كنت حريصا أن أري زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي للولايات المتحدةالأمريكية بعيون أمريكية من خلال علاقتي ببعض مواطني تلك الدولة خاصة وأن معظمهم لا يهتمون بالسياسة في المقام الأول حيث تأتي بعد الاقتصاد والاستثمار والرياضة والسياحة.. وهكذا.. كما أنه ومنذ زيارة الرئيس الراحل أنور السادات وتوقيع اتفاقية كامب ديفيد هناك لم تعد مصر تحظي بنفس الاهتمام خصوصا مع تولي الرئيس أوباما ومعه وزيرة خارجيته هيلاري كلينتون مقاليد الحكم هناك وكان الشغل الشاغل لهم تقسيم الوطن العربي وإشعال الفتن والحروب الداخلية به من خلال تدعيم ما أطلق عليه ثورات الربيع العربي. وكان من أبرز ما وصلني من هناك أن الشعب الأمريكي يشعر منذ فترة طويلة بالقلق إزاء ما يحدث في دول الشرق الأوسط ويعتبر أن بعض تلك الدول هي مصدر الإرهاب في العالم بأسره وأن إدارة أوباما لم تكن حازمة في التعامل مع هذا الملف بالقدر الكافي للقضاء عليه. ويتعجب الشعب الأمريكي من أن الرئيس عبدالفتاح السيسي كان يراهن بكل ثقة علي فوز الرئيس ترامب برغم أن كل المؤشرات كانت تسير عكس ذلك وهو الأمر الذي جعل هناك حالة من الإعجاب ببعد نظرة الرئيس المصري بغض النظر عن تقبل الشعب الأمريكي لرئيسه الجديد من عدمه.. وهو الأمر الذي جعل دفء اللقاء بين الرئيسين خلال تلك الزيارة أمرا مقبولا ومرحبا به من قبل الشعب هناك. بل إن هناك أصواتا كثيرة ومؤثرة في الكونجرس حاليا تنادي بضرورة اعتبار مصر حليفا استراتيجيا في جميع مجالات التعاون والتنمية.. بالإضافة إلي تقديم كافة أوجه الدعم اللوجيستي المتطور للقضاء علي فلول الإرهاب المتبقي والنظر في اعتبار جماعة الإخوان إرهابية.. ويكفي أنه أثناء تواجد الرئيس داخل الكونجرس صدر بيان أن مصر أصبحت دولة آمنة ولا مانع من السياحة بها.. وهو تغير نوعي جديد في النظرة الأمريكية للداخل المصري. وبالرغم من أن الرئيس الأمريكي الجديد لا يحظي إلا بتأييد ثلث المجتمع الأمريكي فيما يظهر ثلثا هذا المجتمع مختلفا معه.. إلا أن الشيء الأبرز الذي لا يكاد يختلف عليه أي من الأمريكيين هو ضرورة القضاء علي الإرهاب.. ويرون في الرئيس المصري خير عون لتحقيق هذا الهدف.. كما لعبت الجالية المصرية وخاصة من الأقباط دورا كبيرا في إيصال مفهوم جديد لحالة الوئام التي تسود المجتمع المصري حاليا في ظل قيادة هذا الرئيس. من ناحية أخري فقد لعب ترامب دورا مؤثرا خلال تلك الزيارة في توجيه العديد من رجال المال والأعمال والشركات الكبري للاستثمار في مصر خلال المرحلة القادمة بشكل يجعلها أكثر قدرة علي مواجهة الأزمات الاقتصادية التي تواجهها حاليا للإسراع في الخروج من عنق الزجاجة في أقرب وقت ممكن. ثم نأتي إلي الرؤية الشخصية للمواطن المصري عبدالفتاح السيسي في عيون الشباب الأمريكي الذي رأي فيه نموذجا جديدا لأحد قيادات منطقة الشرق الأوسط التي تتميز بالسن المناسبة والابتسامة الهادئة والثقة في النفس بعدما كانت تلك الرؤية قاصرة علي الملك عبدالله العاهل الأردني فقط.. أما باقي قيادات المنطقة فجميعها إما أنها كبيرة في السن أو لا تحظي بكاريزما القبول أو الاهتمام من جانب الشعب الأمريكي حيث إن معظم هؤلاء القادة تكون زيارتهم لأمريكا إما للعلاج وإما لتلقي تعليمات من المؤسسات الأمريكية المختلفة لإدارة شئون بلدهم.. في حين أن الرئيس المصري بدا واضحا أنه يعي تماما الملفات الهامة التي تهم البلدين وأن تلك العلاقة سوف تكون تبادلية بالقدر الذي يحقق احترام الإدارة الأمريكية للشأن المصري في المرحلة القادم خلافا لما كان عليه في السابق.. وأن مصر سيكون لها الدور الفاعل في تحريك الملف الفلسطيني - الإسرائيلي بعدما حاولت بعض الأنظمة العربية والإقليمية التدخل فيه لمجرد إثبات الوجود وذلك من خلال دعم مادي فقط لحركة حماس لتأجيج الصراعات الداخلية داخل الأراضي الفلسطينية وذلك لصالح إسرائيل التي تعتبر تلك الأنظمة تابعة لها أو مسفيدة منها مثل قطر وتركيا. في النهاية نقول إن الأمريكيين يتطلعون في ظل قيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي إلي المضي قدما نحو الاستقرار والسلام والقضاء علي الإرهاب وأن تكون مصر أرضا خصبة للاستثمارات الأمريكية في المنطقة. وأخيرا فهناك إعجاب كبير بشخص وشخصية رجل وهب نفسه لوطنه وصدق ما عاهد الله عليه.. فصدقه معظم شعبه وكذلك العديد من الشعوب الأخري وعلي رأسها الشعب الأمريكي. وتحيا مصر..