يقدم اللواء محمود زاهر تعريفا جديدا للإرهاب.. أو هو يضع أيدينا علي التعريف الحقيقي للإرهاب.. باعتباره أداة أساسية لترويع الآمنين وهو من أدوات الفساد في الأرض وهو صناعة صهيونية وآلية من أدوات الصهيونية تستهدف الهيمنة علي حقوق الآخرين وثرواتهم. حقا انه حديث المفاجآت الصارخة.. الذي يروي التاريخ الكامل لما نسيته الذاكرة.. والعقل العربي وربما كانت أولي المفاجآت ان يؤكد اللواء زاهر ان المخطط الصهيوني ضد المشرق العربي بدأ بقرار من الكونجرس الأمريكي عام ..1983 وقد تم تحديد أهداف هذا المخطط بدقة.. علي أساس العمل من أجل تقسيم وتفتيت الدول العربية وتحويلها إلي كانتونات متناحرة واستنزاف ثرواتها المادية والمعنوية.. وكانت الغاية الكبري لهذا المخطط هو دعم وتأمين وتمكين الكيان الصهيوني في المنطقة المسمي بدولة إسرائيل. من يتصور ان هيئة الأممالمتحدة اقيمت بعد 1945 لتكون ضد أي دولة تخرج علي مستهدفات الصهيونية العالمية ويتم التركيز بصورة خاصة علي دول المشرق العربي أو ما يسمي بالشرق الأوسط.. بهدف الاستنزاف وتفتيت الروابط العربية واهلاكها في آتون النزاعات والصراعات القبلية والعرقية والطائفية والهدف النهائي هو اشعال نزاعات عسكرية تأكل الأخضر واليابس.. ومازالت بريطانيا هي معقل التخطيط الاستراتيجي و"رأس الحية" الصهيونية في العالم!! الحوار مليء بالمفاجآت المتفجرة بالأسرار.. فلم تكن صدفة أن يظهر التيار العلماني في تركيا بقيادة كمال أتاتورك في عشرينيات القرن الماضي.. ولم تكن صدفة أيضا ظهور حسن البنا في مصر.. ليقود جماعة ماسونية بعباءة إسلامية في مصر.. فقد تلقي البنا التدريب علي يد المخابرات البريطانية في الإسماعيلية ليتولي تنظيم الاخوة المسلمين علي طريقة الاخوة الماسون.. ثم تحول إلي الإخوان المسلمين في 1928 ليكون أكثر شعبية. الحوار مليء بالأسرار والمعلومات.. والمفاجآت التي قد لا يتوقعها الكثيرون منا.. لكن اللواء محمود زاهر اختص "الجمهورية" بهذا الحديث الغني جدا.. شديد الثراء.. والجدير بالتأمل والتفكير.. في كل لفظ وكلمة.. وفكرة ومعلومة.. لأنها أفكار ومعلومات أساسية وجرهرية في تاريخنا.. وفي حاضرنا.. ويرتبط بها مستقبلنا في مصر وسائر الدول والشعوب العربية.. ولن نقطع حبل التشويق في هذا الحوار الممتع جدا.. وما فيه من دقة في التعبير وانتقاء الألفاظ بعناية فائقة.. بهدف إعادة ترتيب أحداث الماضي.. حتي ندرك ونري أين نحن في الحاضر.. إلي أين نتجه في المستقبل. ** سيادة اللواء محمود زاهر.. قبل أن نبدأ حوارنا السياسي التفصيلي معكم.. نود لو أحطنا برؤيتكم السياسية العامة بذات ثلاثية مستوياتها القطرية والأقليمية والدولية؟ * بسم الله الرحمن الرحيم.. كي نستطيع بإذن الله أن نستطلع معالم السياسة الواقعة بين أي زمان ومكان بذات ثلاثية مستوياتها التي أشرت حضرتك إليها فعلينا أن نحتاط علما بكثير من ركائز الإحاطة والتي منها علي سبيل المثال لا الحصر ما هو أت. 1- أن الدافع السياسي العام لأي فرد أو جماعة أو دولة أو تحالف أي منهم مع نظيره هو قانون.. "سد الاحتياجات المادية والمعنوية" سواء أقام وقانونيتها علي حق أو باطل أو خليط بين الحق والباطل.. وأن هذا القانون هو من يخلق التدافع بين الناس 40 الحج و251 البقرة وذاك إحكام إلهي ابتلائي دونها تفسد الأرض بموت الابتكار إلي الاستكشاف والاختراع والخلق من مخلوق.. وما يشعل ذاك الدافع وقانونيتها الواقعية اننا هبطنا إلي الأرض بذات زينة زخارف فتنتها ونحن نحمل العداء البعضي بأنفسنا والذي يشعلها ابليس وحزبها؟ 2- باحتساب البند السابق.. "فالسياسة إمكانيات علمية".. سواء بعلم حق أو علم باطل.. وكل إنسان قد ورث علامات ذاك العلم الكلي الذي علمها الله لآدم.. ولكن بمقادير تختلف بنوعيتها وكميتها وكيفيتها من إنسان لآخر.. ومن جمعيته الاجتماعية لأخري.. وذالك بمقياس الذكر أو النسيان!!؟ 3- باحتساب البندان السابقان.. تصبح السياسة موازنة امكانيات علمية ومادية.. أي امكانيات مادية قامت علي الابتكار إلي الاختراع والخلق العلمي المعنوي.. أي امكانيات لممكنات عسكرية واقتصادية سياسية.. أي موازنة بين قوة وضعف؟ 4- هكذا صار مفهوم السياسة المشاع هو المصالح أو المنافع وهو ما تقوم عليها الاستراتيجيات السياسية؟ 5- القياس العلمي التاريخي لخط بيان أي استراتيجية هو محدد.. نوعيتها ومستهدفاتها ومستقر غايتها.. ولذا هو محدد نوعية وكمية وكيفية التعامل معها؟ في إطار ما سبق.. فعلينا قطريا.. الحذر من المسعي التاريخي من القوة أو القوي العظمي والذي يضع الاستحواذ غاية استراتيجية لأهدافه ومستهدفاته المعلنة والخفية وأن نعلم أنه كلما كنا أهل ثراء مادي ومعنوي صرنا هدفا أساسيا للقوة العظمي.. أو لتقاسم القوي العظمي خاصة إن كانت تحتسب علم الباطل من دون علم الحق وسيلتها وهو دائما أبدا ما ينتهي به المطاف إلي الخسران مهما بدت استطالة تمكنه وحينئذ لا سبيل لنا إلا السعي إلي قوة الأمكانيات الممكنة بعلم الحق وتعظيمها بالتكامل مع من استوي لها وبها اقليميا ودوليا؟ ** قبل أن أطرح علي سيادتكم ما أعددته من أسئلة سياسية مباشرة.. فلا أستطيع أن أمر مرور الكرام - كما يقولون - علي عمق رؤيتكم العامة السابقة وخاصة الملمس الديني بها وخاصة ونحن نعلم أنه لا دين في السياسة ولا سياسة في الدين.. فما قولكم في ذلك؟ * أولا.. تلك مقوله مصنعة سياسيا صهيونيا - إبليسيا - والمستهدف منها سلبنا أغلي وأقيم ما نملك من امكانيات تمكين القوة وهو السبيل العلمي الحق المنير.. السبيل العلمي الذي يهدي إلي عدل ورحمة قوة الحق. ثانيا.. لا يوجد بالحياة الدنيا سياسة إلا من معتقد نفسي.. أي كانت نوعية وكمية وكيفية ذاك المعتقد وما يمليه علي صاحبه!! ثالثا.. ان كنا نتحدث عن معتقدنا الايماني بالله والإسلامي له والذي