فجأت عادت الاضطرابات والمظاهرات وتحديدا في منطقتي أوروما وأمهرة. وحمل بعض المحتجين السلاح واشتبكوا مع الشرطة وسقط أكثر من خمسمائة قتيل في تلك الاشتباكات. الأمر الذي سلط الضوء علي ملف حقوق الإنسان هناك. بعد إعلان السلطات الأثيوبية حالة الطوارئ لاول مرة منذ 25 عاما في المقاطعتين الأكثر توترا منذ أكثر من عام. ساد الظن طويلا بأن إثيوبيا ما بعد الإطاحة بنظام منغيستو هايلي ماريام عام 1991 ربما تكون قد نأت بنفسها عن الاضطرابات والخلافات السياسية التي تسود كثيرا من دول افريقيا بعد ان خطت خطوات اقتصادية مهمة بمساعدة من الدول الكبري. لكن شهدت اديس ابابا احتجاجات ضد الحكومة لا سابق لها منذ عقد من الزمن. بدأت من منطقة إثنية أوروما وامتدت إلي منطقة إثنية أخري هي أمهرة. وتمثل هاتان الاثنيتان نحو 70% من الإثيوبيين. وتحتجان بشكل متزايد علي ما يعتبرانه هيمنة بلا منازع لأقلية التيجراي علي الحكم. ذروة الاحتجاجات تصاعدت الاحتجاجات في ديسمبر عام 2015 عندما تظاهر عشرات الآلاف من الأورومو احتجاجا علي قرار حكومي بتوسيع الحدود الإدارية للعاصمة أديس أبابا علي حساب أراض يمتلكها مزارعون منهم وبلغت ذروتها في أغسطس الماضي. وسقط المئات بين قتيل وجريح في حملة قمع دموية خلال الأشهر العشرة الماضية. واجهت خلالها الحكومة الاثيوبية انتقادات واسعة من المنظمات الحقوقية. تسبب العنف في إلحاق أضرار مادية كثيرة لعشرات المصانع. الأمر الذي وجّه ضربة قوية لرهانات الحكومة علي أنها جعلت من إثيوبيا نقطة جاذبة للاستثمار. واضطر رئيس الوزراء الإثيوبي هايلي ديسالين إلي إعلان حالة الطوارئ في اثيوبيا والتشديد علي عدم التراجع في مواجهة موجة الاضطرابات. بل وذهبت الحكومة إلي إلقاء اللوم علي أطراف خارجية وحملتها مسئولية تأجيج الاحتجاجات. وتمويل المتظاهرين وإمدادهم بالسلاح. من هم الأورومو؟ ولمعرفة ماذا يجري في هاتين المنطقتين. لابد أولا من معرفة من هم الأورومو. هم كبري القوميات الإثيوبية. ويمثل المسلمون أغلبيتها الساحقة. وتحتج منذ عشرات السنين بسبب انتهاك حقوقها والتمييز الاقتصادي والمجتمعي الذي تمارسه الحكومة ضدها. وتناضل لإنصافها عبر مجموعة من المنظمات بعضها فصائل مسلحة. وتحتل منطقة أوروميا معظم أراضي وسط إثيوبيا وتشغل كبري ولاياتها التسع. وتتكون من عشرة أقاليم من أشهرها إقليم شوا الذي تقع في قلبه عاصمة البلاد أديس أبابا. تقدر مساحة منطقة أوروميا التي يطالب أهلها بالاستقلال بنحو 600 ألف كيلو متر مربع. ويبلغ تعداد قومية الأورومو حوالي 40 مليونا. من إجمالي السكان البالغ عددهم نحو 94 مليون نسمة حسب إحصاءات عام 2013 ويعتبر الأرومو لقومية الأكثر عددا بين القوميات ال 80 التي تشكل اثيوبيا. اتهام الحكومة وتتهم الأورومو السلطات الإثيوبية بأنها تعتمد تجاهها سياسة القتل والتنكيل والاعتقال العشوائي واغتصاب النساء والتهجير القسري والاستيطان المنظم والإبادة الجماعية ومحاربة الثقافة الخاصة لقوميتها وباعتمادها سياسة تكرس انتشار الفقر والتخلف والجهل ومحاربة التنمية والتطور في مناطقها. كما تشتكي هذه القومية من منع السلطات أبناء الأورومو من استخدام لغتهم في التعليم. حيث يُشترط فيمن يلتحق بالمدارس والجامعات إتقان اللغة الأمهرية التي يرون أنها ¢لغة استعمارية¢. ويقول ناشطو الأورومو ان أغلبية أبناء القومية اضطروا إلي ترك مدنهم وقراهم إما إلي المناطق الداخلية أو إلي الخارج بنسبة 75% منذ 1992نتيجة السياسات العدوانية التي تنتهجها السلطات ضدهم. أسباب الاستهداف ويرجعون أسباب استهداف الحكومة الإثيوبية لقوميتهم إلي عوامل. أولها هو خوفها من كثافتها السكانية. وثانيها يتمثل في انتسابهم للإسلام. في حين يتجسد الثالث في تمسك القومية بحق تقرير المصير والاستقلال عن إثيوبيا إضافة إلي إجلاء مزارعين عن أراضيهم من أجل إقامة مشاريع زراعية تجارية. مطالب الأمهرية أما القومية الأمهرية فتأتي في المرتبة الثانية من حيث عدد السكان بعد الاورومو بنسبة تقدر ب 27% ثم قومية ذوي الأصول الصومالية 6 -8% وتأتي بعد ذلك قومية التيجراي الحاكمة التي ينتمي إليها رئيس الوزراء الحالي ونسبتها5 7%, بينما يحتوي إقليم جنوب إثيوبيا وحده علي حوالي56 قومية أما المطالب الاساسية للمتظاهرين في إقليم أمهرة فتتمثل في ضم قومية "ولقايت" إلي القوميات المعترف بها رسميا في الإقليم كما طالبوا بإطلاق سراح سبعة معتقلين ألقي القبض عليهم بتهمة الإرهاب. وكان الإحباط وراء نشوء حركة الاحتجاج غير المنظمة ضد الائتلاف الذي يحكم إثيوبيا من دون منازع منذ 25 عاماً وتحرك الناشطون بدافع مكافحة الفساد وقمع الحريات وشعور الأمهريين الذين تبلغ عددهم حوالي 30 مليوناً بالتهميش لصالح أقلية ¢التيجري¢ التي تشكل العمود الفقري للنظام الحام وتستولي علي جميع الوظائف العليا في اثيوبيا.