كان يوم الأحد الماضي حلوا ومرا جمع بين المتناقضات. كالحزن والفرح وتأثر المشاعر بحدث إنساني حين التقي الرئيس عبدالفتاح السيسي مع المواطنة السكندرية المكافحة مني السيد في قصر الرئاسة الاتحادية. أما الحزن فقد خيم علي قلوب المصريين عامة والفنانين خاصة من زملاء الساحر الجنتل الفنان "محمود عبدالعزيز" الذي رحل إلي خالقه بعد صراع مع المرض مساء السبت الماضي وكانت جنازته علي الهواء يوم الأحد علي القناة الأولي من مسجد الشرطة في الشيخ زايد وعلي قناة "أون إي" منذ خروج النعش الذي حمل جثمانه من المستشفي والذي كان يجب أن يلفه علم مصر. وحتي ساعة دفنه في مقابر الأسرة بالورديان بالاسكندرية في برنامج عمرو أديب "كل يوم". ثم كانت فرحة كل المصريين في نهاية اليوم بفوز المنتخب المصري لكرة القدم علي منتخب غانا في التصفيات الأفريقية المؤهلة لبطولة مونديال كأس العالم في روسيا 2018 بنتيجة 2/صفر بما أضاف السعادة وبهجة الفوز علي جمهور المباراة والمشاهدين وأشعل مشاعر الانتماء لمصر والتحدي لتحقيق حلم الوصول إلي كأس العالم الذي يراود كل المصريين منذ ستة وعشرين عاماً. وأعود إلي لقاء الرئيس عبدالفتاح السيسي بتلك الفتاة السكندرية المكافحة مني السيد الذي أذاعه التليفزيون علي القناة الأولي وتجلي فيه تواضع الرئيس وسعادته بلقائه بهذه المواطنة وإعجابه بها كمثال للعطاء والصبر والدأب علي العمل وأدبه الجم في التعامل معها أثناء اللقاء وحتي وداعه لها حيث السيارة التي ستعود بها إلي الاسكندرية. تلك السيدة المصرية البسيطة التي أراد الله أن يكافئها لصبرها علي عملها الشاق طوال عشرين عاما وأن ترتاح بعد التعب وهي تجر يومياً عربتها المحملة بصناديق الحلويات تجوب شوارع حي بحري في حر الصيف ونوات الشتاء الممطرة لتدبر مطالب معيشتها وأسرتها ولا تحتاج لأحد وهي لم تنتهز فرصة لقائها بالرئيس لتطلب مطلبا شخصيا لنفسها حين سألها ماذا تريد أن يلبيه لها لتحسين ظروفها المعيشية فقد قالت له إنها تريد من الله الستر لكن مطالبها كانت لأسرتها خاصة ابن شقيقها. لقد أثر اللقاء في نفوس المشاهدين لأن الرئيس السيسي بالرغم من مهامه ومشاغله العديدة فقد خصص وقتاً لهذه المواطنة المصرية لأنها قدوة ومثال للكفاح والصبر والمثابرة. ودعوته لها لتلقاه في قصر الرئاسة ثم في المؤتمر الوطني للشباب في نهاية الشهر الجاري هو أكبر تكريم لها ولكل مواطن يحذو حذوها وأعتقد أنهم كثيرون ولو أن شباب مصر اتخذ العمل سبيلاً مهما كان متواضعاً لأصلحوا اقتصاد مصر ولحققوا الحياة الكريمة التي يرجونها فالأمم تبنيها سواعد الشباب بالعمل والمثابرة واقتصاد الصين دليل علي ذلك. أما الحزن الذي خيم علي قلوب المصريين عامة والفنانين خاصة فكان لفقدان الفن النجم ذي الموهبة الساطعة محمود عبدالعزيز الذي توفي نتيجة لمرض السرطان وهو نفس المرض الذي قضي علي حياة البطل المصري رفعت الجمال أو رأفت الهجان الذي مثل شخصيته النجم الراحل باقتدار حتي أننا قد توحدنا معه وصرنا نحسب أنه هو بالفعل كان الهجان وليس مجرد فنان يمثل الشخصية وقد كان أداؤه المبهر لهذه الشخصية الوطنية من الفنان الراحل دافعا للمخابرات المصرية لأول مرة بأن يتواجد مندوب عنها في جنازة فنان. وأعتقد أن محمود عبدالعزيز كان بارعا ومخلصا في أداء كل أدواره وتجسيد كل الشخصيات التي قدمها سواء في الأفلام السينمائية أو المسلسلات التليفزيونية. ومعبرا عنها بصدق يجعلها تبدو حقيقية سواء كانت تراجيدية أو كوميدية ولهذا فسوف يظل محمود عبدالعزيز حيا بما تركه من أعمال متميزة لأن الفنان لا يموت بل تظل ذكراه باقية في القلوب.