يشمل أهل الكتاب جميعا عدا من انحرف عن حقه فعلينا أولا أن نفهم ذاك المعتقد والدين وما فيه من احكام تكاملي سياسي بين عدل رحمة الحق والصبر في ذلك وكيف يقوم عدل رحمة حقه علي العلم واسمائه المنيره وما ينتجه من معارف ثقافية وكذا ما يتحتم له من مفروض مكارم أخلاق سلوكيه سياسية.. مكارم أخلاق تحب ما يحب الله من إنعدام البغي والتعدي علي حقوق الغير.. وتحب الدفع الدائم بالحسنة وتحب العفو وتحب الإثار علي النفس حتي لو كان بها غضاضة.. وتحب عمارة الأرض بما ينفع الناس وتكره الفساد في الأرض وترويع الآمنيين! رابعا.. لو أننا أدركنا ما سبق وصار هو سياستنا علي مستوي الفرد وجماعته الاجتماعية ودولته لانكشف ستر وغطاء كل فاسد مجرم مروع يدعي كذبا وتدليسا أنه مسلم لله ويسوس بمقتضي كتاب الله والله ورسوله وسائر المسلمين منه براء! خامسا.. ما سبق ليس مجرد أفكار متناثرة بل أبحاث علمية بدأتها منفردا منذ سنة 1977 ومستمر في السبح ببحرها الواسع العميق حتي كتابة هذه السطور وبعلمها وبفضل الله به.. كان العمل السياسي التوقيعي الخاص جدا بحميد نتائجها الداعمة لآمن مصر القومي المفتح القلب والأيدي لكل من شاء عدل حق ورحمه القوة من الأشقاء وغيرهم! ** في إطار ما ذكرته كيف تري سيادتكم ما سمي ب "الربيع العربي" وما تلاها من ظاهرة إرهاب؟ * أولا.. ما حدث من ثورات كان أمرا متوقع الحدوث وذالك لانتشار الفساد الذي جعل البنية الأساسية لقوامة الدول العربية متهالكة وفي سبيلها للسقوط وهو الأمر الذاتي بجهالته السياسية والمستغل بالضرورة من التخطيط الدولي الصهيوني مسبقا بل وهو الأمر الذي استدعي إسراع ذاك التخطيط الصهيوني في التدخل الاستغلالي قبل موعده المحدد تخطيطيا وربما هذا ما منح بعض الدول امكانية الإفلات من شدة سوء ما كان مخططا.. وذالك فضلا من الله أحكم الحاكمين وخير الماكرين سبحانه وتعالي.. وهذا الأمر يذكر لأول مرة من سنة 2011!! ثانيا.. من الخطأ الشديد إطلاق اسم "الإرهاب" علي ما يحدث من إجرام وترويع أمنين وفسادا في الأرض.. وذالك بمقياس اللغة العربية ومقياس الدين ومفهومه القرآني وكذا بالمقياس السياسي أيضا.. وهذا الخطأ هو قصد متعمد عتاة التحريف الصهاينة.. نعم قصد متعمد ومستغل غفلتنا عن المقاييس الثلاثة السابقة.. والهدف منه هو الصاق ذاك الفساد والإجرام والترويع بالإسلام وقرآنه.. وخاصة الآية 60 الأنفال. فاسم الرهبة لغويا تعني خشية الله والتحدد بحدوده وكذا تعني الخوف واسم الفاعل للرهبة هو "راهب أو رهبان أو رهباني" والذي لا صله له بالإجرام أو الترويع أو الفساد في الأرض.. أما عن الآية القرآنية والأمر الالهي فيها بإعداد القوة الشاملة.. فهي تعني بلوغ مرحلة الردع بالقوة ومظاهر حقيقتها.. أي تعني قوة الدفاع وليس الاعتداء الذي لا يحبه الله.. أي تعني إخافة العدو من البغي والاعتداء وتعدي حدود الله.. ذاك العدو الذي وصفته الآية بأنه عدو الله قبل أن يكون عدو المؤمنون المسلمون.. أي أن الله سبحانه قد وصف هؤلاء المفسدون في الأرض بأعدائه... فهل من مسلما حقا يقبل العداء لله؟ ثالثا.. إذن ما هو قائم من ترويع أمنين وفساد في الأرض هو صناعة صهيونية وآلية دولية تستهدف بذاك الإجرام.. "الاستحواذ".. والتمكين في الهيمنة علي حقوق الآخرين وامكانيتهم وثرواتهم المادية والمعنوية.. وحينئذ نؤكد قرآنيا آمر الله سبحانه وتعالي لمن آمن وأسلم إليه بأن يكون سعيه في الأرض والناس من أجل عمارة الأرض بما ينفع الناس! ** سيادة اللواء محمود زاهر.. ثراء وعمق ما ذكرته والذي أنار مفاهيم ومعاني وكثير من حقائق الأحداث يستوجب السؤال عن ما هو التوقيت الذي كان محددا من الصهيونية الدولية للاستحواذ علي منطقة الشرق الأوسط وعجلت به ثورات الربيع العربي وكيف تم استغلال ذاك التقويم الزمني وما هي الدول التي أفلتت من شدة سوء ما حدث وما هو ذاك السوء الشديد الذي كان متوقعا وموقع مصر منه؟ * أولا.. علينا العلم بأنه ما من تخطيط له قدرة تحريك الشعوب ثوريا ولكنه يملك توقيع أسباب التحريك الثوري وخاصة في حالة شيوع غباء وعمي الجهالة شعبيا ومن الإدارات السياسية وتلك كانت أسباب ما حدث وذاك ما اعتمد عليه التخطيط الصهيوني والذي تم إقرار آخر مراحله سنة 1983 بالكونجرس الأمريكي وقام علي ثلاثة محاور أساسية وهي تقسيم وتفتيت الدول بعد العمل السياسي والعسكري الإجرامي إلي "كنتونات" متناحرة أيدلوجيا ثم استنزاف ثرواتها المادية والمعنوية حتي لا تملك أسباب المقاومة وتعديل أوضاعها والاستشفاء من ما أصابها ثم دعم وتأمين وتكبير الكيان الصهيوني المسمي بإسرائيل! ثانيا.. علينا أن نعلم أيضا ان التوقيتات الاستراتيجية ذات المستوي الدولي والعالمي لا يمكن حسابها بالساعة واليوم والشهر ولكنها تتواكب تراكميا باحتساب اكتمال مراحلها المخططة واقعيا ثم يأتي تحديد الشهر واليوم والساعة حينذاك! ثالثا.. ما سبق لا يتحقق عشوائيا إنما يحدث بالتخطيط القابل للتنفيذ والذي يبدأ بالغاية الاستراتيجية العظمي وموعدها الايدلوجي السياسي المستهدف تحقيقه والذي يحسب بالسنين ثم تتقسم تلك السنون إلي مراحل ثم تتحدد أهداف كل مرحله وكيفية تحقيقها مع احتمالات التعديل أثناء المسيرة الاستراتيجية! رابعا.. لقد كان محدد الدخول تلك الاستراتيجية إلي بداية مرحلتها الحاسمة والأخيرة تاريخ 31 ديسمبر 1999 ومن بوابة مصر وهو تاريخ نهاية الألفية الثانية وبداية الألفية الثالثة التي اطلقوا عليها اسم "الألفية السعيدة" ولكن بسلامة قلوب وعمل رجالا احسبهم من خير أجناد الأرض.. أراد من استوي علي العرش يدبر الأمر سبحانه وتعالي نصر عزم وصبر تلك الثله المصرية في تحطيم ذاك الحلم الأبليسي الصهيوني علي باب صخرة مصر العزيزة كما تحطم بعد ذلك حلم ومطمع استغلال ما سمي خطأ بالربيع العربي أيضا علي صخرة مصر.. وكما سيتحطم الترويع والفساد في الأرض علي صخرة مصر إن شاء الله أيضا. ** سيادة اللواء محمود زاهر.. ذكرتم أن توقيت بداية المرحلة الأخيرة من الاستراتيجية الصهيونية بالاقليمية العربية كان محددا فكيف أدركتم ذاك التحديد وموعده ثم ماذا عن الثلة المصرية التي عبرت بمصر علي أنقاض ذاك التخطيط الشيطاني الصهيوني وماذا كان من ذاك التخطيط وتمكنه من مصر وبابها؟ * استأذنكم في تأجيل سرد وبيان الإجابة الهامة جدا تاريخيا ووطنيا عن الجزء الثاني من سؤالكم وذلك لأنها نحتاج لمتسع من الوقت وكذا التحضير أدلة ثبوت وقائعها وأسماء فرسانها المصريين أما عن كيفية إدراك مسيرة ذاك المخطط الأبليسي الصهيوني ومراحله الاستراتيجية وتحديد توقيتات بداياتها المحدودة بنهاية سوي نهاية العالم التي لا يعلمها سوي الله سبحانه وتعالي.. فهي كالاتي بعد بإذن الله ومشيئته. أولا.. أولا وبصفة عامة.. فعلي من شاء الرؤية السياسية الاستراتيجية أن يستند إلي ثلاثة أمورا هي استقراء تاريخ موضوع رؤيته المتخصصة ثم عليه أن يبحث الأمر بتجرد لا تشوبه أهواء ذاتيه ثم يكون لديه علم كاف عن الموضوع وكيفية تراكميتها المتراكبة سياسيا من بدايته وبدايات مراحله وسبب غايته وأهدافه المرحلية.. الخ!! ثانيا.. الصهيونية اسما سياسيا مرحليا حتي الآن ولكن فحواه أذليه القد م بنسبة إلي ابليس عدو بنوا آدم المبين.. إذن فالصهيونية لا صديق ولا حبيب لها وليس فيها أي استثناء لأحد من عدائها المبين! ثالثا.. الصهيونية الحديثة سياسيا صار نسبها بصفة عامة لكل من استحب بذاتية نفسه الكافرة بالحق والخير لغيره ثم صار نسبها إلي الغالبية من بنوا إسرائيل الني والعبد الصالح سيدنا يعقوب ابن اسحاق ابن إبراهيم عليهم صلوات الله وسلامه.. وذالك لاستحباب وتبني تلك الغالبية ومن يصير علي نهجهم لمنهج ابليس الذي كان اختياره لهم بإرادتهم بواسطة من إدعي لنفسه النسب إلي الله "علي جبل صهيوني".. وتلاقي إدعاؤه مع هواهم وصفاتهم الذاتية الغرورة! رابعا.. بتلك الشيمة الصهيونية البغيضة والعدائية صار اليهود الصهاينة من دون اليهود أهل الكتاب المؤمنين المسلمين لله مناط ومحط كره ورفض أي محيط بشري يتواجدون به منذ المحيط البلستيني وحتي الآن بالمحيط الفلسطيني وذالك كان سبب شتاتهم. خامساً.. لن نذهب بعيداً تاريخياً. حيث القرنين الثالث والرابع عشر و"يهود الدونما" بل سنبدأ بتاريخ حديث نسبياً وهو سنة 1668 وتأثير جون لوك وواقعة انفصال بريطانيا عن الكنيسة الأم الكاثوليكية وإنشاء البروتستانتية الدينية السياسية كأول تكوين دولي معدل صهيونياً وقيام أول محفل ماسوني به سنة 1717 وممن ذلك التكوين الأم استولدت الدولة الصهيونية البريطانية. أول دولة صهيونية بروتستانتية وأطلقت عليها اسم "نيو إنجلاند" والتي حين استقلت بذاتها سنة 1737 عدلت الاسم ليكون "الولاياتالمتحدةالأمريكية".. وكما الصهيونية عدوة ذاتها