لم يكن لدي العالمين ببواطن الأمور أدني شك في رحيل مؤمن سليمان المدير الفني الصاعد الواعد لنادي الزمالك منذ تولي المسئولية في نهاية يوليو الماضي. وكذلك رحيل البرازيلي جورفان فييرا عن تدريب سموحة حتي والفريق الواعد متصدر للدوري المصري عبر الأسابيع الأولي للمسابقة والسبب الذي يعرفه الجميع ولا يخفي علي أحد هو التدخل المباشر من رئيسي الناديين في كل شيء إداري وفني وحتي في وضع التشكيل والتغييرات خلال المباراة. لذلك لم أتعجب من رحيل الثنائي مؤمن سليمان وفييرا لأني أعلم أن عمرهما علي رأس الإدارة الفنية لن يتجاوز بضع أسابيع وهو ما حدث وكتبته مرارا في هذا المكان. ورغم أن كلا الفريقين الزمالك وسموحة يملكان عتادا فنيا يجعلهما من أفضل الأندية المصرية هذا الموسم إلا أن الفريقين يعانيان من هذا التدخل السافر للإدارة وعلي وجه التحديد للرئيسين اللذين يزجان بأنفهما في كل شيء وهو ما يهدر كل الجهود. وأخص بالذكر في هذه الكلمات نادي الزمالك الذي توالي علي تدريبه 13 جهازا متتاليا خلال عامين ونحن بانتظار الجهاز رقم 14 ليصبح معدلا أسطوريا لأحد أندية القمة في مصر. خلال عامين تولي أحمد حسام "ميدو" ثم حسام حسن ثم محمد صلاح وبعده جيم باشيكو البرتغالي ومحمد صلاح وجوزفالدو فيريرا البرتغالي ثم محمد صلاح ثم ماركوس باكيتا البرازيلي ثم ميدو للمرة الثانية ومحمد صلاح للمرة الرابعة وأليكس ماكليش الاسكتلندي ومحمد حلمي وأخيرا مؤمن سليمان. والعجيب أن كل مدير فني من هذه القائمة كان يتولي المهمة لأيام أو ربما شهور قليلة ثم تنتهي قصته نفس النهاية بعد التدخل في عمله وفي علاقته باللاعبين وفي وضع التشكيل.. بل وحتي في التغييرات التي يجب أن تأتي من المقصورة عن طريق مرسال دائم يأمر بتغيير فلان ونزول فلان. أمور لا يصدقها عقل حدثت وتحدث داخل أكبر قلاع الرياضة في مصر. والكل يعلمها ولا يريد الحديث عنها أو يتجنب الحديث عنها ولكني ذكرتها مرارا وتكرارا في هذا المكان وقلت إن أي مدير فني يملك الكرامة والاحترافية لن يقبل العمل في هذه الأجواء. والأكثر طرافة أن قائمة المدربين الذين تولوا المهمة علي مدي الفترة الماضية هم أنفسهم الذين يقبلون العودة لنفس الظروف والأجواء تارة بهدف أسمي وهو العودة لبيتهم الزمالك وتارة أخري من أجل لقمة العيش "أو كلمة السبوبة التي لا أحب ذكرها". فكيف بمدير فني مثل ميدو تولي مرتين خلال العامين ورحل بنفس الطريقة أن يكون ضمن الخيارات الجديدة وهو الذي رحل في الولاية الثانية بفضيحة جدلية تناولتها كل مواقع التواصل الاجتماعي بالكلمة والصورة مع رئيس النادي. أن يعود مرة أخري إلي نفس الأجواء والظروف. الفارق الوحيد هذه المرة أن اسم المدير الفني الأجنبي اختفي من قائمة المرشحين والسبب ليس أزمة "الدولار" التي نعيشها ولكن لأن الأجانب علموا جيدا الآن من التجارب السابقة أن من يأتي.. فعليه أن يقبل بدور "الطرطور".