أكد فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر رئيس مجلس حكماء المسلمين أهمية التعارف والتعاون والتكامل بين رؤساء الأديان وازالة ما بقي بينهم من توترات لم يعد لها مبرر من أجل نشر قيم ومبادئ الأديان التي تحث علي التعاون والتعارف ونبذ العنف وكذلك لتفعيل مفهوم المواطنة كمبدأ دستوري طبقه النبي علي أول مجتمع مسلم في دولة المدينةالمنورة حيث ساوي بين المهاجرين والأنصار في الحقوق والواجبات من خلال وثيقة موثقة في شكل دستور. جاء ذلك في افتتاح أعمال المؤتمر الدولي "الحرية والمواطنة.. التنوع والتكامل". والذي يعقده الأزهر ومجلس حكماء المسلمين. طالب الإمام الأكبر المؤسسات الدينية في الشرق والغرب بالتصدي للإسلامو فوبيا تلك الظاهرة الغربية عن الإسلام والتي يقف وراءها المحرضون علي الإرهاب وأعمال العنف ويكتوي بها المسلمون المواطنون في الدول التي يقيمون بها. انتقد الإمام الأكبر التهم الموجهة للإسلام بالادعاء بأنه بنيان التدمير ووراء أعمال إرهابية وقال ان من المحزن والمؤلم تصوير الدين وكأنه أداة سحقت بها أجساد الأبرياء. أشار إلي ان دور رجال الدين والمفكرين تعرية ما وصفه بوباء الإسلاموفوبيا. فإنها سوف تطلق اشرعتها نحو المسيحية واليهودية إن عاجلاً أو آجلاً. أضاف ان المتأمل المنصف في ظاهرة الإسلاموفوبيا لا تخطيء عيناه الكيل بمكيالين بين المحاكمة العالمية للإسلام من جانب وللمسيحية واليهودية من جانب آخر. وأوضح الطيب ان تبرئة الأديان من الإرهاب لم تعد تكفي ويجب علي رجال الدين النزول بمبادئ الأديان وأخلاقياتها إلي الواقع المضطرب. وانتقد الإمام الأكبر هذه التفرقة اللامنطقية. أو الكيل بمكيالين بين المحاكمة العالمية للإسلام من جانب. وللمسيحية واليهودية من جانب آخر. رغم اشتراك الكل في عريضة اتهام واحدة. وقضية واحدة هي قضية العنف والإرهاب الديني. فبينما مر التطرف المسيحي واليهودي برداً وسلاماً علي الغرب دون ان تدنس صورة هذين الدينين الإلهين. إذا بشقيقهما الثالث يحبس وحده في قفص الاتهام. وتجري إدانته وتشويه صورته حتي هذه اللحظة. أكد قداسة البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية ان مصر والمنطقة العربية كلها عانت من الفكر المتطرف والمتشدد الذي يشكل أخطر تحديات العيش المشترك. معتبراً ان هناك أنواعاً مختلفة من الإرهاب منها الإرهاب الديني والبدني. الإرهاب الفكري المتمثل في فرض الفكر والهجوم علي ممارسات الآخرين. وهناك الإرهاب المعنوي الذي يمثل حالة التطرف الفكرية. وأشار قداسة البابا في كلمته في المؤتمر إلي ضرورة تعزيز ثقافة احترام الآخر. مقترحاً عدة حلول لتحقيق العيش المشترك والقضاء علي العنف والفكر المتطرف. منها تقديم القيم الدينية في صورة مستنيرة. وإرساء خطاب بناتي عصري مستنير. أضاف ان رجال الدين عليهم مسئولية كبيرة في إرساء الخطاب العصري المستنير. وأن التنوع بين الانسانية لا يعني الاختلاف بين الهوية الوطنية والمنهج الحضاري العصري. فالتنوع ينشيء الحوار. ويكون في دائرة من التعاون والتكامل والاستجابة لأسس وثقافة الحوار. اختتم قداسة