فقد صارت الابنة عدو لأمها مع الاحتفاظ بالنسب السياسي من الأم لابنتها إلي حين؟!! سادساً.. مازالت الأم البريطانية معقل التخطيط الاستراتيجي ورأس الحية الصهيونية بالعالم ولذا وفي هذا الإطار وما قبله. تنامي الحوار التخطيطي بين الإدارة السياسية البريطانية واللوبي اليهودي الصهيوني الذي بات يظهر صوته المكتوب سنة 1880 مثل كتاب "شعب بلا وطن. ووطن بلا شعب".. ثم صوتها الظاهر المسموع سنة 1897 في المؤتمر الصهيوني العالمي بمدينة بارل "بازل" السويسرية وبلسان تيودور هرتزل وحنذاك.. ينكشف الغطاء عن حميمية العلاقة الاستراتيجية بين اليهود الصهاينة ورئيس حزب الأحرار البريطاني الذي كان متقلداً لمنصب رئيس وزراء بريطانيا "كامبل بنرمان" سنة ..1907 وتنكشف المحاور الاستراتيجية الصهيونية القاصرة علي منطقة "الشرق العربي الإسلامي" والتي تمثلت في الآتي: 1- محور تقسيم المنطقة بين بريطانيا وفرنسا بما عرف تاريخياً "بسيكس بيكو سنة 1916" للهيمنة علي سياسة مقدراته!! 2- خروج وعد من رئيس وزراء بريطانيا الجديد "بلفور" بإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين سنة 1917!! 3- تكوين تيار سياسي علماني ودعمه في تركيا.. وتكوين تيار سياسي بعباءة إسلامية ودعمه في مصر وأطلق عليه اسم "الإخوة" تيمناً بالإخوة الماسون.. ولما لم يفلح بالمعممين "مشايخ إسلامية" تحول إلي المطربشين من النخبة وحنذاك ظهر "حسن البنا مواليد 1906" وتم تدريبه علي يد المخابرات البريطانية بالإسماعيلية ليتولي ذاك التنظيم الذي تحول اسمه إلي "الإخوة المسلمين".. ولكن سنة 1928 وحين ظهور التنظيم علنياً حوَّل حسن البنا اسمها إلي "الإخوان المسلمين".. حتي يكون اسماً مشتق في القرآن فيكون تأثيره الشعبي كبير.. وهكذا ظهر كمال أتاتورك بتركيا وحسن البنا بمصر.. و"بن جوريون ودولة إسرائيل سنة 1948 بالمنطقة"!!! سابعاً.... انتقلت غرفة التخطيط والسيرة للاستراتيجية الصهيونية "من الأم إلي ابنتها" أي "من الأمة إلي ربتها".. أي من بريطانيا إلي الولاياتالمتحدةالأمريكية بعد سنة 1945 "انتهاء الحرب العالمية الثانية" وتم تأسيس وتطوير هيئة عصبة الأمم لتكون في مواجهة "الجامعة العربية".. أكبر مؤسسة دولية لدعم الصهيونية العالمية. ومستهدفاتها. وحينذاك تبدل وتحول وتحور اسمها ليكون "هيئة الأممالمتحدة".. ضد أي دولة تخرج علي مستهدفات الصهيونية العالمية ومصالح دول أهليتها غربية كانت أو شرقية.. وقد تمركز هذا التوحد في "الفيتو".. بل وفي توجيه ضربات عسكرية. وقد شملت التطور والتطوير الأمريكي سنة 1983 ليس بقرار أممي.. "بل بقرار الكونجرس الأمريكي" يقوم علي ثلاثة محاور وهي قائمة حتي الآن.. وتبدأ بتقسيم المقسم والسليم وتفتيت زوجيته التكاملية حتي لا يتمكن من استعادة سلامته وأصله.. ثم يتم استنزاف منطقة الشرق الأوسط "كما يطلقون عليه كي تتفتت الروابط العربية