يزداد سعرها ويقل توزيعها وقد يغلق البعض أبوابها لن تستمر الدولة في دفع ملايين لدعم الصحف القومية.. ولن تستمر الصحف الخاصة في دفع أجور الكتاب والمحررين. واللي عاجبه!.. ولن تعلن شركة أو مؤسسة إلا بالكاد. أما التظلمات بالإعلان فسوف تكتفي بالشكوي لله! غالية علينا الصحف ليس محبة واعزازا. وإنما نستخسر فيها الجنيه فما بالك بالثلاثة أو أربعة.. نصرف علي القهوة والطاولة وخلافه عشرات الجنيهات ونتردد وندقق عند شراء جورنال. خصوصاً وقد مضي عهد قراءة صحيفة الجالس علي المقعد المجاور في القطار أو الترام بسبب الزحام. أو مجلة في صالون الحلاق لأننا لم نعد نذهب إليه بعد أن تحول إلي كوافير. ولا مطبوعة قديمة في عيادة طبيب إذ لم يعد في حاجة لإرضاء مرضاه! لم يبق إلا أن يشتريها الغاوون. ولكن للحب حدود! ولعل الملل قد أصاب القراء. بعد أن أصبحت المقالات زينة الصفحات يكتبها الأساتذة بدون نفس. وذلك أفضل ممن يكتبونها من غير ذمة. الذين يهربون إلي التليفزيون هم كالمستجير من الرمضاء بالنار!.. هنيئاً لمن يكرهون الصحف فجنون الأسعار لحق بالحبر والورق. حديث الغلاء لا يسر القلب.. حتي صحيفة "لوس أنجلوس تايمز" الأمريكية نشرت مقالاً طويلاً أول كلمة في عنوانه "koshary" نموذجاً للغلاء في مصر بعد أن أكل مراسلها طبق كشري في أشهر محل بوسط البلد ودفع ما لم يتوقع متخذاً منه ومن غيره مدخلاً لحديث الغلاء في مصر. ذكر أرملة "57 سنة". شادية محمد أم لخمسة أولاد تشكو مما دفعته في وجبة كشري عند "زمزم" بحي الدقي.. وعنوان المقال: طبق الفقراء لم يعد رخيصاً! يبدو أن الصحفي الأمريكي قد شاهد الإعلامي الذي يفاجئنا كل مساء بحركة جديدة كان من بينها أطباق من الكشري والصلصة وخلافه منبها إلي أن الغلاء قد وصل إلي الكشري. مع وعد بأن يفتح محل كشري بعد المعاش!! ليس فقط حديث الغلاء. وإنما بعض ما قرأناه في الصحف. وعلي سبيل المثال: * الدكتور "جلال أمين" كتب عن "أديب مشهور صاخب له مؤلفات كثيرة. ولكن أوجه النقص فيه كثيرة أيضاً وخطيرة. رفعه الإعلام بعد وفاته إلي عنان السماء مما أصابني بالدوار.. قرأت له رواية واحدة جميلة منذ أكثر من أربعين عاماً ثم فشلت بعد ذلك المرة بعد المرة في أن أجد له شيئاً".. إلي آخره. لم يذكر اسمه ولكنه وصفه بما لا يخفي أنه "جمال الغيطاني" .. وكذلك كنت عن "عالم شهير حصل علي تقدير عالمي كبير ولكنه يثير عندي من الحيرة بقدر ما يثيره الأديب الشهير حتي بدأت تعتريني الشكوك في الجائزة العالمية نفسها". .. إلي آخره لم يذكر اسمه أيضاً ولكنه وصفه بما لا يخفي أنه "أحمد زويل" * والسؤال لماذا انتظر الكاتب الكبير "جلال أمين" حتي لقي الغيطاني وزويل ربهما وتركا لنا الدنيا؟! ** الكاتبة "نشوي الحوفي" عضو لجنة العفو الرئاسي عن الشباب تكتب: أنا مش "مبلوعة" في لجنة يرأسها "الغزالي حرب" بحجابي