البابا كلمته بضرورة الأخذ من مبادئ الأديان والقيم الإنسانية النبيلة. التي تساعد في إرساء قيم الاحترام والتنوع والعيش المشترك واحترام التعددية الدينية. مؤكداً أهمية نشر ثقافة التسامح والتعايش المشترك وحب الخير وحق قبول التعبير وتشجيع الحوار بصورة حضارية. وأهمية استخدام مواقع التواصل الاجتماعي لتصحيح المفاهيم التي يثيرها أصحاب الفكر المتطرف. والتشارك في بناء الحضارة والوعي الانساني. وتدعيم دور المرأة في التوعية حتي يتحقق الاستقرار ونقضي علي التطرف ويسود السلام في كل دول العالم. أكد أحمد أبوالغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية في كلمته بمؤتمر "الحرية والمواطنة.. التنوع والتكامل" ان العالم العربي شهد في السنوات الأخيرة ظاهرة مثيرة للأسي إذ تمكنت التيارات المتطرفة من التمدد ولعب دورا كبيرا في نشر العنف وتراجعت قيم العيش المشترك والتآلف وقال ان الأرض التي يعيش عليها العرب هي التي تلقت رسالات السماء قديماً وحملوا الرسالات للعالم كله شرقاً وغرباً وظلت هذه الأرض حافظة للأديان. طالب أبوالغيط المؤسسات الدينية ان تربي النشء علي تقبل الآخر والعيش معه. وبخطاب ديني يواكب متطورات العصر منوهاً ان أئمة العنف تمكنوا من تخويف الناس. وأشار أبوالغيط إلي ان التسامح الديني هو أحد المبادئ المؤسسة لدولة المواطنة وهي صفة تكتسب وتمارس ولا يولد الناس به وللأسف يفهم الناس خطئاً أنه لا حاجة لهم بمعرفة أصحاب الدين الآخر وبالتالي يتزامل التلاميذ في الفصل الواحد ولا يعرف أحد شيئاًعن زميله من الدين الآخر وهذا أول طريق التطرف. وقال ان إسهام المسيحيين في الحضارة العربية لا ينكرها إلا جاحد بل ان منهم من لعب دوراً كبيراً في الفكرة العربية ذاتها في النصف الأول من القرن العشرين. منوهاً ان الشرق الأوسط يزدهر بالتنوع وغذا نظرنا حولنا في العالم نجد ان المجتمعات الناجحة هي التي تتميز بالتعدد. وأكد مفتي لبنان اننا أمام ظاهرة سلبية مدمرة تستهدف المسلمين والمسيحيين معاً وعلينا التعاون جميعاً لمواجهة تلك الاخطار التي تشتت شمل الأمة وتضعف من قوتها. قالت السفيرة نبيلة مكرم وزيرة الدولة للهجرة وشئون المصريين بالخارج في المؤتمر الدولي "الحرية والمواطنة.. التنوع والتكامل" ان المؤتمر بهدف إعلان الأزهر للعيش الإسلامي المسيحي المشترك الذي يقتضي العيش سوياً في ظل المواطنة والحرية والمشاركة والتنوع وهي الرسالة التي يوجهها الأزهر ومجلس حكماء المسلمين. ورؤساء الكنائس الشرقية وكذلك علماء الدين ورجاله. وأهل الرأي والخبرة والمسئولية إلي كافة الشعوب وصناع القرار فيها. أكد سماحة الشيخ أحمد قبلان رئيس المجلس الأعلي للشيعة ان الأزهر يمثل العالم الإسلامي وهذه قناعة الشيعة في لبنان وفي إيران مطالباً ان تكون مصر معبراً للمصالحات العربية العربية والإسلامية الإسلامية. وحذر من محاولات تهميش الدور المصري قائلاً ان العرب عندما خسروا مصر ولابد ان تعود مصر حاضناً للعرب جميعاً بل للمسلمين في العالم أجمع مطالباً بأن يقوم المؤتمر بنداء من ساحة الأزهر إلي إيران والسعودية ليتخلصوا