أعلم أنني أفتح "عُش الدبابير" عندما أتحدث عما وصل إليه الإعلام الآن من حالة متردية ليس فقط فيما يقدم من مادة للملايين من عشاق الرياضة.. ولكن والأهم هو عقاب الإعلام لكل من يشاهد مادته الرياضية الآن بأن يسمع كل ما لذ وطاب من الألفاظ الخارجة. والتعبيرات الجارحة. والخوض في الأعراض وخلافه. هاتفني عدد كبير من السادة الإعلاميين من الأصدقاء والزملاء بعد مقالي الأخير بعنوان "إعلام العار .. يدمر الرياضة".. وطالبوني بالاستمرار في الكتابة لإيقاف هذه المهزلة التي أصبحت حديث كل بيت. وهي أن من يشاهد برامج رياضية عليه أن يتأهب لسماع وصلة "ردح" متبادلة. وإذا استمر قليلاً فعليه أن يتقبل أيضاً سماع "سب الدين" وغيرها من العبارات التي كنا نخجل حتي فترة قصيرة مضت من سماعها في الشارع. وإذا بها تنتقل عبر الشاشات إلي كل بيت. الأزمة الحقيقية في أن هذا الأسلوب الإعلامي المؤسف أصبح وسيلة في رأي المسئولين لجذب المشاهد. وهو ما يجلب الإعلانات. ويجذب أيضاً رواد مواقع التواصل الاجتماعي من خلال اليوتيوب. لإعادة مشاهدة هذه البذاءات وقياس نجاح هذه البرامج بعدد مشاهدات هذه الإعادات علي اليوتيوب. تحول كبير في سوق الإعلام ألقي تماماً كل ما تربي عليه جيل الإعلاميين المحترمين من انتقاء اللفظ الذي يوجه للمشاهد. لأنه من الطبيعي أن ينتقل إلي كل بيت. وكل فرد من أفراد الأسرة. عذراً أصدقائي الإعلاميين. فسأكون مضطراً لفضح ما يحدث في مجال الإعلام. حتي لو كلفني ذلك خسارة كل شيء. سأضرب مثلاً بكاتب هذه السطور.. فقد عرض عليَّ منذ بضع سنوات أن أقوم بعمل برنامج أتحدث فيه عن كل قضايا الرياضة. ولكن مع شرط مهم جداً لبدء العمل.. وهو وضع الملح والتوابل علي الحوار م أجل الإثارة وجذب المشاهدين والمعلنين. وعندئذي كان ردي.. أي نوع من أنواع الإثارة؟!!.. كان الرد هو: التعامل بطريقة ما يسمعه الناس الآن في البرامج الرياضية من الشد والجذب والخوض في الأعراض. وإعلان الحرب علي كل من تسول له نفسه بعرض أي شيء يخالف سوق الإعلام الحديث. بالطبع رفضت هذا الأسلوب. ولكن قبل الرفض قلت إنني معجون رياضة. ويمكنني أن أقدم أي شيء يخدم فكر وفنيات الرياضة.. ينتقد الأشخاص في عملهم الرياضي وليس في عدد ريجاتهم أو في تعاملهم مع أسرهم أو حياتهم الخاصة. انتهي الحوار عندئذي ولكني كنت علي ثقة في أنهم سيجدون كثيراً ممن يقومون بهذا الدور. الماديات للأسف تحكمت في الإعلام الآن. وأصبحت تقوده في اختيار من يقدم مادته.. فمن يفهم ويجيد الحديث ويعرف كيف يخاطب الأسرة. لا مكان له.. المكان لمن ينفذ مخطط القضاء علي الشعب وأخلاقياته وسلوكياته بهذا النوع من "إعلام العار".