ومشتركاتها" مادياً ومعنوياً.. وإهلاكها بدعم النزاعات القبلية والعرقية والفئوية والتركيز علي الطائفية منها حتي تصل إلي نزاعات سياسية ثم نزاعات صراعية عسكرياً تأكل اليابس والأخضر وحينذاك تتم بيسر فرصة دعم أمان وتكبير الجسم الغريب الذي تمت زراعته بالمنطقة وهو "دولة إسرائيل"!! ثامناً.. تأكد لمركز القيادة الصهيونية وتخطيطه الاستراتيجي أن بالمنطقة عائق في وجه تلك الاستراتيجية وهو عبارة عن "مثلث قوة مكون من مصر والعراق وسوريا" وأن مرتكزه التاريخي والحضاري هو "دولة مصر" التي دخلت في مواجهة المخطط ودولة إسرائيل.. أربع حروب بدأت برفض التواجد الإسرائيلي وقرار بريطانيا وتقسيم فلسطين. وذلك سنة ..1948 ثم حربي سنة 1956 وسنة 1967وظن العالم الصهيوني أن مصر لن تعود دولة يعمل لها حساب بعد 1967 ولكن.. بمفاجأة مصرية جينية فطرية حضارية علمية.. عبرت مصر ذاك الظن الصهيوني إلي احتلال مركز قوتها المستحق بحرب سنة 1973؟!.. فتم التخطيط لتدمير تكاملية قوة العراق كبداية حتي يتفكك مثلث القوة. وكذا تتم الهيمنة علي منطقة النفط الخليجي وهذا بدأ مباشرة بعد سقوط الاتحاد السوفيتي سنة 1989 بدفع العراق إلي احتلال الكويت عسكرياً وتهديد منطقة الخليج.. ثم إجبار مصر في مواجهة مع العراق لتحرير الكويت سنة 1991 ثم التفرد بالعراق بحرب عسكرية تدميرية سنة 2003 وبات السؤال أمام المخطط الصهيوني هو ماذا نفعل بسوريا في وجود مصر القوية ذات الرباط الوثيق بسوريا استراتيجيا؟!! وكانت الإجابة الاستراتيجية الصهيونية الإبليسية هي.. أولاً فصل الرباط المصري السوري بالربط المحسوب بين مصر ومنطقة الخليج.. ثانياً سلب إرادة مصر المستقلة وجعلها تابع أمريكي.. وهذا تحقق منذ سنة 1998 وحتي سنة 2011 وبدايتها!! في إطار ما سبق من مختصر الحديث التاريخي التوقيعي واستقراؤه بتمعن.. كان يمكن لفرسان خير أجناد الأرض الباحثين في كل حديث مكتوب أو مسموع أو حدث واقعي مخطط.. أن يدركوا المتوقع من احتمالات استراتيجية.. وأن يدركوا بدايات المراحل الاستراتيجية ومستهدفات كل مرحلة ويدركون أن 31 ديسمبر سنة 1999 بداية مرحلة أخيرة في التخطيط الصهيوني الذي لا يغفل برهة عن استهداف مصر.. القوة والقلب النابض عملياً بالشرق العربي وحتي آخر الزمان!! ** سيادة اللواء محمود زاهر.. نحن علي موعد بوعد سيادتكم بأن تحيط الأجيال الحاضرة بأحداث معركة 31 ديسمبر سنة ..1999 أما الآن فنريد رؤية سيادتكم عن استهداف مصر بإجرام الترويع والفساد المسمي بالإرهاب وكيف تواجهه مصر ولأي مدي نجحت مصر في تلك المواجهة المرتكزة علي أساليب الجيل الرابع من الحروب؟ * بداية.. علينا أن ندرك علمياً أن "مسميات الأمور والأشيا". خاصة بعصرنا الحديث هي إحدي فنون تحريف الكلم عن مواضعه.. أو بعض مواضعه.. أو بعض مواضعه المحكمة.. وهذا يحرف فكر الرؤية السليمة للأمور والأشياء ويضللها وأن تلك الفنون هي إحدي أدوات وأساليب أجهزة المخابرات بصفة عامة والصهيونية منها بصفة خاصة حتي تقولب خصومها وتظل السعة الفكرية لها "وتلك إحدي فنون الهيمنة الاستحواذية الفكرية"!! فمثلاً.. الحروب بدات غايتها ومستهدفاتها نوعان.. إما دفاعية بالردع في الثبات لصد وردع اعتداء أو دفاعية في الحركة لاستعادة واسترجاع ما تم اغتصابه من حق أو تكون هجومية اعتدائية باغية لتكبير مساحة وحجم إمكانيات المعتدي الاستحواذية. أي مكان الادعاء المكذوب بأسبابها وفي كلا النوعين تتحكم الأغيار القائمة بين الزمان والمكان في كيفية ونوعية وكمية تلك الحرب.. أي نوعية الكيفية الكمية لإدارة الحرب وبلوغ مستهدفها وحينئذ ومادام الزمان متحرك. والأماكن متغيرة وما بينهما من أغيار متطور ومتحرك ومتغير أيضاً "فإن الحروب متطورة أيضاً"!! إذن.. ما هو التطور الذي نراه من التخطيط الصهيوني بمنطقة الشرق العربي والذي يختلف عن طور حرباً أخري بين قوي دولية كبري علي سبيل المثال.. هو طوراً استدعته ظلمة الأغيار الحاكمة سياسياً لمنطقة الشرق العربي.. نعم ظلمة غباء عدم التمسك بالمشتركات التقاطعية البينية التي من شأنها بناء القوة المتكاملة الرادعة لأي بغي واعتداء حربي.. ظلمة الاعتصام بتعظيم الخلافات والصراعات البينية ومصارعة كل طرف إلي تبعية طرف أجنبي والاحتماء بظاهر قوته الطامعة فيها وحينذاك يصبح من منطق العداء أن تتحالف القوي الكبري لتتقاسم الاستحواذ علي إمكانيات هؤلاء المستترين في عبائتهم بتزكية ما بينهم من تباينات وكيفية إنماء سبل استنزاف ثرواتهم المادية والمعنوية وذاك هو تطور الحرب بمنطقة الشرق الأوسط.. ذاك الطور الذي قبلته المنطقة ولم تلفظ بدايات تخطيط سنة 1907 ووأد خلفيتها سنة 1928!!! ثانياً.. بما ذكرناه عن "مصر الصخرة" التي بالسند التاريخي دائماً ما تتحطم عليها الاستراتيجيات العدائية الاستحواذية بإذن الله وفضله.. كان محتماً علي العقل الإبليسي الشيطاني واستراتيجيتها الصهيونية أن يمحور تركيز استراتيجيتها علي مصر بسبيلان أولهما.. قطع سبل تقاطعها التكاملي مع دول محيطها الإقليمي والدولي ومحاولة إحاطتها جغرافياً بدول هشة أو فشالة بها مرتكزات قوة ثم يأتي السبيل الثاني وهو إثارة عدم استقرارها داخلياً بها سواء بالحصار الاقتصادي أو بأعمال الإجرام المسلح المدعوم دعائياً وإعلامياً!! والحمد لله باستدامة فضله الذي تتمسك بأسباب مصر كشعب وإرادة سياسية.. لم يفلح من السبيلان السابقان حتي الآن وغداً بإذن الله.. فمصر تمددت بتقاطعاتها إقليمياً ودولياً بقدر كبير وناجز تمدد يدعمه استراتيجية علمية تنموية متكاملة لم تغفل حتمية التطهر من الفساد بكل صوره والتي منها التطهر من الإجرام المسلح وجماعاتها المصرية وغير المصرية المصدرة لمصر من الخارج والمدعومة مالياً ولوجستياً ودوليا وهذا أمر سيطول زمنياً ولكن نفس مصر عليه أطول وأقوي بإذن ومشيئة الله!!