إعلام الدولة رمانة الميزان الذي لو انصلح حاله لانصلح حال الإعلام المصري كله.. لو أعطيت له قبلة الحياة ليمارس دوره المنوط به في تشكيل وجدان الشعب المصري والعربي ومخاطبة الآخر.. ولو نظر إليه بعين الاعتبار علي أنه احدي ممتلكات الدولة والنهوض به واجب وطني وألا يكون التزام الدولة تجاه تليفزيون الشعب منصباً علي توفير رواتب العاملين به دون النظر للاستثمار في الإعلام.. كلها أمنيات طرحها خبراء الإعلام لإعادة تليفزيون الدولة لسابق عهده في القوة والتأثير. الإعلامي سعد عباس رئيس مجلس إدارة صوت القاهرة الأسبق: ما يحدث تجاه ماسبيرو قتل معنوي.. لأم نري ما حدث من بعض أبناء ماسبيرو بعد 25 يناير المطالبين بطلبات إعلامية وبرامجية رغم عدم قدرتهم المهنية؟!.. ألم نري بعض مقدمي البرامج والمعدين من توجيه برامجهم لقتل الدولة نفسها في محاكاة لبرامج التوك شو في القنوات الخاصة ليقدموا أنفسهم لمناخ الثورة للظهور بأنهم المشاركين في قيامها؟!.. أليس في المطالب الفئوية واللائحة المالية التي رفعت مستحقات العاملين من 113 مليوناً إلي 220 مليوناً شهرياً قتل بطيء لهذا الصرح الكبير؟!.. أليس في ايقاف عجلة الانتاج الدرامي بقطاع الإنتاج وشركة صوت القاهرة وتشييعه من عمر مكرم مساهمة سريعة في قتله؟!.. أليس في هروب الضيوف والمسئولين من التواجد في برامج ماسبيرو والهرولة للقنوات الخاصة أحد أسباب قتله معنوياً؟!.. أليس في ايقاف الدولة تمويل الباب الثاني والثالث في ميزانية ماسبيرو سبب رئيسي في انحدار مستوي الخدمات الهندسية والانتاجية. ما أثر علي الشكل البرامجي في ظل منافسة مالية شرسة من القنوات الخاصة سبب فيما نحن فيه من تردي وسائل المهنية الإعلامية؟!.. أليس في قيام الدولة بالسماح للأنشطة الحكومية ببث إعلاناتهم علي القنوات الخاصة بعيداً عن وكالة صوت القاهرة للإعلان والقطاع الاقتصادي رغم مطالبة ماسبيرو بذلك؟!.. أليس في قتل ماسبيرو إعلامياً ما قامت به لجنة الدستور فيما يتعلق بالإعلام وفهم منه خطأ إلغاء منصب وزير الإعلام وتم إلغاؤه ولم يتم تنفيذ مواد الدستور الإعلامية حتي الآن في ظل صمت غير مبرر من الحكومة حول قانون تنظيم الإعلام الذي يترنح في أروقة الجهات المكلفة بإصداره حتي الآن؟!.. أليس من حق الإعلامي حمدي الكنيسي أن يري نقابة الإعلاميين التي مازالت مشروعاً تحت التنفيذ؟!.. أليس في تغيير قانون اعتبار ماسبيرو هيئة اقتصادية أمر حتمي. خاصة في ظل تغيير المناخ الإعلامي بصورة كبيرة حالياً؟!.. أليس في تغيير في بعض القوانين المتعلقة بشئون العاملين لتأكيد مبدأ الثواب والعقاب وضبط دولاب العمل الإعلامي. خاصة من ناحية المهنية وضوابط التواجد الإعلامي علي الشاشة أمر حتمي؟!.. وفي النهاية سيعود ودون معجزات لأنه يملك ما ليس عند الآخرين وهم أبناؤه المخلصين. يقول الإعلامي إبراهيم الصياد رئيس قطاع الأخبار الأسبق: مبني ماسبيرو أصبح جزءا من وجدان الأمة.. فكيف يفكر البعض في هدمه؟!.. وتعجبت من الهجمة الشرسة علي ماسبيرو بسبب تكرار أخطائه التي هي في الحقيقة أمر طبيعي ومتوقع. ولا يجب أن نفاجأ بها في ظل مناخ الفوضي الذي يسود المشهد الإعلامي ولا تعفي منه القنوات الخاصة التي يقود البعض منها هذه الهجمة. وكم من أخطاء جسيمة تحدث في هذه القنوات وكأنها لم تكن. يضيف "الصياد": المقصود بماسبيرو إعلام الدولة مصر منذ 2011 تتعرض لمؤامرة ويبدو أنه قد تفتق ذهنهم بأن تحقيق هدفهم يبدأ عن طريق الإعلام. لاسيما إعلام الدولة حتي تترك الساحة خالية لمن يتلاعبون بعقل وفكر المتلقي ويكرسون نظاماً غريباً عن ميراثنا الحضاري وتراثنا الثقافي وعندئذ يختلط الحابل بالنابل وتصبح البيئة مهيأة للإجهاز علي وعي الأمة. الأمر الذي ينعكس علي الشارع المصري. أشار "الصياد" إلي أن هدم ماسبيرو جزء من محاولة هدم مصر.. وماسبيرو يعود بدعم الرئيس له. وعن أسباب تراجع دور ماسبيرو ورشتة العلاج.. يقول "الصياد": إن تراجع دور ماسبيرو يعود للبيروقراطية التي تتحكم فيه. وكيف نطلب من ماسبيرو أن يطور نفسه وهو مكبل بقوانين عفا عليها الزمن؟!.. فالقانون رقم 13 لسنة 1979 مازال المنظم لعمل إعلام الدولة. إنه