وتفكيري وآرائي "يلفت النظر ذكر الحجاب!! ** أعضاء في مجلس الأمة غاضبون لأن "نجيب محفوظ" لم يتم حبسه من أيام "قصر الشوق والسكرية" بتهمة الفعل الفاضح!!.. لم يتقدم أحد وقتها ببلاغ ضده. نفد بجلده.. لم يكن هؤلاء الأعضاء ولا مجلس الأمة الحالي موجوداً في حياته! ** كتبت الزميلة "دعاء مختار" أن محفوظ حكي في برنامج مع طارق حبيب عن فكرة رواية "الكرنك". جاتلي علي القهوة لما دخل علينا شخصية "خالد صفوان" الحقيقية فعرفته. جاء يقعد علي القهوة إنسان عادي جداً لا يظهر عليه علامات أن هذا الشخص هو من كان يقوم بالتعذيب ولفت نظري وتأثرت جداً. ولو كنت أعرف أن الرواية والفيلم هيثير الضجة ويمنع من الرقابة كنت بعدت عن كل الغلب ده!! ** نبهني الزميل "إسماعيل الأشول" لما كتبه الأديب اللبناني "عبده وازن". قال: ماذا وجد روائي كبير مثل "ماركيز" في شخصية الزعيم الكوبي "كاسترو" الذي أصبح دكتاتورا.. لماذا أصر علي صداقته به رغم تيقنه من بطشه واستبداده.. كيف نسي ماركيز أنه صاحب "خريف البطريرك" الذي هاجم فيها نماذج الدكتاتور في أمريكا اللاتينية .. ولم يخجل أن يقول إن كاسترو يحب كثيراً هذه الرواية!! .. كل الطغاة واحد لا فرق بين شيوعي أو رأسمالي ولا بين مسلم وكافر! صناع البهجة حتي نخرج من كل هذا الغلب ولو قليلاً ومؤقتاً اختار لنا الكاتب الشاب مؤلف العديد من الكتب "محمد توفيق" عدداً من صناع بهجتنا. لعلنا نرضي.. صحيح أن معظمهم ماتوا غير مبتهجين ولكنهم مازالوا يسعدوننا.. الكتاب اسمه "صناع البهجة" وآخر من رحل منهم كان "محمود عبدالعزيز" ** "إسماعيل ياسين".. كان جمال عبدالناصر حريصاً علي مشاهدة أفلام "سمعة" مهما كانت الظروف السياسية. يجد فيها ما يحقق أهدافه بأفلامه الستة في وحدات الجيش المختلفة ساذجاً ثم ينتهي ذكياً يؤدي واجبه ولكن مشكلة إسماعيل ياسين أنه لم يطور نفسه فخرج من القمة إلي النسيان. وقد كان البطل الوحيد في السينما المصرية لخمسة عشر عاماً .. تدهورت حالته المادية وانحسرت شهرته.. وقد ابهجنا كثيراً ومازال ** "عادل إمام".. كان يعرف بالضبط إلي أين هو ذاهب ولكنه لم يخبر أحداً. فمن كان يصدق أن الباشكاتب في مسرحية "أنا وهو وهي" سوف يصبح "الزعيم"! عندما سأله الناقد الرياضي "نجيب المستكاوي" في السبعينيات أيام "مدرسة المشاغبين" عن النادي الذي يشجعه قال: أنا زملكاوي بشدة.. وعندما سئل نفس السؤال بعد أن أصبح الزعيم في أواخر الستينيات أجاب: من شروط حصولك علي الجنسية المصرية أن تشجع النادي الأهلي! ** "سعيد صالح".. لم يعش "سعيد" في جزيرة منعزلة عن الناس. يهوي الخروج علي النص في الكثير من مسرحياته فهو أجرأ من أن يقول ما يمليه عليه النص. حتي ولو كان مصيره السجن وقد فعلها عام 1983 حين خرج عن النص وهو واقف علي خشبة المسرح. فقال: أمي اتجوزت 3 مرات الأول أكلنا المش