أكد خبراء السياسة أن 2016 ترك وراءه حصاداً من الأحداث تصبغ معظمها بلون الدم شهد العالم هجمات وحشية من كافة التنظيمات الإرهابية علي رأسها تنظيم داعش والذي أصبح الشغل الشاغل لكل دول العالم موضحين أن التناقض الغربي في تناول الأحداث وراء التوحش الإرهابي وقيام التنظيمات المسيسة بتصعيد كمي ونوعي في عمليات القتل والتي استطاعت من خلال عملياتها الشيطانية الغادرة أن تتلاعب بالأوراق السياسية علي مستوي العالم. يشير د.عادل عامر رئيس مركز المصريين للدراسات السياسية إلي أن هذا العام قياساً بالأعوام السابقة هو الأكثر إرهاباً خاصة أنه ولأول مرة تطول يد الغدر دور العبادة وأصبحت تهدد السلم العام للشعوب فقد أصبح الإرهاب من أخطر الظواهر التي تهدد أمن المجتمع واستقراره علي المستويين المحلي والدولي والذي لا يمكن أن تبرره أية اعتبارات سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية أو دينية وأصبح من الضروري مكافحته في إطار من التعاون بين أعضاء المجتمع الدولي وألا يترك أمر مكافحته لدولة أو لدول بعينها والتي لا تستطيع وحدها مواجهة المشروع الفكري للإرهابيين والذين يصرون من خلال أعمالهم الإجرامية الأخيرة أن يصبغوا الدين بلون الدم. ويضيف عامر أن الإرهاب هو أحد الأسلحة في الصراع السياسيي الدولي والذي تستخدمه القوي الكبري لفرض السيطرة علي الدول التي تريد تفتيتها داخلياً ومع تناقض الفكر السياسي الغربي وأنه يكيل بمكيالين مختلفين في أعماله وأقواله وتصرفاته تجاه البشر تتزايد وحشية الإرهاب فقد قام الغرب بالعديد من السياسات الإجرامية في بلاد العرب من أجل تحقيق مصالح شخصية فعندما أرادت أمريكا أن تغزو العراق وأفغانستان في 2003 كان لابد من إيجاد ذريعة مقنعة فاختلقوا مسألة أسلحة الدمار الشامل فحصل الساسة علي الموافقة علي هذه الحرب دون معارضة وغيرها من المصالح الخاصة التي جعلت منها قاعدة انطلاق لكثير من الأعمال العسكرية والسياسية ومع تطور الأحداث أصبح السلاح لغة الحوار الوحيدة بين الشعوب خلال الأعوام القليلة الماضية. يؤكد عامر أن التاريخ أثبت أن الإرهاب لا ينتصر علي إرادة الشعوب وأن الحلول السياسية هي الطريق الأمثل في اقتلاع جذور الإرهاب والتي تبدأ بالإصلاح الداخلي والقضاء علي المشاكل الاقتصادية والصراعات التي يتبناها أصحاب الفكر المتطرف. ويري د.ناجي الشهابي رئيس حزب الجيل الديمقراطي أن الدور السياسي لأي دولة تتحمله عدة جهات هي الحكومة والبرلمان والأحزاب ومع تزايد العمليات الإرهابية عام 2016 يجب أن تقوم كل جهة من هذه الجهات بإعادة ترتيب أوراقها وخططتها الأمنية ورؤيتها الكلية في مكافحة الإرهاب وأن نكون حازمين في مواجهتها ضد هذه الجماعات الإرهابية ورفض وجودهم من يحث المبدأ بدلاً من السماح لأي اعتبارات سياسية ضيقة الأفق بأن تقف عائقاً في هذا الطريق خاصة بعد أن قامت الجهات الأمنية في مصر من جيش وشرطة بالقيام بواجباتهم علي أكمل وجه وبحسم سواء علي الحدود في سيناء أو في الوادي. ويحمِّل الشهابي الحكومة المسئولية السياسية كاملة في توحش الأعمال الإرهابية في البلاد خلال هذا العام حيث تركت للإرهاب أعوان في المؤسسات والأجهزة الهامة كما أن البرلمان يقع علي عاتقه جزء كبير من المسئولية والتي تخلي عنها فلم يبادر بتعديل القوانين وإصدار تشريعات جديدة لتحقيق العدالة الناجزةأما الأحزاب فمازالت في العناية المركزة ومن هنا نري أن السياسة في عام 2016 لم تكن علي المستوي المطلوب مما أدي إلي مزيد من الإرهاب. ويشير الشهابي إلي أن الخطاب الإرهابي الذي تردده الدول الكبري يكتسب كل يوم عناصر جديدة نتيجة احتضان مخابرات تلك الدول له واستغلال المتطرفين والجماعات الإرهابية لتحقيق مكاسب في إطار صراعات أكبر مما أدي إلي عواقب وخيمة علي المدي الطويل وللأسف مازلنا نشهد اليوم زيادة في قدرة الجماعات الإرهابية في الحصول علي أسلحة متطورة والوصول إلي الأموال الوفيرة والتحرك بحرية وهذا يؤكد أن هناك بعض الكيانات الدولية التي تعمل علي تسهيل عمليات تلك الجماعات الإرهابية. ويوضح د.عبدالسلام نوير أستاذ العلوم السياسية بجامعة أسيوط أن الإرهاب يمثل تهديداً وجودياً للحضارة الحديثة فخطورة ظاهرة الإرهاب لم تعد تقتصر علي ارتفاع عدد العمليات الإرهابية التي ترتكب سنوياً أو تتصاعد قوتها التدميرية وتتمثل في انتشارها جغرافياً وتوسعها بشرياً فقد امتدت بشكل أو بآخر إلي معظم دول العالم وانخرط فيها مواطنون ينتمون لعشرات الدول المتقدمة وغير المتقدمة علي السواء.. فالفكر المتطرف والتفسير المنحرف للدين والتنمية الفاشلة ومجتمعات تتزايد فيها معدلات الفقر والبطالة والتهميش كل هذه المعطيات هي بيئة حاضنة للإرهاب مواتية لظهوره بقوة حيث تستهدف التنظيمات الإرهابية شباب تلك المجتمعات الأكثر ضعفاًممن لديهم الرغبة والاستعداد للخروج والشذوذ عن المألوف فقد أصبحت الجماعات الإرهابية تضم في عضويتها أفراداً ينتمون إلي جنسيات مختلفة لا تجمعهم بالضرورة أيديولوجية موحدة أو توجهات سياسية محددة أو خلفيات اقتصادية واجتماعية متماثلة ولا يجمعهم في هذا السياق سوي قاسم مشترك واحد يتمثل في فكرة المقاومة بالعنف لكل ما يرون أنه مغاير لأهدافهم. ويستكمل نوير قائلاً: الإرهاب تحركه في الغالب دوافع سياسية فهو وليد الصراعات بين الدول ويمثل امتداداً لها ومن هنا نري أنه يجب علي الدول اتباع سياسات عامة لمحاصرة هذا الفكر أمنياً وإعلامياً لتجفيف منابعه ويجب أن تكون البداية من الأسرة ثم المؤسسات التعليمية ثم تأتي الأهمية الكبري لتطوير الخطاب الديني والثقافي والذي يعد حائط الصد والسلاح الأقوي لمواجهة الأفكار المتطرفة.