من المؤكد ان كثيراً من الجهات المسئولة عن معالجة آثار سيول يوم 27/10/2016 قد سجلوا وصوروا ودرسوا هذا الموضوع جيداً واستخلصوا الدروس المستفادة من الإيجابيات والسلبيات التي ظهرت أثناء معالجة هذه السيول. الأرصاد الجوية قد ألقت المعلومات المتاحة لها في وجه المسئولين وهي معلومات قليلة يعرفها الكثيرون ان هناك سيولاً وأمطاراً غزيرة تقع علي سلاسل جبال البحر الأحمر وجبال غرب النيل علي امتداد الصعيد حتي أسوان وعلي صحراء الوادي الجديد كذلك في بدايات فصل الخريف. ولكن كما رأينا في الدول المتقدمة مثل أمريكا فإن الأرصاد الجوية تذيع معلومات متجددة وأولاً بأول وهي تلاحق الأمطار من بدء نزولها حتي نفاد ماء المطر وهو ما لم يحدث في مصر والذي حدث ان الأرصاد قالت أمطار وتركت الأمطار تدور وتلف في سماء الجزء الجنوبي في مصر تسقط حيثما تحب وحيثما يأمرها به الله. والعجيب انك لا تجد في أي محافظة أي خريطة كنتورية تبين المناطق العالية أو المنخفضة وأي مجاري السيول المحتملة غير مخرات السيول التي يعرفها المواطنون جيداً ورغم ذلك بنوا فيها بيوتهم ومنشآتهم. المطلوب وبصوررة عاجلة وجدية تجديد خرائط التضاريس لكل مدن وقري مصر والمناطق المحيطة بالجبال ويمكن عمل ذلك بالتصوير الجوي أو بالمساحة الأرضية إذا احتجنا تفاصيل أكثر. وللأسف فإننا نسمع عن سدود ترابية ينشئها مسئولو الموارد المائية علي عجل ومعها مساحة متسعة لتصبح بحيرة أو بركة صناعية ولكن العجلة وعدم الدقة في التنفيذ وإهمال مبادئ الهندسة التي تعلموها تنهار السدود وتغرق البيوت والزرع والضرع. ونصيحة لكل من يبني بيتاً أو منشأة جديدة معرضة لهجوم السيول والأمطار المفاجئة أن يرفع الدور الأرضي عن الشوارع أو الأراضي المحيطة بحيث تكون المنقولات وأثاث المعيشة بعيداً عن الغرق في ماء السيل والوحل الذي يحمله. علينا كذلك أن نطهر الترع والمصارف في الدلتا والصعيد في الريف القديم لاستقبال مياه الأمطار وتصريفها أو تخزينها بطريقة آمنة لأن ماء المطر والسيل هبة ربانية لإحياء الأرض الميتة يجب الحفاظ عليها ورفع الحمد والشكر لله عليها كل حين وآن. إننا نتمني من مهندسي الطرق المصممين والمنفذين أن يتعاملوا بحرص عند تعدية ماء السيل من الطريق ويفضل أن يكون ذلك عبر مواسير "برابخ" أسفل الأسفلت وليس السماح بمرور الماء فوق أسفلت الطريق لأن ذلك سيؤدي إلي انهيار وقطع الطريق من شدة اندفاع الماء أثناء العبور فوق الطريق. لقد طالت السيول المقاصد السياحية في محافظة البحر الأحمر وجنوب سيناء طالت الغردقة ومرسي علم وقرية أبو الحسن الشاذلي وشرم الشيخ وأسعدت أهالي حلايب وشلاتين كما طالت السيول المناطق السياحية والأثرية في الصعيد ونتمني أن تهتم وزارتا السياحة والآثار بهذه المناطق والمواطنين بها.