الكلمة قاسم مشترك بين الاعلاميين والكتاب والشعراء ولأنها مؤثرة في المجتمع ايجاباً أو سلباً فإن فرسانها يحظون بمكانة مرموقة بين الناس ويرتبط بهم المستمع والمشاهد ومؤخراً فقدنا بعضاً من أصحاب الكلمة الصادقة التي كان عطاء بعضهم يمتد في الإذاعة والتليفزيون لأكثر من نصف قرن من الزمان. فقد رحلت الاعلامية الكبيرة نجوي أبوالنجا في 14 يناير ووريت الثري في منتصف الشهر بعد صراع مع المرض واشتياق وحنين لأسرتها التي رحل أفرادها جميعاً سطرته علي صفحتها في موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" وذكرياتها مع والدتها وشقيقيها "أسامة وحسن" أثناء الاستعداد لاستقبال الأعياد كما دعت زميلاتها نهي العلمي ورباب البدراوي وأمينة صبري ونبيلة مكاوي لقراءة الفاتحة علي روحي وجدي الحكيم ومحمود سلطان زميليهم اللذين سبقوها في الرحيل عن الدنيا. وكأنها كانت تشعر بقرب لقائها بهم جميعاً. امتد مشوار نجوي في إذاعة صوت العرب لثلاثين عاماً منذ عام 1963 حينما كانت طالبة في كلية الحقوق وكلفها الاذاعي وجدي الحكيم بعمل تقرير عن كعك العيد. ثم التحاقها بها بعد تخرجها في 1967 مقدمة برامج بإدارة المنوعات وكان من أشهرها "أضواء علي الجانب الآخر" الذي أتاح لها السفر إلي دول الوطن العربي للتسجيل مع كبار الشخصيات السياسية والفنية والأدبية وظلت تجمعها بهم صداقة علي مر السنين. ولما انتقلت رئيسة الاذاعة الشباب والرياضة في عام 1993 استطاعت ان تسهم في تنمية مجتمع الشباب ومساندتهم باتاحة الفرصة لتسويق منتجات مشروعاتهم الصغيرة في "سوق الشباب الأول الذي ابتكرت فكرته وشارك فيه 15 شاباً ثم في اعوامه التالية كان المشاركون بالآلاف وفي مجال الرياضة كانت فكرتها تقديم أصوات جديدة للتعليق علي مباريات كرة القدم فعقدت مسابقة لاختيارهم كان من شروطها ان يكون المتقدم اما أن سبق له ممارسة اللعبة أو مدرباً لها فنجح فيها من له خبرة وصاروا بعد هذا الاختبار من كبار المعلقين. ثم كان انتقالها لرئاسة قنوات النيل المتخصصة لتواصل مسيرتها الاعلامية بشخصية جمعت بين الحزم والتعامل الإنساني مع مرءوسيها فساهموا جميعاً في نجاح هذه القنوات وأداء رسالتها الاعلامية علي أكمل وجه بصدق وتميز وقد عرفت الراحلة العزيزة واقتربت منها ليست لأنها كانت مصدري الصحفي في منوعات صوت العرب ولكن كصديقة وأخت كبري كانت تهتم بالاستماع إليَّ حين أسر إليها ببعض متابعي فتنصحني أن أحب نفسي كما أحب أسرتي والآخرين وأعتقد أنها كانت بالفعل علي حق. ولهذا فأنا افتقدها الآن ومشاعرها الإنسانية الفياضة ليست تجاهي فقط ولكن التي عايشتها مع كل زملائها. ولأن نجوي كانت تحب زملاءها وتريد أن يستفيدوا من خبرتها بعد وفاتها. فقد أهدت شرائط برامجها لمكتبة الاذاعة وبهذا سيظل صوتها وعملها باقياً لتنال عنه في آخرتها الجزاء الأوفي من الله تعالي. أما الاعلامي الدكتور فاروق الجوهري مدير عام إذاعة وادي النيل الاسبق. فإنه كان أيضا ممن بدأوا عملهم في صوت العرب ثم عمل بإذاعة "ركن السودان" التي كانت تبث من القاهرة والتي صارت فيما بعد تسمي "وادي النيل" وكانت برامجها تنقل للمستمعين ما لا نعرفه عن السودان وما يجري فيها من أحداث سياسية وثقافية وألوان الفنون والدراما ومعه كوكبة من الاعلاميين المصريين والسودانيين وبعد إحالته للتقاعد طلبته جامعة أم درمان ليقوم بالتدريس لطلابها. فنال هناك محبة الجميع ووسام الآداب والعلوم الآداب والفنون من الرئيس حسن البشير. كما ظل مراسلا للإذاعة يقدم تحليلاته السياسية حتي هاجمه المرض وحانت ساعة انتقاله إلي الله تعالي في 19 يناير وإن كان قد رحل عنا إلا أنه ترك ابنته أمام عينيها عطاء والدها وتتخذه قدوة لها لتقدم هي ايضا اسهامات إذاعية تكون مفيدة للمستمعين ومؤثرة ومشرفة في مشوارها الإذاعي.