قانون منذ أن كان الإرسال أبيض وأسود. ولا يوجد علي الساحة الإعلامية غير التليفزيون العربي. ويحتاج ماسبيرو لثورة تشريعية تخرجه من ترهله الإداري وبيروقراطيته العقيمة القاتلة للإبداع. وأقول: أكثر من هذا اصلاح ماسبيرو يجب أن يسبقه تطهير من الخلايا النائمة. ثم وضع نظام إداري رشيد يعتمد علي الكيف وليس الكم. وإعادة توظيف طاقات العاملين بقطاعات الاتحاد بشكل يراعي حقوق العاملين. ويربط الأجر بالإنتاج.. كيف نطالب ماسبيرو بأن يطور نفسه وهو غارق في ديون حكومية لبنك الاستثمار القومي تصل إلي نحو 23 مليار جنيه؟!.. وهي ديون مقابل خدمات إعلامية مؤداة للوزارات ومؤسسات الدولة تحملها عنها ماسبيرو. وهنا يأتي دور الحكومة ومجلس النواب. أما ان يتم إسقاط هذه الديون بالكامل. وإما تتحمل الوزارات والمؤسسات نصيبها منها. ولابد من الفصل بين مستحقات العاملين أو ما يسمي باللائحة ومستلزمات الانتاج وتكاليف التجديد والإحلال في قطاعات الاتحاد. ونعطي رئيس القطاع سلطات تمكنه من تحفيز الطاقات الإبداعية وعقاب المهمل والمقصر في عمله. ولابد من مواجهة حاسمة لمشكلة الطيور المهاجرة التي اجتذبتها القنوات الخاصة. وهي من كل الوظائف الإعلامية وهناك أيضا من يجمع بين الحسنيين العمل في ماسبيرو والعمل في القنوات الخاصة في الوظائف الإعلامية التي تعمل خلف الكاميرا وبالتالي لا رقيب عليها. كما يجب إلغاء القرار الصادر في 2011 بوقف التعيينات الجديدة في قطاعات الإذاعة والتليفزيون وإتاحة الفرصة لشباب الخريجين للعمل في ماسبيرو بشرط أن يتم ذلك عن طريق المسابقات العامة التي تنشر في الصحف لكل الشباب واتخاذ آليات القضاء علي الواسطة والمحسوبية.. وأتساءل: لماذا التأخير في إصدار التشريعات الجديدة المنظمة للصحافة والإعلام حتي يمكن تشكيل المجلس الأعلي للصحافة والإعلام والهيئات الوطنية المنبثقة عنها ومنها الهيئة الوطنية للبث المرئي والمسموع؟! وفي اعتقادي أن تجميد وزارة الإعلام وعدم وجود منصب وزير الإعلام قد ساهم في ضبابية الصورة وكان يجب الحرص علي وجود وزير إعلام في المرحلة الانتقالية تكون مهمته الأساسية التسريع في إصدار التشريعات الإعلامية وضمان تنفيذ الخطوات المنظمة للإعلام المترتبة عليها. وبعد ذلك يمكن إلغاء وزارة الإعلام. ولهذا لا يجب الانجرار في سكة هدم ماسبيرو. لأن هذا ليس من مصلحة الدولة. وفي الوقت نفسه لا تجب معالجة أخطاء ماسبيرو بسطحية ولابد أن تكون هناك رؤية شاملة للإصلاح تراعي فيها كيفية الحفاظ علي ماسبيرو تاريخاً وإبداعاً وتطويراً. يؤكد الدكتور حسن عماد مكاوي رئيس لجنة متابعة وسائل الإعلام وعميد كلية الإعلام السابق بجامعة القاهرة وعميد إعلام جامعة مصر أن القوانين الحالية التي تحكم العمل في ماسبيرو عفي عليها الزمن وفي نفس الوقت القنوات الفضائية الخاصة ليس لها قانون حاكم. وبالتالي تفعل ما تشاء لأن التعاقد في البداية مع هيئة الاستثمار لم يكن به أي شروط. وإذا كانت هناك شروط فكتبت بعبارات مطاطة غير مفعلة وغير عملية ويجب عدم التركيز علي الجانب الربحي في إعادة الهيكلة لكي لا تتم إدارة إعلام الدولة بنفس أسلوب الإعلام الخاص. فضلاً عن معاناة "ماسبيرو" من عدد ضخم من المشكلات الإدارية التي تحتاج بالفعل إلي تطوير وهيكلة جديدة والتي من شأنها تحقيق نجاح ضخم للاتحاد والحديث عن إعادة الهيكلة يمتد لعدة أعوام سابقة إلا أنه لم ينكشف أي جوهر عن طبيعة تلك المشروعات. بالإضافة إلي إعادة هيكلة العاملين به الذين يتجاوز عددهم 36 ألف موظف. والمشكلة الرئيسية التي يعاني منها ماسبيرو ويجب وضعها في الاعتبار بخطة التطوير هي عدم توفر رأسمال كاف للإنتاج بالاتحاد. موضحاً أن الشركات المتخصصة التي سيتم إنشاؤها يمكنها حل تلك الأزمة الاقتصادية علي شرط أن تتم وفقاً لقواعد اقتصادية مختلفة وبعيدة عن الروتين الحكومي والخاص بماسبيرو وتخصيص شركات للإنتاج الاخباري والدرامي وللبرامج المتميزة. فضلاً عن دمج القنوات المتشابهة وإلغاء التي لا تتمتع بمردود جماهيري. لافتاً إلي أن الاتحاد يمتلك 3 قطاعات تعود بدخل مالي جيد من بينها مدينة الانتاج الإعلامي وقطاع التليفزيون.