في عام 2009 قرر مجلس الشوري التخلص من اثنتين من المؤسسات الصحفية التي كانت موجودة آنذاك عندما تم دمج مؤسستي دار التعاون ودار الشعب في الشركة القومية للتوزيع. مع توزيع اصداراتهما علي المؤسسات القومية الكبري الثلاث. حيث كانت صحف دار التعاون من نصيب مؤسسة الأهرام. فيما عدا صحيفة المسائية التي ذهبت لأخبار اليوم وأصبح اسمها الأخبار المسائية. بينما كانت صحيفة الرأي للشعب من نصيب مؤسسة دار التحرير. وبهذا انخفض عدد المؤسسات القومية من 10 إلي 8 مؤسسات. قرار دمج المؤسستين افتقر لألف باء قواعد الدراسة العلمية. حيث كان ما حدث بمثابة حل لمشكلة بمشكلة أكبر ومجرد ترحيل لخسائر المؤسستين ليتم تحميلها علي المؤسسات الثلاث. فضلا عن أن القرار افتقر للحد الأدني من العدالة. اذ أنه ليس من العدل أو المنطق أن تذهب الصحف الخاسرة بأعبائها للمؤسسات الثلاث بكل ما تعانيه هي أصلاً من مشاكل. بينما تذهب الأصول التي لا تقدر بثمن وتتضاعف قيمتها بمرور الزمن إلي القومية للتوزيع. وبهذا تم تحميل المؤسسات بالمزيد من الخسائر مقابل حرمانها من أي ميزة في الحصول علي أصول تعينها علي مواجهة أعبائها المتزايدة. ولذلك تستحق المؤسسات الصحفية القومية أن تكون مجالا للبحث الفني الدقيق من جانب المعنيين والمختصين بصناعة الصحافة. وهي صناعة دقيقة وحساسة ولها أصولها وقواعدها الادارية والاقتصادية التي يجب مراعاتها بكل دقة عند الحديث عن أي عملية هيكلة فنية ومالية. بحيث يكون هدف الهيكلة هو البحث الحقيقي في مشاكل هذه المؤسسات ووضع خطط فنية عملية قابلة للتنفيذ تستهدف التقليل من معدل تراكم خسائرها وفق جدول زمني واضح أملاً في الوصول إلي نقطة التعادل التي تتوازن فيها أعباء المؤسسات مع مواردها.. والوصول إلي هذه النقطة هدف ليس سهل المنال. أيضاً يجب أن يكون من بين أهداف خطة الهيكلة الفنية والمالية وضع حلول حقيقية لمشاكل المؤسسات. وليس ترحيلها من مكان لآخر كما حدث في قرار الشوري المشار إليه بدمج مؤسستين خاسرتين في مؤسسات أخري خاسرة دون دراسة فنية دقيقة وتوزيع عادل للأصول. ومن أبرز النقاط الحاسمة والحساسة وخاصة لدي المؤسسات القومية الثلاث الكبري التي تملك شركات توزيع واعلانات ومطابع. أن يتم البحث علي وجه الدقة وبالتفصيل عن سبل التنسيق بينها في الأنشطة المتشابهة والتي يمكن التنسيق فيها. وإلي أي حد يمكن أن يتحقق ذلك دون أن يفقد أي مؤسسة حقها في التنافس خاصة أن هذه المؤسسات تمارس نشاطا صحفيا تنافسياً وهذا هو الأصل. ومن حق كل مؤسسة أن تسعي بكل ما تملك لكي تستحوذ علي أكبر نسبة من حصة الاعلانات والتوزيع.. وهنا يثور السؤال: كيف تستطيع التنسيق بينها لتوفير النفقات وضغط المصاريف؟ وكيف يتحقق التنافس الذي يحفظ لكل مؤسسة خصوصيتها وهويتها الصحفية؟ وتبقي النقطة الأخطر التي يجب بحثها بكل شجاعة ومسئولية وتتمثل في بحث مستقبل 55 دورية صحفية تصدر حالياً عن المؤسسات القومية الثماني أغلبها لم يعد له أي وجود علي الخريطة الصحفية والجماهيرية.. والسؤال: هل تستمر هذه الاصدارات رغم اختفاء وجودها من سوق القراء؟ هل يتم دمجها في الاصدارات الأم؟ هل تتحول إلي مواقع الكترونية؟ لا توجد وصفة واحدة تصلح للتطبيق علي كل الاصدارات. والأمر يستلزم دراسات فنية إكتوارية تضع في الاعتبارات حسابات المكسب والخسارة.. المؤسسات الصحفية مكون أساسي من قوة الدولة المصرية. وبحث مشاكلها المزمنة لم يعد من قبيل الرفاهية ولا يحتمل التأجيل.