تقترب الكاميرا بطيئة من الباب الحديدي لدكان مغلق ينطلق من خلفه صوت الشيخ حسني يغني علي العود رائعة سيد مكاوي "البلبل غنا علي ورق الفلة.. سهران معاكو الليلة للصبح ليس إلا.. هكذا يبدو المشهد الافتتاحي لفيلم "الكيت كات" للمخرج الكبير داود عبدالسيد والذي حقق نجاحاً هائلاً عند عرضه في سبتمبر عام .1991 ومع استكمال المشهد والحوار الذي دار بين الشيخ حسني وأصدقائه في جلسة الحشيش تظهر حجم الموهبة الكبيرة للفنان محمود عبدالعزيز الذي فقدناه هذا الأسبوع فقد كان الراحل يمتلك كاريزما حقيقية أمام الكاميرا حتي وهو يؤدي دور الضرير بل هو أفضل أدواره علي الشاشة وافضل أفلام داود عبدالسيد علي مستوي النجاح الجماهيري فهو العمل الذي يلخص روح أبناء الشعب في الأحياء الفقيرة الذين يعيشون الحياة بكل ما فيها ويقبلونها أيضاً ويقاومون كل عوامل الاحباط والعجز حتي لو كان كف البصر من أجل ان ينتزعون من الحياة لحظة سعادة تبدو بعيدة وان كانت تحت أقدامنا دون ان نراها. يقدم محمود عبدالعزيز في هذا الفيلم درة أعماله وقمة ادائه حتي ان الجمهور ظل لسنوات وحتي الآن ينطق اسماء شخصيات الفيلم بصوت الشيخ حسني "الله يرحمك ياعم مجاهد" أو "انت بتستعماني ياهرم" أو "روحتي فين ياست روايح" حتي نصل إلي الماسترسين "أهم مشهد" عندما انطلق الشيخ حسني في الكلام أمام الميكروفون الذي كان مفتوحاً وهو يعتقد انه مغلقاً .. ويفشي كل أسرار أهل الحارة ويكشف زيف الحياة وتلك السعادة المفقودة دائماً الحلم الذي يعيش من أجله البشر دون ان يحققوه ولحظات السعادة الحقيقية دائماً ما تكون في الخفاء ولا نريد لأحد الاطلاع عليها أو انها ضد تقاليد المجتمع المحافظ الذي يفضل أحيانا الكذب والنفاق علي الصدق واحترام الذات. فقدنا واحداً من أهم نجوم السينما المصرية وايضاً هو من نجوم التليفزيون بمسلسله الشهير "رأفت الهجان" تأليف صالح مرسي وإخراج يحيي العلمي كان محمود عبدالعزيز الفنان المختلف ورغم ذلك لم يختلف عليه أحد.