قضية فساد التغذية في مصر تحتاج من البرلمان وقفة حاسمة لإصدار تشريعات تمنع تفاقمها كما حدث في الآونة الأخيرة.. أصبح الإنسان المصري لا يضمن تناول طعامه خارج بيته - ما عدا الفول والطعمية - لأنه لا يدري ماذا يأكل بالضبط وخاصة إذا كان طعامه يتضمن لحوما أو أسماكاً. اتسعت دائرة الأغذية الفاسدة فأصبحنا لا ندري إذا كان اللحم الذي نتناوله لحوما بقرية أو لحم حمير أو قطط أو كلاب.. وما إذا كانت الأسماك التي نأكلها فاسدة عفنة أو صحيحة.. فالأمور اختلطت الي حد كبير وأصبح الغش ليس في الطعام فقط وإنما طال كل شيء في حياتنا. النائب اللواء بدوي عبداللطيف عضو مجلس النواب عن حزب الوفد بدائرة ميت غمر بمحافظة الدقهلية تقدم بمشروع قانون بشأن تعديل بعض أحكام القانون رقم 48 لسنة 1941 الخاص بمنع الغش والتدليس ببيع لحوم الحمير والكلاب والقطط والبغال والتجارة فيها. وينص مشروع القانون علي حظر وتجريم بيع وترويج لحوم الحمير والكلاب والقطط والبغال للاستهلاك الآدمي.. وحدد عقوبة مغلظة بالحبس مدة لا تقل عن 3 سنوات ولا تزيد علي سبع وغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه ولا تزيد علي 500 ألف أو بإحدي هاتين العقوبتين باعتبارها جريمة غش تجاري. وقال النائب إنه تقدم بهذا المشروع لمواجهة ظاهرة بيع هذه اللحوم التي انتشرت بشكل كبير خلال الفترة الماضية حيث تم ضبط كميات كبيرة منها في مطاعم شهيرة سواء بالقاهرة أو في محافظات أخري وبيعها للمواطنين للاستهلاك الآدمي وهي جريمة تدليس وغش تجاري ومضيفا أن القوانين الحالية لا تتضمن أي عقوبات علي تلك الجرائم.. وكان هناك قرار صادر من وزير الزراعة بتغريم أي شخص يثبت ارتكابه جريمة ذبح الحمير والتجارة فيها وبيعها للمواطنين بغرامة قدرها 500 جنيه فقط. وأشار إلي أنه غلظ العقوبة من خلال مشروع القانون. حيث تبين أنه خلال الفترة الماضية تم ذبح 70 ألف حمار لبيع جلودها في الخارج ولحومها في داخل مصر للمطاعم والمواطنين باعتبارها صالحة للاستهلاك الآدمي!! * * * ونحن نؤكد أن العقوبة التي اقترحها لن تثني الناس عن ارتكاب جرائمهم.. وسيواصلون الغش والتدليس في بيع مأكولاتنا الغذائية.. ونقترح أن تغلط العقوبة إلي السجن المؤبد مع وجود الغرامة المقترحة معها لأن الفاسدين الذين يعيثون فسادا في غذائنا لن تردعهم 7 سنوات سجنا كحد أقصي. مظاهر الغش والنصب والتدليس في حياتنا أصبحت لا تحتمل.. ونحن الآن نعيش في عصر ديمقراطي لا ينفع فيه حكم ديكتاتوري.. ولدينا الآن مجلس تشريعي هو مجلس النواب.. وعليه الآن أن يمنع هذه المظاهر في حياتنا بتشريعات جديدة تغلظ العقوبات الي أقصي درجة. والغش في المأكولات لا يفسد الذوق السليم فقط.. بل يتسبب في أمراض تفتك بحياة الإنسان.. ومن هنا وجب تغليظ العقوبة عليه.. فضبط لحوم بقرية فاسدة.. وضبط أغذية مغشوشة أو منتهية الصلاحية سواء أكانت في اللحوم أو في غيرها من السلع الغذائية سوف يساهم في وصفنا بدولة فاسدة. وليس الغش في المأكولات فقط وإنما في مظاهر الحياة الأخري مثل ظاهرة "المستريح" الذي يأخذ أموال الناس.. وظاهرة السرقة وخاصة السرقة بالإكراه.. وظاهرة البغاء.. وأشكالها المختلفة.. وظاهرة الهجرة غير الشرعية.. وظاهرة التنقيب عن الآثار.. وظواهر أخري عديدة كظاهرة الاغتصاب والتحرش.. وكلها أمور يجب علي مجلس النواب أن يغلظ عقوبتها. نحن في حاجة إلي تشريعات جديدة تضبط أمور حياتنا.. والأمل أن ينهض مجلس النواب بهذه التشريعات التي تعيد المجتمع إلي صوابه حتي تكون مصر بلد الأمن والأمان.