* الحكم الذي اصدرته المحكمة الإدارية العليا برئاسة المستشار الجليل أحمد الشاذلي الاثنين الماضي ببطلان اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية يؤكد من جديد نزاهة واستقلالية القضاء المصري وشموخه رغم محاولات البعض النيل من هذا الهرم الشامخ. * وبعيدا عن الخوض في تفاصيل الحكم أو التعليق عليه أو حتي الخوض في الخلافات والاختلافات في الرأي التي اعقبت الحكم. فإن هناك العديد من الرسائل الايجابية التي خلفها الحكم. لعل في مقدمتها كما ذكرت التأكيد علي استقلالية نزاهة القضاء الذي أصدر الحكم معارضا لرأي الحكومة والدولة وهو ما لم يكن معهودا في مصر خلال العقود الثلاثة الماضية. * الرسالة الأخري المهمة التي نتجت عن الحكم التاريخي تلك التي تمثل أو تؤكد وطنية الحكومة وايمانها بالفصل بين السلطات حيث لم تمارس أو تحاول ممارسة أي نوع من التدخل في شئون القضاء واتبعت السبل والوسائل المشروعة والقانونية وعبر درجات التقاضي المختلفة مؤكدة احترامها لاحكام القضاء في جميع مراحله ولم تعلق علي أي حكم أو تعترض عليه إلا من خلال الدرجات القضائية والمحاكم الأعلي. * الشيء الآخر المهم الذي يجب التأكيد عليه بعد هذا الحكم التاريخي. ان الجميع وطنيون ومحبون لمصر سواء الذين قالوا إن الجزيرتين سعوديتان وفقا لقناعتهم وادلتهم التي ساقوها للمحكمة ولم تقتنع بها وكذلك الذين قالوا إن الجزيرتين مصريتان وجمعوا الوثائق والأدلة والبراهين التي اقنعت المحكمة بوجهة نظرهم وأصدرت حكمها التاريخي. فالكل كما ذكرت مصريون ووطنيون مخلصون. فلا يصح ولا يجب أن يخون كل منهما الآخر تحت أي ظرف أو أي مسمي ولابد من اسدال الستار علي هذه القضية والانصياع لحكم القضاء مهما كانت النتائج ولا أقول الخسائر. * اتمني أن يكون البرلمان المصري عند حسن الظن وعلي قدر المسئولية بأن يبتعد عن الدخول في قضايا خلافية تزيد من الخلاف والاحتقان بين أبناء الوطن وأن يعمل بمبدأ الفصل بين السلطات ويؤكد هو الآخر احترامه لاحكام القضاء. فوفقا لرأي الفقيه والخبير القانوني الدكتور محمود كبيش الذي اثق في وطنيته ومهنيته فإن حكم الإدارية العليا باتا وقاطعا مانعا لأي إجراءات أخري ولا يجوز لاحد أو جهه الاعتراض عليه حتي ولو كان البرلمان المنتخب من الشعب. ومن هنا أتمني ان ينأي البرلمان واعضاؤه عن هذا المطب. * علي الجانب الآخر أتمني أن يكون الاشقاء في المملكة العربية السعودية حكومة وشعبا عند حسن الظن بهم ويعلموا جيدا أن مصر لم ولن تجور يوما علي أرض عربيه أو حتي غير غربيه. ولكنها في نفس الوقت تؤكد احترامها لقضائها الشامخ وقضاتها الاجلاء. وهناك العديد من الطرق والحلول التي يمكن من خلالها الاستفادة من الجزيرتين باعتبارهما ارضاً عربية في المقام الأول ولا يهم كونهما مصريتين أو سعوديتين. ولا مانع من عقد لقاءات أو تشاورات بين المسئولين في البلدين لوضع تصور جديد في ضوء الحكم الأخير بما يمكن الجانبين من الاستفادة بعوائد وخيرات هاتين الجزيرتين سواء فيما يتعلق بالبحث عن البترول والغاز فيهما أو حتي امكانية استغلالهما سياحيا واستثماريا. والأمثلة كثيرة علي ذلك في المنطقة العربية وغيرها من بلدان العالم. فالعلاقة بين مصر والسعودية أكبر وأعمق بكثير من تيران وصنافير.