والثاني علمنا الغش والثالث لا بيهش ولا بينش.. وكان يقصد عبدالناصر والسادات ومبارك وفهمها الرقيب الجالس في مقاعد الجمهور. فصدر الحكم بحبسه ستة أشهر. ** "صلاح جاهين" كان رقماً قياسياً في كل شيء في الكاريكاتير والشعر والسيناريو والمقال والكتابة الساخرة وصناعة الأفلام. علاوة علي قدرته الخارقة في اكتشاف المواهب أو تعلميعهم وتغيير مسيرتهم .. لكن جزءاً كبيراً من شعبية جاهين جاء بسبب ارتباطه بعبدالحليم حافظ وكمال الطويل فقد كانوا يلتقون في بداية شهر يونيو من كل عام لتحضير أغنية جديدة عن ثورة يوليو. وظل الثلاثي علي العهد حتي مرض والد جاهين بالسرطان ولم يتحمل صلاح الخبر واختفي تماماً وحاولت أسرته الوصول إليه دون جدوي لمدة عشرة أيام. أقسمت "بهيجة" أخته أن حليم هو اللي مخبيه فذهبت إلي بيته وقالت له: عاوزين صلاح ضروري أبوه تعبان ومحتاج يشوفه وانت مخبيه عندك.. فقال حليم والله هو ما عندي ولا حتي شفته ادخلي دوري عليه وعموماً أنا هجيبه لحد عندك.. وبالفعل أحضره في اليوم التالي بعد أن نشر إعلاناً في الأهرام يقول فيه: ارجع يا صلاح أهلك بيدوروا عليك ** "عمرو سليم".. حين التقيته تحدثت معه عن كاريكاتير بديع رسمه عقب الثورة مباشرة يسخر فيه من عدم إلقاء القبض علي الثلاثي "صفوت الشريف وفتحي سرور وزكريا عزمي" وسألته من الذي أوحي إليك بتلك الفكرة المدهشة.. قال: صلاح جاهين جاءني في المنام وقال لي افضحهم يا عمرو ولم تكن هذه المرة الأولي التي زاره فيها جاهين. رغم أنه لم يره في حياته سوي مرة واحدة عندما شاهده في سيارة أثناء التوقف في إشارة مرور! ** "محمود السعدني".. لم يكن كاتبا فحسب وإنما أمة من الكتاب والمثقفين والمفكرين والمبدعين والساخرين.. تخصص في نقد السلطة والضحك علي منافقيها وأفاقيها. قال: ليس المواطن في بلاد الحمير إلا أن يمشي وراء الرئيس. فهناك متناقضات كثيرة في العصر الحميري منها أن لدينا ديمقراطية واسعة وبلا حدود في كل شيء إلا في السياسة! ** "أحمد رجب".. صاحب "نص كلمة" عمود يومي في جريدة الأخبار في عام 1968 لكن رغم ما صنعه من مجد كبير فإنه لم يكن أبداً رئيساً لتحرير أي جريدة فحين طلب مصطفي أمين من الرئيس السادات أن يتولي أحمد رجب رئاسة تحرير مجلة "آخر ساعة" رفض وقال له "ما ينفعش يا مصطفي لأنه ما بيسمعش الكلام". ** "جلال عامر".. الرجل الذي بدأ حياته بعد الخمسين وفي خمس سنوات صنع مجداً يعيش دهراً وابتكر أسلوباً جديداً في الكتابة الساخرة فبدا كأنه "حاوي" يظهر كلمات ويخفي أخري. يجعل عينك تقع علي الجملة التي يريد أن تقرأها. كلمة تخاطبك وأخري تخاطب من يجلس بجوارك وثالثة تخاطب زوجتك ورابعة تخاطب من يجلس فوق كرسي السلطة!! ** وسوف نظل ونبحث عن البهجة مهما كانت الأحزان ** وأيضاً كما قال الشاعر "طاهر البرنبالي": "ما توطيش لما ينفد صبرك منك".