من خلافاتهم. قال في كلمته: "لأنها مصر. ولأنه الأزهر. حق ان يكون هذا المؤتمر كلمة الله في الإنسان". وتابع: "لذا. ولأننا نعيش علي وقع الاختلافات والعداوات والاحترابات في بلاد تتقاطر فيها الجنائز قتلاً وحرقاً وغرقاً. وتنهمر فيها الدموع. أود ان أبين الأمور التالية: أولاً: أنا كمسلم شيعي من مدرسة الإمام جعفر الصادق. أقول علنا ان الأزهر الشريف الصادح بإلفة الناس. وحفظ الأمة. والداعي لحجب الدم. وتوحيد الكلمة يمثلني. وهذا كلام "قم" و"النجف" لأن القضية كيف نتوحد بالله. لا ان نختلف علي الله. فما أفلح قوم ادعوا محبة الله ثم تقاتلوا فيه واختلفوا عليه". ثانياً: ان نؤمن بالله وإنسانه. هذا يفترض ان نؤمن بذمة الناس وحقوقهم وتحريم دمهم وأوطانهم وحفظ أطفالهم وعيالهم. وأنا أقسم بالله لو أن رسول الله فينا الآن لكتب علي استار الكعبة "دماؤكم حرام. وأعراضكم حرام. وأموالكم حرام. وأوطانكم حرام". فمن خان حرمة الله فيها فقد خان الله ورسوله والمؤمنين". ثالثاً: لا أطالب المسلمين بالقدس. بل بالله. لأن القدس ضاعت حين ضيعنا الله. أخيراً. المحمدية العالمية تعني ان الرحمة عالمية. ومعها يصبح المسيحي وغيره من أهل الملل والأديان جزءاً من الرحمة المحمدية. وعنواناً لمقاصدها. تماماً بسعة قول الله "ورحمتي وسعت كل شيء". كأساس ضامن للرحمة المحمدية. ومقصود الله فينا أن نحول المحمدية مشروع رحمة للخليقة. لأن أكبر ما في رسالات الله رحمة حبيبه محمد. ودعا رئيس مجلس أساقفة الشرق إلي أهمية دراسة التجربة الإسلامية في المواطنة والعيش المشترك بين المسلمين والمسيحيين بحيث يتساوي الجميع في الحقول والواجبات ويتشاركون في الحكم والإدارة. وقال إن العيش المشترك هو لب التجربة اللبنانية حيث حلت الوطنية السياسية محل الوطنية الدينية. وأكد المشير عبدالرحمن سوار الذهب عضو مجلس حكماء المسلمين: ان الإسلام دين يدعو إلي السلام وفق منهج ومبادئ ونصوص القرآن الكريم والتي تؤكد ضرورة التواصل السلمي مع غير المسلمين. مستشهداً بدولة الرسول "صلي الله عليه وسلم" والتي شهدت تواصلاً مع غير المسلمين في المدينة. وأكد المشير سوار الذهب بالمؤتمر ان "التنوع والتكامل" الذي ينظمه الأزهر الشريف بالتعاون مع مجلس حكماء المسلمين. ان مطلوبات درء مخاطر التفكك والانقسام في العالم العربي والإسلامي تتمثل في بناء المنظومة الاجتماعية للأمة العربية والإسلامية. وتعضيد أواصر الإخاء والتصالح بين المجتمعات العربية والإسلامية لمواجهة التحديات الماثلة وإزالة الفوارق الطبقية وتحقيق المساواة ليصب ذلك في بناء أمة متماسكة موحدة. أكد الدكتور أندريه زكي. رئيس الطائفة الانجيلية في مصر. إن هذا المؤتمر الدولي "الحرية والمواطنة.. التنوع والتكامل" يطرح موضوعاً يشغل فكر كل باحث عن مستقبل أفضل لشعوب العالم. فمبادئ الدين في الإسلام والمسيحية علي حد سواء تدعو للعيش المشترك وتؤكد علي أهمية التنوع. مشيراً إلي أن التوجه لإقصاء الآخر. أو القضاء عليه في بعض الأحيان. يتعارض تعارضاً تاماً مع سماحة الدين. كما يتعارض مع المواثيق الدولية لحقوق الإنسان.